في العصر الحديث، أصبحت وسائل الإعلام أدوات قوية لتشكيل أفكار ومشاعر الأجيال، لكن الألعاب الإلكترونية في إيران برزت كأكثر الوسائط استهلاكاً وجذباً للأطفال والشباب وحتى الكبار، متفوقة على الكتاب والسينما. منذ بدايات صناعة الألعاب في العقد الأول من الألفية، دعمت مؤسسات حكومية مثل مركز التنمية الفكرية للأطفال والناشئين والمؤسسة الوطنية للألعالب الكمبيوتر في إيران، إنتاج ألعاب ذات طابع ثقافي وتاريخي، مثل «كرشاسب: مطرقة ثريت»، ومع ظهور سوق الألعاب المحمولة في العقد التالي، ساهم القطاع الخاص في إنتاج ألعاب حققت ملايين التنزيلات، فيما حاولت مؤسسات أخرى مثل منظمة التعبئة إعادة الألعاب الإيرانية إلى الساحة عبر عناوين مثل «سفیر عشق». وبما أننا على أعتاب إقامة مهرجان تسويق الثقافة والألعاب الإلكترونية كجزء من أسبوع الألعاب الوطني في إيران «هفتخوان»، في هذا التقرير نقدّم نبذة عن بعض الألعاب الإلكترونية الإيرانية.
«كرشاسب: مطرقة ثريت»
الأدب والقصص الأسطورية لدينا توفر قدرة جيدة لصنّاع الألعاب، بحيث يمكنهم عبر إدخال خيالهم وإضافة لمسة من الإبداع أن يقدّموا أعمالاً متنوعة ومختلفة من جميع أنحاء العالم إلى كنز ألعاب الفيديو. إذا قلنا لعبة «كرشاسب: كُرز ثریت» أي «كرشاسب: مطرقة ثريت»، أشهر لعبة حاسوب إيرانية بين عامة الناس فلن نكون مخطئين.
هذه اللعبة تُعد من أبرز ألعاب الأكشن الإيرانية، مستوحاة من الأساطير الفارسية. تدور أحداثها حول البطل كرشاسب الذي يسعى للإنتقام لمقتل أخيه على يد هيتاسب واستعادة المطرقة الأسطورية المسروقة. تمتد تجربة اللعب لأربع ساعات، حيث يواجه اللاعب شياطين وزعماء كبار عبر معارك مليئة بالتحدي، باستخدام ضربات خفيفة وثقيلة وضربات مركبة، مع إمكانية ترقية الأسلحة وجمع عناصر لإستعادة الصحة.
اللعبة تتميز بتنوع الأعداء والبيئات، من مدن جافة إلى غابات وجبال وقلعة مظلمة، إضافة إلى مشاهد سينمائية قصيرة تعزز أجواء المواجهة. تشمل اللعبة تفاعلات مثل القفز، تسلق الحواف، اجتياز الفخاخ، وركوب القوارب. من نقاط قوتها التصميم الفني والرسوم التفصيلية، ما جعلها علامة فارقة في تاريخ الألعاب الإيرانية.
«سفير الحب»
لعبة «سفير عشق» أي «سفير الحب» هي عمل أكشن تاريخي من منظور الشخص الثالث، يروي أحداث الكوفة عام 61 هـ.ق، من خلال شخصية مهران الإيراني. تجمع اللعبة بين السرد التاريخي والتفاعل، حيث يواجه اللاعب أعداء متنوعين باستخدام أسلحة مثل السيف والخنجر والدرع والقوس، إضافة إلى تقنيات كالتخفي وركوب الخيل وحل الألغاز. تتميز اللعبة بمشاهد سينمائية طويلة، موسيقى حماسية، وأداء صوتي احترافي. القصة تسلط الضوء على رحلة مهران من الإحباط إلى التضحية، إذ يقف إلى جانب الإمام الحسين(ع) في مواجهة الظلم. «سفير عشق» تقدم تجربة فريدة تمزج بين التاريخ والدراما والبطولة.
«قائد المقاومة: معركة آمرلي»
لعبة «فرمانده مقاومت: نبرد آمرلي» أي «قائد المقاومة: معركة آمرلي» هي لعبة تصويب من منظور الشخص الأول، تروي قصة رامين، ضابط إيراني، وبصير، شاب عراقي فقد أسرته في هجوم داعش، تحت قيادة الفريق الشهيد قاسم سليماني. تضم اللعبة 12 مرحلة و16 بيئة متنوعة تشمل القرى، الصحراء، محطة كهرباء، ملعب، ومدينة آمرلي، وتدور أحداثها في فصول الشتاء والخريف والربيع. يستخدم اللاعب سبعة أنواع من الأسلحة مع إمكانية تخصيصها، إضافة إلى ميزة الدعم الجوي. بفضل محرك Unreal Engine 4 وأكثر من ألف حركة أنيميشن وموشن كابتشر احترافي، تقدم اللعبة تجربة واقعية تمزج بين السرد التاريخي والنضال التفاعلي.
«فیراج»
لعبة «ويراز» أي «فيراج» هي لعبة سباق أندرويدية متعددة الأنماط، تشمل الشرطي واللص، اللعب اللانهائي، اللعب مع الأصدقاء والجماعي. في النمط القصصي، يخوض اللاعب 40 مرحلة متصاعدة الصعوبة، مستخدماً أدوات مثل رذاذ الدخان والنيترو والدعم الخلفي. بعد كل خمس مراحل يواجه خصماً قوياً للانتقال إلى مستويات أعلى. توفر اللعبة في قسم المرآب خيارات واسعة لتخصيص السيارات، من التوربوشارجر والنيترو إلى الألوان والملصقات والجنوط. بيئات اللعبة متنوعة بين الغابات، المدن، الصحاري والسواحل، مع طرق أحادية ومزدوجة الاتجاه. ومن أبرز ميزاتها إدراج سيارات كلاسيكية إيرانية مثل بيكان، سمند وبيجو 206، مما يضفي طابعاً محلياً مميزاً.
الأصالة الثقافية والتقنيات الحديثة
إن استعراض نماذج من الألعاب الإيرانية مثل التي ذكرناها وهناك ألعاب كثيرة أخرى، يكشف عن مزيج فريد يجمع بين الأصالة الثقافية والتقنيات الحديثة. فهذه الأعمال لا تقتصر على الترفيه، بل تحمل رسائل تاريخية، أسطورية ووطنية، وتُظهر قدرة المطورين الإيرانيين على توظيف محركات غرافيكية عالمية، تقنيات موشن كابتشر، وتنوع كبير في أساليب اللعب والبيئات.