قال وزير الثقافة والإرشاد الإسلامي في إجتماع السيدات اللواتي حظيت أعمالهنّ بتقريظ قائد الثورة الإسلامية: إنّ الدفاع المقدس يمتلك أبعاداً نسائية كثيرة، فمع أنّ صورة الحرب عادةً ما تكون ذكورية، إلا أنّ الدفاع المقدس يحمل وجوهاً نسائية مدهشة، وإنّ أحد أبرز ملامحه هو «الوجه النسائي» فيه.
عُقد اجتماع السيدات اللواتي حظيت أعمالهنّ بتقريظ قائد الثورة الإسلامية، بحضور سيد عباس صالحي وزير الثقافة والإرشاد الإسلامي، وزهرا بهروز آذر مساعدة رئيس الجمهورية لشؤون المرأة والأسرة، وعلیرضا مختاربور الباحث وعضو المجلس الأعلى للثقافة العامة، ومحمد محمدیان أمين مكتب حفظ ونشر آثار قائد الثورة الإسلامية، وكان ذلك يوم السبت 13 ديسمبر.
الإهتمام الخاص بأدب المقاومة
وهنّأ وزير الثقافة في بداية الإجتماع بمناسبة ميلاد السيدة فاطمة الزهراء(س)، وقال: لطالما طُرح هذا السؤال: لماذا يولي قائد الثورة الإسلامية إهتماماً خاصاً بأدب المقاومة؟
وأوضح صالحي: إنّ أحد جوانب إهتمامه بأدب المقاومة هو تأثيره في السلوك والتربية الأخلاقية والدينية، وهو بلا شك أمر مهم للغاية، لكنّ فهماً آخر أصبح أكثر وضوحاً بالنسبة لي هذا العام، خصوصاً مع أحداث الحرب الصهيونية المفروضة التي إستمرت 12 يوماً، وهو أنّ إيران كانت دائماً عرضة لمخاطر جغرافية وتاريخية كبيرة، ولذلك نحن بحاجة إلى بنى تحتية أمنية.
وقال وزير الثقافة: إنّ جزءاً من هذه البنى التحتية يتعلق بـ«الأمن الصلب»؛ وهو المسار الذي واصل قائد الثورة الإسلامية متابعته باستمرار، وقد رأينا نتائجه في مجال الصواريخ والطائرات المسيّرة خلال الحرب الصهيونية المفروضة الأخيرة.
وأضاف: إنّ «الأمن الناعم» أيضاً لا يقل أهمية عن الأمن الصلب، فهو يتجلى في تعزيز روح المقاومة، والقدرة على التحمّل الإجتماعي، والصمود في مواجهة هجوم العدو.
تعزيز روح المقاومة
وأكد صالحي على أهمية إعادة إنتاج الذكريات قائلاً: إنّ أدب المقاومة، من خلال إعادة إنتاج الذكريات وتقريب الأجيال الجديدة من زمن ومكان الدفاع المقدس، يمكنه تعزيز روح المقاومة من أجل العزة الوطنية، وخاصة بالنسبة لجيل لم يشهد الحرب، ولا يمكنه الإرتباط بها إلا عبر هذا الطريق.
وأضاف وزير الثقافة: في ظل تزايد التهديدات الخارجية اليوم، تتضاعف أهمية الإهتمام بهذا النوع من الأدب. فأدب المقاومة هو في الحقيقة أدب القدرة على التحمّل الإجتماعي.
وأكد قائلاً: إنّ الدفاع المقدس الذي إستمر ثماني سنوات هو ظاهرة مختلفة، فالتاريخ الإيراني والعالمي شهد العديد من الحروب، لكن نادراً ما نجد حرباً شارك فيها شعبٌ بأكمله، بكل طبقاته وفئاته، بشكل موحّد.
