وشكر أمير سعيد إيرواني، في كلمة ألقاها في الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم الجمعة بالتوقيت المحلي، المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية على تقديمه التقرير الأخير، قائلاً: أشكر المدير العام على تقديمه التقرير. ومع ذلك، يجب أن تظل هذه التقارير دائمًا مهنية وواقعية وخالية من أي تأثير سياسي؛ لأن مصداقية الوكالة تعتمد كليًا على نزاهتها.
واضاف: الطاقة النووية ضرورية ولا غنى عنها للتنمية وأمن الطاقة، وخاصة في البلدان النامية. إن نقل المعرفة والتكنولوجيا النووية، الذي تكفله المادة الرابعة من معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية والنظام الأساسي للوكالة الدولية للطاقة الذرية، حق أصيل وغير قابل للتصرف، وليس امتيازًا. ينبغي أن يُسهّل نظام الضمانات الاستخدام السلمي للطاقة النووية، لا أن يعيقه. إن أي محاولة لاستغلال المخاوف بشأن انتشار الأسلحة النووية لحرمان البلدان النامية من الحقوق المشروعة تُعدّ انتهاكًا خطيرًا لنص وروح معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية. من دواعي القلق البالغ أنه في الوقت الذي تُقيّد فيه بعض الدول بشكل منهجي وصول الدول النامية إلى التكنولوجيا النووية السلمية، فإنها تُقدّم في الوقت نفسه أسلحةً ومساعداتٍ عسكريةً للكيان الصهيوني، الذي ليس طرفًا في معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية، ويمتلك ترسانةً خفيةً من أسلحة الدمار الشامل. إن هذه المعايير المزدوجة، إلى جانب التدابير الأحادية والقسرية غير القانونية، تُقوّض بشكلٍ خطير مصداقية نظام حظر الانتشار ومهمة الوكالة في التعاون التقني.
وتابع: شهد العالم عملاً إجراميًا وعدوانيًا بالغَي الخطورة في يونيو/حزيران 2025. فبعد ساعاتٍ فقط من اعتماد مجلس المحافظين قرارًا ذا دوافع سياسية، شنّ الكيان الصهيوني سلسلةً من الهجمات الضخمة والعنيفة على المنشآت النووية الإيرانية المحمية، والخاضعة للإشراف الكامل للوكالة. استهدفت هذه الهجمات الإجرامية العلماء الإيرانيين وعائلاتهم، وأسفرت عن مقتل وإصابة آلاف الأشخاص، وتسببت في أضرارٍ ماديةٍ جسيمة.
واردف: انضمت الولايات المتحدة، العضو الدائم في مجلس الأمن والدولة المفترض ان تكون امينة على معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية، إلى العدوان في 22 يونيو/حزيران، مستهدفةً مباشرةً المنشآت الخاضعة لإشراف الوكالة الدولية للطاقة الذرية. كانت هذه الإجراءات انتهاكًا واضحًا للقانون الدولي، وميثاق الأمم المتحدة، والنظام الأساسي للوكالة، وقرار مجلس الأمن رقم 487 (1981)، الذي يحظر صراحةً أي هجوم على المنشآت النووية الخاضعة للضمانات. لم يكن هذا الهجوم مجرد هجوم على دولة عضو؛ بل كان هجومًا على سلطة الأمم المتحدة، ومصداقية الوكالة، وسلامة نظام الضمانات.
وقال ايرواني: رغم أن قرارات المؤتمر العام ذات الصلة تنص بوضوح على أن أي هجوم مسلح أو تهديد ضد أي منشأة نووية تُستخدم للأغراض السلمية يُعد انتهاكًا لمبادئ ميثاق الأمم المتحدة، والقانون الدولي، والنظام الأساسي للوكالة، ورغم أن المدير العام قد أكد مرارًا وتكرارًا على أنه لا ينبغي مهاجمة المنشآت النووية تحت أي ظرف من الظروف نظرًا للمخاطر الجسيمة التي تهدد السكان والبيئة والسلامة والأمن النوويين، فضلاً عن السلام والأمن الإقليمي والدولي، إلا أنه من المؤسف للغاية أن الهجمات غير القانونية على المنشآت النووية السلمية الإيرانية لم تُدن لا من قبل الوكالة ولا من قبل مجلس الأمن، ولا حتى من قبل المدير العام نفسه. للأسف، امتنع كلٌّ من رئيس الجمعية العامة والمدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، مجددًا، عن إدانة هذه الهجمات غير القانونية في بياناتهما المدرجة في جدول أعمال هذه الدورة.
واضاف: لقد كانت ايران عضوًا مسؤولًا وملتزمًا بمعاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية منذ عام ١٩٧٠. ومع ذلك، تواصل الدول الأوروبية الثلاث (بريطانيا والمانيا وفرنسا) والولايات المتحدة، بتكرارها ادعاءات الكيان الصهيوني الملفقة، تشويه الأنشطة النووية السلمية الإيرانية والايحاء بانحرافها، بينما يواصل الكيان نفسه، بصفته الحائز الوحيد للأسلحة النووية في المنطقة والعائق الرئيسي أمام إنشاء شرق أوسط خالٍ من الأسلحة النووية، أفعاله في إفلات تام من العقاب. ورغم أعمال التخريب والاغتيالات والعقوبات غير القانونية، والهجمات المباشرة الآن على المنشآت النووية الخاضعة لضمانات الوكالة الذرية لم تنتهك إيران قط خطة العمل الشاملة المشتركة أو معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية أو التزاماتها المتعلقة بالضمانات، والتزمت دائمًا بالدبلوماسية.
