إختتام الدورة التاسعة عشرة للمهرجان بتكريم الفائزين

«سينما الحقيقة».. إحتفاء بالوثائقي وترسيخ مكانة إيران الثقافية

صالحي: إيران «جنّة صنّاع الوثائقي»، لما تمتلكه من تاريخ عريق، وتنوع جغرافي وثقافي، وثراء في الطقوس والممارسات الإجتماعية.

أسدل مهرجان «سينما الحقيقة» الدولي للأفلام الوثائقية ستار دورته التاسعة عشرة مساء الثلاثاء (16 ديسمبر) في قاعة «وحدت» بطهران، وسط حضور رسمي وثقافي واسع، من بينهم «سيد عباس صالحي» وزير الثقافة والإرشاد الإسلامي، و«رائد فريدزاده» رئيس المنظمة السينمائية، و«زينب سليماني» إبنة الفريق الشهيد «قاسم سليماني»، ومشاركة لافتة لصنّاع السينما الوثائقية من داخل إيران وخارجها.

 

وقد جاءت هذه الدورة لتؤكد مرة أخرى مكانة الوثائقي الإيراني كأحد أهم روافد المشهد الثقافي، ولتعكس تنوع التجارب الفنية وتفاعلها مع قضايا المجتمع والذاكرة والهوية. الحفل الختامي لم يكن مجرد إعلان للجوائز، بل كان منصّة فكرية وفنية تجلّت فيها رؤى صنّاع الوثائقي، وتوّجها خطاب وزير الثقافة الذي شكّل محوراً دلالياً مهماً في قراءة موقع إيران في خريطة السينما الوثائقية.

 

إيران جنّة صنّاع الوثائقي

 

افتُتحت مراسم الإختتام بعرض أدائي مصحوب بقصيدة للشاعر «نیما يوشيج»، في مشهد جمع بين الشعر والأداء البصري. وجاءت كلمة وزير الثقافة لتشكل محوراً فكرياً مهماً في الحفل، إذ أكد على أن إيران «جنّة صناع الوثائقي» كما قال الدكتور «محمدرضا أصلاني»، لما تمتلكه من تاريخ عريق، وتنوع جغرافي وثقافي، وثراء في الطقوس والممارسات الإجتماعية.

 

وأشار وزير الثقافة إلى أن السينما الوثائقية الإيرانية استطاعت، رغم الظروف الصعبة، أن تقدّم روايات خالدة عن المجتمع الإيراني، وأن تحفظ ذاكرة البلاد للأجيال القادمة. كما دعا إلى تقدير جهود صنّاع الوثائقي وعدم نسيان تضحياتهم، مؤكداً أن هذه الأعمال تشهد على أن «إيران لا تنحني».

 

جيل جديد وصورة متعددة لإيران

 

وفي نفس السياق، أكد أمين عام المهرجان «محمد حميدي مقدم» على بروز جيل جديد من السينمائيين الشباب في الدورة الحالية، مشيراً إلى تنوع الأفلام وقدرتها على تقديم صورة متعددة لإيران والعالم. واعتبر تجربة إنتاج فيلم في غزة مثالاً على دور الوثائقي في نقل أصوات الشعوب في الأزمات.

 

ذاكرة وطنية وحضور وجداني

 

خصص المهرجان قسماً خاصاً بعنوان «إيران»، تناول تاريخ البلاد وثقافتها، كما استعاد أحداث الحرب الصهيونية المفروضة الأخيرة، في حضور عائلات الشهداء. وقد اعتُبر هذا القسم تجسيداً لوحدة الإيرانيين في مواجهة المحن، وتأكيداً على دور السينما الوثائقية في حفظ الذاكرة الوطنية.

 

تنوع في الموضوعات وحضور فلسطيني بارز

 

شهدت الأقسام الدولية تنوعاً كبيراً في الموضوعات والأساليب. ففي مسابقة غزة، فاز فيلم «ملاحظات حول المنفى» بجائزة لجنة التحكيم، بينما تقاسم فيلمي «بازي إدامه دارد» أي «اللعبة مستمرة» و«غزه كودكي به يغما رفته» أي «غزة.. الطفولة المسروقة» جائزة أفضل فيلم.

 

وفي القسم الدولي للأفلام القصيرة والمتوسطة، فاز «أصواتي از برتكاه» أي «أصوات من الهاوية» بالجائزة الخاصة، بينما نال فيلم «بناهجويان» أي «اللاجئون» الشارة الخاصة. أما جائزة أفضل وثائقي متوسط، ذهبت إلى فيلم «كوروش»، في حين فاز فيلم «بز 501» أي «ماعز 501» بجائزة أفضل فيلم وثائقي طويل، وتوّج «كسوف ماه سرخ» أي «خسوف القمر الأحمر» بالجائزة الخاصة.

 

كما مُنحت تماثيل الشهيد آويني الذهبية والفضية والبرونزية لثلاثة أعمال بارزة، وتوزعت الجوائز الوطنية على عدد من الفئات، وتمّ تقديم جائزة «جندي الوطن» بحضور زينب سليماني، إلى الأميرال ناصر سرنوشت، الشخصية الرئيسية في فيلم «عمق الميدان»، وفي الختام، فاز فيلم «كابوك» بجائزة أفضل فيلم من منظور الجمهور.

 

 مكانة السينما الوثائقية

 

جاء ختام الدورة التاسعة عشرة لمهرجان «سينما الحقيقة» ليؤكد مرة أخرى مكانة السينما الوثائقية في المشهد الثقافي الإيراني، وليرسّخ حضورها كأداة فاعلة في حفظ الذاكرة وتعزيز الهوية والإنفتاح على العالم. وقد عكس المهرجان، من خلال برامجه وكلمة وزير الثقافة، رؤية واضحة لدور الوثائقي في صياغة الوعي الثقافي، وتقديم سرديات صادقة عن الإنسان والمكان.

 

 

المصدر: الوفاق