بمناسبة اليوم العالمي للعلم

أهمية التآزر بين العلم والتنمية

في إيران يُعتبر الاحتفال بهذا اليوم فرصة لإبراز إنجازات الباحثين والتأكيد على أهمية الاستثمار الوطني في البحث والتطوير

اليوم العالمي للعلم من أجل السلام والتنمية، الذي يُحتفل به سنويًا في 10 نوفمبر في إيران وفقًا لإعلان منظمة اليونسكو، يُعد تذكيرًا حيويًا بحقيقة أن العلم والتكنولوجيا هما القوة الدافعة الرئيسية للتقدم المستدام، والحد من الفقر، وضمان السلام في المجتمعات البشرية.

 

هذا اليوم، الذي أسسته اليونسكو والمجلس الدولي للعلوم منذ عام 2001 (1380 هـ.ش)، يُعد فرصة لإعادة النظر في دور العلماء وصناع السياسات وأفراد المجتمع في استخدام المعرفة بشكل مسؤول.

لم يعد العلم مجرد مجموعة من النظريات المجردة، بل أصبح أداة عملية لحل أكبر تحديات البشرية، من التغيرات المناخية إلى تأمين الأمن الغذائي والصحة العامة.

الهدف الرئيسي لهذه المناسبة هو إنشاء جسر تواصل قوي بين المجتمع العلمي وعامة الناس، لضمان وصول ثمار العلم إلى الجميع بشكل عادل وشامل.

في إيران، يُعتبر الاحتفال بهذا اليوم في 10 نوفمبر فرصة لإبراز إنجازات الباحثين المحليين والتأكيد على أهمية الاستثمار الوطني في البحث والتطوير (R&D) لتحقيق التنمية المستدامة في العقود القادمة.

هذا اليوم يُمثل جهدًا لضمان أن الأبحاث العلمية لا تقتصر على دفع حدود المعرفة فحسب، بل تُسهم بشكل مباشر في تحسين جودة الحياة، والحد من النزاعات، وخلق أساس للتعايش السلمي.

 

المحاور الرئيسية والاستراتيجيات العالمية والوطنية

 

* أهداف اليونسكو العالمية والتأكيد على التنمية المستدامة

جعلت اليونسكو هذا اليوم فرصة لتوجيه الدول نحو برنامج طويل الأمد يمتد لعشر سنوات لتحقيق أهداف محددة. هذه الأهداف تتجاوز مجرد إنتاج المعرفة وتركز على تطبيقها، ومن أهم الأهداف المحددة يمكن الإشارة إلى ما يلي:

 

1-الاستفادة الشاملة من ثمار العلم والتكنولوجيا

يجب أن يكون العلم في خدمة جميع شرائح المجتمع،وهذا يعني أن نتائج الأبحاث لا ينبغي أن تقتصر على المختبرات أو النخب، بل يجب أن تتحول إلى حياة الناس اليومية من خلال تقنيات يسهل الوصول إليها، وخدمات صحية أفضل، وتحسين البنية التحتية.

في سياق التنمية، يعني هذا المبدأ منع الفجوة الرقمية والعلمية بين المناطق الحضرية والريفية، على سبيل المثال، يجب أن يتم تطوير نماذج التنبؤ بالطقس باستخدام الذكاء الاصطناعي بطريقة تمكن المزارعين في المناطق النائية من الوصول إلى معلومات دقيقة عبر رسائل نصية بسيطة، وهذا يتطلب معايير لـ “العلم المتاح” التي تنبع من المبادئ الأساسية لتصميم المنتجات.

 

2  إنشاء حوار عام حول العلم

إحدى الرسائل الرئيسية لهذا اليوم هي كسر الحاجز بين العلماء والناس العاديين، يتحقق ذلك من خلال برامج التوعية العامة، وتنظيم مائدات مستديرة متخصصة، وبخاصة تعريف الطلاب بالمهارات والمهن العلمية.

إن رفع مستوى الثقافة العلمية للمجتمع ضروري لاتخاذ قرارات جماعية مدروسة في مواجهة التحديات مثل التطعيمات أو الطاقات المتجددة.

