عضو المجلس السياسي في حزب الله محمود قماطي يتحدث لـ "الوفاق" :

كيف واكبت الجماهير اللبنانية اقتحام السفارة الأميركية في ايران

عند اقتحام الطلاب الإيرانيون وكر التجسس الأميركي، قام طلاب لبنان بتظاهرة دعم لهم على السفارة الأميركية في بيروت وأعلنوها

2022-11-07

الوفاق/ خاص

عبير شمص

تحلّ هذه الأيام الذكرى الرابعة والأربعين لاقتحام وكر التجسس في إيران، والتي عبّر عنها الإمام الخميني (قدس) بالثورة الثانیة. فقد شكلت هذه الحادثة بالنسبة للشعوب المستضعفة صفعةً مستمرةً لأمريكا، مظهرةً في الوقت نفسه قدرة الشعب الإیرانی المسلم بثورته الفتیة في سحق الهيمنة والغطرسة الأمريكية.

أسباب اقتحام السفارة

====================
بعد انتصار الثورة الإسلامية الإيرانية، بذلت الدول الغربية وخاصةً أمريكا – التي خسرت أكبر داعم لها في المنطقة، ولم يعد يتسنى لها نهب ثروات هذا البلد – محاولات عديدة لضرب هذا النظام الإسلامي الحديث الولادة عبر تقديم الدعم للمخالفين والمعارضين له. وأثارت هذه التصرفات المعادية من قبل الولايات المتحدة ضد ايران، وخاصةً استقبال الشاه الخائن في أمريكا، غضب الشارع الإيراني مما دفع مجموعة من الطلاب الثوريين في 1979م لاقتحام السفارة الأمريكية في طهران والاستيلاء عليها، واعتقال كل المسلحين الأمريكيين فيها، والإطلاع على كافة الوثائق الموجودة في السفارة والتي فضحت أسرار التجسس والتدخل السافر لأمريكا في إيران ودولٍ مختلفة في العالم.

يوم إذلال أمريكا

================

ذُهل العالم وهو يرى السفارة الأمريكية في قبضة الطلبة الثوريين، ولم تستوعب دوائر القرار الغربي كما إعلامه الحدث، ولم تذق أمريكا طعم إذلال كما أذاقها إياه الطلبة الثوريون، إذّ أظهر الثوار دبلوماسيون معصوبي الأعيّن أمام الكاميرات بصفتهم جواسيس ضالعين في جرائم التآمر على الشعب الإيراني، وسفارتهم تجوبها الكاميرات وتتوقف العدسات أمام الكم الهائل من الوثائق الممزقة التي تخلص منها الدبلوماسيون في لحظة الهجوم على وكرهم، لم تعرف أمريكا يوماً إذلالاً طويلاً وقاسياً يمسّ بكبريائها الزائف وغطرستها كما حصل طوال أشهر السيطرة على السفارة / الوكر.

تفاعل العالم مع أحداث الثورة

========================
بعد انتصار الثورة، جاءت ضربة السفارة، وإذلال أمريكا ليبرز معها الوجه التحرري للإسلام، وهو ما أسهم في تغيير الصورة النمطية عن الدين عموماً وموقعه في الصراع لدى الكثير من الحركات والتنظيمات اليسارية في العالم العربي والإسلامي، وتهيأت معه عوامل الصحوة الإسلامية التي غيرت الخارطة التنظيمية والفكرية في العالم الإسلامي.

انحسر الفكر اليساري وتقدمت الحركة الإسلامية في أكثر من ساحة، ولم يكن هذا التقدم عائد بالضرورة إلى عناصر قوة في مشروع هذه الحركات فقط، بل شكّل انتصار الثورة قوة الدفع لها، وما أعقبها من إذلال الطلبة الثوريين لأمريكا في واقعة السفارة؛ وهو الإذلال الذي لم ولن يمحى من الذاكرة الأمريكية التاريخية؛ كل ذلك كان حاسماً في إطلاق دينامية الإسلام السياسي عبر العالم، وقد تفاعلت العديد من هذه الحركات مع أحداث الثورة الإسلامية في إيران تأييداً ومواكبةً في الكثير من المحطات وكان أبرزها تصامنهم مع اقتحام وكر التجسس الأمريكي في إيران حيث نُظمت المظاهرات والاعتصامات تضامناً مع الثوار الإيرانيين، وكان أبرز هذه الساحات المتضامنة مع الثورة الساحة اللبنانية عبر تنظيماتها الإسلامية المختلفة وخاصة ً الأحزاب المقاومة للكيان المؤقت ربيب أمريكا، وللحديث عن هذه الأنشطة المواكبة لنشاطات الثوار كان لجريدة الوفاق لقاء مع عضو المجلس السياسي في حزب الله الوزير السابق محمود قماطي، وكان الحوار التالي بينهما:

بدايةً ما هي انعكاسات الثورة الاسلامية على الساحة اللبنانية في تلك الفترة؟

واكبت الحالة الإسلامية في لبنان الثورة الإسلامية في إيران منذ انطلاقتها بقيادة الإمام الخميني (قدس) وتفاعلت معها ثم ارتبطت بها وبالإمام بعد الإنتصار.

