وتُعدّ محافظة هرمزغان (جنوب إيران) واحدة من المحافظات ذات الإمكانيات الواعدة في مجال النقل والمواصلات، لوجود جميع أنماط النقل فيها: البري والحديدي والجوي والبحري.
وتطوير هذه الإمكانيات فيها، بالنظر إلى المكانة الاستراتيجية لمدينة بندرعباس ومحافظة هرمزغان، قد يحول هذه المدينة إلى أكبر ميناء في العالم.
وذلك لأن مدينة بندرعباس تقع على مقربة من مضيق هرمز، ثاني أزحم المضائق الدولية وأحد أهم الممرات المائية استراتيجياً في العالم. فقد بلغ حجم نقل النفط الخام عبر هذا المضيق حسب تقديرات عام 2006 حوالي 5/16 إلى 17 مليون برميل يومياً، ما يعادل 40٪ من إجمالي النفط المنقول بواسطة ناقلات النفط، وقرابة 25٪ من إجمالي الإمدادات النفطية العالمية، والتي تعبر إلى وجهات مثل اليابان وأمريكا وأوروبا الغربية وغيرها من البلدان الآسيوية.
وهذا بغض النظر عن الحجم الهائل للمنتجات النفطية والغاز المسال ومختلف الحاجيات التي تعبر هذا المضيق لدول المنطقة.
أما لماذا يتمتع ميناء الشهيد رجائي بأهمية وقيمة استراتيجية للعالم، فسنستعرض في هذا التقرير بالتفصيل 10 مزايا لـ”بوابة إيران الذهبية” للأوروبيين.
1- تحديد 68٪ من احتياطيات النفط والغاز الطبيعي في العالم في الخليج الفارسي
توجد حوالي 68٪ من احتياطيات النفط والغاز الطبيعي المكتشفة في العالم في الخليج الفارسي وقبل مضيق هرمز. وندرك أهمية هذا المضيق أكثر عندما نعلم أن 88٪ على الأقل من نفط السعودية، و90٪ من نفط إيران، و98٪ من نفط العراق، و99٪ من نفط الإمارات العربية المتحدة، و100٪ من نفط دول الكويت وقطر تعبر عبر مضيق هرمز، وأن الجزء الأكبر من اقتصاد دول الخليج الفارسي يعتمد على هذا المضيق.
وعلى هذا الأساس، فإن الدولة التي تستطيع السيطرة على النقل في مضيق هرمز يمكنها أن تتحول إلى أقوى قوة اقتصادية في المنطقة وحتى في العالم، وذلك لأن صناعة النقل اليوم تُعدّ واحدة من أهم القطاعات المولدة للاقتصاد والتي تؤثر على تطوير جميع القطاعات.
2- 35 خط نقل حاويات للتبادل الاقتصادي
يمتلك ميناء الشهيد رجائي تبادلات اقتصادية مع أكثر من 80 ميناء كبير في العالم عبر 35 خط نقل حاويات. ويُعتبر هذا الميناء أحد أهم الممرات العابرة دولياً في العالم، حيث تبلغ مساحته 4510 متر مربع، ويضم 2650 متراً من الأرصفة الواقية، وطاقة تخزين وساحة تصل إلى 124 مليون طن، وطاقة وصول بحرية تبلغ 170 مليون طن، و32 رصيفاً، و12 رصيفاً للنفط في الخليج الفارسي. وقد أصبح بعد افتتاح المرحلة الثانية من مشروع التطوير يتمتع بطاقة استيعاب تبلغ 6 ملايين وحدة مكافئة لحاوية (TEU) سنوياً.
3- الرؤية المستقبلية لميناء الشهيد رجائي الاستراتيجي
يتمتع ميناء الشهيد رجائي، باعتباره أحد أهم الموانئ في منطقة الخليج الفارسي في مجال الخدمات اللوجستية البحرية، بموقع استراتيجي فريد في وسط بحر عمان والخليج الفارسي.
