إلا أن التجربة تشير إلى أنها ليست وسيطاً نزيهاً، بل تعد الراعي الأساسي للعدوان وتُسهم في توسعته وتجذره في لبنان والمنطقة ككل”. وأضاف الشيخ “قاسم”، في كلمة له يوم الجمعة خلال حفل تدشين “سوق أرضي” بالضاحية الجنوبية لبيروت، أنه “مع كل زيارة لمبعوث أمريكي أو صدور تصريح أمريكي أو من أي جهة داعمة، يتزايد حجم الاعتداءات بشكل كبير”.
ولفت إلى، أن “التصريحات الأمريكية غالباً ما تتضمن تبريراً للكيان، وتسهم في تصويرها كدولة تقدّم الأفضل، بينما يُحمّل لبنان المسؤولية ويُطالب بالالتزام ويواجه ضغطاً لسلب قدرته وحريته واستقلاله، لصالح إعطاء إسرائيل كل ما تريد”. وشدد الأمين العام لحزب الله على، أن “أمريكا لم تقدم شيئاً للبنان”؛ متسائلاً عن موقفها “تجاه 5 آلاف خرق عدواني على لبنان، حيث لم تصدر أي إدانة أو ملاحظة أو طلب للكيان بوقف اعتداءاته، بل تكتفي بتبرير هذه الخروقات”، مشيرا إلى الاعتداءات على الجيش اللبناني وعلى قوات اليونيفيل، كما تساءل عن موقف الولايات المتحدة حيال ذلك.
وانتقد الشيخ “قاسم” تعليقات المسؤولين الأمريكيين على موقف رئيس الجمهورية اللبناني بطلب التصدي للاعتداءات الصهيونية، حيث وصفوا الجيش اللبناني أنه “يتصرف إلى جانب المقاومة”، متسائلاً : هل أصبح الدفاع عن الأرض وتعزيز السيادة تهمة؟! وهل يجوز منع “الإسرائيلي” من التقدم في الأراضي اللبنانية؟! كما تساءل عن موقف أمريكا من عمليات قتل المدنيين اللبنانيين، وتدمير المنشآت الزراعية والتوغل في بعض المناطق، خاصة عن الجريمة الكبرى في بلدة بليدا باغتيال “الشهيد إبراهيم سلامة” أثناء تواجده داخل مؤسسة رسمية.
وأكد الشيخ “قاسم” بأن العدوان على بلدة “بليدا” يشكل اعتداءً صارخاً ولا يملك أي مبرر، مشدداً على أن الاعتداءات الصهيونية ضد لبنان تندرج جميعها ضمن الأعمال الموجهة ضد المدنيين وضد مقومات الحياة وحق الناس في العودة إلى بلداتهم. واعتبر الأمين العام لحزب الله، أن “هذه الاعتداءات تخالف أبسط قواعد حق لبنان في حماية سيادته وصون كرامته الوطنية”، وأكد بأن التهديدات والضغوط لن تغير من المواقف الداعمة للمقاومة والصمود، مشدداً على رفض الاستسلام والانهزام.
وأوضح الامين العام لحزب الله، أن “قوة ارتباط اللبنانيين بأرضهم أصلب وأمتن من قوة العدو العسكرية مهما بلغت، وأن التضحيات التي قُدمت هي أمانة في أعناق الجميع، وتشكل جسر عبور نحو مستقبل الأجيال المقبلة”. وأكد على أن الكيان يمكنه أن يقتل، لكنه لا يستطيع أن يسلب أبناء لبنان حياة العزة والكرامة، ويمكنها أن يحتل، لكنه لن يدوم في احتلاله للأرض، كما يمكنه أن يقصف هنا وهناك، لكنه لن يستطيع انتزاع حب اللبنانيين لأرضهم وتعلقهم بالاستقلال”.
واعتبر الأمين العام لحزب الله أن “دعم الأهالي في مختلف المناطق هو دعم للبنان الواحد، وإن المطلوب فقط عدم الطعن من الخلف أو دعم المصالح الصهيونية، بل الوقوف صفاً واحداً بوجه هذا العدوان”.