يجب أن يصبح التفكير العلمي معيارًا اجتماعيًا، وليس مجالًا متخصصًا محدودًا،وإنشاء برامج تفاعلية يجيب فيها العلماء ببساطة على أسئلة الجمهور يمكن أن يعزز الثقة العامة في العملية العلمية.

 

3 تعزيز دور المتاحف والمراكز العلمية

تشجيع الزيارات العامة للمتاحف العلمية ومراكز الابتكار هو جهد لجعل التقدم ملموسًا،وتعمل هذه المراكز كبوابات لنقل المفاهيم العلمية المعقدة بلغة بسيطة، وستكون مصدر إلهام للأجيال القادمة لدخول مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات (STEM). يمكن تصميم مختبرات تفاعلية في هذه المراكز تعرف الأطفال بمفاهيم فيزيائية مثل الميكانيكا الكمومية أو الكيمياء الحركية من خلال اللعب والتجربة.

 

4- تكريم رواد العلم

إن تقديم وتكريم الشخصيات العلمية البارزة في البلاد ليس فقط تعبيرًا عن الامتنان لجهودهم، بل يُعد رمزًا لمسار النجاح للشباب المهتمين.

في إيران، يحظى هذا الجانب بأهمية خاصة، حيث يجب استخدام التاريخ العلمي الغني للبلاد كمصدر للإلهام،إن تكريم الأساتذة الذين كرسوا حياتهم لتعليم الجيل الجديد يضع أهمية التعليم العالي والبحث في دائرة الضوء العامة.

 

 ربط العلم بالناس

 

في السنوات الأخيرة، ركزت اليونسكو على محور معين يُعرف عادةً بـ«شعار العام»، وأحد المحاور المهمة هو التأكيد على «السلام والاستدامة الخضراء».

يعكس هذا التركيز وجهة نظر مفادها أن التنمية الحقيقية لا يمكن تحقيقها دون حماية البيئة وإدارة الموارد الطبيعية. وعلوم المناخ، والطاقات المتجددة، والزراعة المستدامة هي أعمدة هذه الاستدامة الخضراء.

وتؤدي نماذج المناخ، مثل نماذج الدورة العامة للغلاف الجوي (GCMs)، دورًا حيويًا في التنبؤ بالآثار طويلة المدى لتغير المناخ على مناطق محددة.

في إيران، تتم أبحاث في مجال الزراعة الدقيقة (Precision Agriculture) وتحسين خوارزميات الري القائمة على بيانات المستشعرات الذي تزيد بشكل كبير من معامل تحويل المياه إلى محاصيل.

ربط العلم بالناس في هذا السياق يعني توعية الجمهور بأنماط استهلاك المياه والطاقة المثلى، التي تؤثر مباشرة على جودة الحياة.

 

 مكانة يوم العلم في نظام الابتكار الإيراني

 

في إيران، يُعدّ الـ 10 نوفمبر فرصة لتقييم أداء «وثيقة التخطيط العلمي» الوطنية، ويوفر يوم العلم فرصة لإبراز حجم الاستثمار الحكومي والخاص في مجال البحث والتطوير (R&D)، والتسهيلات لشركات الناشئة العلمية والشركات القائمة على المعرفة.

تشمل البرامج المعتادة في هذا اليوم: عقد مؤتمرات، زيارات علمية للشركات، تكريم الباحثين المتميزين، ونرى في هذا الاطار إهتماماً للأبحاث الأساسية في الجامعات التي في النهاية تؤدي إلى منتجات تكنولوجية ترفع مستوى الرفاهية العامة وتزيد من حصة إيران في أسواق التكنولوجيات الناشئة عالميًا، هذا الأمر يتماشى بشكل مباشر مع هدف اليونسكو المتمثل في خلق فرص جديدة لتحسين جودة الحياة العامة.

 

 رؤية العلم للمستقبل

 

اليوم العالمي للعلم في خدمة السلام والتنمية ليس مجرد حدث سنوي، بل هو بيان يؤكد على المسؤولية الأخلاقية للمجتمع العلمي تجاه مستقبل الكوكب.

بالنسبة لإيران، هذا اليوم يؤكد على إهتمام ايران بالعلم لتحقيق الاستقلال الاقتصادي والتقدم الذي هما مرتبطان ارتباطًا وثيقًا بالقوة العلمية والقدرات البحثية المحلية.

 

 

المصدر: الوفاق