هذا الموقع يمكنه من دعم أنشطة النقل العابر، وإعادة التصدير، والاستيراد، وأنشطة القيمة المضافة، مما يمنحه ميزات استثنائية.
4- التواجد على مسار الممر الشمال – الجنوب
ميناء الشهيد رجائي في محافظة هرمزغان ليس أكبر ميناء تجاري في إيران فحسب، بل هو أحد أهم الموانئ في المنطقة. هذا الميناء للحاويات يستحق بحق لقب “البوّابة الذهبية لاقتصاد إيران”.
ميناء الشهيد رجائي، الذي يعتبر أكبر ميناء تجاري والبوّابة الذهبية لاقتصاد إيران بفضل علاقاته البحرية والتجارية وتبادل البضائع عبر 35 خطاً رئيسياً للحاويات مع أكثر من 80 ميناء عالمياً بارزاً، كيف يمكنه لعب دور في تطوير الاقتصاد القائم على البحر بامتلاكه قدرات متنوعة مثل المحطة النفطية، ومحطة الحاويات، والبضائع السائبة، والرافعات السككية العملاقة والرافعات البرجية، والاتصال بسكك الحديد الوطنية، والأراضي الداعمة.
5- نشاط 32 ميناءً صغيراً وكبيراً بمستوى ميناء الشهيد رجائي
يعمل حالياً 32 ميناء صغير وكبير في شرق وغرب هرمزغان، حيث تستحوذ على حصة 52٪ من تفريغ وتحميل البضائع، و41٪ من العمليات النفطية، و60٪ من العمليات غير النفطية، و82٪ من تفريغ وتحميل الحاويات في مجموع موانئ البلاد، بالإضافة إلى نقل الركاب.
ومن أهم موانئ هرمزغان: ميناء الشهيد رجائي، الشهيد باهنر، الشهيد حقاني، بندر لنغة، آفتاب، جارك، كيش، قشم، تياب، كلاهي، كركان، جاسك وسيريك.
6- ميناء الشهيد رجائي.. منظم نبض الاقتصاد الإيراني
بدأ المجمّع المينائي الضخم لميناء الشهيد رجائي، باعتباره بوابة الاستيراد والتصدير ومنظم نبض اقتصاد البلاد، في السنوات الأخيرة حركة نحو العولمة والحصول على حصة أكبر من النقل البحري والتجارة الدولية.
وللوصول إلى المرتبة الأولى بين موانئ المنطقة في أفق الرؤية العشرينية للبلاد، تمّ تنفيذ برامج تهدف إلى التطوير وزيادة الكفاءة وتشجيع القطاع الخاص على الاستثمار في هذا الميناء، وكان نتيجة ذلك جذب أكثر من 23 ألف مليار ريال من استثمارات القطاع الخاص.
7- زيادة القدرة التشغيلية للموانئ.. تحقيق أهداف البرنامج السابع والاقتصاد المقاوم
يؤدي إنشاء الأرصفة النفطية في مجمّع ميناء الشهيد رجائي بقيمة ألف مليار تومان دوراً فعالاً في زيادة القدرات النفطية. كما بدأت عمليات بناء الرصيف النفطي بسعة 50 ألف طن في ميناء تشابهار، ويجري إنشاء الممر اللوجستي المؤدي إلى ميناء الشهيد بهشتي.
وفي مجال تطوير البنى التحتية لسكك الحديد في الموانئ، اكتمل تحديث وتجديد 30 كيلومتراً من مسار سكك الحديد في موانئ الإمام الخميني(رض)، وتشابهار، وأميرآباد، والشهيد رجائي، مع إنجاز 6 كيلومترات، مما يساهم في زيادة إنتاجية نقل البضائع.
8- ترقية المعدات والتكنولوجيات المينائية.. خطوة نحو الإدارة الذكيّة والآمنة
ساهم تشغيل 33 وحدة من المعدات البحرية والمينائية، بما في ذلك قاطرات، وعوامات البحث والإنقاذ، ورافعات خفيفة وثقيلة، وسيارات إسعاف، وسيارات إطفاء، بقيمة 59 مليون يورو، في زيادة القدرة التشغيلية للموانئ بشكل ملحوظ.
