اهتمام الإسلام بالطّفولة

اهتمّ الإسلام كدين في تكوين الطفولة المنسجمة مع مبادئه، من خلال ترسيخ مجموعة القيم الأخلاقية والتربوية التي تنفتح على الإنسان طفلاً وشابّاً وشيخاً

2023-04-03

العلامة المرجع السيد محمد حسين فضل الله

للطفولة في بُعدها الإنسانيّ معناها الحيويّ في عملية تأسيس الشخصيّة الإنسانيّة وتقويتها وتنميتها، وغرس البذور الطاهرة النقيّة فيها، وإعدادها للتحوّل إلى عنصر فاعل منتج يمارس دوره في بناء الحياة على أساس ثابت.

ولذلك، كان الاهتمام الإنساني الدّائم بالأحداث، لكونهم المؤهَّلين لإحداث أيّ تغيير أو تثبيت دعائمه، كما التأكيد أنّ العلم في الصغر والتربية خلاله، تعني التثبيت لكلّ القيم والمفاهيم والأفكار التي يُراد تأكيدها.

ولذلك، اهتمّ الإسلام كدين في تكوين الطفولة المنسجمة مع مبادئه، من خلال ترسيخ مجموعة القيم الأخلاقية والتربوية التي تنفتح على الإنسان طفلاً وشابّاً وشيخاً، للتّخطيط لبناء جيل سليم نفسياً ودينياً وصحياً وتربوياً وأخلاقياً، وللعمل على إعداد الإنسان لتحقيق معنى وجوده لكونه الخليفة على الأرض، ولبناء الحضارة الإنسانية على الصّورة التي يريدها الله في الإنسان كفرد وكمجتمع وكدولة.

وقد حمَّل الإسلام لبلوغ الهدف أمر التربية على عاتق الأب والأمّ، لكونهما يمثلان العنصر الأساس في التربية، وخصوصاً في المراحل الأولى للطفل. ولكنه لم يلغ دور المجتمع بكلّ ما يشمل من مؤسّسات تربوية واجتماعية، ووسائل إعلامية ونوادٍ ثقافية ورياضية، ومراكز دينية وعبادية… واعتبر أن تأدية كلّ واحد من هؤلاء دوره، يساهم في خلق المناخات التي تهيّئ لنضوج الطفل، ولبناء ركائز شخصيته التي تتنامى في المستقبل.

وقد اعتمد الإسلام في أسلوبه التربوي على خطّين:

الأوّل، هو وقائيّ، بحيث يمنع من وقوع الطفل تحت التّأثيرات السلبيّة التي قد تنشأ من نقاط ضعفه في طريقة تفكيره ونظرته إلى الأمور، أو من المجتمع الذي يعمل على مدّ جذور انحرافه للأطفال.

كما وسعى إلى الخطّ الثاني، وهو بناء الشخصية الحيّة المتحركة والمتوازنة، والتي تأخذ حاجتها في الحياة، وذلك من خلال تأكيد أهمية كلّ مرحلة من مراحل التربية للطفل، وهي مرحلة اللّعب ومرحلة التأديب ومرحلة المصاحبة.. واعتبر أن التربية هي نتاج تكامل كل المراحل، بعد إعطاء كلّ مرحلة حقها الكامل.

وقد أكّد الإسلام أهمية إنتاج الولد الصالح، لأنه سيشكّل الذخيرة للأب والأمّ عند الله، بحيث يمنح الله الغفران لأيٍّ منهما بمقدار مشاركته في ذلك، لأنّ الولد الصّالح هو الذي يمثّل النموذج الصّالح الذي يحرك حياته وحياة النّاس في خطّ الصّلاح، كما وهو الّذي يمثّل استمرار الحياة لأهله حتى بعد مماتهم.