كبرى أميري
وفي لقاء مع الضيوف الأجانب الذين شاركوا في المعرض، أعلن رئيس مركز قيادة هيئات تطوير الاقتصاد القائم على المعرفة ورئيس المعرض الثالث عشر للمعدات والمواد المخبرية والاختبار والفحص المتقدم “إيران ساخت” عن الجاهزية لتنظيم معارض حضورية وإنشاء منصات إلكترونية بهدف توسيع تصدير الشركات القائمة على المعرفة.
وأشار عبدالحسن بهرامي إلى الإمكانيات المتاحة لتطوير تصدير المنتجات القائمة على المعرفة، وقال: إن الجمهورية الإسلامية الإيرانية حالياً، من خلال غرف التجارة في القطاع الخاص، تتمتع باتصالات نشطة مع العديد من الدول بما فيها باكستان وبعض الدول الأخرى في المنطقة؛ لكن يجب تعزيز آلية تحديد الطلب. وأضاف: توجد في إيران الجاهزية لتقديم جزء من الشركات القوية والناجحة في التصدير من “إيران ساخت” في بعض الدول المستهدفة التي تمتلك القدرة اللازمة، في إطار معارض حضورية. ومن بين هذه الدول يمكن الإشارة إلى العراق، وفي حال توفر الشروط، ستتكرر هذه التجربة في الدول الأخرى التي أعلنت جاهزيتها أيضاً.
رئيس معرض “إيران ساخت”، أشار إلى نشاط التجار الإيرانيين في الأسواق المستهدفة، وقال: حالياً، يعمل عدد من تجارنا في هذه الدول في مجال التبادل التجاري، ويقومون بالتصدير، بل ويتابعون حتى عملية التسجيل وتسجيل معلومات المنتجات في الدول المستهدفة. وفي هذا السياق، تم وضع موضوع تنفيذ تطبيق إلكتروني في معرض “إيران ساخت” على جدول الأعمال، يحتوي على كتالوغات المنتجات باللغة الإنجليزية، ومعلومات القدرة التصديرية للشركات وتعريفها، وتكون هذه المعلومات متاحة باللغتين الإنجليزية والعربية.
وأعرب بهرامي عن أن “إيران ساخت” يمتلك الجاهزية اللازمة للدخول الموجه إلى السوق العراقية، قائلاً: نحن جاهزون لدعوة جزء كبير من الشركات التي تمتلك الأرضية والقدرة اللازمة للحضور في معرض العراق. إلى جانب المعرض الحضوري، تم التخطيط أيضاً لإنشاء فضاء إلكتروني وافتراضي، حتى تتشكل الاتصالات الأولية والروابط وحتى الوكلاء الأوائل للشركات في السوق المستهدفة قبل إقامة الحدث، مؤكداً على ضرورة التعرف الدقيق على احتياجات الأسواق المستهدفة التكنولوجية. وتابع: يجب جمع معلومات مفصلة ودقيقة عن الاحتياجات التكنولوجية التي توجد حالياً في الجامعات والمختبرات في دولة العراق، حتى نتمكن من إدارة الشركات بما يتناسب مع هذه الاحتياجات، وإعدادها بشكل موجه للحضور في هذا السوق. وأضاف: توجد هذه الجاهزية أيضاً لتنظيم فعاليات مشابهة في الدول المجاورة الأخرى، بما فيها باكستان وأفغانستان، بل إنه حتى في ظروف الضغط والقيود يمكن تنفيذ هذه الفعاليات.
وفي الختام، أكد بهرامي: نأمل أن نتمكن، من خلال عقد جلسات مشتركة مع الشركات المنتجة، وكذلك الاجتماعات التي تعقدونها أنتم مع شركاتنا، من الوصول إلى خلاصة واضحة، وحدث إيجابي، ومسار مستدام لتطوير تصدير المنتجات القائمة على المعرفة من “إيران ساخت”.
الاكتفاء الذاتي في إنتاج أجهزة “الميكروسي تي”
إلى ذلك، أشارت مديرة التسويق والمبيعات في شركة “متين بهين نكاره” إلى مشاركة الشركة في المعرض الثالث عشر لـ”إيران ساخت”، وقالت: إن الشركة تشارك في هذه الدورة من معرض “إيران ساخت” بمنتجين هما “ميكروسي تي LOTUS-NDT” و”ميكروسي تي LOTUS-inVivo”، وكلا المنتجين يُستخدمان في مجال التصوير المتقدم في الصناعة والطب.
