وزير الاتصالات في قمة WTDC-25 يبرز إنجازات إيران الرقمية، ويؤكد:

استدامة التنمية الرقمية في إيران رغم الحرب والعقوبات

الوفاق/ أكد وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، وهو أحد المتحدثين الرئيسيين في الجلسة الرفيعة المستوى لمؤتمر الاتصالات العالمي للتنمية (WTDC-25) المنعقد في باكو، أن النجاحات الأخيرة التي حققتها إيران في مجال التحول الرقمي جاءت في ظروف بالغة الصعوبة؛ حيث واجهت البلاد خلال الحرب المفروضة التي استمرت 12 يومًا هجمات عسكرية مباشرة على البنى التحتية المدنية للاتصالات، إلى جانب هجمات سيبرانية مكثفة وقيود تكنولوجية ومالية واسعة النطاق.

وأكد الدكتور سيد ستار هاشمي، في مستهل كلمته، متناولاً شعار المؤتمر «الاتصال العالمي الشامل والمفيد والميسور التكلفة من أجل تنمية جامعة ومستدامة»، أن الوصول المتساوي إلى الفضاء الرقمي يُعدّ حقًا أساسيًا من حقوق الإنسان. كما أكد أن الاتصال بالإنترنت لا يعني مجرد «البقاء متصلًا»، وإنما يجب أن يكون اتصالًا ذا معنى، يشكل منصة حقيقية للنمو العلمي والاقتصادي والاجتماعي.

 

كما أشار الدكتور هاشمي إلى التقدم الذي أحرزته إيران في تقليص الفجوة الرقمية بين المناطق الحضرية والريفية، موضحًا أن البلاد تمكنت من احتلال المرتبة التاسعة عالميًا في سد الفجوة الريفية في المدفوعات الرقمية، لتصبح الخدمات المالية الإلكترونية والخدمات عبر الإنترنت متاحة بمستوى شبه متساوٍ لجميع المواطنين، سواء في المدن أو القرى.

 

برنامجان وطنيان رئيسيان للتحول الرقمي

 

وكشف وزير الاتصالات أن سرّ هذه الإنجازات يكمن في برنامجين وطنيين محوريين: أولهما «إنشاء المنظومة الرقمية للحكومة»، وقال: إن هذا البرنامج يهدف إلى التحول الرقمي عبر تقديم الخدمات الحكومية من خلال بوابة موحدة واحدة، مع الاستعانة بالوكلاء الذكيين. وأضاف: هؤلاء الوكلاء الذكيون ينوبون عن المواطنين في متابعة الإجراءات الإدارية بين الجهات الحكومية، مما يوفر الوقت والجهد والتكاليف، ويعزز في الوقت نفسه العدالة الاجتماعية.

 

وأوضح هاشمي أن البرنامج الوطني الرئيسي الآخر هو توسيع شبكة الألياف الضوئية، مضيفًا: أن إيران تنتقل حاليًا من الأسلاك النحاسية إلى الألياف الضوئية، وتوسع شبكة الألياف الضوئية للمنازل والشركات. وأكد أن أكثر من 9 ملايين أسرة أصبحت ضمن نطاق التغطية، وتحقق أكثر من 45% من الأهداف المرسومة. وأشار إلى أن هذا المشروع لا يُحسن جودة الوصول إلى الإنترنت فحسب، بل يوفر بنية تحتية مستدامة للتقنيات المستقبلية مثل المدن الذكية والتعليم عن بُعد والصحة الرقمية.

 

 إنجازات في ظروف الحصار والحرب

 

وأكد الدكتور هاشمي أن هذه الإنجازات تحققت في ظروف بالغة القسوة، تحت ضغوط دولية واسعة شملت هجمات عسكرية مباشرة على البنى التحتية المدنية للاتصالات، وهجمات سيبرانية مكثفة، ومنع الوصول إلى التقنيات المتقدمة والشبكات المالية العالمية خلال الحرب الصهيونية المفروضة التي استمرت 12 يومًا.

 

وأشار إلى متانة البنى التحتية وقوة الكوادر البشرية الإيرانية، معلنًا أن إيران جاهزة لتعاون مربح للجانبين مع جميع دول العالم من أجل تنمية رقمية شاملة، وتسعى لرفع حصة الاقتصاد الرقمي إلى 10% من الناتج المحلي الإجمالي.

