الوفاق/ القصة في إطار الصور والرسوم المتحركة دائماً تجتذب المشاهد، وجمعينا لدينا ذكريات جميلة منذ الطفولة عن أفلام الأنيميشن أو الرسوم المتحركة التي رأيناها وتركت أثرها علينا. وبما أننا خلال الأشهر والأعوام الأخيرة شاهدنا نجاحات وانجازات كبيرة للأنيميشن الإيراني، ليس فقط على المستوى الوطني بل على المستوى الدولي، لذلك نقدّم لكم في هذا المقال نبذة عن تاريخ الأنيميشن بصورة عامة وفي ايران بصورة خاصة، وبعد ذلك نتطرق الى بعض الأفلام الناجحة في هذا المجال.
الأنيميشن
الأنيميشن هو التعبير المتفق عليه عالمياً على تسميتها الآن بعدما كانت قد إشتهرت بالـ “كارتون” في القرن العشرين، والرسوم المتحركة تُعرف بأنها خلق متسلسلة من الصور المرسومة أو الملونة أو المنتجة بأي طريقة فنية أخرى والتي تتغير مع الزمن لخلق إحساس بصري بالحركة، لكن ذلك ليس قضيتنا في هذا المقال، بل قضيتنا استعراض تاريخ الرسوم المتحركة.
نبذة تاريخية عامة
بعض الشواهد التاريخية المكتشفة توضح أن للإنسان منذ ظهوره على الأرض رغبة في توثيق بعض قصصه وإنجازاته واكتشافاته المختلفة عن طريق متسلسلة صور لو تم النظر إليها لوجدت أنها تمثل شكل ما من الرسوم المتحركة، مثل بعض الرسوم في الكهوف التي ترجع للعصر الحجري والتي تصور حيوانات يتغير مكانها أو موضع قدمها بتتابع الرسومات، أو قطعة فخارية تم اكتشافها في إيران تعود لـحوالي 5200 سنة مضت توضح في خمس صور متتالية ماعزاً يحاول القفز عالياً ليأكل من شجرة، أو متتابعة صور في مقبرة مصرية قديمة تعود لحوالي 4000 سنة مضت تصور مباراة مصارعة، أو إلى ليوناردو دافنشي وبعض رسوماته لأعضاء الجسم البشري التي تشكل تتابعاً لصور متحركة، في النهاية كل هذه الشواهد لا يمكن اعتبارها رسوم متحركة ولكن بلا شك أنها تعتبر حجر أساس في تطور هذا الفن.
وبعد ذلك كخطوة تعتبر تطوراً نسبياً في فن الرسوم المتحركة تم ابتكار أجهزة متنوعة في الفترة الزمنية التي سبقت فكرة “فيلم الكارتون”، أجهزة تعرض متتابعة لصور بطريقة أو بأخرى لتصنع صورة متحركة، أجهزة صنعت للترفيه والإمتاع أو لإخافة الناس أحياناً، وكان أغلبها للاستخدام الفردي مما يجعلها أقرب لأن تكون “ألعاباً” من أن تعتبر آلات لعرض الصور المتحركة كما سيظهر لاحقاً في هذه الصناعة، ومعظم هذه الأجهزة لا يزال يصنع منها حتى الآن ليتعرف من خلالها الطلبة على أساسيات فن الرسوم المتحركة.
وفي خلال الأزمنة المختلفة تطورت الأجهزة، وفي إثرها تطورت صناعة الأنيميشن، وشهدنا أعمال رائعة من الرسوم المتحركة.
صناعة الرسوم المتحركة في ايران
استطاعت ايران تحقيق نجاحات باهرة في العديد من الميادين العلمية والصناعية والتقنية وفي مجال الثقافة والفنون والسينما ومروراً بالرسوم المتحرکة، وبالطبع أملت الضرورات الثقافية على مدى السنوات الأخيرة إبداء اهتمام اكبر بإنتاج أفلام رسوم متحركة للأطفال رغم تعقيداتها.
