الوفاق/
عندما يقترب عيد نوروز يبدأ الايرانيون بتنظيف منازلهم وتجديد اثاثهم وتحضير الحلويات في انتظار قدوم الربيع وحضور الضيوف، ولكي يزول الغبار عن حياة الناس مع بداية العام الجديد ويبدأ الاستقبال بالعام الجديد بأفضل الطرق.
وكذلك عند اقتراب شهر رمضان المبارك او من العقد الاخير من شهر شعبان والذي يبدأ من الحادي والعشرين إلى التاسع والعشرين من الشهر ويسمى بتكريم المساجد.
وفي الثقافة الإسلامية والإيرانية، في كل عام في العقد الأخير من شهر شعبان، والذي يسمى “عقد التكريم للمساجد”، هناك برامج خاصة بهذه الايام الاخيرة من شهر شعبان وتشمل برامج تكريم المساجد عن طريق نفض الغبار من المساجد واستبدال الكتب المستهلكة بكتب جديدة وغسل السجادـ بمشاركة المتطوعين، ، إذ نرى في كل زقاق وشارع هذه الأيام أن بعض الشباب من النساء والرجال يقومون بتنظيف الغبار وغسل السجاد ويرشون العطور في مساجد المدينة وأن “فعل الخير في هذه الأيام المباركة زيادة، وخصوصا إذا تعلق الأمر بتهيئة المساجد”.
يقوم المؤمنون بتهيئة أجواء العبادة لوصول ربيع القرآن؛ كما قال الإمام محمد باقر(ص): «لِکُلِّ شَیْءٍ رَبِیعٌ وَرَبِیعُ الْقُرْآنِ شَهْرُ رَمَضَان»، وكذلك قال الإمام الرضا(ع):إِنَّ اَلْجَنَّةَ وَاَلْحُورَ لَتَشْتَاقُ إِلَى مَنْ يَكْسَحُ اَلْمَسَاجِدَ وَيَأْخُذُ عَنْهَا اَلْقَذَى.
واذا كانت العناية بالمساجد ونظافتها والحرص على اكمال نواقصها وزيادة مقتنياتها هي عملية متواصلة تدوم طوال السنة الا انه لا مانع من الالتفات الى هذا الامر بشكل اكثر في شهر رمضان المبارك الفضيل كنوع من التقدير والتذكير الخاص، فشهر رمضان هو شهر المحبة والعطاء والاندفاع الى فعل الخير والمساعدة.
وقد ورد في القرآن الكريم قوله سبحانه وتعالى (إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ ۖ فَعَسَىٰ أُولَٰئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ) فالعمارة انما تكون بالتشييد وتقوية البناء والعناية به.
وفي جميع المحافظات يقوم اشخاص بمسح وتنظيف وتلميح زجاج النوافذ، وتنفيض الغبار من سجاجيدها وثريات الاضاءة، وقد يتم العمل على ذلك بالاشتراك بين القائمين على هذه المساجد والمواطنين الخيرين والمتبرعين ومسؤولين المساجد الحريصين على بيوت الله، التي تجمع المؤمنين والمصلين ليمارسوا شعائرهم الدينية الاسلامية تقرباً وعبادة لله رب العالمين في هذا الشهر الفضيل وفي الشهور الاخرى ايضا ولتزول الفوارق ما بينهم جميعاً عندما يقفون صفاً واحداً لا فرق بين غني أو فقير في رحاب المساجد.
جذب الشباب للمساجد
والمسجد بالنسبة للشباب في هذه المرحلة هو طوق النجاة، والداعية الناجح هو السباح الماهر الذي يستطيع أن ينتشل هذا الغريق من بين أمواج الفتن والظلمات التي تكتنفه من كل جانب..
وبالطبع لن نستطيع استيعاب دور المسجد في هذا المجال الضيق، ولكننا سنركز على ما يمكن أن يقدمه المسجد للشباب، فالمسجد وحده هو الذي يستطيع أن يقدم للشباب ما عجزت أن تقدمه لهم المدرسة والبيت والشارع ووسائل الإعلام.
يقول علماء النفس في هذا المجال: إن مرحلة المراهقة هي الفترة التي يكون الدين فيها بالنسبة للشاب، هو المخرج والمتنفس الوحيد، الذي يحقق له الأمان من الضغوط النفسية والمشاكل الانفعالية، التي تقع عليه من داخل نفسه وخارجها.
فيجب تحويل المسجد أن “مدرسة ” تعالج فيها موضوعات الساعة وقضايا الشباب، مدرسة تعرض عظمة الإسلام في معالجة مشاكل العصر الاقتصادية والاجتماعية والسياسية.
