وقال محمد رضا عارف، الیوم الثلاثاء، في كلمة ألقاها خلال اجتماع حضره رؤساء الوزراء ورؤساء الحكومات وكبار ممثلي الدول الأعضاء في منظمة شنغهاي للتعاون: بهدف تطوير منصات مالية حديثة وآمنة للمنظمة، نقترح تصميم عملة مشفرة مشتركة تعتمد على الذكاء الاصطناعي.
وأضاف: إن تطبيق هذه الفكرة من شأنه تسهيل عملية التبادل الاقتصادي بين أعضاء المنظمة، وتعزيز مستوى الثقة والشفافية، ولعب دور محوري في تعزيز التكامل الإقليمي وتحقيق أهداف التنمية المستدامة لمنظمة شنغهاي للتعاون.
وأكد عارف: من الضروري أن يتعاون أعضاء المنظمة ويتفاعلوا بشكل جدي مع بعضهم البعض لتقديم آلية جديدة وأكثر كفاءة للمراسلة بين البنوك.
وذكر: أن التطورات المتسارعة في الاقتصاد العالمي أبرزت ضرورة إنشاء آليات مالية مستقلة وإقليمية أكثر من أي وقت مضى.
وأردف النائب الأول لرئيس الجمهورية بالقول: إن إساءة استخدام للأنظمة المالية والمصرفية الدولية تعتبر من أدوات الضغط الغربي على الدول المستقلة.
وتابع قائلاً: نعتقد أن منظمة شنغهاي للتعاون قد بلغت درجة كافية من النضج لإنشاء نظام مالي ومصرفي مستقل، ولضمان أمنها المالي ويجب عليها تفعيل الأفكار القائمة.
وأضاف: إن الجمهورية الإسلامية الإیرانیة تدعم دعماً كاملاً إنشاء “بنك التنمية لمنظمة شنغهاي للتعاون” كمؤسسة مالية مشتركة لتوفير الموارد المالية لمشاريع البنية التحتية والتنمية؛ بالإضافة إلى إنشاء آليات نقدية ومصرفية، بما في ذلك تسوية الحسابات بين الدول الأعضاء في المنظمة، وتقليل اعتماد الأعضاء على الأنظمة المالية العالمية غير العادلة.
وأكد عارف أن اتحاد بنوك منظمة شنغهاي للتعاون يعد أيضاً آلية فعالة لتوسيع التعاون المالي بين الأعضاء. ولفت إلى أنه من الضروري تسريع عملية الانضمام إلى البنك الذي قدّمته الجمهورية الإسلامية الإیرانیة في هذا الاتحاد، ونعتقد أن هذه المؤسسة يمكن أن تصبح أحد المحاور الرئيسية للدعم المالي للمشاريع المشتركة وتوفير رأس مال البنية التحتية في إطار المنظمة.
كما أکد أن الجمهورية الإسلامية الإیرانیة مستعدة لإقامة تعاون وثيق وبناء في مجال ربط الأنظمة المصرفية، وتطوير التعاون في مجال التكنولوجيا المالية، وتسهيل التبادلات المالية والائتمانية بين الأعضاء.
وأعرب عن ارتیاحه بزيارة موسكو، وشكر روسيا حكومة وشعباً على استضافتها الكريمة وتنظيمها الجيد لاجتماع مجلس رؤساء الوزراء لدول منظمة شنغهاي للتعاون، وقال: إن هذا الاجتماع یمثل فرصة ثمينة لاستعراض الإنجازات السابقة، ودراسة التحديات الراهنة، ورسم آفاق التعاون المستقبلي بين الدول الأعضاء في هذه المنظمة.
نولي أهمية كبيرة لتطوير العلاقات مع بيلاروسيا
في سياق آخر، أكد النائب الأول لرئيس الجمهورية على أهمية تعزيز العلاقات بين إيران وبيلاروسيا، وقال: إن اقتصاد البلدين قادر على التكامل وتلبية الاحتياجات المتبادلة.
وأوضح عارف، خلال لقائه رئيس وزراء بيلاروسيا ألكسندر تورتشين، أن التعاون بين البلدين، لاسيما في المجال السياسي يشهد تطورًا ممتازًا. مضيفًا: إنه يجب على البلدین العمل من أجل رفع مستوى العلاقات في المجالات الأخرى إلى مستوى العلاقات السياسية. وشدد على ضرورة تعزيز العلاقات على المستويات الأخرى خاصة في المجال الاقتصادي.
وأضاف: إن الزيارة الأخيرة للرئيس بزشكيان إلى مينسك فتحت أجواء جديدة وشکلت نقطة تحول في تطوير العلاقات بين البلدين في كافة المجالات.
