و أدلى المتحدث باسم السلطة القضائية الإيرانية، أصغر جهانغير، بهذه التصريحات اليوم الثلاثاء، خلال مؤتمره الصحفي الـ 37، والذي استهله بالتنويه بانجازات الشهيد “حسن طهراني مقدم” الملقب بأب برنامج بناء القدرات الصاروخية والمدفعية في الجمهورية الإسلامية الإيرانية والتي تصادف اليوم ذكرى استشهاده. مضيفا :”لقد طبّق هذا الشهيد الكبير شعار «نحن نستطيع» عمليا، وأثبت أن الشباب الإيرانيين قادرون على إثبات ذاتهم في أي مكان.
وتابع مثنيا على جهود شهداء المواجهة مع الكيان الصهيوني، لا سيما الشهيدين “حاجي زاده” و”باقري”، مؤكدا على أن الجمهورية الإسلامية الإيرانية، بفضل دماء الشهداء الأبرار، باتت اليوم تمتلك قوة محلية أصيلة ومتزايدة، ولن تسمح لأحد أن يلقي نظرة سوء وطمع حتى على شبر واحد من ترابها.
وأشار المتحدث باسم السلطة القضائية إلى أن الشهيد طهراني مقدم، منذ لحظة دخوله ميدان الجهاد والمقاومة وحتى استشهاده، وضع كل طاقاته الفنية والمعنوية في مواجهة الاستكبار العالمي، وقال: “لقد كان هذا الشهيد العظيم يطمح إلى زوال الكيان الإسرائيلي، حتى إن وصيته كانت أن يُخط على قبره: «”هذا هو قبر شخصٍ أراد تدمير الكيان الإسرائيلي» “.
أمريكا تتخلى عن العلاقات الدولية كلما شعرت أن مصالحها لن تتحقق
وأوضح أن الشعب الإيراني، خلال حرب الـ 12 يوما، أدرك أكثر من أي وقت مضى أهمية الاعتماد على الذات في الدفاع، والحاجة إلى امتلاك أحدث الأدوات الدفاعية، مدرك إلى أي حد يمكن لهذه العوامل أن تُشكّل رادعا فعالا ضد أي اعتداء خارجي.
وتابع جهانغير، مُشيرا إلى الكلمة الأخيرة لقائد الثورة الإسلامية: “إن الخلاف بين الجمهورية الإسلامية الإيرانية والولايات المتحدة هو خلاف جوهري، وليس تكتيكيا. ولن يكون من الممكن حتى في المستقبل البعيد التفكير في أي تعاون إلا إذا تخلّت أمريكا عن دعمها للكيان الإسرائيلي، وأغلقت قواعدها العسكرية في المنطقة، وكفّت عن التدخل في الشؤون الداخلية لبلادنا”.
وأكّد أن تصريحات قائد الثورة تشمل عدة محاور أساسية، أهمها أن أولئك الذين يعطون عناوين خاطئة ويدّعون أن مشكلات البلاد يمكن حلها عبر التفاوض مع الاستكبار، ويسعون إلى اجبارنا على الدخول في مفاوضات استسلام، يجب أن يعلموا أن عدونا ماكر وخادع، وأنه حين يشعر أن مصالحه غير مضمونة ولن تتحقق، يضع جانبا القوانين والأخلاق والعلاقات الدولية ويتخلى عنها.
أمريكا هي الشيطان الاكبر
وأشار إلى أن “ترامب في الأيام الأخيرة اعترف صراحةً بأنه المسؤول المباشر عن الهجوم في حرب الـ 12 يوما ضد الجمهورية الإسلامية الايرانية”، مؤكدا أن “هذه الجملة وحدها كافية لإثبات أن العدو الحقيقي والشيطان الأكبر، كما قال الإمام الخميني (رض)، هو أمريكا. فالجرائم التي نشهدها اليوم في المنطقة على يد عملاء النظام الاستعماري، تعود في جوهرها إلى النوايا الخبيثة للولايات المتحدة، وخاصة إدارتها الحالية”.
