أهم نقطة على مسار الترانزيت في شمال غرب البلاد

الدور الاستراتيجي لمنطقة ماكو الحرة في تطوير ممرات النقل الوطنية

الوفاق/ تحوّلت منطقة ماكو الحرة، خلال السنوات الأخيرة، إلى إحدى أبرز نقاط الربط بين إيران والشبكات الترانزيتية الدولية، وذلك بفضل موقعها الجيوسياسي المتميز، وقدراتها اللوجستية الكبيرة، والمشاريع التحتية الجاري تنفيذها، مما يؤهلها لإحداث تغيير جذري في مسارات النقل عبر البلاد.

وتُجمع تقييمات المسؤولين على المستويين الوطني والإقليمي على أن ماكو ليست مجرد بوابة لدخول إيران إلى الممرات العالمية، بل باتت المحرك الرئيسي لتطوير النقل متعدد الوسائط في شمال غربي إيران.

 

لم يعد دور ممرات النقل في اقتصاد العالم المعاصر بحاجة إلى توضيح. فالدول التي تنجح في استكمال بناها التحتية البرية والسككية والجوية، وتمرير مسارات الترانزيت الإقليمية عبر أراضيها، تحصل على حصة أكبر من التجارة العالمية، وتستثمر إيرادات الترانزيت محركاً قوياً للتنمية.

 

وتسعى إيران منذ سنوات، مستفيدة من موقعها الجغرافي الاستثنائي، إلى تعظيم حصتها من ممري «الشمال – الجنوب» و«الشرق – الغرب». وفي هذا السياق، برزت منطقة ماكو الحرة -أكبر منطقة حرة في إيران وأقرب نقطة إيرانية إلى أوروبا- لتحتل مكانة استراتيجية متميزة.

 

وتؤكد تصريحات المسؤولين، أن هذه المنطقة تجاوزت دورها التقليدي للمناطق الحرة التجارية، لتصبح حلقة الوصل الحيوية التي تربط إيران بأسواق تركيا والقوقاز وأوروبا، ومحوراً لوجستياً ونقلياً استراتيجياً بكل ما تحمله الكلمة من معنى.

 

ماكو.. نقطة الربط الإيرانية بالممرات الدولية

 

لطالما شكّل الموقع الجغرافي لمنطقة ماكو أحد أبرز مزاياها التنافسية الرئيسية. فوجودها على الحدود المباشرة مع تركيا، ومجاورتها لجمهورية نخجوان ذات الحكم الذاتي، جعلها أقصر الطرق البرية الإيرانية إلى أوروبا.

 

وعليه، كرر المسؤولون المحليون والوطنيون التأكيد على أن ماكو تمثل «البوابة الرئيسية» لإيران على ممري الترانزيت «الشرق – الغرب» و«الشمال – الجنوب»، وقادرة على استقطاب حصة كبيرة من الحركة الترانزيتية الإقليمية.

 

وفي هذا السياق، وصف رضا رحماني، محافظ آذربايجان الغربية، خلال اجتماع مشترك مع نائب وزيرة الطرق والتنمية الحضرية، تطوير شبكات الربط في المحافظة بأنه «ضرورة وطنية»، مؤكداً أن الاستفادة من الإمكانات الفريدة لمنطقة ماكو ستتيح للمحافظة لعب دور أكبر بكثير على خارطة الترانزيت الإقليمية.

 

من جانبه، شدد المدير التنفيذي لمنطقة ماكو الحرة على الميزة ذاتها، مؤكداً أن تطوير البنى التحتية في هذه المنطقة ليس مجرد مشروع محلي، بل جزء لا يتجزأ من الاستراتيجية الوطنية الكبرى لإيران لتعزيز حضورها الفاعل والمؤثر في الممرات الترانزيتية العالمية.

 

تعزيز البنى التحتية السككية والطرقية والمطارات

 

لا يمكن تحقيق الدور الترانزيتي لمنطقة ماكو الحرة دون تطوير شامل للبنى التحتية للنقل. وفي السنوات الأخيرة، تم إدراج مجموعة من المشاريع الكبرى الطرقية والسككية والجوية في المنطقة، وإتمامها سيرفع قدرة النقل متعدد الوسائط في المحافظة وفي عموم إيران أضعافاً مضاعفة.

 

وأكد هوشنك بازوند، نائب وزيرة الطرق والتنمية الحضرية، أن محافظة آذربايجان الغربية تتمتع بموقع استثنائي على شبكة النقل الوطنية، وأن جزءاً كبيراً من أهم المحاور السريعة والسكك الحديدية الإيرانية يمر عبرها، مشيراً إلى أن ماكو قادرة على أن تصبح إحدى العقد الرئيسية لربط السكك الحديدية الإيرانية بالشبكات الدولية.