ولفت النائب الأول لرئيس الجمهورية إلى أن زيادة التعاون بين البلدين في مختلف القطاعات لا تفيد الدولتين فحسب، بل إن هذا التعاون يمكن أن يكون مفيدا للمنطقة بأكملها، نظراً للحضور النشط للبلدين في الاتحادات الإقليمية، بما في ذلك أوراسيا وشنغهاي.
وذكر: أن التعاون في مجالات الاستثمار والإنتاج المشترك يحظى بدعم الحكومة الإيرانية، مؤكداً أن اقتصاد البلدين يمكن أن يكون مكملاً لبعضه ويغطي احتياجاتهما المتبادلة.
وأضاف: إن تعزيز العلاقات الثقافية والعلمية يمكن أن يمهد لتوطيد العلاقات في مجالات أخرى وعلى رأسها المجال الاقتصادي، مشيراً إلى أن إقامة يوم ثقافي لبيلاروسيا في إيران قد تكون فرصة للتعريف بهذا البلد الصديق لدى الإيرانيين.
اهتمام بيلاروسيا بتطوير العلاقات مع إيران
من جانبه، أكد رئيس وزراء بيلاروسيا، خلال اللقاء، “إننا نعتبر إيران دولة صديقة وقريبة”، مضيفاً: إن العلاقات بين البلدين تتطور.
وأشار ألكسندر تورتشين إلى الزيارة الأخيرة التي أجراها رئيس الجمهورية الإسلامية الإيرانية إلى بيلاروسيا، معرباً عن ثقته بأن الاتفاقيات التي أبرمت خلالها ستعطي زخماً جديداً لتطوير العلاقات الثنائية.
وأضاف: إن عضوية إيران وبيلاروسيا في منظمة شنغهاي للتعاون تساعد أيضاً في تعزيز التفاعلات الثنائية، مؤكداً أن تنفيذ اتفاق التجارة الحرة بين إيران والاتحاد الاقتصادي الأوراسي يصب في مصلحة البلدين.
تطوير العلاقات مع المنظمات الإقليمية من أولويات سياستنا الخارجية
وخلال لقائه مجموعة من الدبلوماسيين الإيرانيين المقيمين في روسيا، أكد عارف أن استراتيجية تعزيز مكانة الجمهورية الإسلامية الإيرانية في التجمعات الإقليمية قد بدأت منذ عقدين، وقال: إن تطوير العلاقات المتعددة الأطراف مع التجمعات الإقليمية من أولويات سياستنا الخارجية.
وأشار النائب الأول لرئيس الجمهورية إلى خلفية عضوية إيران في منظمة شنغهاي للتعاون، وأضاف: منذ مطلع السنوات الأولى من الألفية الحالية، توصلنا إلى قناعة بأنه ينبغي علينا الانضمام إلى المنظمات الإقليمية، مثل منظمة شنغهاي للتعاون، وأداء دور فاعل فيها.
لذلك، بدأت خطواتنا للانضمام إلى هذه المنظمة منذ ذلك الوقت، وقد كان لدى الدول الأعضاء في المنظمة أيضاً موقف إيجابي تجاه المقاربة الإيرانية، وكان حضور إيران ذا أهمية بالنسبة لهم أيضاً.
وشدّد عارف على أهمية الحضور الفاعل في المنظمات الإقليمية، قائلاً: استراتيجية تعزيز مكانة الجمهورية الإسلامية الإيرانية في التجمعات الإقليمية قد بدأت منذ نحو عقدين.
كما أن عضويتنا في الاتحاد الاقتصادي الأورواسيوي ذات أهمية كبرى بالنسبة لنا، إذ إن دول هذا الاتحاد تنتمي إلى منطقتنا الحضارية، ولدينا معها مشتركات ثقافية وحضارية كبيرة.
وأشار إلى أن تطوير العلاقات المتعددة الأطراف مع التجمعات الإقليمية بات اليوم إحدى الأولويات الأساسية للسياسة الخارجية الإيرانية، وقال: ينبغي أن نوظف جميع أشكال الدبلوماسية في مجال علاقاتنا الخارجية؛ وبسبب وجود الروابط التاريخية والحضارية والثقافية المشتركة مع دول الأورواسيوية، يمكن أن تساعدنا الدبلوماسية الثقافية في تعزيز علاقاتنا مع هذه الدول.
وذكر النائب الأول لرئيس الجمهورية أن إقامة علاقات استراتيجية مع دول المنطقة، بما في ذلك روسيا، كانت من الأولويات الوطنية منذ نهاية التسعينيات، مؤكداً: تمتلك روسيا قدرات كبيرة، وقد سعت إيران بالتعاون معها في إطار المصالح المشتركة، وهو ما أثمر اليوم عن اتفاق شراكة استراتيجية شاملة بين البلدين.