كيف واكبت الجماهير اللبنانية أنشطة الثورة، ومن هي الأحزاب والتجمعات المنفذة لهذه الأنشطة، وما كانت تلك الأنشطة؟

شكلت القوى الإسلامية في لبنان خلال الثورة عامي78/79 (اللجان المساندة للثورة الإسلامية في إيران) التي قامت بمسيرات حاشدة بعشرات الآلاف على أنغام النشيد الإيراني حينها/إيران إيران خونو مارغو عصيان/وتتقدمها صور ضخمة للإمام الخميني(قدس) وأخرى للسيد محمد باقر الصدر والسيد موسى الصدر. حيث جمعنا تبرعات للشعب الإيراني والثورة من شعب لبنان وسلمناها لاحقاً للحرس في طهران في أول زيارة لنا للتهنئة بالإنتصار. وبكى المسؤولون في الحرس لهذه البادرة الصادقة، هذا وقد ضمّت هذه اللجان المساندة للثورة :حزب الدعوة الإسلامية، حركة أمل، اللجان الإسلامية، إتحاد الطلبة المسلمين، تجمع العلماء المسلمين، حزب الشباب المسلم، وجمعيات متنوعة. بعد الإنتصار قررت هذه القوى الإلتحاق بقيادة الإمام والثورة وشكلّت حالة حزب الله، وهذا موضوع طويل وعميق جداً وله تفاصيل كثيرة لا مجال لذكرها في هذه العجالة.عند اقتحام الطلاب الإيرانيون وكر التجسس الأميركي/ السفارة الأميركية، قام طلاب لبنان بتظاهرة دعم لهم على السفارة الأميركية في بيروت وأعلنوها وكراً للتجسس أيضاً وما يزالون، وخلال زيارتنا طهران للتهنئة وتقديم تبرعات الشعب اللبناني لهم زرنا الطلاب في وكر التجسس حيث استقبلنا المرحوم حسين شيخ الإسلام  سفير ايران السابق في سوريا وأحد الطلاب المشاركين في اقتحام السفارة وشرح لنا الموقف برمته.

ماهو الدور الاستخباري والأمني لوكر التجسس في ايران والمنطقة، وما هي أهمية انعكاسات إغلاقه في كلٍ من إيران وأمريكا؟

كان هذا الوكر يدير أيام الشاه من طهران كل العمليات المخابراتية على مستوى غرب آسيا ويتدخل في شؤون الدول الداخلية ويسرق ثروات الشعوب ويقتل كل من يعارض أو يقف في وجهه وكان يعتبر شاه إيران شرطي الخليج الفارسي الذي كان حليفاً وصديقاً للعدو الصهيوني. انتصرت الثورة واحتل الطلاب وكر الجاسوسية الأميركية وأعلن الإمام الخميني (قدس) رفض الثورة للهيمنة الأميركية وطرد السفير الإسرائيلي وحوّل السفارة الإسرائيلية إلى سفارة فلسطين فانقلبت المعادلات في المنطقة وبدأت رياح التغيير وأعلن يوم القدس العالمي، وانعكس ذلك على لبنان بتعزيز مشروع المقاومة وتقويتها والمقاومة في فلسطين، وبدأ فجرٌ جديد في الأمة على يد الإمام الخميني(قدس) وما يزال مستمراً بقيادة الإمام الخامنئي (دام ظله الوارف).

برأيكم ما هي أوجه التدخل الامريكي المستمر في إيران ومدى تأثيره، وكيف واجهته الجمهورية الإسلامية ؟

لم تيأس الإدارة الأميركية من مخططات التآمر المستمر على إيران الإسلام منذ الساعة الأولى لقيام الثورة التي صمدت طوال هذه السنوات من عملية صحراء طبس الأميركية إلى الحرب المفروضة إلى الفتن الداخلية من المنافقين إلى شبكات التجسس المتتالية إلى أعمال الشغب في الشوارع فالعقوبات الإقتصادية والحصار الدولي والإرهاب والقتل للأبرياء. وهذا ما حصل أخيراً في مدينة شيراز داخل مقام السيد أحمد شقيق الإمام الرضا(ع) وكان هدفه إشعال إقتتال داخلي ومواجهات في الشوارع وكذلك تحريك الإثنيات والعرقية كما حصل في كردستان. إننّا لا نتوقع إيقاف التآمر الأميركي على إيران الثورة والإسلام بكل الأدوات والأساليب والإمكانيات ويشارك معها بعض الأنظمة في العالم والمنطقة. ولكننا واثقون ومؤمنون أنّ هذه الثورة قوية جداً بدعم الشعب الإيراني ومؤسساتها الثورية وفي مقدمتهم حرس الثورة وحكمة وإخلاص قيادتها وعلى رأسها سماحة الإمام الخامنئي(دام ظله الوارف).