الوفاق/ خاص
عبير شمص
“لم تكن مجرد نظام سياسي جديد يقوم على أنقاض نظام سابق، بل كانت انقلاباً شاملاً على مستوى الأصول الفكرية وعقيدة النظام وقيمه ومفاهيمه”، هكذا يصف الكاتب المستشار الثقافي الإيراني في بيروت الدكتور عباس خامه يار الثورة الإسلامية في كتابه “السياسة الخارجية للجمهورية الإسلامية الإيرانية: دراسة في المبادئ والنظريات من العام 1979 حتى العام 1991” الصادر عن مركز الحضارة لتنمية الفكر الإسلامي. فهو يعتبر “إنً الثورة الشعبية التي انتصرت في إيران عام 1979 هي أعظم ثورة في تاريخ إيران الطويل منذ 2500 عام فهي حدث نادر هز المجتمعات الإسلامية وترك أثره على مجمل العلاقات الدولية إذ أنهى نظاماً إمبراطورياً عريقاً عرف بانحيازه المطلق للغرب” وأنّ الثورة الإسلامية قد تكون أهم حدث شهده العالم الإسلامي في مرحلة ما بعد سقوط الخلافة العثمانية وربما كانت الواقعة الأساس التي سوغت الحديث عن ظاهرة الإحياء الإسلامي في سبعينات وثمانينات القرن الماضي ودفعت بها إلى مجال الدراسة والإهتمام.
تطرّق المستشار في كتابه إلى مفاصل السياسة الخارجية الإيرانية، مبيناً أسسها ونظرياتها ومنطلقاتها وكذلك مرتكزات النظام السياسي الإيراني، والثوابت التي حددها الدستور ليستعرض بعدها آليات اتخاذ القرار في إيران ودور مختلف المؤسسات الدستورية والسياسية ومراكز الدراسات والبحوث في صنع القرار حول السياسة الخارجية. تعتبر هذه الدراسة هي محاولة للبحث في هذه الظاهرة الجديدة تحديداً خلال العقد الأول من انتصار الثورة الإسلامية إذ تُعد الجمهورية الإسلامية الإيرانية أول دولة دينية في هذا العصر عبر تسليط الضوء على مبادئ السياسة الخارجية الإيرانية ونظرياتها.
وقد نجح في التوغل في مفاهيم السياسة الدولية على المستوى الأكاديمي وعلى مستوى الممارسة العملية التي يرى أنها تستلهم مفرداتها وخصائصها من المذهب السياسي “الذرائعية” المنتشر منهجياً في الغرب والقائم على أساس مصالح البلدان وليس مبادئها. وفي حال ظهور بعض المواقف المبدئية فإنها لا تكون أكثر من من عنصر ثانوي يخدم عنصر المصلحة الذي هو الأساس والمحرك في العلاقات الدولية.
والكتاب هو في الأصل أطروحة دكتوراه حول السياسة الخارجية الإيرانية من شخصية باحثة وأكاديمية عايشت الثورة الإسلامية الإيرانية منذ انطلاقتها ورافقتها من داخل مؤسساتها طيلة العقود الأربعة الماضية. ومن هنا أهمية هذه الدراسة كونها تجمع بين الجانب النظري والأكاديمي والجانب التطبيقي العملي.