واضاف، أن “الحكومة اللبنانية هي المسؤولة أولاً عن تحقيق السيادة الوطنية، من خلال طرد العدو، وتحرير الأرض، والإعمار، وتحرير الأسرى”؛ مؤكدا بأن “تحقيق هذه الأهداف سيفتح أبواب الاستقرار والنهضة ومعالجة الإشكالات في لبنان بسهولة ويسر”. وأوضح قائلا : إن التفاهم بين اللبنانيين أمر ممكن وسهل، لكنهم لا يقبلون تلقي الأوامر من أي جهة خارجية، كما يرفضون أن يتم صياغة لبنان على صورة الآخري؛ واصفا متابعة العدوان والانتهاكات بحق السيادة اللبنانية انها “تقع ضمن مسؤولية الدولة”.
وأثنى الأمين العام لحزب الله، على موقف رئيس جمهورية لبنان العماد “جوزاف عون” في إعطاء الأوامر للجيش بالتصدي للتوغلات الصهيونية؛ مؤكدا بأن “مثل هذه المواقف من الرؤساء الثلاثة والوزراء والمسؤولين في الدولة تشكل أساساً يمكن البناء عليه. وأكد أن المشهد الوطني واحد، إذ تتضافر جهود الدولة والمقاومة والشعب في موقف مشترك ضد العدوان الصهيوني، داعياً إلى “تعزيز هذا التكاتف بالمزيد من الوحدة الوطنية”.
كما طالب الشيخ “قاسم” الحكومة اللبنانية بأن تدرج على جدول أعمالها دراسة خطة لدعم الجيش اللبناني كي يتمكن من التصدي للعدوان الصهيوني، وأن تضع برنامجاً زمنياً لتحقيق هذا الهدف في جنوب البلاد؛ مشددا بان “مسار السيادة هو الضمانة لحماية لبنان في ظل الخطر الحقيقي الناجم عن الطغيان الأمريكي والتغول الصهيوني الذي يسعى للسيطرة على كل شيء”.
وأكد الأمين العام لحزب الله بأن “معركة البأس كانت محطة بارزة للصمود الوطني وحماية لبنان”؛ مشيراً إلى، أن “البلاد تخوض منذ أحد عشر شهراً معركة أخرى من أجل الصمود، ساهمت في تحصين الوطن أمام العدوان”، وشدد على، أن “استعادة الأرض سيتم بإذن الله عبر تكاتف أبناء لبنان جميعاً”.
وأشار ايضا إلى، أن “الوطنية تُبنى على السيادة والاستقلال والحرية، وأن هدف المقاومة هو تحرير الأرض وحماية الوطن، في مقابل هدف الكيان القائم على العدوان والاحتلال”؛ مصرحا بأن “مسؤولية التصدي للعدوان والاحتلال تقع على جميع اللبنانيين، العسكريين والإعلاميين والساسة والمثقفين والمربين، وبكافة الأصعدة والمعاني”.
ونبّه الشيخ “قاسم” إلى خطورة استخدام المنطق الصهيوني أو تبريره تحت ذرائع وطنية؛ موضحاً أن “النتيجة النهائية لا تصب إلا في خدمة مصالح الكيان”، داعياً “الجميع إلى التماسك، لأن قوة وحدة اللبنانيين هي السبيل الأسرع لتحقيق السيادة. وحذر من أن “إسرائيل” تسعى أيضاً لتجريد لبنان من قوته، وهو ما يعد خطوة في اتجاه مشروع “إسرائيل الكبرى”؛ مجدداً التأكيد على رفض هذا التوجه، وأنه لا يوجد وطني في لبنان يقبل به. كما أكد الشيخ “قاسم” على أن قوة لبنان هي حاجز وردع حقيقي أثبت جدواه في الوقائع، داعياً إلى “الحفاظ على قوة الوطن من أجل الأجيال القادمة ومستقبل أبنائنا”.