وبشأن المنتج ميكروسي تي الصناعي، أوضحت فائزة شالباف زاده: إن جهاز الميكروسي تي هو جهاز تصوير ثلاثي الأبعاد متقدم يعمل بآلية مشابهة لأجهزة التصوير المقطعي المحوسب السريرية CT Scan، لكنه يتميز بدقة وضوح ودقة على مستوى الميكرون. في هذا الجهاز، يتم مسح العينة المستهدفة دون أي إتلاف أو تدمير، وتُقدم النتائج في صور ثنائية الأبعاد وثلاثية الأبعاد. وأضافت: يقدم هذا المنتج، كجهاز مكتبي، صوراً ذات جودة استثنائية، مع نسبة تباين إلى ضوضاء عالية ودقة وضوح مرتفعة، عند جرعة إشعاعية مثالية. كما أن إمكانية تعديل التكبير وحقل الرؤية في الجهاز تجعله مناسباً تماماً لتصوير العديد من العينات الصغيرة بدقة تصل إلى 2 ميكرون.
وأشارت مديرة التسويق والمبيعات في الشركة أيضاً إلى تطبيقات هذه التقنية في الصناعات الدفاعية، قائلة: في مجال الصناعات الدفاعية، يُعد أحد التحديات دخول الدوائر المتكاملة “الآي سي” المزيفة أو تلك التي تحتوي على تروجانات أجهزة. وإن الكشف عن هذه الحالات بالطرق التقليدية غالباً ما يتطلب تدمير العينة، وهو أمر مكلف ويؤدي إلى إهدار الموارد العملية، لكن باستخدام جهاز الميكروسي تي يمكن فحص الهيكل الداخلي للدائرة المتكاملة ثلاثي الأبعاد دون إلحاق أي ضرر بها، وتحديد ما إذا كانت مزيفة أو تحتوي على تروجان بدقة عالية.
وأكدت شاليباف زاده على القدرة التنافسية لهذا المنتج، وقالت: على المستوى العالمي، تعمل شركات كبرى ذات تاريخ طويل في هذا المجال، لكن النموذج الإيراني، رغم جودته المنافسة، يُعرض بسعر أقل بكثير من النماذج الأجنبية. وإن سعر هذا الجهاز أقل بنسبة تزيد على 50% من النماذج المشابهة الأجنبية، وهذا الأمر يؤدي إلى توفير عملي كبير للبلاد.
توطين جهاز الملاحة بنصف سعر نظيره الأجنبي
هذا ونجحت إحدى الشركات القائمة على المعرفة، المشاركة في المعرض الثالث عشر لـ”إيران ساخت”، في توطين جهاز الملاحة “النافيغيشن” بنصف سعر النظير الأجنبي؛ يعمل هذا المنتج كدليل مسار في جراحات الدماغ والأذن والحنجرة والأنف، ويقلل من مخاطر الجراحات عالية الخطورة.
وقالت بريسا نصراللهي، موظفة قسم المبيعات في شركة معدات طبية: إن شركتنا مجموعة قائمة على المعرفة، ولديها حالياً منتج رئيسي واحد. هذا المنتج هو جهاز ملاحة جراحية يُستخدم كنوع من دليل المسار في جراحات أورام الدماغ، وكذلك في جراحات الأذن والحنجرة والأنف والوجه. وأضافت: يُثبت هذا الجهاز في غرفة العمليات على رأس المريض، ويُظهر للجراح أفضل وأمن مسار للوصول إلى الآفة مع أقل قدر من المخاطر.
وأشارت نصراللهي إلى مزايا هذا المنتج، وقالت: إن شركتنا المنتج الوحيد لهذا الجهاز في إيران، وسعره يبلغ نحو نصف سعر النماذج الأجنبية المشابهة، إضافة إلى ذلك، يتمتع الجهاز بجانب تعليمي، وله تطبيقات تعليمية لطلاب الطب والمقيمين “الرزيدنت”.
