وقدّم عباس عراقجي، مساء الجمعة في ختام زيارته إلى أصفهان، تقريراً عن هذه الزيارة، قائلاً: الزيارة القصيرة التي استمرت يوماً ونصف اليوم إلى أصفهان، كانت أكثر من مجرد برنامج عمل مكثف، فرصة للاستماع والحوار؛ حوار مع النشطاء الاقتصاديين في المحافظة الذين كانوا دائماً أحد المحركات الرئيسية للإنتاج والتجارة وريادة الأعمال في البلاد.
الدبلوماسية الاقتصادية
وأضاف وزير الخارجية: إلى جانب لقائين آخرين مع النشطاء الاقتصاديين، وفر حضور غرفة التجارة في أصفهان مساحة جيدة لهذا الحوار، وقد حددت غرفة التجارة في المحافظة، بنظرة منظمة ومستقبلية، ستة دول كهدف لها، وتسعى إلى إضفاء التماسك وتوجيه العلاقات التجارية لأصفهان؛ وهو نهج يتماشى تماماً مع منطق الدبلوماسية الاقتصادية. وتابع: في هذه اللقاءات، حاولت التحدث بصراحة وبدون واسطة عن مكانة وزارة الخارجية في اقتصاد البلاد. قلت إن الدبلوماسية الاقتصادية بالنسبة لنا ليست مجرد عنوان زخرفي أو إداري فحسب؛ بل هي مسؤولية حقيقية. مسؤولية ترتبط اليوم أكثر من أي وقت مضى بحياة الناس اليومية ومستقبل الأنشطة الاقتصادية والإنتاجية.
وقال وزير الخارجية: في هذا الإطار، حددت وزارة الخارجية لنفسها مهمتين متزامنتين ومكملتين:
الأولى: السعي لإزالة العقوبات؛ العقوبات الظالمة التي فرضتها الولايات المتحدة وبعض الدول الغربية الأخرى على مدى سنوات طويلة، ألحقت تكاليف باهظة بالاقتصاد الوطني، وشعر بها الشعب والنشطاء الاقتصاديون بكل جوارحهم. لم تغفل وزارة الخارجية في كل هذه السنوات، حتى في أصعب الظروف وأكثرها توتراً، عن هذه المهمة الأساسية؛ لكن يجب القول بصدق إن إزالة العقوبات لا تكون ممكنة إلا عبر مفاوضات حقيقية وعادلة ومشرفة؛ مفاوضات مبنية على الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة، لا على القوة والتهديد والمطامع.
الثانية: جعل العقوبات غير مؤثرة؛ لا يمكن للبلاد ولا ينبغي لها أن تعلق اقتصادها على التطورات الخارجية. لقد دخلت الدبلوماسية الاقتصادية مرحلة عملية بهذا المنظور بالضبط؛ حضور ميداني إلى جانب المشاريع الاقتصادية في البلاد، المساعدة في حل العقد المصرفية والنقلية والقانونية، والسعي لتسهيل مسارات التعاون مع الشركاء الأجانب، خاصة في المنطقة ومع الجيران.
الدبلوماسية الإقليمية
وأشار عراقجي إلى أن «الدبلوماسية الإقليمية» تشكلت من صميم هذا النهج؛ لربط قدرات المحافظات مباشرة بالسياسة الخارجية الاقتصادية، وليطمئن النشطاء الاقتصاديون في جميع أنحاء البلاد إلى أن أصواتهم مسموعة وقضاياهم تُتابع على المستوى الوطني. وأضاف: لقد فشل المعتدون الإجراميون في تحقيق أهدافهم الشريرة عبر العدوان العسكري. اليوم لا ينبغي أن نسمح بأن تُطارد تلك الأهداف الشريرة ذاتها عبر خلق الاختناقات الاقتصادية والضغط على معيشة الناس. تجاوز هذا المسار ممكن تماماً بمساعدة وتعاون خلّاق من رجال الأعمال والنشطاء الاقتصاديين.
وأكد عراقجي، في تقريره، أن الدبلوماسية الاقتصادية يجب أن تكون إلى جانب النشطاء في مجال الإنتاج والاقتصاد والتجارة لتحقيق هذه المهمة الوطنية العظيمة، وتستمع إلى أصواتهم وتعتبر نفسها شريكاً ومساعداً لهم في هذا الطريق.
وأكد عراقجي: عندما أقول «يجب أن نتعايش مع العقوبات»، أعني أنه لا ينبغي تعليق مسيرة الإنتاج والتجارة والتقدم في البلاد على إزالة العقوبات، ولا يجب الانتظار بشكل سلبي ليوم ما قد تُرفع فيه العقوبات. يجب أن يعتمد اقتصاد إيران على مجموعة متنوعة وواسعة من قدراته الذاتية، ويصبح أكثر مرونة، بل ويحافظ على مسار نموه حتى تحت الضغط. هذا هو نظري إلى السياسة الخارجية: السعي الحثيث لإزالة العقوبات، وفي الوقت نفسه المساعدة في بناء اقتصاد لا يعتمد على مصدر واحد، أو مسار واحد، أو قرار خارجي واحد.
الشهداء رمز افتخار واقتدار للبلاد
وخلال جولته إلى أصفهان، زار عراقجي كنيسة “وانك” التاريخية، وروضة الشهداء وإلتقى عدداً من الضباط والقوات المنتسبين إلى فيلق أمن الطيران المدني بالحرس الثوري لهذه المحافظة.
وفي اليوم الثاني من زيارته الى أصفهان، الجمعة، بدأ وزير الخارجية نشاطاته بزيارة “روضة الشهداء” في المحافظة، حيث قرأ الفاتحة ووضع إكليلاً من الزهور على أضرحة شهداء الثورة الإسلامية والدفاع المقدس؛ مؤكداً على أن الشهداء هم رمز حي للتضحية ورمز افتخار واقتدار للبلاد، كما أنهم “قطب البوصلة” للدبلوماسية الإيرانية، وأن حماية إنجازاتهم واجب على جميع المسؤولين، مُشدّداً على التمسك بفكر ونهج الإمام الخميني(رض).
كما زار عراقجي كنيسة “وانك” التاريخية، حيث إلتقى بالأسقف أردافازد شارويان، نائب بطريرك الأرمن في جنوب إيران، وهنأه بمناسبة ذكرى مولد السيد المسيح (ع). وشدّد على أن الجالية الأرمنية جزء لا يتجزأ من النسيج الحضاري الإيراني، معتبراً التعايش المشترك بين الأديان في إيران نموذجاً عالمياً فريداً، وأشار إلى شهداء الأرمن كدليل على التلاحم الوطني دون تمييز ديني.
وفي ختام زيارته، التقى الوزير عراقجي ضباط وعناصر من فيلق حرس الثورة الاسلامية لأمن الطيران المدني في مطار الشهيد بهشتي، وهنّأهم بمناسبة ذكرى تأسيس هذا الفيلق، وعبّر عن تقديره لجهودهم في حماية امن الطيران.
يُذكر أن عراقجي وصل الى أصفهان يوم الخميس المنصرم في زيارة استغرقت يومين، شملت لقاءات مع فعاليات اقتصادية، وحضور اجتماعات للمجلس الأمني للمحافظة، ومراسم تكريم الأستاذ الراحل علي أكبر برورش، وزيارة كنيسة وانك التاريخية وروضة شهداء أصفهان، فضلاً عن افتتاح معرض التكنولوجيا الخضراء والطاقة النظيفة.