وأكد عارف أن التعاون الإيراني – الروسي يتم في إطار المصالح الوطنية والأمن القومي والظروف الإقليمية، موضحاً أن هذا التعاون يُدار وفقاً لمصالح الطرفين؛ وبشكل عام، تنظر إيران إلى جيرانها من منظور التعاون الاستراتيجي.
ولفت إلى أن الاستطلاعات التي أجريت في روسيا تشير إلى أن ظاهرة “إيرانوفوبيا” لم يكن لها أي تأثير على الرأي العام الروسي، وقال: علينا أن نوضح لشعبنا أننا نتشارك مع روسيا الحدود والمصالح، ونسعى لتحقيق منفعة متبادلة.
كما تطرق النائب الأول لرئيس الجمهورية إلى المواقف الروسية ودعمها لإيران في قضية تفعيل “آلية الزناد” من قبل الدول الأوروبية، وقال: كان موقف روسيا في هذا الصدد مهماً جداً بالنسبة لنا، ونحن اليوم نتمتع بعلاقات سياسية واستراتيجية جيدة مع روسيا، إلا أنه لابدّ من تعزيز هذه العلاقات في مجالات التكنولوجيا المتقدمة، وتنمية التجارة، والتبادلات السياحية والعلمية والثقافية.
التأكيد على تعزيز العلاقات مع منطقة أوراسيا
كما أكد النائب الأول لرئيس الجمهورية، خلال لقائه مساء الإثنين بموسكو، مع مجموعة من رجال الأعمال والتجار الإيرانيين الناشطين في روسيا، على استعداد الحكومة لتقديم كل الدعم الممكن بهدف تعزيز العلاقات مع منطقة أوراسيا، وبشكل خاص مع روسيا.
وصرح عارف بأن حجم التبادل التجاري بين إيران وروسيا لعام 2024 بلغ 8/4 مليار دولار؛ مشيراً إلى أن الطاقات الفعلية لدى البلدين تتجاوز هذا الرقم، ودعا إلى تعزيز التجارة الثنائية وتحقيق فائض في الميزان التجاري.
وأشار إلى أن روسيا تحتل مكانة خاصة في سير تطوير العلاقات بين إيران ودول المنطقة؛ مشدداً على أن التعاون الثنائي تطور إيجابياً في السنوات الماضية وسط أجواء ودية وبناءة، ضمن إطار علاقة ستراتيجية متينة.
وأوضح بأن الاجتماعات المشتركة بعد توقيع المعاهدة الستراتيجية الشاملة بين طهران وموسكو أسفرت عن توافق إيجابي وإزالة العقبات البيروقراطية أمام تطوير العلاقات.
ولفت النائب الأول لرئيس الجمهورية إلى أن السياسة الإيرانية فيما يخص العلاقات الدولية ترتكز على توسيع التعاون مع دول المنطقة، والتركيز على دول أوراسيا نظراً للخلفية الثقافية والتاريخية المشتركة؛ مشيراً إلى الفرص المتاحة أمام التجار الإيرانيين عقب تنفيذ اتفاقية التجارة الحرة مع خمس دول من اتحاد اقتصادات أوراسيا، لتعزيز الصادرات وفتح آفاق التعاون الاقتصادي.
وأكد عارف، في هذا اللقاء، على أن الحكومة تسعى لإشراك القطاع الخاص في جميع مراحل التنمية، باعتباره عنصراً أساسياً لحل المشاكل الاقتصادية في البلاد؛ مشیراً إلى توجيه الصلاحيات للمحافظات الحدودية وبما يصب في تمكينها من إدارة شؤونها الداخلية وتعزيز العلاقات الاقتصادية مع الدول المجاورة، وبالتالي تحسين التبادل التجاري وتسهيل العمليات الحدودية.
وختم نائب رئيس الجمهورية تصريحاته بالتأكيد على أن “كل مواطن إيراني في أي مكان بالعالم يعتبر سفيراً للجمهورية الإسلامية”؛ مشيراً إلى جهود الأعداء في فرض العقوبات وإثارة موجة “معاداة إيران”، كما ثمّن جهود جميع التجار الإيرانيين في الخارج.
يذكر أن النائب الأول لرئيس الجمهورية، محمدرضا عارف، وصل یوم الإثنين إلى مطار فنوكوفو الدولي في موسكو، للمشاركة في الاجتماع الرابع والعشرين لرؤساء حكومات منظمة شنغهاي للتعاون، حيث كان في استقباله نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل غالوزين، والسفير الإيراني لدى موسكو كاظم جلالي.