واردف: كما تؤكد التقارير الأخيرة للمدير العام أن تعليق عمليات التفتيش كان نتيجة مباشرة لهذه الهجمات المسلحة. تقع مسؤولية هذا الوضع بالكامل على عاتق المعتدين، لا على ضحية (هذا العدوان). لا تتناول أيٌّ من أحكام الضمانات القائمة كيفية الحفاظ على التفاعل في ظلّ العدوان المسلح والتهديدات المستمرة. لذلك، من الضروري وضع إطار عمل جديد لضمان سلامة العاملين والمنشآت النووية في مثل هذه الظروف الاستثنائية.
واضاف: وقّعت إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية مذكرة تفاهم في القاهرة بتاريخ 9 سبتمبر/أيلول 2025، في جوٍّ بنّاءٍ يهدف إلى مواجهة هذه التحديات. وللأسف، قوّضت الإجراءات العدائية للولايات المتحدة والدول الأوروبية الثلاث هذا التطور الإيجابي فورًا، إذ لا تزال تُعيق أي مبادرة دبلوماسية، بما في ذلك الاقتراح المتوازن الذي قدّمته الصين وروسيا في مجلس الأمن.
واردف: كان تصرف الدول الأوروبية الثلاث بتفعيل ما يُسمى بآلية “الزناد” غير قانوني ومتهورًا ويهدف إلى تدمير آخر جسور الدبلوماسية، وبالتالي فهو باطل ولاغٍ. هؤلاء، الذين انتهكوا بأنفسهم خطة العمل الشاملة المشتركة والقرار 2231، لا يملكون أي صفة قانونية تُمكّنهم من تطبيق أحكامه. انتهى العمل بالقرار 2231 نهائيًا في 18 أكتوبر/تشرين الأول 2025، وانتهت جميع القيود المرتبطة به. إن أي محاولة لإحياء أو إعادة تفعيل هذه القرارات تُعدّ إساءةً غير قانونية للإجراءات، ويجب على هذه الجمعية والأمين العام رفضها رفضًا قاطعًا.
واكد: لن تستسلم إيران أبدًا للتهديدات أو الإكراه. نحن نستجيب فقط للاحترام وسيادة القانون والمساواة. لن يُجبر العدوان العسكري والإرهاب الاقتصادي إيران على التنازل عن حقوقها المشروعة.
يذكر انه مع انتهاء العمل بقرار مجلس الأمن رقم 2231، أُزيلت قضية إيران من جدول أعمال خطة العمل الشاملة المشتركة في اجتماعات مجلس المحافظين، ووفقًا للبرنامج الذي نشرته أمانة الوكالة الدولية للطاقة الذرية، ستُتابع القضية فقط في إطار اتفاقيات الضمانات.
وأعلنت أمانة الوكالة الدولية للطاقة الذرية أن اجتماع مجلس المحافظين سيُعقد يوم الأربعاء 19 نوفمبر/تشرين الثاني في فيينا، وستشمل مناقشاته قضايا مثل عضوية الدول، وتقارير التعاون التقني، وسلامة ونقل المواد المشعة، وحالة التحقق في كوريا الشمالية وسوريا، وملف الدفع النووي في أستراليا والبرازيل، بالإضافة إلى تنفيذ اتفاقيات الضمانات للدول الأعضاء، بما في ذلك إيران. لم يعد هذا الجدول يذكر القرار 2231 والتزامات خطة العمل الشاملة المشتركة، ولم يُذكر اسم إيران إلا في القسم المتعلق باتفاقية الضمانات؛ وهذا يُظهر أن متابعة القضايا المتعلقة بخطة العمل الشاملة المشتركة قد أُزيلت من جدول أعمال مجلس المحافظين.
ووفقًا للاتفاق النووي الإيراني المعروف باسم خطة العمل الشاملة المشتركة والبند التشغيلي 8 من قرار مجلس الأمن رقم 2231، انتهت جميع أحكامه بعد (يوم الانتقال) 18 أكتوبر/تشرين الأول 2025 ، وبعد هذا التاريخ، أعلنت إيران والصين وروسيا انتهاء جميع القيود المتعلقة بالبرنامج النووي الإيراني وإلغاء أحكام القرارات السابقة.
وبعد حرب الـ 12 يوما، قامت الترويكا الأوروبية (بريطانيا وألمانيا وفرنسا)، برفقة الولايات المتحدة، بتفعيل آلية الزناد “سناب باك” في 28 سبتمبر/أيلول، وحاولت إحياء قرارات مجلس الأمن الستة الملغاة سابقا، مدعية أن هذه القرارات أصبحت مفعلة وأن هذه الازدواجية خلقت فجوة قانونية جديدة وارتباكا في التفسيرات المقدمة لمجلس الأمن.