ملحة خالدة سطرتها عشائر خوزستان ضد الانكليز

الوفاق/ خاص

عاشور الكناني

حتى في  قبورهم  أحدهم يقف الى جانب الآخر كالجبل الشامخ  اما اسماؤم فجميعها لم يطأها غبار النسيان، 108 اعوام مرت وما زال اهالي محافظة خوزستان يستذكرون ملحمة اجدادهم الخالدة التي سطروها بتضحياتهم وباقل ما يملكون من معدات ضد الاستعمار البريطاني الذين ارادوا اجتياح محافظتهم في ذلك الزمان لكنهم استطاعوا هزيمة تلك الجيوش بالثبات والعقيدة والايمان وكانت العشار العربية الخوزستانیة قد تصدت للجیش البريطاني الغازي إبان الحرب العالمية الاولى عند اجتياحها مدينتي آبادان وخرمشهر، بهدف السيطرة على جنوب العراق، حیث امتثل ابناء العشائر لفتوى المرجع الدیني الكبیر آیة الله السید محمد كاظم اليزدي(قدس) بضرورة الجهاد ضد المحتل البريطاني انذاك عندها هب أبناء العشائر هبة رجل واحد دون اكتراث لاي شيء عندما كانت اهزوجتهم الشعبية المعروفة معهم (يا الهاوي الجنة امشي ويانه).

تجدد المناسبة في كل عام

في هذا الوقت من كل عام بقيت هذه المناسبة يحيها ابناء محافظة خوزستان وهي اليوم في عامها 108  لملحمة جهاد العشائر العربية في خوزستان ضد الاستعمار البريطاني إبان الحرب العالمية الاولى عام 1914 هذه الذكرى السنوية يحضرها العديد من وجهاء وزعماء القبائل الخوزستانية ومسؤولين حكوميين وشخصيات من العراق الشقيق ايضا نضراً لتقارب المسافات والثقافات مع الجنوب.

احفاد المحلمة

يقول السيد كريم الهاشمي احد وجهاء قبائل محافظة خوزستان: ان جدي كان من احد المجاهدين في تلك الآونة التاريخية وسمعت منه مدى الشجاعة والبطولات التي خاضها ابناء العشائر حيث كانت معدات الجيش على ثلاث محاور اساية للقتال، المشاة، المدفعية، والخيالة، لكن العشائر حينها لم تمتلك اي اسحلة سوى الفالة وهي آلة تستعمل لصيد السمك والعصي وبعض الاسلحة القليلة كالبرنو لكن مادفع العشائر على الانتصار هو ايمانهم بالجهاد الذي اعلنه المرجع الديني اليزدي وحب الناس للدين والدفاع عنه.

دفاع عن الشرف والدين والقيم الانسانية  

كل ملحمة خاضها المسلمون هي دفاع عن الشرف والدين والقيم الانسانية وهذه الملحمة هي تجديد لكل الملاحم البطولية، دروس كثيرة دافعت عنها الملحمة العشائرية من جملتها قيمة الدين وقيمة الوطن تتجلى في نفوسهم وسنبقى مستمرين على نهج هذه الملاحم البطولية مع الحق ضد الظلم.

رواية آية الله الشيخ الحيدري

كتاب المحلمة الخالدة والذي سرد تلك القصة جملة وتفصيلا عن طريق شهود عيان وبعض التواريخ المعتمد عليها وكذلك صور من الشهداء والجرحى كما ضم هذا الكتاب الثمين صورا من قادة الجيش البريطاني وقادة أبناء العشائر ايضا.

يقول اية الله محسن الحيدري في كتابه: كانت مقاومة الجهاد الاسلامي للعشائر العربية في اهواز بفتوى المرجع الراحل آية الله السيد محمد كاظم الطباطبائي اليزدي، حيث شاركت جميع العشائر العربية في المحافظة في الجهاد الإسلامي المقاومة الوحيدة ضد الغزو البريطاني كانت مقاومة الجهاد الاسلامي للعشائر العربية في الاهواز بفتوى المرجع الراحل آية الله السيد محمد كاظم الطباطبائي اليزدي، حيث شاركت جميع العشائر العربية في المحافظة في الجهاد الإسلامي.

من ضمن هذه البيوت والقبائل والعشائر العربیة التي شاركت في الجهاد یمكن الاشارة الی بني كعب، بني طرف، الباوية، زرقان، السادة آل أبي شوكة، الموالي، البطاط، العلوية، بيت سيد لفتة، آل بودنين، آل مهدي، الشرفة، بني سالة، السواري، الحيادر، الفراطسة، المراونة، العبد الخان، بني أسد، بني مذحج، السودان، آل كثير، السلامات، آل حميد، الخزرج، مجدم، آل بوغبيش، الخنافرة، السواعد، كنانة، مزرعة، بني تميم، اللويمي، الدغاغلة، الباجي، الحائي، آل بوعبيد، الصاكية، نيس، عساكرة و الكثير من العشائر العربية الأخرى.

