بمناسبة إدراج ميثاق كوروش الكبير رسمياً في سجلّ اليونسكو

ميثاق كوروش.. مرآة الربيع الإنساني وحُكمٍ يستند إلى العقل والكرامة والحرية والاختيار

إن في فكر كوروش تتجلى فلسفة الربيع الإنساني، حيث تتحد الطبيعة والإنسان في دورةٍ واحدة من التجدد. ومن هذا الفكر انبثق عيد النوروز، الذي أصبح أول تراثٍ متعدد الجنسيات يُدرج في قائمة التراث غير المادي لليونسكو، دليلاً على «استمرارية رسالة كوروش في السلام والتعايش».

وصفت المديرة العامة لمركز الدراسات الإقليمي لحماية التراث الثقافي غير المادي في غرب ووسط آسيا (مركز التراث غير المادي – طهران)، إدراج ميثاق كوروش الكبير في سجلّ اليونسكو بأنه «بازغٌ جديد في ضمير الإنسانية».

 

و بمناسبة إدراج ميثاق كوروش الكبير رسمياً في سجلّ منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو)، أصدرت آتوسا مومني، المديرة العامة لمركز الدراسات الإقليمي لحماية التراث الثقافي غير المادي في غرب ووسط آسيا (مركز التراث غير المادي – طهران)، بياناً وصفت فيه هذا الإنجاز بأنه «بازغٌ جديد في ضمير الإنسانية» و«تجسيد للحكم القائم على العقل والكرامة والحرية».

 

وقالت في بيانها: «في كل العصور، تعود الإنسانية بين الحين والآخر إلى منبعها الأول، إلى حيث يكون معنى القوة منبثقاً من الحكمة، ويُبنى الحكم لا على أرواح البشر، بل على ضمائرهم».

 

وأضافت أن اسم كوروش الكبير يلمع من عمق الألفيات «كنورٍ على جبين التاريخ»، لأنه «لم يجعل العظمة في امتلاك الأرض، بل في احترام الإنسان». كوروش – بحسب البيان – كان «ملكاً جعل من العقل زينة تاجه، ومن العدالة أساس حكمه، ومن الرحمة لغته مع البشر».

 

كوروش… أول من نادى بكرامة الإنسان وحرية الإيمان

 

البيان أشار إلى أن نصوص الاستوانة الفخارية المعروفة باسم «منشور كوروش»، والمحفوظة حالياً في المتحف البريطاني، تضم أول تعبيرٍ موثّق في التاريخ عن مفاهيم مثل السلام، وحرية المعتقد، وحق العودة، وكرامة العيش.

 

وجاء في أحد مقاطع المرسوم بلغة الأكّدي القديمة، كما ورد في ترجمة المتحف البريطاني:

 

«أمر مردوخ، الإله العظيم، أن يدخل كوروش مدينة بابل بسلام، وينشر الطمأنينة في ربوعها». وتوضح مومني أن هذا المقطع «يبيّن أن كوروش لم يكن فاتحاً للمدن، بل بانياً لسلام البشر».

 

وفي فقرة أخرى من المرسوم، يذكر كوروش أنه أعاد تماثيل الآلهة إلى معابدها وأعاد الشعوب المشرّدة إلى أوطانها. وترى الباحثة أن هذه الكلمات تمثل «أول وثيقة تاريخية لحرية المعتقد وحق العودة»، قبل قرون طويلة من ظهور مفهوم حقوق الإنسان.

 

من فكرٍ إنساني إلى ذاكرةٍ كونية

 

وترى المسؤولة الإيرانية أن إدراج المرسوم في سجلات اليونسكو «ليس مجرد تكريم لماضٍ مجيد، بل خطوة نحو مستقبلٍ تُبنى فيه العلاقات بين الأمم على العدل والكرامة».

 

وأضافت: «كوروش لم يأتِ ليغزو، بل ليُصلح؛ لم يسعَ إلى الهيمنة، بل إلى المصالحة. في كلماته، لا يُسمع صليل السيوف، بل صدى الحكمة».

 

وأكدت مومني أن المرسوم يحوّل السياسة إلى أخلاق، والإيمان إلى سلام، معتبرة كوروش «المعلم الأول للسلام العالمي».

 

من تخت جمشيد إلى اليونسكو

 

وأشارت إلى أن هذا الإنجاز الدولي احتُفل به في سمرقند، خلال الدورة الثالثة والأربعين للمؤتمر العام لليونسكو، حيث وقف العالم إجلالاً لـ«ميثاق كوروش»، مؤكداً أن صوت العدالة المنبعث من فجر التاريخ ما زال حياً في الوجدان الإنساني.

 

وأضافت أن هذا التكريم الدولي يحمل في طياته رسالةً من إيران – «أرض النوروز» – إلى العالم، رسالة تؤكد أن الحضارة الإيرانية كانت ولا تزال «منبع الحياة، والمودة، والتجدد المعنوي».

 

النوروز… تجدد الأرض والإنسان

 

وتابعت مومني قائلة: إن في فكر كوروش تتجلى فلسفة الربيع الإنساني، حيث تتحد الطبيعة والإنسان في دورةٍ واحدة من التجدد. ومن هذا الفكر انبثق عيد النوروز، الذي أصبح أول تراثٍ متعدد الجنسيات يُدرج في قائمة التراث غير المادي لليونسكو، دليلاً على «استمرارية رسالة كوروش في السلام والتعايش».

 

من حكمة الماضي إلى ضمير الحاضر

 

واختتمت بالقول إن وثيقة اليونسكو (43 C/52) التي اعترفت بميثاق كوروش كأحد أقدم النصوص المكتوبة لحقوق الإنسان، تؤكد على استمرارية القيم الإيرانية الأصيلة: العدالة، والكرامة، والحرية، والاختيار.

 

حماية التراث الثقافي هي حماية روح الزمن، وهي استمرار لطريق كوروش – طريق العقل والكرامة والحرية. فالإنسان هو المحور، والثقافة هي لغة الشعوب المشتركة، والربيع الإنساني ليس فصلاً من السنة، بل فلسفة حياة تدور حول الوعي، والاختيار، والمحبّة.

 

 

المصدر: الوفاق/ وكالات