هناك طرق عديدة يستطيع الآباء من خلالها تربية أبنائهم ليصبحوا أكثر انضباطاً واستقلالية، ومن هذه الطرق التهديد والتخويف، فقد ينتقل هذا الأسلوب التربوي، الذي يُهدد الأطفال في كثير من الأحيان، عادةً من أجداد الأمهات، إلا أنه في المقابل، فإن تهديد الأطفال قد يترك آثاراً سلبية مُختلفة.
قد يُشعر هذا التهديد الأطفال بالرهبة، وقد يُضعف ثقتهم بأنفسهم ويؤثر على شخصيتهم المستقبلية. هناك العديد من الآثار الواضحة لتهديد الأمهات والآباء المتكرر لأطفالهم.
تكرار الأخطاء
أول ما سنلاحظه عند تهديد أطفالنا باستمرار هو أنهم سيكررون نفس الأخطاء، وهذا ليس عبثاً؛ فالأطفال يشعرون أن قواعد الوالدين لا تؤثر عليهم، وقد لا تكون لها قيمة.
هذا التهديد أسلوب قد يكون فعالاً على المدى القصير، لكنه ليس فعالاً على المدى الطويل، لأنه سيتكرر، وسيشعر الأطفال أن القاعدة التي يفرضها آباؤهم لن تؤثر عليهم. بمعنى آخر، سيقولون: “إنه مجرد تهديد، لذا سأكرره”. وهكذا، تصبح هذه الطريقة في التأديب غير فعالة.
الخوف من الوالدين
الأطفال الذين يتعرضون للتهديد المتكرر، يخافون من الوالدين، ويرونهم شخصيات مخيفة؛ بسبب تهديداتهم المتكررة، لذا يمكن أن تؤثر التهديدات المتكررة سلباً على العلاقة بين الأم وطفلها، وذلك لشعورهما بالخوف وافتقارهما للرابط العاطفي.
لذا، إذا لم تكن العلاقة إيجابية، فإن رابطنا العاطفي معهم يصبح ضعيفاً. وفي النهاية، يصبح تواصلنا معهم أيضاً أقل من المثالي.
فقدان ثقة طفلك
إن الآباء الذين يهددون أطفالهم باستمرار سيفقدون ثقتهم تدريجياً، وهي من أسوأ المراحل التي قد يصل إليها الطفل، حيث يفقد ثقته بوالديه، نتيجة تصرّف لا يستطيع الطفل التخلّص من التفكير به. يصبح الطفل دائم التفكير قبل أن يصدّق أي شيء يقوله والداه، أو بأي طريقة يشعر أنها تخيفه، حتى وإن تجاوز الطفل تلك المرحلة، فهو لا يزال يعتقد أن هناك فراغاً كبيراً داخله لا يستطيع أن يملأه بالثقة بوالديه؛ نتيجة تخويفهما له سابقاً، وفي هذه الحالة على الآباء أن يتعلموا المزيد عن كيفية استعادة ثقة أطفالهم.
التغيرات في السلوك
الأطفال الذين يتعرضون للتهديد المتكرر من الآباء، أكثر عرضة لمشاكل سلوكية متنوعة. على سبيل المثال، قد يكبرون ليصبحوا عنيدين أو خائفين في كثير من الأحيان.
قد تختلف المشكلات السلوكية أيضاً، فقد يكونون صارمين للغاية وخائفين، لذا يجب إيجاد طرق فعالة لتأديب الأطفال من دون تهديدهم.
المشاكل العصبية واضطرابات النوم
يُعد التخويف والكذب على الطفل سبباً مباشراً في ظهور المشاكل العصبية لديه، وعلى رأسها التوتر والقلق وعدم الارتياح أثناء النوم، فعندما يقرأ الوالدان قصة مخيفة للطفل تتحدث عن نتائج عدم الطاعة؛ يبدأ الطفل بالتفكير فيها، مما يؤدي إلى أحلام مزعجة وشعور دائم بالقلق. وبدلاً من الاستمتاع بنوم هادئ، يتظاهر الطفل بالنوم فقط لإيقاف التخويف، ويتحول هذا السلوك إلى قلق مستمر؛ ينعكس سلباً على صحته النفسية.
تدني التركيز والتحصيل الدراسي
يؤدي القلق الناتج عن التخويف إلى قلة ساعات النوم الضرورية للطفل، مما يفقده القدرة على التركيز بكفاءة عالية في المدرسة. يؤثر هذا النقص في التركيز بشكل مباشر على تحصيل الطفل العلمي، وقد يلوم الأهل الطفل ويعتقدون أن تقصيره ناتج عن قلة اهتمام، مستبعدين تماماً أن الخوف وعدم انتظام النوم هما السبب الجذري وراء تراجعه الدراسي وقلة تركيزه داخل المدرسة.
فقدان الثقة بنفسه
الطفل الذي يتعرض للتخويف والكذب؛ يفقد الثقة في محيطه، خاصةً والديه. ينتج عن ذلك سيطرة كاملة للخوف والقلق على تفكيره، مما يجعله غير قادر على ترتيب الأفكار واتخاذ أي قرار. يتجنب الطفل اتخاذ القرارات؛ خوفاً من التسبب في مشاكل أخرى، حتى في أبسط الأمور؛ مثل الترتيب لنشاط مدرسي. فالخوف يستهلك الحيز الأكبر من طاقته الذهنية، ويمنعه من التفكير في إيجاد حلول منطقية.
ظهور المشاكل الجسدية
تُعد المشاكل الجسدية من أخطر النتائج المترتبة على التخويف، وأبرزها هو التبول اللاإرادي، الذي يتحول إلى حالة مرضية صعبة السيطرة. عندما يذهب الطفل للنوم خائفاً، ويبقى عقله مشغولاً بالأمر المخيف، يفقد جسمه القدرة على احتباس البول. وقد يصل الخوف إلى نوبات من الهلع. كما يُلاحظ أن الطفل المتعرض للتخويف قد يطور سلوكيات غريبة في مشيه أو حركته، حيث يمشي وهو يلتفت حوله، معتقداً أن شخصاً ما يتبعه أو قد يحاول المشي بطريقة غريبة، كأنه يختبئ من مصدر خوفه.
تذكر الذكريات السلبية
تظل تلك الأكاذيب والقصص المخيفة مرافقة للطفل حتى عندما يكبر ويعلم أنها كانت مجرد وسيلة من الأهل. تتحول هذه المواقف إلى ذكريات سلبية لا يرغب الطفل في تذكرها، ويشعر بالانزعاج العميق منها. وتعد محاولات الوالدين للمزاح لاحقاً وتذكيره بهذه القصص لا تُجدي نفعاً، بل تؤكد أن هذه التجربة تركت أثراً سلبياً في داخله، ولا يرغب في سماعها أو استرجاعها.