ملاحم تأبى الاندثار والنسيان

يقول اية الله محسن الحيدري ممثل اهالي خوزستان في مجلس خبراء القيادة في كتابة: لقد شاهدنا على مر التاريخ أن العشائر الأصيلة في الاهواز تعتبر تلك العناصر من صلب هويتها، ونجحت في الحفاظ عليها، وبلورتها في مختلف المراحل التاريخية. وشرح الشیخ الحیدري: بسبب ظروف تلك الفترة وعدم وجود اشخاص ينقلون هذه الاحداث الى الرأي العام فان هذه الحادثة الكبيرة قد اغفلت وان بعض الذين شاركوا فيها واحفادهم كانوا على علم بها وبعد انتصار الثورة الاسلامية طرح الموضوع خلال ملتقى عقد بجامعة الشهيد جمران بمدينة اهواز. كما ان عددا من الذين شهدوا تلك الاحداث التقوا قائد الثورة الاسلامية الامام آية الله السید علي الخامنئي خلال زيارته لمحافظة خوزستان وقدموا لسماحته الراية التي كان يحملها احد مناضلي هذه النهضة وتم بذلك طرح هذه القضية. واضاف بالقول: ان قائد الثورة الاسلامية يبدي أهتماما خاصاً بهذا الامر ولذلك فان سماحته كلف “مؤسسة حفظ ونشر آثار وقيم الدفاع المقدس” بانشاء نصب تذكاري كبير في مقبرة شهداء جهاد العشائر العربية في خوزستان.

تبعات الملحمة وجذورها التاريخية

ابان الحرب العالمية الاولى قامت بريطانيا باحتلال خوزستان من الغرب والجنوب وذلك من اجل احتلال العراق ومنع ايصال مساعدات الشعب الايراني للشعب العراقي وكذلك من اجل حماية انابيب شركة النفط البريطانية التي كانت في خوزستان. وقد اعلنت حكومة احمد شاه قاجار الحياد آنذاك ولم تكن هناك اي ردة فعل تجاه هذا الاحتلال. واوضح الدكتور الحیدري: التحرك الوحيد الذي نفذ في ذلك الوقت ضد الاستعمار البريطاني في ایران جاء من جانب العشائر العربية في خوزستان بفتوى من المرجع الديني آية الله السيد كاظم اليزدي وان علماء الدين والمراجع كانوا في الحقيقة في المقدمة. اهالي خوزستان قاتلوا البريطانيين من ثلاثة محاور هي الغرب وشمال اهواز ومدينة الفلاحية؛ المحور الاول كان في منطقة بين الاهواز والحميدية بمشاركة عشائر بني طرف والسواري وبني سالم والسواعد و…

وحققوا ملحمة المنيور. والمحور الثاني للقتال دار في شمال اهواز وبمشاركة عشائر الزرقان والباوية والحميد والنواصر والسلامات وادى الى تفجير انابيب شركة النفط البريطانية. والمحور الثالث من القتال دار في منطقة الفلاحیة بمشاركة عشائر بني كعب والعشائر الاخرى في المنطقة بقيادة سيد جابر البوشوكة ضد المستعمرين. وأشار سماحته الى قول قائد الثورة الاسلامية الامام الخامنئي، “خوزستان بوابة التشيع الى إيران”، وقال: إن هذه الحقيقة الناصعة في كون اهواز والحويزة تعدان بوابة لنشر التشيع في إيران تمثل وثيقة تاريخية عظيمة، من حق العشائر الأهوازية الافتخار والاعتزاز بها. وأشار الى انتفاضة أهالي المحافظة ضد الاستعمار البريطاني قبل 100عام، قائلا لقد حارب اهلنا البريطانيين بايد فارغة ومن دون استخدام الاسلحة النارية وتغلبوا عليهم، مؤكدا ان الجهاد وسيلة لحصانة الوطن الاسلامي وهو واجب شرعي؛ مستدلا سماحته بحديث للامام علي(ع)، «اِنَّ الجِهادَ بابٌ مِن أَبوابِ الجَنَّةِ فَتَحَهُ اللّه لِخاصَّةِ أَوليائِهِ»؛ معتبرا ان المستفاد من هذا الحديث هو ان الجهاد خاص باولياء الله الخاصين فقط ولن يوفق له العموم وأشار سماحته، الى ان من یطالع تاریخ ایران سیكتشف بان شعبنا الغیور تصدى لأی عدوان او هجوم خارجي هدد سیادة البلاد وخاصة المناطق الحدودیة، حیث ان العشائر العربیة كانت في طلیعة المجاهدین والمدافعین عن الوطن، وشدد على ان خوزستان تعد من المحافظات المهمة في ایران الاسلامیة لوجود الثروة النفطیة في اعماقها، لذلك كانت ولاتزال مقصداً للمطامع الاستعماریة.