 

آفاق التعاون الدولي

 

واختتم وزير الاتصالات كلمته مؤكدًا أن التعاون الدولي هو الركيزة الأساسية لتحقيق تنمية رقمية شاملة، وقال: لا يمكن بلوغ هدف رفع حصة الاقتصاد الرقمي إلى 10% من الناتج المحلي الإجمالي دون تعاون عالمي فاعل، وإن الجمهورية الإسلامية الإيرانية ترحب بالتفاعل مع جميع الدول لخلق تآزر في تنفيذ البرامج وتحقيق التنمية الرقمية لصالح شعوب العالم أجمع.

 

وعلى هامش المؤتمر، التقى الدكتور سيد ستار هاشمي، وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات الإيراني، مع رشاد نبي‌اف، وزير التنمية الرقمية والنقل في جمهورية أذربيجان، حيث تناولا تعزيز التعاون في مجالات البنى التحتية، وتنسيق الترددات الإذاعية، وتوسيع الشراكات الفضائية، وتعزيز الأمن السيبراني، وتطوير مسارات ترانزيت البيانات بين البلدين.

 

وقدَّر الدكتور هاشمي، في هذا اللقاء، استضافة جمهورية أذربيجان الاستثنائية لقمة الاتحاد الدولي للاتصالات، وقال: إن العلاقات الإيرانية–الأذربيجانية شهدت في الأشهر الأخيرة، خاصة بعد زيارة رئيس الجمهورية الإسلامية الإيرانية إلى باكو، نموًا ملحوظًا في العديد من المجالات.

 

وأشار إلى متابعة رئيس الجمهورية المستمرة لتطوير العلاقات مع جمهورية أذربيجان، وأضاف: إن إيران وأذربيجان شعبان صديقان منذ القدم تربطهما روابط لا تقطع، والتعاون الرقمي والبنيوي يشكل جزءًا هامًا من المصالح الاستراتيجية للبلدين.

 

كما أشار هاشمي إلى الإمكانيات التكاملية بين البلدين في مجالات الحوكمة الرقمية والشبكات الاتصالية وتطوير المشاريع المشتركة في تكنولوجيا المعلومات، مؤكدًا أن إيران جاهزة تمامًا لتوسيع التعاون في المجالات الفضائية (الأقمار الصناعية)، والبنى التحتية، وترانزيت البيانات، والأمن السيبراني.

 

ترحيب أذربيجاني بتوسيع التعاون الثنائي

 

من جانبه، رحَّب رشاد نبي‌اف، وزير التنمية الرقمية والنقل في جمهورية أذربيجان، بدور إيران البارز في التعاون الإقليمي، وأبدى ترحيبه الكامل بصياغة مذكرة تفاهم مشتركة في مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، وقال: إن هذا الاتفاق يمكن توقيعه خلال لقاء رئيسي البلدين.

 

كما أعلن استعداد بلاده للتعاون في تطوير الأقمار الصناعية الاستشعارية، والأمن السيبراني، والمشاريع الفضائية المشتركة، مشيرًا إلى أن شراء الصور الساتلية والنشاط المشترك في مجال الأعمال الفضائية يتصدران قائمة اهتمامات باكو.

 

 تعزيز التعددية الرقمية؛ محور حوارات إيران والاتحاد الدولي للاتصالات

 

كما التقى وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات الإيراني “سيد ستار هاشمي”، على هامش المؤتمر، بـ”دورين بوغدان مارتن”، الأمينة العامة للاتحاد الدولي للاتصالات ITU، وتباحث معها حول توسيع التعاون بين إيران وهذه المنظمة العالمية الرفيعة المستوى في مجالات البنية التحتية، والذكاء الاصطناعي، والتعددية الرقمية، وأمن الاتصالات.

 

ووصف الدكتور هاشمي، خلال هذا اللقاء، دور الاتحاد الدولي للاتصالات بأنه «المنصة الرئيسية للتنسيق العالمي»، مشيراً إلى إنجازات الجمهورية الإسلامية الإيرانية في قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات والذكاء الاصطناعي، وقال: إن تعزيز التعددية وتطوير التعاون مع المنظمات المتخصصة يُعدّ من أولويات إيران في سياستها الخارجية الرقمية، مؤكداً أن إدارة الأمينة العامة للاتحاد الدولي للاتصالات قد خلقت قدرات جديدة لتعزيز الشمول الرقمي والوصول العادل إلى البنى التحتية للاتصالات.

