خاص الوفاق/ الدكتور السيد أفقهي: الإتفاق الإيراني السعودي، لايقتصر على فتح السفارات وتبادل السفراء

بالإختصار أنّ هذا الإتفاق لايقتصر على فتح السفارات وتبادل السفراء وإذن في كلّ الأحوال للبلدين نفوذ وشركاء في المنطقة وحلفاء إقتصاديين ومشاريع في دول أُخرى مثل العراق..

2023-03-27

بعد إبرام الإتفاق الأخير بين الجمهورية الإسلامية الإيرانية والمملكة العربية السعودية بوساطة صينية، تطرق الكثير من المحللين إلى ما له من التأثيرات والتداعيات. في السياق ذاته أجرت صحيفة الوفاق حواراً خاصاً مع الدكتور السيد هادي أفقهي وو محلل سياسي و دبلوسي إيراني سابق وإليكم نص الحوار:

برأيكم ما الذي دفع الجمهورية الإسلامية الإيرانية والمملكة السعودية لتجلسا على طاولة مفاوضات وتبحثا عن حلّ للخلافات التي وُجدت بينهما؟

في الحقيقة، الجواب هو إدراك ضرورة التصالح بين الطرفين بالرغم من الجراح والإشكاليات المعقدة بينهما وخصوصاً من الجانب السعودي الذي شمّر عن ساعديه ليُوعد الثورة الإسلامية في مهدها من خلال التدخلات المباشرة وغير المباشرة والتي كانت تحاول في المجالات السياسية والإقتصادية بكلّ ما كان يملك ، أن يُعرقل مسير الثورة الإسلامية وتطورها وقام بدعم الإرهاب والطائفية ضد الثورة الإسلامية بعد مضي أربعة عقود من إنتصارها.

ولكن نظراً إلى المتغيّرات على المستوى الإقليمي والدولي وفيما حصل بين البلدين توصّل الطرفان إلى إعادة القراءات و في الحقيقة كانت هناك رغبة من الجانب السعودي في أن تفتح باباً للمفاوضات عسى ولعلّ تتكلّل بالنجاح. في هذا السياق إستضافت بغداد خمس جولات من التفاوض وكذلك كانت هناك مساعي حميدة من الدول الخليجية الأخرى مثل سلطنة عمّان وقطر وما إلى ذلك ففي كلّ الأحوال كان في الحقيقة من الضروري أن يُوضع حدّ لهذه المخاصمات وهذا التراشق بالإعلام وبحمد الله تكلّلت هذه المفاوضات بالوساطة الصينية على مستوى دولي وواضح أنّ الصين ليست ببلد هيّن والذي يتوسّط بدون ضمانات وتعاهد من الطرفين والإلتزام بما سيرشح من المخرجات.

أنا طبعاً لست على إطلاع كامل بالنسبة لما جاء في الوثيقة ولكن  على العموم سمعنا بعض العناوين العريضة من المصالحة بين البلدين والتعاضد لحلّ بعض الملفات العالقة التي سأتطرق إليها في هذه المقابلة.

إذن في كلّ الأحوال من المنطق والعقلانية والضرورة الميدانية، سحب البساط من تحت أرجل المستغلّين والمتدخلين في المنطقة مثل الأمريكي والإتحاد الأوروبي والصهيوني، وبرأيي كانت هذه عمليّة موفقة ولاحظنا التأييد والمباركة من الدول على المستوى الإقليم وعلى المستوى العالمي وكذلك جامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي والأمم المتحدة. الطرفان توصّلا إلى هذه الضرورة وقاما بخطوات شجاعة وحُلّت الكثير من الخلافات والأوهام التي كانت في الحقيقة عبارة أفكار ومخيّات خاصّة من الجانب السعودي ونحن الآن ننتظر حركة هذا القطار الذي وُضع على السكة الصحيحة فإذن يجب أن تُعالَج كلّ هذه التحديات على الأرض ويجب أن تتشكل لجنة بصورة تخصصية بمشاركة الخبراء والمحلّلين ومن الموظفين من الطرفين كي يُجَدوِلوا  زمنيّاً كيف ستبدأ الخطوات ومن أين ستنطلق عزيمة حلّ هذه المشاكل.

 

برأيكم ماهو تأثير الإتفاق الإيراني السعودي على القضية اليمينية وخاصة ما يتلق برفع الحصار عن اليمن؟

بكلّ تأكيد عندما يكون طرفاً بارزاً ومؤثراً في الأزمة اليمنية وهو الطرف السعودي، بلاشك بحث مع الجانب الإيراني هذه القضية ونستطيع أن نعبّر عنها بخلق أجواء إيجابية خصبة ومناسبة بالرغم من أنّ الأزمة اليمنية عبارة عن أزمة معقّدة ولا هيّنة بوجود خلافات سياسية بسيطية. لا! الأزمة بين الجانبين السعودي واليمني لها جذور تأريخية وترجع إلى أيام كان الملك عبدالعزيز حاكماً في المملكة السعودية وهو أول من أقدم على تدخله في الشأن اليمني وإنفصلت ثلاث محافظات وهي عسير ونجران وجيزان من الخارطة اليمنية وألحقها بالخارطة السعودية وهذا طبعاً لايقبله اليمنيون وأكيد ستُطرح هذه القضية.

