أكد رضا صالحي اميري، وزير التراث الثقافي والسياحة والحرف اليدوية الايراني، أن التراث المشترك للشعوب منصة للتقارب والحوار وتعزيز السلام الثقافي، وقال: إن مفاخر المنطقة وإنجازاتها العلمية والثقافية وتقاليدها العريقة تتجاوز الحدود الجغرافية، فهي تربط الشعوب، ومسؤوليتنا هي اكتساب فهم أعمق وتقديم هذا الرصيد الحضاري للعالم على النحو الأمثل.
وأُقيمت الليلة الثقافية الإيرانية الكازاخستانية مساء أمس الاثنين، في مجمع “نياوران” الثقافي والتاريخي بحضور صالحي أميري، وزير التراث الثقافي والسياحة والحرف اليدوية، وأونتالاب أونالباييف، سفير جمهورية كازاخستان لدى إيران، ومجموعة من سفراء الدول الأجنبية، وأعضاء بمجلس الشورى الإسلامي، وشخصيات ثقافية.
وفي هذه المناسبة، رحّب الوزير صالحي أميري بسفير جمهورية كازاخستان وسفراء الدول الأخرى، معربًا عن سعادته بإقامة الفعالية الأولى ضمن سلسلة برامج وزارة التراث الثقافي والسياحة والحرف اليدوية بعنوان “تراث مشترك، رابطة مستدامة”، وقال: “لحسن الحظ، تُعدّ هذه الفعالية بدايةً لمسيرة هادفة في الدبلوماسية الثقافية للجمهورية الإسلامية الإيرانية، ويسرّني أن تكون بداية هذه المسيرة مع كازاخستان؛ الدولة التي تربطها بإيران روابط ثقافية وتاريخية عميقة، والتي حُفظ فيها تراث أجدادنا المشترك كأمانة ثمينة لنا اليوم“.
وأضاف، مشيرًا إلى التجارب الناجحة السابقة في تسخير إمكانات الثقافة والفن للتواصل بين الأمم: “لقد لاقى عرض أوركسترا أرمينيا الفيلهارمونية السيمفونية بجوار آثار تخت جمشيد (برسبوليس) ترحيبًا واسعًا من الشعب، مما أظهر أن لغة الثقافة والفن لغةٌ نافذةٌ ودائمةٌ وعابرةٌ للحدود“.
وشدد وزير التراث الثقافي على مكانة تقاليد ليلة يلدا (اطول ليلة في العام) في الذاكرة الثقافية للمنطقة، قائلاً: “تُعدّ يلدا أحدى أقدم وأجمل الموروثات المشتركة التي نملكها مع دول المنطقة؛ إرثٌ ربط شعوب هذه الأراضي لقرونٍ حول النور والدفء والمحبة والأمل، ولا يزال يحمل رسالة التضامن والاستمرارية الثقافية“.
واعتبر صالحي أميري حضور سفراء من دولٍ مختلفة، وأعضاء مجلس الشورى الإسلامي، وشخصياتٍ ثقافيةٍ بارزةٍ في هذا الحدث دليلاً على أهميته، وقال: “يعكس هذا المستوى من المشاركة الدبلوماسية والثقافية المكانة الرفيعة للفعاليات الثقافية في تعميق العلاقات بين الأمم وتعزيز التفاعلات الإقليمية“.
وفي إشارة إلى التسجيل المشترك لملف إحياء ذكرى العالم “فارابي” بين إيران وكازاخستان لدى اليونسكو، قال: “إنه لمن دواعي الفخر أن إيران وكازاخستان قدّمتا معًا ملف إحياء ذكرى “فارابي” إلى اليونسكو، ما يُجسّد رسميًا هذا الرابط الثقافي والتاريخي العميق. تُعدّ هذه التجربة الناجحة نموذجًا قيّمًا لتحديد وتنفيذ مشاريع ثقافية مشتركة مع دول أخرى في المنطقة والعالم؛ وهو المسار الملهم نفسه الذي سُلك سابقًا في التسجيل العالمي لعيد النوروز.”
ووصف وزير التراث الثقافي عيد النوروز بأنه أقدم وأجمل تراث مشترك لشعوب المنطقة، وأضاف: “أُعلن بكل فخر أن الجمهورية الإسلامية الإيرانية ستستضيف اجتماع وزراء السياحة والاحتفال العالمي بعيد النوروز في طهران بداية العام 1405 هـ.ش (يبدا في 21 اذار/مارس)، وادعو السفراء لتسهيل حضور الشخصيات الثقافية والنخبوية من بلدانهم في هذا الحدث الدولي.”
وأوضح صالحي أميري، في معرض شرحه لرؤية إيران الاستراتيجية للتراث المشترك، قائلاً: “أؤمن بأن التراث المشترك جسرٌ يربط الأمم، لا جدارٌ يفصل بينها أو عاملٌ للانقسام. لذا، من واجبنا أن نتعرف على هذا التراث بشكل أفضل، وأن نفهمه بعمق، وأن نقدمه للعالم على النحو الأمثل“.
وأضاف: “إن احتفالات النوروز، واليلدا، ومهرجان “مهركان”، وعشرات الاحتفالات القديمة الأخرى، إلى جانب الشخصيات العلمية والثقافية البارزة، وغيرها من مظاهر التكريم الحضاري، لا تقتصر على حدود جغرافية، بل شكلت فضاءً حضارياً واسعاً يُمكن تسميته بحق “أرض المحبة“.
وفي إشارة إلى الأهداف العملانية لهذا الحدث، قال وزير التراث الثقافي: “هدفنا من تنظيم الليلة الثقافية الإيرانية الكازاخستانية هو دراسة أحدث التحديات والفرص في مجال تطوير المسارات السياحية، وتبادل السياح، وتوسيع نطاق التعاون في مجال التراث الثقافي، والتعريف بالحرف اليدوية للبلدين. وآمل أن نشهد، كما حدث في طهران، تنظيم هذا الحدث في جمهورية كازاخستان أيضاً“.