 

 التعبير عن القلق إزاء الهجمات على البنى التحتية للاتصالات

 

وواصل وزير الاتصالات حديثه بإدانة شديدة للهجمات الوحشية التي شنّها الكيان الصهيوني على إيران، مشيراً إلى الهجمات السيبرانية التي استهدفت البنى التحتية للاتصالات في إيران خلال حرب الـ12 يوماً المفروضة، ووصف هذه الأعمال بأنها تشكّل تهديداً لـ«الأمن الرقمي العالمي». كما طلب الدكتور هاشمي من الأمينة العامة وضع مسألة حماية البنى التحتية للاتصالات في ظروف الحرب ضمن جدول أعمال الاتحاد بشكل جدّي.

 

وأشاد بمشاركة الجمهورية الإسلامية الإيرانية الفعّالة في الاجتماعات وفرق العمل والبرامج المتخصصة للاتحاد، مشيداً بمساهمة الخبراء الفنيين الإيرانيين في الجلسات المختلفة، وقال: إن ممثلي إيران كانوا دائماً حاضرين بفعالية في النقاشات الفنية وسياسات التطوير وتنمية البنى التحتية.

 

 استضافة إيران في عام 2026 وتطوير التعاونات الإقليمية

 

وفي جزء آخر من تصريحاته، أشار وزير الاتصالات إلى استضافة إيران لاجتماع تنمية الاتصالات في إطار مجتمع الاتصالات لآسيا والمحيط الهادئ في عام 2026 بمدينة أصفهان، معلناً أن الجمهورية الإسلامية الإيرانية ستُنظّم هذا الحدث بالتعاون مع المنظمة الآسيوية-الهادئية للاتصالات APT على أكمل وجه.

 

وفي سياق متصل، طرح عدة محاور جديدة لتوسيع التعاون مع الاتحاد الدولي للاتصالات ITU، من بينها تنظيم دورات تدريبية متخصصة لتطوير الموارد البشرية في إيران، وتنفيذ مشاريع مشتركة للتحول الرقمي في المناطق الريفية والمحرومة، وتبادل المعرفة في مجالات سياسات الرقمنة، والاتصالات من الجيل الخامس، وإنترنت الأشياء، والذكاء الاصطناعي.

 

وفي ختام اللقاء، وجّه الدكتور هاشمي دعوة رسمية إلى دورين بوغدان مارتن لزيارة طهران، مؤكداً أن إيران جاهزة لرفع مستوى تعاونها مع الاتحاد الدولي للاتصالات في إطار هيكلي واستشرافي؛ تعاون يمكن أن يسهم في تعزيز الشبكات الاتصالية، وصمودية الرقمنة، وتطوير الاقتصاد الذكي في المنطقة والعالم.

 

التأكيد على دور طهران الفعّال في صياغة سياسات الاتصالات العالمية

 

من جانبها، أعربت الأمينة العامة للاتحاد الدولي للاتصالات، خلال هذا اللقاء، عن شكرها وتقديرها للمشاركة الفعّالة التي تبديها الجمهورية الإسلامية الإيرانية في الاجتماعات واللجان والبرامج المتخصصة للاتحاد، مؤكدةً أن إيران كانت دائماً «أحد الأعضاء المؤثرين» في النقاشات الفنية والسياساتية، وقالت: إن الحضور المنتظم للمتخصصين الإيرانيين في الجلسات وجودة مساهماتهم لعبا دوراً هاماً في دفع أهداف الاتحاد الدولي للاتصالات قدماً.

 

ورحّبت دورين بوغدان مارتن بالمقترحات التي قدمها وزير الاتصالات، معلنةً استعداد الاتحاد لتعزيز التعاون مع إيران في مجالات تنمية المهارات الفنية، وتمكين الموارد البشرية، وتبادل المعرفة في التكنولوجيات الناشئة، وذلك من خلال برامج مشتركة. وأضافت: إن إيران تمتلك قدرات ملحوظة في مجالات الذكاء الاصطناعي، والبنى التحتية للاتصالات، وتطوير الخدمات الرقمية، ويمكنها أن تلعب دوراً أبرز في صياغة المعايير الجديدة والبرامج الدولية.

 

وفي الختام، رحّبت بدعوة وزير الاتصالات لزيارة إيران، مؤكدة أن الحوار الوثيق والتعاون المنتظم بين الاتحاد الدولي للاتصالات والجمهورية الإسلامية الإيرانية يمكن أن يصبح نموذجاً للتنمية المستدامة في قطاع الاتصالات بالمنطقة، وتعزيز الشمول الرقمي في الدول؛ وهو مسار يسهم استمراره في رفع صمودية الشبكات وتطوير الاقتصاد الذكي.

 

 

 

المصدر: الوفاق

الاخبار ذات الصلة