وأوضح صالحي: إنّ الدفاع المقدس كنز مليء بالإشارات التي يمكنها تعزيز القدرة على التحمّل الإجتماعي، وكل شخص يمكنه أن يجد نموذجاً يقتدي به. ومن ميزات الدفاع المقدس أنّه يقدّم تنوعاً كبيراً في النماذج، بحيث يمكنه جذب مختلف الفئات وتكثير القدرة على التحمّل الإجتماعي.
الوجه النسائي للدفاع المقدس
وتابع وزير الثقافة: إنّ أحد أبرز ملامح الدفاع المقدس هو «وجهه النسائي»، فمع أنّ الحروب تُعدّ عادةً ظاهرة ذكورية، إلا أنّ الدفاع المقدس يُعدّ من الحروب القليلة التي كان حضور النساء فيها بارزاً للغاية.
ثم صنّف دور النساء في الدفاع المقدس ضمن ثلاث طبقات: مباشرة، شبه مباشرة، وغير مباشرة، وأضاف: إنّ النساء استطعن لعب دور مباشر في مجالات الإسعاف، والطب، والصحافة، وغيرها.
وقال صالحي: إنّ الدعم والخدمات التي قدّمتها النساء في الطبقة غير المباشرة كان لها دور أساسي أيضاً. وهنا أستشهد بقول الإمام الخميني(رض): «عندما أرى في التلفاز هؤلاء السيدات المحترمات اللواتي يعملن في مرافقة ودعم الجيش والقوات المسلحة، أشعر بقيمة لهنّ في قلبي لا أستطيع أن أخصّ بها أحداً آخر. يجب أن نقدّر هذه النعمة ونقتدي بهؤلاء النساء».
وأضاف صالحي: إنّ الدفاع المقدس يحمل أبعاداً نسائية كثيرة، فمع أنّ صورة الحرب عادةً ما تكون ذكورية، إلا أنّ الدفاع المقدس يحمل وجوهاً نسائية مدهشة. ويجب الإنتباه إلى أنّ ترسيخ الأمن الناعم يحتاج إلى مساهمة أكبر من الشريحة النسائية في المجتمع.
وفي جزء آخر من حديثه، أكد وزير الثقافة على أنّ هناك الكثير من الراويات النساء اللواتي يعملن في مجال أدب المقاومة، وأضاف: إنّ ميزة النساء في الإهتمام بالتفاصيل تجعل رواياتهنّ أكثر قدرة على نقل الدقائق والظروف التي تساعد على تقديم سردٍ أفضل للأحداث.
أهمية الروايات النسائية
وأوضح صالحي: إنّ الفهم الوجودي والتعاطف العميق لدى النساء مع النساء اللواتي ارتبطت حياتهنّ بالحرب بشكل مباشر أو غير مباشر، يجعل الروايات النسائية عن الدفاع المقدس أكثر أصالة وتأثيراً.
وأكد وزير الثقافة أنّ الدفاع المقدس لم يكن حرب الرجال فقط، بل إنّ نصفه على الأقل، وربما أكثر، اكتسب معناه من خلال حضور وصمود النساء. وهذا الوجه النسائي هو من الميزات الفريدة للدفاع المقدس، ويحتاج إلى فهم ورواية دقيقة، والرواية النسائية تقدّم تصويراً أدق وأكثر تأثيراً، ولهذا فإنّ رواياتكنّ – أيتها السيدات – تحظى بهذه الأهمية والمكانة.
تدوين صورة الوطن
وفي ختام حديثه، قال وزير الثقافة: إنّه لا ينظر إلى أدب المقاومة من زاوية أيديولوجية فقط، وأضاف: حتى أولئك الذين لا يملكون إنتماءً دينياً قوياً، إذا علموا ما بُذل من تضحيات لحماية هذه الأرض والوطن، فسيرتبطون بهذه الروايات.
و «وطن نكاري» أي «تدوين صورة الوطن» ستسهم في نهاية المطاف في صمود وبقاء إيران العزيزة. في الختام، قدّم صالحي لوحات تقدير تكريماً لجهود الكاتبات الحاضرات في الجلسة.