ولكن يجب أن ننوّه إلى نقطة حسّاسة جداً وهي أنّ إيران ومنذ أن بدأت المفاوضات حتى في بغداد إمتنعت التدخل بشكل مباشر في القضية اليمنية لأنّ اليمن له أهله وأهل اليمن لهم إستقلالهم ولذلك نرى في خطابات اليوم الذي مرت ثمانية أعوام على الإعتداء على اليمن من قبل القوات السعودية والإماراتية وما يُسمّى بالقوات الحليفة، هناك كلمات ناريّة وحادّة تؤكّد على أن المصالحة الإيرانية السعودية، أمر بينهما واليمنيون لا يتلقون الأوامر من أيّ أحد. هذه الكلمات كانت نارية وحادّة جداً وأكّد اليمنيون على أنّه يجب على كل من يريد أن يتوسط بين اليمن والسعودية بأن يتعهّد بدفع التعويضات مقابل الخسائر التي فُرضت على الشعب اليمني ماديّاً ومعنوياً من الجانب المعتدي وهو المملكة السعودية.

في الحقيقة نتأمّل ونأمل أن تكون هذه المصالحة إيجابياً ونداءً إلى العقل والدعوة إلى الحوار والمنطق والشفافية والإلتزام بكلّ ما يرشح من هذه المفاوضات وترجّح إيران أن تكون التفاوض بشكل ذي مستويين: المستوى الأول هو ما يتعلّق بتصفية الخلافات بين المملكة العربية السعودية والجانب اليميني حيث مازال اليمن يعاني من الحصار ومازالت بعض المطارات لم تُفتح ومايتعلّق بتبادل الأسرى والقتلى وهناك قضايا كثيرة يجب أن تُحلّ تدريجياً من خلال جدولة زمنية وما عدى ذلك هناك أجواء إيجابية لمصالحة يمنية و هو المستوى الثاني والأهم حيث يكون حوار وطني وطني إن شاء الله.

ما هو تأثير الإتفاق على مستوى الإستثمارات والتعاونات الإقتصادية المشتركة؟

هذا السؤال مهم جداً لأنّ لإيران والسعودية حضور مؤثر جداً في منظمة الدولى المصدّرة للنفط (أوبك) وحتى في منظمة الدول غير المنخرطة في أوبك ولكن تبيع النفط نحو روسيا وما إلى ذلك وكذلك في المنطقة تتشكل الآن تكتّلات إقتصادية يمكن أن تنخرط فيها السعودية خصوصاً فيما يتعلّق بمنظمة شانغهاي الإقتصادية الأمنية أو أوراسيا وكذلك مشاريع كبرى كما جرى على لسان وزير التجارة والإقتصاد السعودي بأنّ البلدان مستعدّان للإستثمار بعضمهما في بلاد بعض في حقول النفط والغاز والإعمار وخصوصاً هناك مشروع مدينة نيوم الصناعية وأكيد سيحتاج إلى علماء ومهندسين ومخططين والشركات البحثية والفنية والتجارية لبناء هذه المدينة.

بالإختصار أنّ هذا الإتفاق لايقتصر على فتح السفارات وتبادل السفراء وإذن في كلّ الأحوال للبلدين نفوذ وشركاء في المنطقة وحلفاء إقتصاديين ومشاريع في دول أُخرى مثل العراق وسوريا ولبنان وما إلى ذلك. بلاشك ستكون هناك مفاعيل إيجابية وإستثمارات ومشاريع إقتصاديةوالتقنية وتبادل الخبرات بين البلدين.

 

ما هو تقييمكم في مستقبل العلاقات بين الجمهورية الإسلامية الإيرانية ودول الخليج الفارسي؟

 

العلاقات بين إيران ودول الخليج الفارسي الست، ليست في مسافة واحدة بل هناك تقسيم وتعريف. العلاقة بين إيران سلطنة عمان وقطر هي علاقة ممتازة وأعلى من ممتازة إن لم نقل إستيراتيجية على كلّ مستويات ماعدى المستوى الأمني والعسكري طبعاً. علاقة إيران معهما علاقة تأريخية. هناك مستوى ثاني إن صحّ التعبير وهو مستوى العلاقات الطبيعية ولكن “فاترة” إذا صحّ التعبير وهي بيننا وبين الكويت والإمارت العربية المتحدة. هذه العلاقات طبيعية ولكن فاترة.

المستوى الثالث وهو متدني عبارة عن علاقاتنا المقطوعة مع بعض الدول التي مازال الطرفان ينتظران فتح السفارات وتبادل السفراء وهي علاقتنا مع السعودية والبحرين وهي كانت علاقات متخاصمة ولكن الآن وبعد ما حصلت هذه المصالحة أكيد ستتأثر الدول الأخرى في مجال إنشاء العلاقات مع إيران وكما لاحظنا زيارة أمين المجلس الأعلى القومي السيد علي شمخاني إلى الإمارات والحديث الودّي الذي حصل وكذلك هئية من البرلمان الإيراني إلى منامة وإستعداد رغبة البحرين في فتح السفارات و يُبحث هذا الموضوع بعد زيارة السيد رئيسي إلى المملكة العربية السعودية إثر الدعوة التي وجّه له الملك سلمان وبكلّ تأكيد سيؤثر إيجابياً سواء على المستوى منظمة التعاون الخليجي وكلّ هذه الدول الست.

المصدر: خاص الوفاق