الإدارة الثقافية الميدانية وتفعيل طاقات المجتمع

الثقافة العامّة.. ركيزة الهُويّة الوطنية وذاكرة المقاومة والحكمة

الوفاق: بين الأسرة والإيثار، بين المقاومة والحكمة، وبين حب أهل البيت(ع) والاستقلال، تتجلى ملامح هوية إيرانية عميقة الجذور قادرة على مواجهة التحديات وصون التماسك الوطني.

الثقافة العامة الإيرانية هي مرآة الهوية الوطنية التي تجمع بين الأسرة، الإيثار، الحكمة والمقاومة، وتشكل عبر التاريخ ركيزة التماسك الاجتماعي وصون القيم الحضارية. الاحتفال بالذكرى الأربعين لتأسيس مجلس الثقافة العامة في إيران لم يكن مجرد مناسبة بروتوكولية، بل تحوّل إلى منصة فكرية وثقافية لإعادة قراءة دور الثقافة في بناء الهوية الوطنية وتعزيز التماسك الاجتماعي. الكلمات التي أُلقيَت من قبل: رئيس الجمهورية الاسلامية مسعود بزشکیان ووزير الثقافة والإرشاد الإسلامي سيد عباس صالحي، إلى جانب مداخلات كبار المسؤولين والمفكرين، رسمت صورة شاملة عن مكانة الثقافة العامة باعتبارها العمود الفقري للمجتمع الإيراني في مواجهة التحديات وتحقيق التنمية المستدامة.

 

 الأسرة المحورية.. قلب الثقافة الإيرانية

 

أجمع المشاركون في قاعة رودكي على أن الأسرة المحورية تمثل إحدى أبرز سمات الثقافة الإيرانية، حيث تُعد المناسبات التقليدية مثل النوروز وليلة يلدا فضاءً للتواصل بين الأجيال وصون الروابط الاجتماعية. وأكد عبدالحسين خسروبناه، أمين المجلس الأعلى للثورة الثقافية، أن الثقافة العامة الإيرانية غنية ومتنوعة، فهي تجمع بين ثقافة الإيثار والشهادة والعمل الخيري، إلى جانب الحكمة والمعرفة التي أنجبت كبار الفلاسفة والعلماء مثل ابن سينا والفارابي وملا صدرا.

 

المقاومة  والدفاع المقدس

 

من جانبه، شدّد حسن أبوترابي‌فرد، إمام جمعة طهران المؤقت، على أن الثقافة العامة كانت السند الأهم في ملحمة الدفاع المقدس الـ 12 يوماً، حيث أظهر الشعب الإيراني إرادة فولاذية في الدفاع عن الوطن، مؤكداً أن المجلس يجب أن يركز على هذا الرصيد الوطني ويعمل على تعزيزه. كما أشار إلى أن الثقافة العامة تشمل أيضاً قيم العفة والحياء والزيّ النسائي الإيراني الذي يُعد مصدر فخر تاريخي.

 

 الثقافة العامة عمود الهوية الوطنية

 

وفي رسالة خاصة، قال الرئيس مسعود بزشکیان: «الثقافة العامة هي الركيزة الأساسية للهوية الوطنية في مسار التقدم والعدالة، وهي مصدر متانة المجتمع». وأضاف أن الذكرى الأربعين للمجلس فرصة لإعادة قراءة دور الثقافة في ترسيخ الجمهورية الإسلامية وتعزيز وحدة الشعب، مشدداً على أن المجتمع الإيراني اليوم بحاجة أكثر من أي وقت مضى إلى إعادة إحياء روح التعاون والعطاء، وتعميق التدين، وصون العادات والتقاليد وأسلوب الحياة الإيراني – الإسلامي. وأكد أن المجتمع الذي يقوم على ثقافة الحوار والاحترام المتبادل والمسؤولية المدنية والإنصاف الاجتماعي سيكون مجتمعاً نامياً ومستقراً، وأن هذا النضج الثقافي لن يتحقق إلا عبر الوفاق الوطني الذي يعكس إدراكاً مشتركاً للتاريخ والإيمان والقيم الإنسانية.

 

 الأصول الثقافية؛ استراتيجية لمواجهة التهديدات

 

أما وزير الثقافة والإرشاد الإسلامي سيد عباس صالحي، فقد ركّز على أهمية التعرف على الأصول الثقافية والتاريخية باعتبارها استراتيجية لمواجهة التهديدات. وأوضح أن الثقافة العامة هي انعكاس لما يمتلكه المجتمع وما يفتقده، وأن مهمة المؤسسات الثقافية هي التعرف على هذه الأصول ووضعها في خدمة معالجة النواقص. وأكد أن إيران، بتاريخها العريق، تمتلك رصيداً ضخماً من الأصول الثقافية التي يمكن أن تسهم في مواجهة التحديات، مشيراً إلى أن هذه الأصول أثمن من الموارد الطبيعية. وضرب مثالاً بثقافة الاستقلال التي تجلت في ملحمة الدفاع المقدس، معتبراً أنها من أبرز الأصول الوطنية التي جعلت إيران من الدول القليلة في المنطقة التي لم تخضع للاستعمار. كما أشار إلى أن حب أهل البيت(ع) يمثل أحد أهم الأصول الثقافية التي منحت المجتمع الإيراني قوة روحية واجتماعية خاصة.

 

الحفل اختُتم بتكريم عدد من خادمي الثقافة العامة البارزين، وتدشين كتاب «ثلاثون عاماً مع تقويم إيران» وإصدار طابع تذكاري، في إشارة رمزية إلى أن الثقافة ليست مجرد خطاب، بل ذاكرة حية تتجدد عبر الأجيال.

 

المصدر: الوفاق