وفي هذا الإطار نرى أن هناك شركات ومؤسسات ايرانية متطورة جداً تعمل في مجال صناعة الأنيميشن، فمنها شركة “رايمون مديا” التي تعتبر أكبر مركز متكامل يقدم خدمات بالإضافة إلى إنتاج الرسوم المتحركة والألعاب والمؤثرات الرقمية الخاصة في إيران.
يمتلك هذا المركز، الذي تبلغ مساحته الضخمة 4000 متر مربع في شرق طهران ، القدرة على جذب وخدمة أكثر من 250 فنياً وخبيراً نشطاً في مجال الرسوم المتحركة والألعاب، واعتماداً على خبرته الممتدة على مدى عقود، يعتبر عاصمة إبداع الرسوم المتحركة وتقنياتها في الشرق الأوسط.
بدأ العمل الإحترافي لمؤسسي المركز في عام 1998، وقد وفر جمع الخبرات القيمة للعديد من الشركات خلال هذه الفترة.
و هذا المجمّع بفضل تقنياته المتقدمة، يعد مكاناً مناسباً جداً لخدمة الرسوم المتحركة وألعاب الكمبيوتر ونشطاء المؤثرات الرقمية الخاصة، وقد خلقت جميع المزايا المذكورة أعلاه مساراً مناسباً لإنتاج سريع وعالي الجودة.
وتحاول شركة “رايمون مديا” دائماً تجهيز الدعم والمعدات التقنية بطريقة مناسبة ووفقاً لأحدث التقنيات في العالم لإنشاء أعمال عالية الجودة ودائمة.و تحتوي على أقسام متنوعة وفعالة مثل مركز الفكر، قسم التصميم وإدارة المشاريع، الاستوديوهات المجهزة، غرف التحرير، أقسام مراقبة المشاريع، استوديو الصوت، التسجيل الصوتي ودبلجة الرسوم المتحركة، وإمكانية الفحص التجريبي للعمل في سينما ذات 100 مقعد، مما جعلها واحدة من أكثر المجموعات قدرة في هذه الصناعة.
ويعد هذا المركز منصة مناسبة لتقديم الخدمات الفنية والمتخصصة لمجتمع CGI ، باستخدام مرافقه الحديثة والتقنية.
أفلام الأنيميشن الإيراني
نرى هناك إنجازات ايرانية كبيرة في مجال الأنيميشن على المستوى الدولي، ويمكننا أن نذكر منها فيلم “آخر قصة” وهو من أفلام الأنيميشن، دخل الى القائمة المكونة من 32 فيلما للرسوم المتحركة التي دخلت الى المرحلة التمهيدية للأفلام المرشحة لجائزة الأوسكار.
وكذلك فيلم “المأكول” الذي شارك في العديد من المهرجانات المختلفة وفيلم “الحوت الأبيض” الذي حاز على أفضل فيلم رسوم متحركة من مهرجان وارسو السينمائي، وكذلك أفلام الرسوم المتحركة القصيرة “الذئب والماشية” و “العصفور المغرّد” اللذان دخلا في القائمة التمهيدية المرشحة لجائزة الأوسكار لأفلام الرسوم المتحركة القصيرة، الأمر الذي يبين نجاح ايران في مجال أفلام الرسوم المتحركة.
وكذلك فيلم الأنيميشن “الفيل الملك”، من إخراج هادي محمديان وإنتاج حامد جعفري، ومدته 90 دقيقة وساهم في إنتاجه فريق محترف فاق عدده المائتي شخص.
وقصة الفيلم تبدأ في غابة في أفريقيا، لدى زعيم الفيلة فيل صغير والجميع ينتظر أن يرث مكان والده، لكن وبخلاف تصور الجميع، “شادفيل”، فيل أخرق وغير متزن، وحجمه الضخم دائما ما يأتي بالمشاكل.
