التكافل الإجتماعي في مدرسة أهل البيت (ع):

الإطعام من موجبات الرزق

كان أئمة أهل البيت(ع) يحرصون على أداء صدقة السرّ، فيحملون الأطعمة في الليالي المظلمة للناس، ضاربين بذلك أروع أمثلة التكافل، وكان الناس سرعان ما يكتشفون أن الرجال الذين يوزعون عليهم الأطعمة والمعونات في الخفاء هم أهل البيت(ع)

2023-04-09

الطعام حاجة أساسية لابدّ منها لعيش الإنسان وبقائه على قيد الحياة، والإسلام لا يريد أن يُترك الإنسان فريسة الجوع، وعليه لابدّ من تفعيل مبدأ التكافل من أجل إطعام الجياع وسد رمقهم. فمن الضرورة بمكان أن يبدأ الإنسان بسد جوع من يقرب له نسباً أو مكاناً، وفي هذا الصدد يقول الرسول الأكرم (ص): “والذي نفس محمّد بيده لا يؤمن بي عبد يبيت شبعان وأخوه ـ أو قال: جاره ـ المسلم جائع”. وفي هذا الحديث إشارة تستحق التأمل، وهي أن الاتجاه التكافلي جزء لا يتجزء من الإيمان القلبي، فالإسلام  كما هو معلوم إيمان وعمل، والتكافل هنا يقع ضمن دائرة الإيمان العملي، وبدون ذلك لا يمكن إطلاق صفة الإيمان الكامل على من لا يمارس التكافل.

ضمن هذا السياق للإطعام في الإسلام غاية سامية هي سد رمق الجياع، وإبعاد شبح المجاعة عنهم، وليس الغاية منه التفاخر، أو تحقيق أغراض مصلحية ببذله للأغنياء وحجبه عن الفقراء، فالإطعام يُراد منه وظيفة اجتماعية تكافلية بعيداً عن الإسراف والتبذير والتشريفات الفارغة أو الأغراض المصلحية.

الإطعام من موجبات الرزق

إنّ الإطعام له معطيات حميدة على المُطعم، إذ يسهم في زيادة الرّزق، وبالمقابل هناك عواقب غير حميدة سوف يواجه تبعاتها كل من يطمس رأسه في رمال اللامبالاة تجاه إخوانه المؤمنين، وخاصةً أولئك الذين يصابون بالتخمة بينما المحيطون بهم يبيتون وبطونهم خاوية، وفي هذا الخصوص قال الإمام زين العابدين (ع) محذراً: “من بات شبعاناً وبحضرته مؤمن طاوٍ، قال الله تعالى: ملائكتي! اُشهدكم على هذا العبد أنّي أمرته فعصاني وأطاع غيري فوكلته إلى عمله، وعزّتي وجلالي لا غفرت له أبداً”.

أهل البيت (ع) القدوة

كان أئمة أهل البيت(ع) يحرصون على أداء صدقة السرّ، فيحملون الأطعمة في الليالي المظلمة للناس، ضاربين بذلك أروع أمثلة التكافل، وكان الناس سرعان ما يكتشفون أن الرجال الذين يوزعون عليهم الأطعمة والمعونات في الخفاء هم أهل البيت(ع).

وكان ذلك الإمام العظيم يخرج في اللّيلة الظلماء ويحمل الطعام أو الحطب على ظهره حتّى يأتي باباً باباً فيقرع ثمّ يناول من يخرج إليه، وكان يغطي وجهه إذا ناول فقيراً لئلا يعرفه، فلمّا توفي فقدوا ذلك، فعلّموا أنّه كان علّي بين الحسين(ع). وكان (ع) يعول مائة بيت من فقراء المدينة، وكان يعجبه أن يحضر طعامه اليتامى والمرضى والمساكين الذين لا حيلة لهم، وكان يناولهم بيده، ومن كان له منهم عيال حمله إلى عياله من طعامه، وكان لا يأكل طعاماً حتى يبدأ فيتصدق بمثله.

لقد اقتدى أهل البيت(ع) برسول الله (ص) فكان لهم به (ص) أسوةً حسنة، ومما عُرف عن رسول الله (ص) أنّه” ما شبع ثلاثة أيام متوالية حتى فارق الدنيا، ولو شاء لشبع، ولكنه كان يؤثر على نفسه”.

وكالات