وأردف المتحدث باسم السلطة القضائية: “إن هذا الاعتراف يكشف أكثر من أي وقت مضى عن خبث و مكر أمريكا وأسلوبها الاحتيالي، ويقلب التاريخ أمام عيوننا مرة أخرى. فكما فعلت في الماضي حين اجتمعت بالهنود الحمر بحجة التفاوض والمساعدة، ثم أبادتهم، فإن نفس الروح الاستكبارية لا تزال سائدة في هيكل الحكم الأمريكي حتى اليوم، بعد أكثر من مائتي عام”.
وأكّد أن “رغم محاولات رؤساء أمريكا عبر العصور لإظهار أنفسهم كمدافعين عن حقوق الإنسان وحلفاء للشعوب، فإنهم في الواقع يتبعون سياسة الخداع نفسها. ففي الوقت الذي كانوا فيه يتفاوضون مع الإيرانيين بشكل غير مباشر، كان ترامب في نفس الوقت يصدر الأوامر بشنّ الهجوم والتنسيق مع الكيان الصهيوني، ما يكشف بشكل صارخ النفاق الحقيقي والطبيعة الماكرة للسياسة الأمريكية”.
ضرورة مساءلة أمريكا في المحافل الدولية
ورأى أن اعتراف ترامب العلني والصريح بانتهاكه لميثاق الأمم المتحدة والقوانين الدولية وحقوق الشعوب، وقبوله المسؤولية عن شنّ هجوم على دولة مستقلة، يتطلب مواجهة قانونية دولية ذات ضمانات تنفيذية قوية.
و انتقد جهانغير صمت المؤسسات الدولية إزاء هذا الاعتراف الصريح الذي يكشف بوضوح أن طبيعة الاستكبار الأمريكي لم تتغيّر، قائلا: من المتوقع أن تقوم المؤسسات الدولية مثل الأمم المتحدة والهيئات الدبلوماسية والقانونية الأخرى بأداء واجباتها القانونية، وتحاسب الولايات المتحدة على انتهاكها الصريح للقوانين والمبادئ الدولية. وإلا فإن مصداقية هذه المؤسسات، التي سبق أن تآكلت في نظر الرأي العام العالمي، ستتعرض لمزيد من التشكيك أكثر من أي وقت مضى.
تقدير جهود الإعلام الملتزم في مواجهة حرب العدو الناعمة
وأعرب المتحدث باسم السلطة القضائية عن تقديره لدور وسائل الإعلام في إحباط العمليات النفسية للعدو، مؤكدا على أن وسائل الإعلام الوطنية و أصحاب المهنة، قد تمكنوا بذكاء والتزام في الحرب الناعمة التي شنّها العدو ضد الشعب الإيراني، من إحباط مخططاته وجعلها تبوء بالفشل.
وأضاف جهانغير: “يحاول العدو، من خلال صياغة روايات كاذبة وتلفيق الأخبار ونشر اليأس في المجتمع، أن يضعف معنويات الشعب. لكن وسائل الإعلام الملتزمة في البلاد، من خلال إعلام دقيق وباعث على الأمل، تقف في طليعة المواجهة ضد هذه الحرب النفسية”.
وشدّد على أهمية المسؤولية في نشر الأخبار، قائلا: “يجب أن نعبّر عن امتناننا لجميع الصحفيين الواعين، الملتزمين والوطنيين، الذين يحافظون بجهودهم المتواصلة ليلا ونهارا على جذوة الأمل في المجتمع، ولا يسمحون لأعداء الوطن بأن يزرعوا الشكوك ويطلقوا التصويرات السوداوية التي قد تمسّ الأمن النفسي للشعب والتماسك الوطني”.
وأضاف: “اليوم، أي تصريح أو ادّعاء يُطلق سواء من مسؤول أو غير مسؤول دون سند أو دليل، ويؤدي بأي شكل من الأشكال إلى تهويل الأمور وزعزعة الثقة العامة، فإن ذلك في واقع يصبّ في مصلحة العدو.
وستتعامل السلطة القضائية في هذا المجال وفقا للقانون، ولن تسمح لأي شخص بأن يشترك ولو بشكل غير مباشر في الحرب النفسية التي يشنّها العدو، ويستهدف بها أمن المجتمع واستقراره”.