شهدت قاعة «وحدت» بطهران صباح الأربعاء 19 نوفمبر، بالتزامن مع أيام استشهاد السيدة فاطمة الزهراء(س) وأسبوع الكتاب، مراسم نشر تقاريظ قائد الثورة الإسلامية على ثلاثة كتب بارزة في أدب الجهاد والمقاومة، كتب بعنوان «تب ناتمام» أي «الحمّى التي لم تنتهِ»، «همسفر آتش وبرف» أي «رفيق درب النار والثلج» و«خانوم ماه» أي «السيدة القمر»، وكان ذلك يهدف إلى إبراز نماذج واقعية وتوضيح أدوار النساء البطلات الإيرانيات في مسيرة المقاومة، بحضور عوائل الشهداء وكوكبة من الباحثين والمهتمين بالشأن الثقافي.
في الحفل الحادي والعشرين لتكريم أدب الجهاد والمقاومة، الذي انعقد بحضور عوائل الشهداء «حسين دخانجي»، «شيرعلي سلطاني»، «سعيد قهاري» وجمع من الناشطين والمهتمين بمجال أدب الجهاد والمقاومة في قاعة «وحدت» بطهران، في إطار فعالية «البطل» الوطنية، حضر أيضاً حجة الإسلام محمدي كلبايكاني رئيس مكتب قائد الثورة الإسلامية، والدكتور سيد عباس صالحي وزير الثقافة والإرشاد الإسلامي.
تقريظات قائد الثورة على الكتب الثلاثة
– «همسفر آتش وبرف»: جاء في تقريظ قائد الثورة على كتاب «همسفر آتش وبرف» أي «رفيق درب النار والثلج» «بسم الله الرحمن الرحيم هذا عملٌ جديدٌ ومبتكرٌ في تدوين حياة الشهيد وزوجته؛ جذاب ومؤثر. لا شك أن ذكاء الراوي ولغته العذبة كان لهما دورٌ أساسي في جمال تأليفه وروعته، ولكن لا شك أن فنّ الكاتب وإبداعه وابتكاره كان لهما دورٌ بالغ الأهمية. سلام الله على الشهيد القهاري وزوجته الصابرة والحكيمة والشجاعة، وعلى الكاتب الموهوب والفنان».
– «تب ناتمام»: جاء في تقريظ قائد الثورة على كتاب «تب ناتمام» أي «الحمّى التي لم تنتهِ»: «بسم الله الرحمن الرحيم لقد قُدِّم في هذا الكتاب تصوير واضح للألم والمعاناة الموجعة لأحد الجرحى المقطوع النخاع، ولحزن وجهود الأم الصبورة والمتحمّلة بلا نهاية، وكذلك الآخرين من حوله. يجب أن يُقال أحسنت للراوية والكاتبة. سلام الله على الشهيد حسين دخانجي وعلى والدته الصبورة والمفجوعة».
– «خانوم ماه»: جاء في تقريظ سماحة قائد الثورة على كتاب «خانوم ماه» أي «السيدة القمر»: «بسمه تعالى ــ هذا الكتاب كله عشق وإيمان. لقد كشف الكاتب، بما استطاع، من خلال أدب بليغ وذوق متنوع، عن هذا العشق والإيمان. ولكن كلما أصف العشق وأشرحه / حين أصل إلى العشق أخجل من ذلك. إن ما يجب أن نراه بعين القلب أكثر مما قرأناه بعين الوجه. الطبقات الخفية يجب أن تُرى وتُفهم بطريقة أخرى. ربما يساعد الصوت السماوي للحاج شيرعلي عند قراءة دعاء كميل في هذا الأمر، أو دموع زوجة الشهيد على حجر قبره. أحزان هذه السيدة أحزنتني، مثل أحزان وقصص زوجات وأمهات الشهداء الأعزاء الآخرين. لقد قرأت الحالات الروحية والمعنوية للشهيد والمفجوعين به في كثير من الأحيان من وراء ستار الدموع، كما هو الحال في سِيَر حياة شهداء آخرين».
لقطات تذكارية للشهداء في الحفل
تولت المذيعة سحر إمامي تقديم الحفل، حيث عُرض قبل بدء برنامجها مقطع من بثّ مباشر ظهرت فيه وهي تردد التكبير أثناء الهجوم الذي شنّه الكيان الصهيوني على مؤسسة الإذاعة والتلفزيون.
كما عُرضت بعد ذلك لقطات تذكارية للشهيدين اللواء حسين سلامي واللواء مصطفى عبداللهي، إذ كان الشهيد سلامي قد حضر الفعالية الوطنية الأولى «البطل» وتم تكريم الشهيد مصطفى عبداللهي خلالها.
أدب الجهاد والمقاومة يصوّر الأبطال
ثم ألقى مهدي إبراهيم زاده، نائب ورئيس مكتب مؤسسة الثورة الإسلامية الثقافية البحثية، كلمة مقتضبة أشار فيها إلى أهمية الكتابة والأدب في مجال أدب المقاومة، مؤكداً أن الكاتبات في هذا المجال يقدمن نماذج يُحتذى بها لنساء المقاومة في المنطقة والعالم. وقال: اللغة والأدب هما الذاكرة التاريخية للأمم؛ فكما رسّخ الفردوسي الهوية الوطنية لإيران من خلال قادة الشاهنامه الأبطال، يروي أدب الجهاد والمقاومة اليوم بطولات مقاومي عصرنا الذين وقفوا بوجه الظلم والإستكبار.
