صفحة جديدة ومشرقة في العلاقات بين طهران وباكو

قام وزير الخارجية سيد عباس عراقجي، يوم الاثنين، بإجراء زيارة الى جمهورية أذربيجان، وإلتقى خلال هذه الزيارة عدداً من كبار المسؤولين في هذا البلد، وأجرى مشاورات معهم وتبادل وجهات النظر حول العلاقات الثنائية بين طهران وباكو والتطورات الإقليمية والدولية.

وفي أول برنامج عمل له في باكو، إلتقى وزير الخارجية برئيس جمهورية أذربيجان إلهام علييف، وناقش الطرفان أهم القضايا ذات الاهتمام المشترك.

 

في هذا اللقاء، تم تبادل الآراء حول مجموعة من الموضوعات الثنائية، بما في ذلك مسار التفاعلات السياسية، والقضايا المتعلقة بالجوار، وآليات إدارة العلاقات بين البلدين.

 

ونقل وزير الخارجية تحيات رئيس الجمهورية مسعود بزشكيان الحارة إلى رئيس جمهورية أذربيجان، وأكد مع الإشارة إلى الروابط العميقة والمتجذرة بين الشعبين عزم وإرادة الجمهورية الإسلامية الإيرانية على توطيد وتوسيع العلاقات مع جمهورية أذربيجان في جميع المجالات التي تهم الطرفين.

 

وأكد وزير الخارجية، مشيراً إلى أهمية النظرة طويلة الأمد في علاقات الجوار، على دور المشاورات الدبلوماسية المستمرة في تحييد سوء الفهم وإدارة القضايا بين البلدين.

 

من جانبه، نقل رئيس جمهورية أذربيجان تحياته المتبادلة إلى الرئيس بزشكيان، ووصف زيارته إلى باكو بأنها زيارة تاريخية لعبت دوراً مهماً في تعزيز التفاهم وتحسين العلاقات بين البلدين.

 

كما أعرب علييف عن سعادته بالمسار التصاعدي للعلاقات بين البلدين، وأكّد استعداد باكو لاستخدام كل الإمكانيات المتاحة لتوسيع العلاقات. وفي هذا اللقاء أيضاً، شرح عراقجي وجهات نظر الجمهورية الإسلامية الإيرانية بشأن التطورات الإقليمية.

 

كما زار وزير الخارجية السيد عباس عراقجي مقبرة شهداء جمهورية أذربيجان خلال زيارته إلى باكو. وقدّم تحيةً لشهداء هذا البلد خلال هذه الزيارة.

 

*عراقجي يلتقي نظيره الأذربيجاني

 

كما إلتقى عراقجي، نظيره الأذربيجاني جيحون بيرموف، في إطار مشاوراته الدبلوماسية في باكو، وقال وزير الخارجية الإيراني في مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره الأذربيجاني: إن أهم اتفاق توصلنا إليه اليوم هو مواصلة المحادثات والمشاورات وتعزيز التبادلات والزیارات، وأضاف: لدينا العديد من القواسم المشتركة والمصالح في التعاون المتبادل، ولكن بالطبع هناك أيضا خلافات وسوء فهم يجب حلها من خلال الحوار.

 

وأردف عراقجي: خلال العام الماضي، جرت تبادلات وزیارات رفيعة المستوى بين طهران وباكو على الصعيد السياسي وقد أجرى الرئيس “بزشکیان” زيارتين إلى باكو على مدى العام الماضي؛ إحداهما زيارة رسمية ثنائية والأخرى للمشاركة في قمة منظمة التعاون الاقتصادي، وقد قمتُ بهذه الزيارة أيضا، وإن شاء الله، نتطلّع أن نستضیف رئيس جمهورية أذربيجان “إلهام علييف” ووزير الخارجية “جيهون بايراموف”، في طهران.

 

وأضاف عراقجي: هذا هو المسار الذي سلكناه لحلّ أي سوء تفاهم في العلاقات، واليوم قرّرنا أن تبدأ وتستمر اللقاءات والاجتماعات بين مختلف المسؤولين في البلدين.

 

وأكد وزير الخارجية أن إيران لطالما دعمت آلية 3+3 وستواصل دعمها لها في المستقبل، وقال: “يسرنا أن العلاقات بين جمهورية أذربيجان وأرمينيا تسير في مسار جيد. وندعم ونرحب بعملية السلام بين البلدين. من نتائج هذه العملية، اقتراح باكو عقد الاجتماع المقبل لمجموعة 3+3 في باكو، ثم الاجتماع التالي في يريفان. إنه اقتراح جيد، ونحن ندعمه ونعتبره مبادرة جيدة من شأنها تعزيز هذه الآلية وزيادة فعاليتها.

 

وقال عراقجي: إن البلدين (ایران وجمهوریة أذربيجان) جادّان للغاية فيما يتعلّق بالأمن الإقليمي ويؤمنان بالتعاون لضمان أمن المنطقة. وشكّلت آلية “3+3” في هذا الإطار، ويولي الجانبان أهميةً لها. النقطة المهمة هي أن أمن المنطقة يجب أن تضمنه دولها، وأيّ تدخّل خارجي، من أيّ جهة، سيُدمّر وسیزعزع الأمن فيها. هذه نقطة نتفّق عليها، وعلى أساسها سنواصل تعاوننا.

