إيران، بصفتها أكبر منتج للزعفران في العالم، تحتل مكانة خاصة في هذه الصناعة. ويتم حصاد آلاف الكيلوغرامات من الزعفران عالي الجودة سنوياً في البلاد، ويجد هذا المنتج طريقه إلى الأسواق العالمية. ويتمتع الزعفران الإيراني، بفضل جودته الفريدة، وعطره ولونه اللامثيل لهما، بسمعة عالمية وإقبال واسع. ويوفر هذا الذهب الأحمر فرصة ذهبية لخلق قيمة مضافة، وتوليد فرص العمل، وتعزيز الصادرات غير النفطية.
وتُعدّ التكنولوجيات الحديثة مفتاح تحول الزعفران من منتج زراعي تقليدي إلى صناعة قائمة على المعرفة وموجهة نحو التكنولوجيا. وتؤدي هذه التكنولوجيات دوراً مهماً في جميع مراحل سلسلة القيمة للزعفران، مرسّمة مستقبلاً مشرقاً. وفي مجال الإنتاج، تزيد أساليب الري الحديثة، والميكنة في الزراعة والحصاد، وتقنيات إدارة المزارع الذكية من الإنتاجية بشكل ملحوظ. تضمن هذه الابتكارات استدامة الإنتاج وتساعد المزارعين على تقديم منتجات ذات جودة أعلى بكفاءة أكبر.
وفي مجال الاستخلاص والتصنيع، تعمل التقنيات المتقدمة للتجفيف، واستخلاص المركبات الحيوية النشطة مثل الكروسين والسافرانال، وتطوير المنتجات المشتقة، على مضاعفة القيمة المضافة عدة مرات. ولم يعد الزعفران مجرد منكه أو ملون غذائي، بل أصبح مكوناً فعالاً في الصناعات التجميلية والصحية الطبيعية، والأدوية، والمكملات العشبية، حيث شهد انتشاراً واسعاً. فإن المستخلصات النقية، والمنتجات الغذائية المبتكرة، والمنتجات التجميلية القائمة على الزعفران، تفتح أسواقاً جديدة وتوفر فرصاً لا حصر لها للإبداع والابتكار.
وفي مجال التصدير والتسويق، تفتح أدوات التتبع الحديثة، والعلامات التجارية العالمية، والتجارة الإلكترونية، مسارات جديدة لتواجد قوي للزعفران الإيراني في الأسواق العالمية. كما أن تطوير بورصة الزعفران وتعزيز العلامة التجارية الوطنية يزيدان من الشفافية والوصول، ويجلبان الربحية لجميع أطراف سلسلة القيمة.
وتقوم هيئة تطوير علوم وتكنولوجيا النباتات الطبية والطب التقليدي التابعة للمعاونية العلمية والتكنولوجية والاقتصاد القائم على المعرفة، بانطلاق من إيمان عميق بالإمكانات الفريدة للزعفران، بتنفيذ برامج واسعة لدعم تطوير سلسلة القيمة لهذا المنتج. وتدعم الهيئة الشركات القائمة على المعرفة العاملة في تقنيات التصنيع ومعدات التجفيف، وتساعد في إنشاء وحدات مبتكرة في التعبئة والتغليف، ومراقبة الجودة، وإنتاج الأدوية العشبية المشتقة. كما أن تطوير المعايير العلمية لضمان الجودة، ودعم الأبحاث متعددة التخصصات في مجال المركبات الفعالة للزعفران وتطبيقاتها الحديثة في الصناعات الدوائية والغذائية، تُعد من المحاور الرئيسية لأنشطة هذه الهيئة.
في السنوات الأخيرة، حظيت سلسلة القيمة لإنتاج وتصنيع الزعفران منخفض استهلاك المياه باهتمام خاص، وقد تم دعم مشاريع مثل إنتاج بذور زعفران خالية من الفيروسات، وأبحاث تصنيع الآلات الزراعية الميكانيكية، والمستخلصات النقية المعيارية بنجاح. وتوفر هذه الإجراءات أساساً متيناً لتحويل صناعة الزعفران إلى صناعة قائمة على المعرفة.
وتتجاوز هيئة تطوير علوم وتكنولوجيا النباتات الطبية والطب التقليدي الزعفران، لتتبع برامج شاملة للنباتات الطبية الأخرى ذات القدرة على خلق الثروة. نباتات مثل الجاوزبان، والحلتيت، والعرقسوس، وزهرة الورد، والكثيراء، تتحول بفضل التكنولوجيات الحديثة إلى مراكز للتوظيف المستدام، والصادرات غير النفطية، والتنمية الإقليمية. وتُعد دعم إنشاء التجمعات التكنولوجية، وتشكيل تحالفات بحثية، والمساعدة في تسويق المنتجات الدوائية والتجميلية القائمة على النباتات الطبية، من النهج الرائدة لهذه الهيئة.
يتحقق تحول الزعفران إلى صناعة قائمة على المعرفة من خلال التكامل بين المزارعين، والباحثين، والشركات القائمة على المعرفة، والمستثمرين، والمؤسسات الحاكمة، حيث تقف هيئة تطوير علوم وتكنولوجيا النباتات الطبية والطب التقليدي إلى جانب الفاعلين في هذا المجال، وتواصل مهمتها في دعم الابتكار، وتطوير التكنولوجيا، وتعزيز سلسلة القيمة للزعفران وغيره من النباتات الطبية.
ويُعد تسجيل اليوم الوطني للزعفران في التقويم الرسمي لإيران، بجهود عائلة الزعفران الكبيرة، فرصة استثنائية لإعادة التفكير في المسار الذي تم قطعه وتصميم مستقبل مشرق. مستقبل لن يكون فيه الزعفران الإيراني مجرد منتج متميز فحسب، بل رمزاً للمعرفة، والابتكار، والهوية الوطنية. وبفضل همة المفكرين، والتكنولوجيين، والمزارعين في هذا البلد، سيصبح مسار ازدهار الزعفران القائم على المعرفة أكثر سلاسة من أي وقت مضى، وسيظل علم الافتخار الإيراني مرفوعاً بقوة في العالم.
هذا التحول التكنولوجي يدخل الزعفران إلى قلب الاقتصاد القائم على المعرفة في البلاد، ويخلق فرصاً لا نهائية للأجيال القادمة. فالزعفران، التراث العالمي، على أعتاب فجر جديد؛ فجر سيضيء العالم بنور المعرفة والابتكار.