 

ومن أبرز المشاريع المدرجة حالياً:

– مد خطوط السكك الحديدية حتى معبر بازركان الحدودي

– استكمال المحاور الطرقية الرئيسية

– رفع مستوى مطار ماكو الدولي

 

فوصل المنطقة بالشبكة السككية الدولية سيربط إيران مباشرة بشبكة النقل التركية، مما سيختصر زمن وتكلفة نقل البضائع إلى أوروبا بشكل جذري.

 

وفي الجانب الآخر، فإن تحسين الطرق السريعة ورفع معايير السلامة على المحاور عالية الحركة في ماكو مرتبط ارتباطاً وثيقاً بزيادة حجم الترانزيت.

 

إن القدرة التنافسية لإيران في سوق الترانزيت الدولي تعتمد أساساً على السرعة والسلامة وسهولة حركة البضائع، وتطوير ماكو سيمنح البلاد هذه المزايا على المستوى الوطني بأكمله.

 

الأولوية لتأمين الطرق إلى جانب التنمية الاقتصادية

 

لا يقتصر تطوير النقل على إنشاء الطرق والسكك الحديدية فحسب، بل يُعدّ تأمين الطرق الرابطة من أهم الأولويات الوطنية.

 

وفي هذا السياق، أكد ناصر عتباتي، رئيس محكمة استئناف محافظة آذربايجان الغربية، خلال لقائه المدير التنفيذي لمنطقة ماكو الحرة، أن خفض الحوادث المرورية ورفع مستوى سلامة الطرق المؤدية إلى المنطقة يُعدّ «ضرورة ملحّة»، داعياً إلى تكثيف التعاون بين جميع الجهات المعنية.

 

وشدد عتباتي على أن منطقة ماكو ومعبر بازركان الحدودي يؤديان دوراً اقتصادياً محورياً، وبالتالي فإن تأمين المحاور الطرقية سيكون له أثر مباشر على تنشيط التجارة، وتطوير السياحة، وتحسين مستوى معيشة السكان المحليين.

 

يُظهر هذا الموقف أن السلطات القضائية والتنفيذية في المحافظة لا تنظر إلى تنمية ماكو كمشروع تجاري بحت، بل تراه رافعة شاملة للتنمية المستدامة، وتحسين جودة الحياة، ورفع معايير السلامة والرفاهية.

 

إن استكمال الطرق وفق أعلى المواصفات القياسية، وتنظيم حركة المركبات ذات اللوحات الخاصة بالمنطقة الحرة، وتطوير البنى التحتية الخدمية، إلى جانب توسعة مسارات الترانزيت، كل ذلك يرسم معاً صورة متكاملة لمنطقة لوجستية حديثة وعصرية بكل المقاييس.

 

ماكو.. الحلقة الحيوية في مستقبل ترانزيت إيران

 

تُعدّ منطقة ماكو الحرة اليوم واحدة من النقاط القلائل في إيران التي تمتلك في الوقت ذاته القدرة على التوسع السككي والطرقي والجوي معًا، مما يجعلها مركزًا محتملاً للنقل متعدد الوسائط على مستوى عالمي.

 

وكرّر حسين غروسي، المدير التنفيذي لمنطقة ماكو الحرة، أن تطوير البنى التحتية في المنطقة لا يرفع فقط القدرة التنافسية الإيرانية في سوق الترانزيت الدولي، بل يخلق أيضاً مزايا اقتصادية جديدة ومستدامة لمحافظة آذربايجان الغربية وللبلاد ككل.

 

إن رفع الطاقة الاستيعابية لمعبر بازركان الحدودي، وتوسعة المناطق الصناعية والتجارية، وإنشاء مراكز لوجستية متطورة، كل ذلك سيؤدي إلى زيادة ملحوظة في حجم الترانزيت الوارد والصادر عبر إيران.

 

وتتميز ماكو، بمساحتها الشاسعة التي تبلغ نحو خمسة آلاف كيلومتر مربع والتي تجعلها أكبر منطقة حرة في إيران، بأن تؤثر تأثيرًا مباشرًا ومصيريًا على الممرات الدولية الكبرى.

 

وتشهد حركة تبادل البضائع والمسافرين في المنطقة نموًا متسارعًا. ومع استكمال المشاريع التحتية الجاري تنفيذها، ستتحول ماكو إلى أحد الأقطاب الرئيسية للترانزيت في إيران، تمامًا كما هو الحال مع المراكز اللوجستية المتقدمة في الدول المجاورة.

المصدر: الوفاق خاص