شهر رجب، هو شهر الله الأصب، يتميّز بقداسة خاصة بين الأشهر الحُرُم، إذ حُرِّم فيه القتال وسفك الدماء. وقد وردت عنه روايات عديدة تؤكد مكانته الروحية؛ فقد وصفه النبي الأكرم(ص) بأنه «شهر الله العظيم»، وأكد على أن صيام يوم واحد فيه يرضي الله ويبعد غضبه. كما رُوي عن الأئمة(ع) أن لشهر رجب أنهاراً في الجنة، وأنه شهر الإستغفار والرحمة، حتى سُمّي «رجب الأصَبّ» لكثرة نزول الرحمة فيه، و«رجب الفرد» لإنفراده بين الأشهر الحُرُم.
من أبرز محطاته ليلة الرغائب، وهي أول ليلة جمعة من شهر رجب، حيث تنزل الملائكة إلى الأرض، وقد وردت أعمال خاصة لهذه الليلة في كتاب مفاتيح الجنان. آيت الله العظمى العلامة جوادي آملي أوضح أن معناها ليس «ليلة الأماني»، بل «ليلة الرغبات»، أي الميل والإنجذاب إلى الله، حيث يجتمع فيها البُعدان: رغبة في جنات الجسد بما فيها من أنهار اللبن والعسل والخمر، ورغبة في جنات الروح، وهي مقام الصدق عند مليك مقتدر.
شهر رجب الأصب، إذن ليس مجرد شهر في التقويم، بل محطة روحية كبرى تُهيّئ المؤمنين لإستقبال شهر رمضان المبارك، عبر الصيام، الإستغفار، والإرتباط العميق بالله. إنه شهر يجمع بين رهبة العذاب ورغبة الرحمة، ليكون جسراً بين الدنيا والآخرة، وبين الجسد والروح.