ومما يزيد من حيوية المسجد وإشعار المسلمين بعظمة الإسلام أن تقدم من خلال المسجد نماذج تطبيقية للسلوك الإسلامي في مجال التكافل الاجتماعي، بأن يقوم المسؤول عن المسجد بتشجيع شباب المسجد بقيادة حملة لاستقبال شهر رمضان الكريم باي نوع من الخدمات.
كل هذا النشاط يمكن أن نقوم به لمزيد من ربط الشباب بالعقيدة الاسلامية من خلال المسجد، ونحن نقدمها كأمثلة ولكنها ليست نظرية، لأنها طبقت وآتت ثماراً طيبة والحمد لله رب العالمين. ولعل بعض الأخوة قد تجاوزوا هذه المرحلة فهنيئاً لهم توفيق الله لهم.
ومن الضروري غرس وتحبيب العادات الدينية والاجتماعية والأخلاقية بشهر رمضان المبارك لدى الأطفال، فهذا الشهر هو الوقت المثالي لتعزيز هذه القيم في نفوسهم، وتنمية المهارات الحركية والذهنية لديهم من خلال الأنشطة وإشراكهم بطريقة تجعلهم يتحمسون ويتشجعون ويحبون هذا الشهر ويمضون الوقت مع العائلة بمتعة وسعادة، التي أكدت أهمية دور الأهل والمدرسة في آن واحد في تعويد الطفل منذ الصغر على تعلم عادات هذا الشهر الفضيل، فقدمت عدة نصائح للوالدين، مؤكدة بأن شهر رمضان المبارك هو فرصة مثالية لتربية الأطفال على القيم الدينية والأخلاقية منذ طفولتهم المبكرة، وفرصة لتهذيب سلوكهم عن طريق اللعب والترفيه والأنشطة المختلفة.
إن ربط الطفل بالمسجد له فوائد كثيرة، له آثار عظيمة عليه، وينبغي على الأب والأم أن يحرصوا على غرس هذه القيم فيمن يربونهم.
وأخذ الطفل إلى المسجد في بعض الصلوات ابتداء من الطفولة، وذلك امتثالا لحديث الرسول(ص) في أمر الأولاد بالصلاة، يعطى الطفل تدريباً عملياً في كيفية الصلاة الصحيحة لأنه يشاهد المصلين وهم يؤدون الركوع والسجود وغيرها من أمور الصلاة.
وغرس معاني الوحدة والتعاون في نفس الطفل حيث يعلم بأن المصلين يقفون في صف واحد يؤدون حركات واحدة ويتجهون اتجاهاً واحداً، كل ذلك يشرح للطفل بطريقة مبسطة تساعده في معرفة قوة ارتباط المسلمين بعضهم بعض.
تعليم آداب المسجد للأطفال
غرس كثير من الآداب الإسلامية حيث يتعلم الطفل عدم رفع الصوت في المسجد، وعدم الركض واحترام الكبير ومساعدته وغيرها من الآداب التي يمكن أن تطبق بشكل عملي.
غرس مفهوم القيادة في الطفل بشكل مبسط حيث ظهرت في الأواني الأخيرة مفهوم الطفل القائد وكيفية غرس هذا المفهوم فيه من خلال بيان دور الإمام وأن جميع المصلين يتبعونه في كل الحركات، وبالتالي يمكن غرس هذا المفهوم فيه بأن يكون قائداً في مدرسته يحث الآخرين على الخلاص الحسنة التي تعلمها في بيته.
غرس مفهوم الطمأنينة والراحة بشكل مبسط بحيث يعلم بأن مكان راحة الإنسان في المسجد والصلاة، ونحاول أن نغرس في الطفل بأنه كلما رأى المسجد شعر بالراحة والطمأنينة، تعويد الطفل على قراءة القرآن الكريم في المسجد منذ الصغر وتعليمه الأذكار البسيطة.
كيفية تربية الأطفال في المساجد
يمكن أن نـجعل في كل مسجد مسئولًا عن تربية الأطفال، يعلمهم آداب المسجد وكيفية المحافظة على نظافته ويعلمهم كذلك كيفية تلاوة القرآن والعقيدة الصحيحة وأحكام الطهارة والصلاة، وباقي آداب الإسلام كآداب الطعام والشراب وأذكار النوم واليقظة ويشجعهم على ذلك ببعض الهدايا البسيطة أو الحلوى، فإن قلوب الأطفال تميل إلى حب من أحسن إليهم، وهذه الهدايا من أفضل وسائل تربية الأطفال. فإذا اعتاد الطفل على أن يحصل على هدية بسيطة في نهاية اليوم لمواظبته على الصلاة في جماعة والتزامه بآداب المسجد كان لهذا أثره العظيم على تحسن سلوك الأطفال في المدارس وفي المنازل وفي الشوارع.