وأنيميشن “الولد الدولفيني” الذي من إخراج محمد خيرانديش، وإنتاج “محمد أمين همداني”، حظي باستقبال جيد من قبل الجمهور، وتم صنع هذا الأنيميشن في عام 2020 وبدأ عرضه في ايران منذ يوم الأربعاء 31 أغسطس/آب الماضي، وموضوعه يخوض في مجال الأسرة والمغامرة والكوميديا، وتبدأ قصة أنيميشن “الولد الدولفيني” مع تحطم طائرة في البحر، وينقذ دولفين وأمه، طفلاً رضيعاً سقط في البحر ويعتنون به.
وأخيراً أنيميشن “سمپاش” (البخاخ)، اخراج “فرنوش عابدي” وحصل حتى الآن على أكثر من 45 جائزة وطنية ودولية.
تم إنتاج هذه الرسوم المتحركة التي تبلغ مدتها 9 دقائق في العام 2021 في مركز التنمية الفكرية بتقنية ثلاثية الأبعاد (3D) للأطفال والناشئين الذين تزيد أعمارهم عن سبع سنوات.
فاز هذا الأنيميشن حتى الآن بثلاث جوائز من إنجلترا، إيران جائزة واحدة، جائزة بيرو واحدة، جائزة البرازيل واحدة، أمريكا 12 جائزة، إيطاليا ثماني جوائز، تركيا جائزة واحدة، جائزة روسيا واحدة، النمسا جائزة واحدة، جائزة تايوان واحدة، جائزة اليونان واحدة وجائزتان في فرنسا، وحصل من كوريا الجنوبية على جائزتين، وجائزة واحدة أوكرانية، وجائزة كندا واحدة، وجائزة إكوادور واحدة، وجائزة رومانيا واحدة، وأستراليا جائزتان، وجائزة ألمانيا واحدة، وجائزة واحدة من الفلبين، وجائزة واحدة من جمهورية التشيك، وجائزة واحدة من جمهورية الدومينيكان.
تدور أحداثه حول أرض يُحظر فيها نمو أي نوع من الزهور والنباتات، ويتولى جيش يسمى “البخاخ” مسؤولية الحفاظ على النباتات وصيدها ومن يقومون بصيانتها.
القصة لها جو خيال علمي وفيها الخراب هو عكس المدينة الفاضلة. في هذه المدينة المدمرة ، لا يوجد مستقبل مشرق للغاية ويغير أحد هؤلاء الجنود طريقه بعد أن قابل نبتة صغيرة.
كما أن فيلم الرسوم المتحركة “لابتو” من إنتاج محمد حسين صادقي وإخراج عباس عسكري، وهو المنتج الأول لمركز صور للرسوم المتحركة، وأرسل مبتكرو فيلم “لوبتو” هذه الرسوم المتحركة إلى دور السينما بهدف إسعاد الأطفال والعائلات تحت شعار “السعادة تصنع”.
تم إنتاج فيلم الرسوم المتحركة “لوبتو” بواسطة فناني كرمانيين في الأستوديو الذي يتجاوز الأبعاد بتقنية 3D.
وملخص قصته أنه يعالج والد علي مرضاه من خلال تعليمهم كيفية صنع الألعاب في ورشة لوبتو. تم إغلاق ورشة الألعاب الإبداعية الخاصة بـ “لوبتو”، والتي تحظى بشعبية كبيرة بين الأطفال الإيرانيين، بسبب التخريب من قبل شخص مجهول. يحاول علي والده اليائس لإنقاذه من هذا المأزق …” الى نهاية القصة.
وهكذا تتواصل مسيرة نجاح الأنيميشن الإيراني يوماً بعد يوم، حيث يشق هذا الفن طريقه في الأسواق العالمية ونرى إنجازاته على المستوى الدولي ويحصد الجوائز الدولية.