وأوضحت: قبل إنتاج هذا الجهاز، كان الأطباء يجرون الجراحات اعتماداً فقط على صور الرنين المغناطيسي MRI والتصوير المقطعي CT، ورغم معرفتهم بحدود الورم، كان هناك احتمال حدوث إصابات وعوارض غير مرغوبة للمريض. لكن باستخدام هذا الجهاز، يستطيع الجراح الوصول مباشرة إلى الآفة المستهدفة من نقطة محددة وبأقل قدر من التدخل الغازي.
وأشارت موظفة قسم المبيعات في شركة إلى أهمية هذه التقنية في عمليات أخذ العينات، قائلة: في الجراحات مثل الخزعة “البيوبسي” التي لا يكون نوع نسيج الورم فيها معروفاً، تواجه المريض مخاطر كبيرة، لكن هذا الجهاز يقلل من مستوى المخاطر بشكل ملحوظ. وأعربت عن وقت إنتاج هذه التقنية والدعم المستلم قائلة: بدأ الابتكار والتصميم لهذا الجهاز منذ عام 2005، وحتى الآن تم إجراء نحو 12 ألف عملية جراحية باستخدامه. حالياً، يستخدم 180 جراحاً في 120 مستشفى في البلاد هذا الجهاز.
مجهرات نانومترية تنافس نظيراتها اليابانية والأمريكية
كما نجح التقنيون الإيرانيون، من خلال إنتاج مجهرات نانومترية من نوع AFM وTEM، في إدخال إيران إلى قائمة الدول القليلة المنتجة لهذه المعدات المتقدمة.
وصرّح عباس شاه مرادي، المدير التنفيذي لشركة “آرا بجوهش”: إن الشركة، التي تمتلك أكثر من 20 عاماً من الخبرة في إنتاج المعدات النانومترية، هي المنتج الوحيد في البلاد لجهاز مجهر القوة الذرية AFM المتقدم ومجهر الإلكترون النافذ TEM. وأضاف: بما أن AFM وTEM يُعدان من أبرز الأدوات الأساسية في المشاريع النانوية، فإنهما لا يقتصران على إمكانية رسم الطوبوغرافيا والتصوير على المستوى الجزيئي والذري فحسب، بل يمكنهما أيضاً تحديد الخصائص الفيزيائية والكيميائية والميكانيكية والإلكترونية والمغناطيسية للمواد على المقياس النانوي.
واستطرد شاه مرادي قائلاً: في العالم، لا توجد سوى ست دول تنتج AFM وثلاث دول تنتج TEM، والأجهزة المحلية الصنع قادرة تماماً على منافسة نظيراتها الأجنبية من حيث الأداء والكفاءة والجوانب الاقتصادية.
وأجاب على سؤال حول تطبيقات مجهري القوة الذرية والإلكترونية في المشاريع النانوية قائلاً: إن هذه المجهرات أدوات أساسية للباحثين في مجال النانو، وتوفر إمكانية مراقبة وتحليل العينات بدقة على المقياس النانومتري؛ أي ألف مرة أكثر من المجهرات العادية. وتجد هذه الأجهزة تطبيقات في مجالات الطب والحيوية والهندسة، وتمكن الباحثين من فحص أعمالهم العملية بدقة متناهية.
وأضاف المدير التنفيذي للشركة بشأن الإنتاج العالمي لـTEM وAFM: في العالم، يتم إنتاج المجهر الإلكتروني فقط من قبل اليابان وأمريكا، ونحن المنتج الثالث لهذا المنتج. وعن السعر والمنافسة مع العينات الأجنبية، قال: تُعرض الأجهزة المصنوعة داخلياً بسعر أقل من نظيراتها الأجنبية “أرخص بنسبة 40%”، وقد قمنا بتصديرها إلى عدة دول مجاورة.
روبوت لغسل الألواح الشمسية
ونجحت شركة تقنية إيرانية، من خلال إنتاج روبوت غسل أوتوماتيكي للألواح الشمسية، في تعويض انخفاض الكفاءة بنسبة 5 إلى 10% في المحطات الكهربائية، وأدخلت هذا المنتج المحلي إلى السوق بسعر أقل بنسبة 40% من النظير الأجنبي منذ عام 2023.
