جاء ذلك في كلمة القاها السفير جلالي يوم الثلاثاء في مراسم احياء ذكرى استشهاد الفريق قاسم سليماني، بمبادرة من الحركة الشعبية “عموم روسيا” ، تحت عنوان “الوحدة الروحية لشعبي روسيا وإيران”.
وفي هذه المراسم، التي أقيمت بحضور نخبة من المثقفين الروس، أشار جلالي، في معرض حديثه عن ذكرى استشهاد الفريق قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس في الهجوم الإرهابي الأمريكي يوم 3 كانون الثاني/يناير عام 2020 قرب مطار بغداد، إلى أن الشهيد سليماني ازداد شهرةً بعد استشهاده، وتفاقم أثره في المجتمع الإنساني.
وقال السفير الإيراني لدى روسيا: “كان الشهيد سليماني محاربًا ورجلًا نقيًا ناضل دائمًا من أجل مبادئه؛ كان أحد أبرز الشخصيات الإيرانية التي تلقت تدريبها ونشأت وانضمت إلى الحرس الثوري لحماية وطنها خلال حرب صدام المفروضة على الجمهورية الاسلامية الايرانية لمدة ثماني سنوات (1980-1988)، ثم أصبح قائدًا عسكريًا بارزًا وجنرالًا عظيمًا”.
وتساءل جلالي: “ضد من كان الشهيد سليماني يقاتل في نهاية حياته؟ هل يُنكر أحد أن الشهيد سليماني كان يقاتل الإرهابيين فقط؟”.
وأكد جلالي أن “الدفاع عن الإنسانية كان ذا أهمية بالغة للشهيد سليماني”، مذكّراً: قد يظن البعض للوهلة الأولى أن الشهيد سليماني، لكونه شيعياً، كان يسعى بالدرجة الأولى للدفاع عن الشيعة في العراق، لكن هذا لم يكن صحيحاً، فقد سعى للدفاع عن الإنسانية جمعاء.
وأشار السفير الإيراني لدى روسيا إلى أن “الشهيد سليماني دافع عن المسلمين الشيعة والسنة وكذلك الإيزيديين، وغيرهم”.
وأضاف: “حدث هذا أيضاً داخل سوريا؛ فقد دافع الشهيد سليماني عن الشعب السوري”.
وفي إشارة إلى دعاية الدول الغربية خلال صعود الإرهاب في العراق وسوريا، قال جلالي: “ادعى الغربيون أيضاً إنهم شكلوا جيشاً لمكافحة الإرهاب، لكنهم لم يتمكنوا من تحرير قرية واحدة”.
وفي جزء آخر من خطابه، وصف السفير الإيراني لدى روسيا ادعاء الغرب بشأن حكم العالم وفقًا للقانون الدولي بأنه ادعاء باطل، قائلاً: “تشير الأدلة الواضحة إلى أن العالم يُحكم بالقوة والهيمنة؛ وبصفتنا دولة مستقلة، فإننا نعتزم ممارسة حقوقنا وفقًا للقانون الدولي، ونعتزم استخدام التكنولوجيا النووية السلمية”.
وأشار جلالي إلى أن الجمهورية الإسلامية الإيرانية قد قبلت جميع اللوائح الدولية المتعلقة بعدم انتشار الأسلحة النووية، والتزمت بها دائمًا، وأعلنت أنها لا تسعى لامتلاك أسلحة نووية، قائلاً: “إن هجوم الكيان الصهيوني على بلادنا وقع في ظل وجود مراقبين من الوكالة الدولية للطاقة الذرية في إيران”.
وأوضح: “في هجوم الكيان الصهيوني على إيران، استشهد عدد كبير من كبار القادة والمواطنين الإيرانيين، وتم استهداف مراكزنا الاقتصادية”.
واعتبر جلالي العدوان العسكري الذي شنه الكيان الصهيوني على إيران مخالفًا للمعايير الدولية، وأعرب عن أسفه لأن الغرب حال دون إدانة هذا العمل في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة.
كما وصف الهجوم الأمريكي على المنشآت النووية الإيرانية بأنه غير مسبوق في التاريخ، قائلاً: “يزعمون الآن أنهم يريدون تفتيش هذه المنشآت التي تعرضت للقصف، بينما لا توجد، وفقًا للوكالة الدولية للطاقة الذرية، أي تعليمات بزيارة مثل هذه المنشآت، لأن هذه هي المرة الأولى في التاريخ التي نشهد فيها مثل هذا الهجوم”.
وأضاف السفير الإيراني لدى روسيا: “هذا وضع خطير في القانون الدولي، حيث تهاجم دولتان تمتلكان قنابل ذرية دولةً لا تمتلك قنابل ذرية، ولكنها عضو في معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية وتخضع للوائح الوكالة الدولية للطاقة الذرية، فيما يلتزم العالم الصمت. من جهة أخرى، يدّعي من أصدر الأمر بمهاجمة إيران، والذي أمر أيضًا باغتيال القائد سليماني، أنه يسعى لإحلال السلام ويطمح لنيل جائزة نوبل”.
وأكد جلالي قائلاً: “هناك أمل كبير في تغيير الوضع الظالم والهيمنة السائدة في العالم، ومن بين هذه الآمال أن الشعوب قد استعادت الأمل، وأن الدول تتمسك باستقلالها. ومن بين هذه الدول، ما نراه اليوم في روسيا”.
وفي كلمته أمام المثقفين الروس الحاضرين في الاجتماع، قال جلالي: “أنتم تتمسكون باستقلالكم. الشعب الروسي شعب واعٍ للغاية، وقد اختار الوقوف في الجانب الصحيح من التاريخ؛ وسائر الأمم الحرة في العالم تتبنى هذا النهج أيضاً”.
وفي هذا السياق، أشار إلى مقاومة أهل غزة لآلة القتل التابعة للكيان الصهيوني، وأضاف: “رغم ما تكبدوه من معاناة وصعوبات جمة، فقد أثبتوا بمقاومتهم أن قوى الهيمنة لا تستطيع إجبار الأمم على الاستسلام؛ وهذه علامات أمل عظيم بُعث في العالم اليوم بفضل جميع شهداء طريق الحق والحرية”.
وفي جزء آخر من كلمته، هنأ السفير الإيراني لدى روسيا أيضاً بمناسبة حلول ذكرى ميلاد السيد المسيح (عليه السلام) ورأس السنة الجديدة. وأشار إلى اعتقاد الشيعة في جميع أنحاء العالم بأن المهدي الموعود (عجل الله تعالى فرجه الشريف) سيظهر معه السيد المسيح (عليه السلام)، قائلاً: “نرى جزءاً من خلاص البشرية في يد السيد المسيح، ولذلك نشارككم الاحتفال بميلاد السيد المسيح”.
واضاف جلالي قائلاً: “إن النبي عيسى (عليه السلام) هو نبي السلام والرحمة والوحدة والتضامن”.
وفي هذه المراسم، عبّرت مجموعة من المفكرين والخبراء من روسيا وتركيا والولايات المتحدة عن آرائهم حول القائد الشهيد سليماني ودوره في تعزيز الأمن الإقليمي ومكافحة الإرهاب.