إلى جانب هذه المعدات، أدى تطوير أنظمة التحكم الذكية لدخول وخروج السفن وإدارة العمليات المينائية إلى تحسين وتعزيز أمن العمليات المينائية. كما زادت القدرة على توريد وصيانة المعدات المينائية والعوامات الخدمية، مما أدى إلى تحسين الدعم التشغيلي في الموانئ.
9- تقديم حوافز استثمارية للقطاع الخاص لإنشاء المستودعات والمراكز اللوجستية
قامت منظمة الموانئ والملاحة البحرية، من خلال عقود البناء والتشغيل ونقل الملكية BOT وعقود الإيجار طويلة الأجل لتطوير المحطات والموانئ المتخصصة، بزيادة مشاركة القطاع الخاص المحلي والأجنبي في مشاريع الموانئ.
ويعدّ تقديم حوافز استثمارية للقطاع الخاص لإنشاء المستودعات والمراكز اللوجستية من بين الآليات الأخرى لجذب الاستثمارات. كما ساهمت الاستفادة من إمكانيات المناطق الحرة والمناطق الاقتصادية الخاصة في تعزيز المكانة العابرة لموانئ البلاد.
وفي العام الحالي، تم الإنتهاء من 26 مشروعاً إنشائياً بقيمة 10 آلاف مليار تومان من الموارد المحلية وبدء تشغيلها، كما دخل 21 مشروعاً استثمارياً بقيمة 11 ألفاً و100 مليار تومان من موارد القطاع غير الحكومي حيز التشغيل.
10- لماذا يُعدّ ميناء الشهيد رجائي مهماً للعالم؟
تُعرف محافظة هرمزغان، خاصة ميناء الشهيد رجائي، ليس فقط كأكبر ميناء تجاري في إيران، بل كشريان حيوي للتجارة الإقليمية والعالمية؛ وهي مكانة منحتها الأهمية التي تفوق ميناء عادياً بسبب الجوار مع مضيق هرمز (ثاني أكثر الممرات المائية ازدحاماً في العالم وطريق نقل حوالي 40٪ من نفط العالم).
إن امتلاك بنى تحتية متنوعة للنقل تشمل البري والسككي والجوي والبحري، والاتصال بأكثر من 80 ميناء عالمياً مرموقاً، وتبادل البضائع عبر 35 خطاً للشحن، قد حوّل هذا الميناء إلى محور رئيسي لممر الشمال – الجنوب والبوّابة الذهبية لاقتصاد إيران.
وكل هذا يظهر أن ميناء الشهيد رجائي ينتقل إلى مصاف موانئ الجيل الثالث في العالم؛ وهي موانئ لا تقتصر على تفريغ وتحميل البضائع فحسب، بل تتحول إلى مراكز لخلق القيمة وسلاسل لوجستية كاملة.
هذه العملية، مع التركيز على الاقتصاد القائم على البحر الذي يعتبره سماحة قائد الثورة الإسلامية أحد المحركات الرئيسية للتنمية في البلاد، تكتسب معنى استراتيجياً، لأن الاستفادة من نعم البحر يمكن أن تؤدي إلى نمو الوظائف، وزيادة الإنتاج الوطني، وتعزيز القوة الاقتصادية لإيران.
وفي الختام، يجب اعتبار ميناء الشهيد رجائي ليس مجرد ميناء فحسب، بل القلب النابض لاقتصاد إيران ومنظم نبض التجارة الوطنية؛ قلب كلما تطور بشكل أسرع وأكثر تكاملاً، استطاع أن يرفع إيران من مصدر تقليدي للنفط إلى قوة لوجستية وقائمة على البحر على المستوى الإقليمي وحتى العالمي.
بعبارة أخرى، فإن مستقبل اقتصاد إيران يرتبط إلى حد كبير بمستقبل هذا الميناء وقدرة البلاد على الاستخدام الذكي لإمكانياته.