وقال حامد نظربور، نائب رئيس تطوير الأعمال في شركة “موج فناوری هوشمند”: مع الأخذ في الاعتبار الظروف الحالية في البلاد في مجال الطاقة ونقص الكهرباء، زاد تطوير المحطات الشمسية، خاصة على المستويات المنزلية والصناعية، لكن أحد التحديات الجدية لهذه المحطات هو انخفاض إنتاجية الألواح بسبب التلوث وعدم وجود حلول مناسبة للغسل التلقائي.
وأضاف: حالياً، يتم تنظيف الألواح الشمسية في معظم الأحيان يدوياً أو باستخدام مغاسل منزلية عادية، وهذا الأمر يستهلك وقتاً طويلاً ولا يحقق الكفاءة المطلوبة. منتجنا هو روبوت غسل أوتوماتيكي صُمم بالكامل من قبل فريق البحث والتطوير في الشركة، وهو قادر – بفضل استهلاكه الأقل للمياه، وخدمات ما بعد البيع الأفضل، وسعره الأدنى مقارنة بالنماذج الأجنبية – على حل هذه المشكلة بفعالية كبيرة.
وأشار نظربور إلى تأثير تلوث الألواح على أداء المحطات الشمسية، وقال: إن اتساخ الألواح قد يؤدي إلى انخفاض إنتاجية المحطة بنسبة تتراوح بين 5 و10 في المئة. ويساهم هذا الروبوت، من خلال الحفاظ الدائم على نظافة الألواح، في تعويض هذا الانخفاض، ويرفع مستوى إنتاج الكهرباء إلى أعلى درجة ممكنة.
وأشار نائب رئيس تطوير الأعمال في الشركة أيضاً إلى دور الطاقات المتجددة في تقليل عدم توازن الطاقة في البلاد، قائلاً: وفقاً للتقديرات، سيتم بناء حوالي 10 غيغاواط من المحطات الشمسية في البلاد بحلول العام المقبل. ويشمل هذا الحجم من المحطات عدداً كبيراً جداً من الألواح الشمسية، والتي ستتعرض لانخفاض في إنتاج الكهرباء في حال عدم صيانتها بشكل مناسب، حيث يساعد روبوت غسل الألواح الشمسية الذي أنتجناه في الحفاظ على نظافة هذه الألواح دائماً، وبالتالي زيادة إنتاج الكهرباء الشمسية في البلاد.
وعن حالة تسويق هذا المنتج تجارياً، أوضح: إن هذا الروبوت في طريقه ليصبح منتجاً قائماً على المعرفة، وجارٍ إنهاء المراحل النهائية للحصول على التصديق الرسمي لذلك. وتم تسجيل براءة الاختراع الخاصة به، وتم تنفيذ كامل عملية البحث والتطوير داخل الشركة.
ورغم أن نماذج أجنبية لهذا المنتج كانت تُستورد إلى البلاد سابقاً، إلا أننا نجحنا في إنتاج النموذج المحلي بسعر أرخص بنحو 40%.
وختم نظربور حديثه مشيراً إلى إن هذا المنتج دخل مرحلة التسويق التجاري منذ عام 2023، وبيع منه حتى الآن سبعة أجهزة، تم تركيبها وتشغيلها في محطات شمسية بمحافظتي قم ويزد.
“إيران ساخت” رمز الابتکار والاكتفاء الذاتي
يذكر أن معرض “إيران ساخت”، الذي يركز على المعدات والمواد المخبرية والاختبار والفحص المتقدم، يُعدّ منصة حيوية لعرض إنجازات الشركات الإيرانية القائمة على المعرفة. ويجمع هذا الحدث بين مئات الشركات المحلية والضيوف الأجانب، ليبرز قدرات إيران في توطين التقنيات المتقدمة، وتقليل الاعتماد على الواردات، وتعزيز التصدير إلى الأسواق الإقليمية. من الأدوية الحيوية والمجهرات النانومترية المنافسة عالمياً، مروراً بروبوتات الطاقة الشمسية وأجهزة التصوير الطبي والصناعي عالية الدقة، وصولاً إلى أنظمة الملاحة الجراحية الدقيقة، يظهر المعرض كيف حولت الشركات الإيرانية القائمة على المعرفة التحديات إلى فرص، محققة إنجازات علمية كبيرة، ومنتجات أرخص بنسب تصل إلى 50% مقارنة بالنماذج الأجنبية، دون التفريط بالجودة أو الأداء.



