فيما أردوغان يلوّح بالإستفتاء..

سجال “الحجاب” يعود للواجهة في تركيا

معارضون العدالة والتنمية يعتبرون أن مبادرة رئيس البلاد لا تتعدى كونها مزايدة سياسية..

2022-11-06

الوفاق- عادت خلال الأيام الأخيرة قضية “حماية الحجاب” لتتصدّر المشهد الداخلي في تركيا، قضية عادت الى الحياة بعد أن مكثت لعدّة سنوات في سبات عميق، خصوصاً انها استهلكت الكثير من الجدل في السبعينيات والثمانينيات والتسعينيات والسنوات العشر الأوائل من عهد «حزب العدالة والتنمية».

فالسجال حول قضية إرتداء الحجاب في تركيا نهض من بين القبور في الآونة الأخيرة، وجرى فتح هذه القضية من قبل زعيم المعارضة العلمانية في البلاد المقترح للبرلمان بالفعل، في أكتوبر الماضي من أجل منع “استغلال قضية الحجاب سياسيا في البلاد” بحسب زعمه، إلاّ أن رئيس البلاد رجب طيب أردوغان إستقبل هذا الأمر بصدر رحب، ولوّح بانه قد يطرح تعديلا دستوريا يكفل حق النساء في ارتداء الحجاب للاستفتاء، أي أنه يريد إدراج هذه المسألة في دستور البلاد بشكل رسمي لن يتمكن أحد من شطبه لاحقاً.

وتثير مسألة ارتداء الحجاب في تركيا سجالا بين حزب العدالة والتنمية وأحزاب المعارضة قبل استحقاق انتخابي في 2023 يعتبر مصيريا لمستقبل أردوغان وحزبه.

إقتراح اردوغان يفتح الباب لتجدد الجدل حول مسألة اعتبرت محسومة، فيما يراها معارضون لأردوغان أنها مزايدة سياسية لا تخرج عن سياق استقطاب المزيد من الأنصار قبل الانتخابات. وتثير مسألة ارتداء الحجاب في تركيا سجالا بين حزب العدالة والتنمية وأحزاب المعارضة قبل استحقاق انتخابي في 2023 يعتبر مصيريا لمستقبل أردوغان وحزبه.

في التفاصيل قال الرئيس التركي إنه يمكن إجراء استفتاء إذا لم يحظ مشروع القانون بتأييد الحد الأدنى البالغ 360 عضوا اللازم لإجراء تعديلات دستورية في البرلمان المؤلف من 600 مقعد. ويشغل حزب العدالة والتنمية وحلفاؤه القوميون 334 مقعدا. وقال أردوغان لنواب حزب العدالة والتنمية في البرلمان “نحن مستعدون لاتخاذ خطوات أخرى بما في ذلك إجراء استفتاء”.

*استمالة الناخبين قبل الانتخابات

ومن المقرر أن يعرض العدالة والتنمية التعديل الذي اقترحته المعارضة في بادئ الأمر، في وقت تكثف فيه الأحزاب جهودها لاستمالة الناخبين قبل الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقررة في يونيو/حزيران.

وينص مشروع القانون الذي قدمه حزب الشعب التركي على أنه لا يجوز أن تتعرض النساء العاملات في المؤسسات والمنظمات العامة لأي إكراه ينتهك بطريقة ما حقوقهن وحرياتهن الأساسية، مثل الحق في ارتداء أو عدم ارتداء ملابس معينة أو مآزر أو زيّ رسمي، وما إلى ذلك.

وأجرى حزب العدالة والتنمية محادثات مع ثلاثة أحزاب معارضة الأربعاء. وقال أكبر حزب وهو الشعب الجمهوري إنه لن يدعم التعديلات.

*مصدر خلاف عميق

واجتمع حزب العدالة والتنمية الحاكم الذي يتزعمه الرئيس رجب طيب أردوغان مع المعارضة بشأن هذه القضية في الوقت الذي تتنافس فيه الأحزاب للحصول على الدعم قبل الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقرر إجراؤها في يونيو من العام القادم، وبعد أن أظهرت استطلاعات الرأي تراجع التأييد لحكومة أردوغان. وتظهر استطلاعات أخرى أن معظم الأتراك يرون أن الحجاب لم يعد محل نقاش بعد الآن. ويقول منتقدون ومعارضون إن ذوي الميول الجنسية المثلية أو مجتمع الميم هم الهدف الحقيقي للتعديلات. وكان الحجاب ذات يوم مصدر خلاف عميق في تركيا العلمانية المسلمة، فقد اعتبرته مؤسستها العلمانية، التي كانت قوية ذات يوم، رمزا للتشدد الإسلامي وتهديدا للنظام العلماني. لكن الجدل توقف بعد إصلاحات أجراها حزب العدالة والتنمية ذو الجذور الإسلامية، خلال السنوات العشرين التي قضاها في السلطة.

*من يستغل القضية؟

لكن حزب الشعب الجمهوري العلماني الذي طالما عارض ارتداء الحجاب في البرلمان والمصالح الحكومية، أعاد إحياء القضية الشهر الماضي باقتراح لحماية الحق، في محاولة لكسب تأييد الأتراك المتدينين. إلاّ ان زعيم المعارضة التركية حاول قلب الأدوار والحقائق على حدّ سواء، لا سيما بعد اتهامه لاردوغان باستغلال قضية ارتداء الحجاب لتحقيق مصالح سياسية. وكان الرئيس التركي دعا في أكتوبر/تشرين الأول الماضي كليجدار أوغلو إلى العمل على إدراج مسألة الحجاب في دستور البلاد بدل الاكتفاء باقتراح إصدار قانون يضمن عدم المساس بحرية ارتداء الحجاب. وأوضح أردوغان أن حكومات حزب العدالة والتنمية: أزالت مسألة حظر ارتداء الحجاب التي وصلت إلى مستوى الظلم ذات يوم من أجندة تركيا. وأضاف أن النص الذي قدمه حزب الشعب الجمهوري المعارض إلى البرلمان كمشروع قانون حول عدم المساس بحرية ارتداء الحجاب، بعيد كل البعد عن حل المشكلة بالطريقة المرغوبة.

*قانون اللباس العام

وبدأ حظر الحجاب في المؤسسات الحكومية والمدارس والجامعات التركية بصدور “قانون اللباس العام” بعد انقلاب سبتمبر/أيلول 1980، وظل ساري المفعول نحو 31 عامًا، وكان حزب الشعب الجمهوري في مقدمة المدافعين عنه بذريعة الحفاظ على النظام العلماني.

ورفعت تركيا الحظر المفروض على ارتداء طالبات الجامعات الحجاب في عام 2010، كما سمحت بارتدائه في المؤسسات الحكومية في عام 2013 والمدارس المتوسطة في عام 2014، ومن ثم ذهبت لكسر الحظر عنه في مؤسسات الشرطة والجيش.