وأضاف: إن نشر التقريظات من قِبل سماحة قائد الثورة يأتي في إطار اهتمامه الواسع بترسيخ الأسس الثقافية للمجتمع الإيراني، وهي الأسس التي تحمي الأمة من العواصف والأزمات.
أهمية رواية النساء في الدفاع المقدس
وألقى مختاربور، الكاتب والباحث في أدب الدفاع المقدس، كلمة قصيرة أكّد فيها الدور المحوري للنساء في الثورة الإسلامية والدفاع المقدس، مشيراً إلى أن أمهات وزوجات الشهداء والجرحى حملن أعباء لا تقل شأناً عن أعباء المناضلين.
وأوضح بالأرقام أن 6841 امرأة استشهدن في جبهات مختلفة، و5735 امرأة أصبن ونلن مرتبة الجرحى، فيما وقعت 171 امرأة في الأسر، كما سُجّل في التاريخ وجود 197,337 أم شهيد، و61,052 زوجة شهيد، و317,196 زوجة جريح. وبيّن أن الدراسات تشير إلى أكثر من 30 نوعاً من الأنشطة التي أدتها النساء في مجالات خلف الجبهات والعمل الثقافي.
وأكد على أن قائد الثورة لطالما أشاد بقيمة ذكريات النساء الكاتبات، وأن تقريظاته لكتب الدفاع المقدس تؤكد أهمية هذه الأعمال في حفظ الذاكرة التاريخية للأمة.
وشهد الحفل عرضاً مسرحياً مؤثراً أثّر في أجواء القاعة، تلاه إلقاء الشاعر محمد رسولي قصيدة في رثاء أمهات وزوجات الشهداء.
دور النساء في الدفاع المقدس
ثم تحدثت السيدة سارا ترابي نيا، زوجة الشهيد اللواء غلام علي رشيد ووالدة الشهيد أمينعباس رشيد، مؤكدة اهتمامها منذ الصغر بأسر الشهداء، ومشيرة إلى الدور الرئيس للمرأة والأسرة في مسيرة المقاومة.
وقالت: إن الشهداء سلكوا الطريق الذي أكد عليه القادة الدينيون والثوريون عبر مفهوم «نفس الجهاد»، وأن النساء، وخاصة الأمهات، يمثلن الركن الأساسي في المجتمع عبر تربية جيل يؤمن بالمسؤولية والصدق.
وأكدت أن النساء كنّ في طليعة الثورة الإسلامية، بل وسبقن الرجال في المشاركة بالمظاهرات في مشهد، وهو الدور الذي اعتبره الشهيد مطهري حجر الأساس لإنتصار الثورة. وأكدت على مكانة النساء المجاهدات أمثال السيدة دباغ، وتحدثت عن الدور الكبير للأمهات المجهولات اللواتي حملن المهام التاريخية بصمت. وأشارت إلى أن السيدة فاطمة الزهراء(س) والسيدة زينب(س) هما النموذجان الخالدان للمرأة المقاومة.
وتطرقت في جزء آخر من كلمتها إلى مسؤولية الأمهات في تربية الجيل القادم، قائلة: إن تربية أبناء يتحملون المسؤوليات الاجتماعية والسياسية بأمانة وإخلاص هو اقتداء عملي بالصدّيقة الطاهرة عليها السلام.
واختتمت حديثها بالإشارة إلى تواضع ابنها الشهيد حجة الإسلام أمينعباس رشيد، موضحة، أنه لم يذكر يوماً خلال رواية أحداث الدفاع المقدس أنه من أقارب اللواء رشيد حتى لا تُعرف صلته به.
إزاحة الستار عن الكتب
بعد ذلك جاء دور إزاحة الستار عن تقريظات قائد الثورة على الكتب. وقبل الإعلان عنها، عُرض فيلم أُنتج بتقنية الذكاء الاصطناعي حول الشهداء ورسائلهم إلى أمهاتهم وزوجاتهم.
وجرى أولاً إزاحة الستار عن تقريظ كتاب «الحمّى التي لم تنتهِ» المتعلق بالشهيد حسين دخانجي، بحضور أمّه وزوجته وشقيقه. وقد قرأت زوجة الشهيد نص التقريظ الذي أثنى فيه سماحة القائد على الصبر اللامتناهي للأم ورعايتها لهذا الشهيد، وأرسل لها سلامه.
ثم إزاحة الستار عن تقريظ كتاب «السيدة القمر» الذي يروي حياة الشهيد شيرعلي سلطاني، وقرأته زوجة الشهيد، بحضور أسرته. وأشار سماحة القائد في هذا التقريظ إلى الأجواء الروحية التي كان يعيشها الشهيد في مجالس الدعاء، وكيف تركت تلك الروحانية أثراً كبيراً عليه.
وفي الختام، أزيح الستار عن تقريظ كتاب «رفيق درب النار والثلج» حول الشهيد الحاج سعيد قهاري، وقرأته زوجة الشهيد بحضور والدته وأسرته. وقد أشاد سماحة القائد في هذا التقريظ بإبداع الكاتبة وتجديدها.
وفي ختام الحفل، جرى تكريم زوجات وأمهات الشهداء أصحاب الكتب المُقَرَّظَة، وكذلك مؤلفي هذه الكتب، وذلك بحضور حجة الإسلام كلبايكاني رئيس مكتب سماحة القائد، ووزير الثقافة والإرشاد الإسلامي، وزينب سليماني ابنة الشهيد الحاج قاسم سليماني، وعدد من الشخصيات الثقافية.