 

*مشروع سكة ​​حديد رشت-أستارا

 

وأكد وزير الخارجية أن مشروع سكة ​​حديد رشت-أستارا يحرز تقدّماً جيدا، قائلاً: هناك تعاون جيد بيننا وبين جمهورية أذربيجان والاتحاد الروسي في هذا المجال، وقد تم تأمين الاستثمارات اللازمة وتم توقيع العقود، ونقوم الآن بالتحضيرات اللازمة لتنفيذ هذا المشروع. ونأمل أن تبدأ عمليات التنفيذ العام المقبل.

 

وأشار عراقجي إلى العدوان على غزة، وقال: نرحّب بأيّ خطوة تؤدّي إلى وقف الجرائم والمجازر ضد الفلسطينيين في غزة، وأيّ عمل يُقدّم المساعدة لشعب غزة، وأي خطوة تؤدي إلى إنهاء احتلال أراضي الشعب الفلسطيني. ونحن نعتقد أنه لا ينبغي لأيّ خطة أن تقوّض الحقّ الواضح للشعب الفلسطيني في تقرير المصير أو تؤثر على سيادته على مصيره أو تنتقص منها.

 

*العلاقات ستتعزز يوماً بعد يوم

 

واستطرد عراقجي قائلاً: عازمون على توسيع علاقاتنا مع جمهورية أذربيجان في جميع المجالات، وعازمون على دفع العلاقات بين البلدين نحو مزيد من التطور والتوسع ويسعدني أنني شهدت اليوم، عزما مماثلا لدى رئيس جمهورية أذربيجان ووزير خارجية هذا البلد. وأنا على ثقة بأن العلاقات بين إيران وأذربيجان ستتعزز يوما بعد يوم، ويجب ألا نسمح لأي طرف آخر بأن يسعى إلى تدمير هذه العلاقة أو دفعها نحو مسار غير مرغوب فيه.

 

*باكو تولي أهمية للعلاقات مع إيران

 

من جهته قال وزير الخارجية الأذربيجاني في المؤتمر الصحفي المشترك: جمهورية أذربيجان تولي دائما أهمية للعلاقات مع إيران على أساس الصداقة وحسن الجوار.

 

وأشار بيراموف قائلاً: العلاقات على أعلى مستوى، ورفيعة، وهناك مسار مستمر نحو تطويرها وتقدمها. تربط بين بلدينا جذور عميقة، ونتشارك في الثقافة والتاريخ والحضارة. وأضاف: «كان عام 2025 عاما مهما للعلاقات الثنائية. السيد بزشكيان زار باكو مرّتين، وتم التوصل إلى اتفاقيات جيدة، واليوم ناقشنا تنفيذ هذه الاتفاقات.

 

وتابع وزير الخارجية الأذربيجاني: تطرقنا اليوم إلى المجالات الاقتصادية وقطاع الطاقة وغيرها، وكذلك إلى التطورات الإقليمية والدولية. وكان اللقاء مثمرا. كما أشار إلى دور اللجنة المشتركة بين البلدين، قائلاً: «المبادلات التجارية بلغت حوالي 650 مليون دولار في عام 2024، والآن وصلت إلى 720 مليون دولار، ونعتقد أن هذا غير كاف، لذلك ناقشنا سبل تعزيزها». وبخصوص مشروع جسر أستارا-تشاي، قال بايراموف: يتم حاليا تنفيذ مشروع أغبند-كلاله ونتوقع افتتاحه مطلع العام المقبل. هذا الجسر سيوفر أكبر طاقة للعبور. لدينا العديد من المشاريع على نهر أرس، أحدها هو خيز قلعة سي. ومن الاتفاقيات أيضا زيادة الرحلات الجوية، بما فيها تشغيل رحلات من تبريز إلى باكو.

 

وأضاف وزير الخارجية الأذربيجاني: لدينا علاقات جيدة على مستوى المنطقة وتطرقنا إلى التطورات الإقليمية، كما ناقشنا المشاريع الثلاثية الأطراف، وسنواصل قريبا المشاورات بشأن جميع القضايا.

 

* صفحة جديدة ومشرقة في العلاقات الثنائية

 

وكان قد كتب وزير الخارجية في مذكرة حول زيارته لجمهورية أذربيجان: يشرفني أن أكون حاملاً رسالة السلام والصداقة وإرادة إيران الراسخة، حكومةً وشعباً، لفتح صفحة جديدة ومشرقة في العلاقات الثنائية مع باكو. هذه الزيارة، التي تأتي استجابةً لدعوة كريمة من وزير خارجية جمهورية أذربيجان الموقّر، ليست مهمة دبلوماسية روتينية، بل تجديدٌ للعهد بتعزيز الروابط التاريخية بين البلدين.

 

وأكد عراقجي قائلاً: تعكس العلاقات بين الجمهورية الاسلامية الايرانية وجمهورية أذربيجان، أبعد من مجرد القرب الجغرافي، سردية عميقة لعلاقة تاريخية وثقافية وحضارية راسخة، متجذرة في الروابط العريقة والراسخة بين شعبي ضفتي نهر أراس.

 

وقال: هذه الروابط العميقة متداخلة في نسيج مجتمعينا، لدرجة يصعب معها تصور التاريخ والأدب والفن والدين والهوية دون بعضها البعض. في هذه السردية، تبدو الحدود السياسية المرسومة مجرد خطوط على خريطة، لكن القلوب والتراث المشترك ينبضان بنغمة واحدة منذ قرون.

 

على صعيد آخر أعلنت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية يوم أمس، أن وزير الخارجية الإيراني يخطط لزيارة هذا البلد. وقالت ماريا زاخاروفا: نؤكّد أنّ الاستعدادات والتجهيزات لهذه الزيارة جارية.

 

المصدر: الوفاق/وكالات