وعقد الدكتور مسعود بزشكيان، اليوم الثلاثاء، اجتماعاً مباشراً وودياً مع جمع من رؤساء النقابات والاتحادات، وغرف التجارة، وأعضاء هيئات أمناء الأسواق، حيث جرى بحث المشكلات والهواجس والمطالب التي يواجهها ناشطو السوق. كما استمع إلى آرائهم ومقترحاتهم، وأجاب عن الأسئلة والقضايا المطروحة.
وأكد رئيس الجمهورية، خلال هذا اللقاء، على الدور الحاسم الذي تضطلع به النقابات وأصحاب الأسواق في اقتصاد البلاد، مذكّراً بدورهم التاريخي والمشرّف في المحطات الحساسة، ومنها خلال حرب الأيام الـ12 المفروضة، وإفشال مؤامرات الأعداء الرامية إلى إثارة الفوضى في البلاد.
وشدّد قائلاً: نعتبر معالجة مشكلات النقابات وأصحاب الأسواق من واجباتنا. إن احتجاجاتكم مفهومة؛ لكن ينبغي الالتفات إلى أن الحكومة الرابعة عشرة قد ورثت مجموعة من المشكلات المتراكمة عبر السنوات الماضية.
ومع ذلك، سنعمل بكل ما نملك من طاقات، ومن خلال مسار التفاعل والوحدة مع مجلس الشورى الإسلامي، على إيجاد حلول لهذه القضايا.
مطالبة قائد الثورة بحل المشكلات الاقتصادية
وأشار رئيس الجمهورية إلى المطالبة الجادّة لسماحة قائد الثورة الإسلامية بحلّ المشكلات الاقتصادية التي تواجه المواطنين وأصحاب المتاجر، مضيفاً: رغم جميع اختلافات وجهات النظر، فإننا جميعاً مكلّفون بمتابعة المطالب الاقتصادية للمجتمع، والحكومة ومجلس الشورى الإسلامي متوافقان ومتّحدان في هذا المسار.
كما أكّد الدكتور بزشكيان على جاهزية الحكومة للإصغاء المباشر إلى صوت التجّار وأصحاب النقابات، موضحاً: نحن مستعدون دائماً للحضور في الأسواق والحوار مع الناشطين الاقتصاديين، ولا سيّما الشباب والجيل الجديد العامل في السوق، من أجل الاستماع إلى قضاياهم وشرح برامج الدولة وأوضاع البلاد بشفافية وصراحة.
وفي تأكيده على أن نهج الحكومة يقوم على الحدّ الأدنى من التدخل في السوق، شدد رئيس الجمهورية قائلاً: لكن في أيّ موقع يؤدي فيه الريع والرشوة ونظام تعدد أسعار الصرف إلى الإضرار باقتصاد البلاد، ستتدخل الحكومة بكل حزم، وستعمل على القضاء على هذه الظواهر، ومن الطبيعي أن تثير مواجهة الريع اعتراض المنتفعين منه، غير أن مصالح المواطنين وأصحاب الأسواق تبقى في صدارة الأولويات.
وأكد الدكتور بزشكيان: لقد وضعنا في هذه المسؤولية لحل مشاكل أصحاب المهن والتجار والشعب، ولا نعتبر لأنفسنا مكانة إلا الخدمة، وتأكدوا أن جميع المطالب والاقتراحات المطروحة ستُتابع بجدية.
إنشاء نظام بيئي شامل وتجميع المنصات
وفي جزء آخر من هذا الاجتماع، أعلن رئيس الجمهورية رداً على شكاوى الناشطين الاقتصاديين بشأن تعدد المنصات الاقتصادية والمشاكل الناتجة عنها: نتعاون مع وزارة الاتصالات لإنشاء نظام بيئي شامل وتجميع المنصات، بحيث يمكن للناشطين الاقتصاديين إنجاز أعمالهم من طريق واحد وشفاف.
وأشار الدكتور بزشكيان إلى أنه “سيتم حل القضايا الرقابية غير المرتبطة بنشاط النقابات، من خلال التفاعل والتنسيق مع السلطة القضائية. اعتقادنا هو أنه بدلاً من خلق عوائق، يجب تسهيل طريق نشاطكم”.
