جاء خطاب قائد حركة أنصار الله في اليمن السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي الأخير حول اعتراف الكيان الصهيوني بإقليم أرض الصومال كإعلان استراتيجي يضع اليمن في قلب مواجهة جيوسياسية جديدة. الاعتراف الصهيوني بهذا الإقليم المنفصل عن الصومال يفتح الباب أمام تحولات خطيرة في القرن الإفريقي، إذ يسعى العدو إلى إيجاد موطئ قدم له على ضفاف خليج عدن والبحر الأحمر، بما يتيح له التحكم في الممرات البحرية الدولية وتطويق اليمن من خاصرته الجنوبية. هذا الاعتراف ليس له أي قيمة قانونية، لكنه يحمل دلالات عميقة على مستوى الأمن القومي والإقليمي، إذ يهدف إلى تفتيت الدول، وإضعاف محور المقاومة، وتهديد أمن البحر الأحمر الذي يُشكّل شرياناً حيوياً للتجارة العالمية. من هنا، جاء خطاب السيد الحوثي ليؤكد أنّ أي وجود صهيوني في أرض الصومال سيُعتبر هدفاً عسكرياً مباشراً، في رسالة واضحة بأنّ اليمن لن يقف مكتوف الأيدي أمام محاولات العدو لتطويقه أو تهديده.
الاعتراف الصهيوني كجزء من مشروع استراتيجي
الاعتراف الصهيوني بإقليم أرض الصومال يجب أن يُقرأ في سياق أوسع من مجرد دعم كيان انفصالي، فهو جزء من مشروع استراتيجي يهدف إلى إعادة رسم خريطة النفوذ في المنطقة.كيان العدو يدرك أنّ اليمن، بقيادة أنصار الله، أصبح قوة صاعدة في البحر الأحمر، وقادراً على تهديد مصالحها ومصالح حلفائها. لذلك، فإنّ التحرك نحو أرض الصومال ليس موجهاً ضد الصومال وحده، بل يستهدف اليمن بشكلٍ مباشر. وجود قاعدة صهيونية أو تعاون أمني في أرض الصومال يعني أنّ اليمن سيكون محاصراً من الجنوب، إضافةً إلى الحصار البحري والجوي المفروض عليه منذ سنوات، وهو ما يُشكّل تهديداً وجودياً للأمن القومي اليمني.
اليمن وباب المندب.. الجغرافيا كمعركة وجودية
من الناحية الجيوسياسية، اليمن يُسيطر على باب المندب، وهو أحد أهم الممرات البحرية في العالم، حيث تمر عبره نسبة كبيرة من التجارة العالمية المتجهة إلى قناة السويس وأوروبا. السيطرة على هذا الممر تعني التحكم في حركة التجارة الدولية، وفرض حصار على دول المنطقة. كيان العدو، عبر الاعتراف بإقليم أرض الصومال، يسعى إلى الاقتراب من هذا الممر لتطويق اليمن، وضرب دوره المقاوم، وإضعاف قدرته على التأثير في معادلة البحر الأحمر. هذا التحرك يعكس إدراكاً صهيونياً بأنّ اليمن أصبح جزءاً أساسياً من محور المقاومة، وأنّ استهدافه ضرورة استراتيجية لإضعاف هذا المحور.
إضافةً إلى ذلك، فإنّ الاعتراف الصهيوني بإقليم أرض الصومال يندرج في إطار سياسة أوسع لتفتيت المنطقة. كيان العدو يسعى إلى خلق كيانات صغيرة وضعيفة، يسهل التحكم بها، ويستخدمها كمنصات للتدخل العسكري والاستخباراتي. أرض الصومال ليست سوى نموذج أولي لهذه السياسة، التي يمكن أن تمتد إلى دولٍ أخرى في المنطقة. الهدف النهائي هو إضعاف الدول العربية والإفريقية، وضمان تفوق كيان العدو الاستراتيجي.
قواعد الاشتباك الجديدة في خطاب السيد الحوثي
خطاب السيد الحوثي جاء ليضع قواعد اشتباك جديدة، إذ أعلن أنّ أي وجود صهيوني في أرض الصومال سيكون هدفاً عسكرياً مباشراً. هذا الإعلان يعكس إدراكاً عميقاً لطبيعة الصراع، ويؤكد أنّ اليمن لن يقبل أن يتحول جزء من الصومال إلى موطئ قدم للعدو. كما أنّ الخطاب شدّد على ضرورة أن يكون الموقف العربي والإسلامي حازماً وجادّاً في مواجهة هذا التحرك، لأنّ التهاون فيه سيتيح لكيان العدو التمدد أكثر، وتهديد أمن المنطقة بأسرها. السيد الحوثي ربط القضية الفلسطينية بالمعركة الحالية، مؤكداً أنّ أي تخاذل في دعم فلسطين يفتح الباب أمام كيان العدو للتآمر على بقية البلدان، وهو ما يعكس رؤية شاملة تعتبر أنّ اليمن جزء من معركة الأمة ضد العدو الصهيوني.
أثر الاعتراف على اليمن والتحالفات الإقليمية
من منظور استراتيجي، الاعتراف الصهيوني بإقليم أرض الصومال لا يُعدّ مجرد تهديد لليمن، بل هو إعلان مواجهة مباشرة يضع أنصار الله في موقع القيادة. فالحركة ترسم معادلة ردع جديدة: لا موطئ قدم للعدو في القرن الإفريقي، ولا حصار لليمن من الجنوب، وأي محاولة في هذا الاتجاه ستُواجه بردّ عسكري حاسم. هذا الموقف يُعزز معنويات الشعب، ويوحّد الصف الداخلي حول خيار المقاومة، ويمنح اليمن بقيادة أنصار الله دوراً مركزياً في معركة البحر الأحمر. كما يفتح الباب أمام تحالفات إقليمية مع دول إفريقية وعربية متضررة من التغلغل الصهيوني، ليُبنى جدار صدّ إقليمي جديد يقف خلف أنصار الله كقوة مواجهة أولى للمشروع الصهيوني.
اليمن لاعب أساسي في معركة البحر الأحمر
خطاب السيد عبد الملك الحوثي حول الاعتراف الصهيوني بإقليم أرض الصومال مثّل إعلاناً استراتيجياً يربط اليمن مباشرةً بالمعركة ضد كيان العدو، مؤكداً أن الاعتراف لا يستهدف الصومال وحده بل يسعى لتطويق اليمن من الجنوب والسيطرة على البحر الأحمر. أنصار الله أعلنوا بوضوح أن أي وجود صهيوني في الإقليم سيكون هدفاً عسكرياً مباشراً، ما يعكس إدراكاً عميقاً لطبيعة الصراع ويضع اليمن في قلب المواجهة الكبرى ضد المشروع الصهيوني. إنّ الهدف الحقيقي هو ضرب اليمن باعتباره القوة الصاعدة في البحر الأحمر وركيزة محور المقاومة، لتتحول المواجهة إلى معركة وجودية تُحدد مستقبل المنطقة بأسرها.