وبشأن تكلفة الكهرباء للصناعات والحرفيين، قال الرئيس بزشكيان: منظورنا أن يُحتسب استهلاك الكهرباء حتى سقف العرف والمتوسط العام بالسعر الحكومي، وأن يخضع الاستهلاك الزائد للدفع بالقيمة الحقيقية.
الحقيقة أن البلاد تواجه عجزاً في الكهرباء يقارب 20 ألف ميغاواط، والحكومة تبذل قصارى جهدها لتعويض هذا الخلل.
وأشار الدكتور بزشکیان إلى الإجراءات غير المسبوقة للحكومة في تطوير الطاقات المتجددة وتأمين كهرباء مستدامة للحرفيين، وأضاف: بحلول نهاية العام، ستصل قدرة الألواح الشمسية في البلاد إلى أكثر من 7 آلاف ميغاواط؛ لكن إلى جانب هذه الإجراءات، نتوقع من التجار والحرفيين التعاون في نشر ثقافة الترشيد حتى نتجاوز الظروف الراهنة.
كما أشار رئيس الجمهورية إلى إجراءات الحكومة لحل المشكلات الاقتصادية للبلاد جذرياً وبنيوياً، مع بدء الترشيد وخفض النفقات من داخل الحكومة نفسها، قائلاً: في إجراء غير مسبوق، نُظِّم نمو موازنة الحكومة للعام المقبل بنسبة 2٪ فقط، وكل جهدنا يتركز على تجنب أي إنفاق أو إجراء يؤدي إلى خلق التضخم في البلاد.
تشكيل لجنة مختصة لمتابعة مشكلات النقابات
وفي سياق هذا الاجتماع، وافق الدكتور بزشكيان على مقترح تشكيل لجنة مختصة لمتابعة مشكلات النقابات وأصحاب الأسواق، على أن يشارك ممثلو النقابات في جلسات مجلس الوزراء لطرح القضايا والإشكاليات التي تواجههم بشكل مباشر.
كما جرى التأكيد على عقد اجتماعات منتظمة ومستمرة بين الوزارات الاقتصادية وناشطي السوق، على أن تُرفع نتائج هذه الاجتماعات إلى الحكومة بشكل شهري.
وفي جانب آخر من حديثه، دعا رئيس الجمهورية إلى المشاركة الفاعلة للنقابات وأصحاب الأسواق في تنفيذ مشروع «البطاقة التموينية»، مؤكداً ضرورة أن يُنفَّذ هذا المشروع بما يضمن استفادة صغار التجار أيضاً، وألا يقتصر على المتاجر الكبرى وسلاسل البيع بالتجزئة فقط.
4 قرارات مهمّة
وأشار الدكتور بزشكيان، في حديثه عن التنسيق والتفاعل مع رئيس مجلس الشورى الإسلامي، إلى التوصل إلى أربعة اتفاقات مهمة بين الحكومة والبرلمان لتسهيل نشاط النقابات وأصحاب الأسواق، تمثلت في «تعليق تنفيذ متطلبات منظومة المكلفين الضريبية على النقابات»، و«وقف تطبيق ضريبة القيمة المضافة على النقابات»، و«تعليق الغرامات الضريبية المفروضة على النقابات وأصحاب الأسواق»، و«تعليق المتطلبات الجديدة المدرجة في البوابة الوطنية لإصدار التراخيص الخاصة بالنقابات وأصحاب الأسواق»، وذلك لمدة عام واحد لكل من هذه الإجراءات.
وأعرب رئيس الجمهورية عن أمله في أن يسهم تنفيذ هذه القرارات، إلى جانب استمرار التعاون والتفاعل بين الحكومة والبرلمان وناشطي السوق، في تهيئة ظروف تمكّن النقابات وأصحاب الأسواق من ممارسة أنشطتهم بهدوء واطمئنان، وتخفيف الضغوط الاقتصادية عن المواطنين، وفي الوقت نفسه تمكين الحكومة من المضي قدماً في تنفيذ برامجها الرامية إلى تحقيق الانتعاش الاقتصادي في البلاد.