مبدأ الأخوّة الإيمانية
التكافل الاجتماعي جزء من عقيدة المسلم والتزامه الديني، وهو نظام أخلاقي يقوم على الحبّ والإيثار ويقظة الضمير ومراقبة الله (عزَّ وجلّ)، ولا يقتصر على حفظ حقوق الإنسان المادية، بل يشمل أيضاً المعنوية؛ وغايته التوفيق بين مصلحة المجتمع ومصلحة الفرد.
وقد عُني القرآن بالتكافل ليكون نظاماً لتربية روح الفرد، وضميره، وشخصيته، وسلوكه الاجتماعي، وليكون نظاماً لتكوين الأسرة وتنظيمها وتكافلها، ونظاماً للعلاقات الاجتماعية. ومن هنا فإنّ مدلولات البرّ، والإحسان، والصدقة، تتضاءل أمام هذا المدلول الشامل للتكافل.
لقد عمل الإسلام على بناء وتدعيم علاقات طيبة بين الناس تقوم على أساس الأخوّة والألفة، وإذا كان علم الاجتماع معنياً أولاً وقبل كل شيء بالظواهر الاجتماعية، فإنّ ظاهرة الأخوّة التي أوجدها الإسلام بين أفراده تستحق الدراسة والتأمل، فقد أحدثت مبادئ الإسلام وخاصة مبدأ الأخوة انعطافاً اجتماعياً حاداً في أنماط تفكير وسلوك الغالبية من المسلمين، إذ كان الإنسان الجاهلي قبل الإسلام منكفئاً على ذاته، ومتقوقعاً داخل أسوار نفسه، فغدا بفضل الإسلام إنساناً اجتماعياً يشعر بمعاناة إخوته، ويمدّ يد العون لهم، ويشاركهم في مكاره الدهر.
وهذه النقلة الحضارية يشير إليها القرآن بصورة جلّية، في قوله عز من قائل: (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ الله جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ الله عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنْ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا…).
أنواع التكافل الاجتماعي
أ- التكافل الأدبي:
وهو شعور كلّ فرد نحو إخوانه في الدين بمشاعر الحبّ والعطف والشفقة وحسن المعاملة، ويتعاون معهم في سرّاء الحياة وضرّائها، ويفرح لفرحهم، ويأسى لمصابهم، ويتمنّى لهم الخير، ويكره أن ينزل الشرّ بهم، وقد دلّ على ذلك المعنى قول رسول الله(ص): “لا يؤمن أحدكم حتى يحبّ لأخيه ما يحبّ لنفسه”..
ب- التكافل العلمي:
بيّن النبي (ص) ثواب مُعلِّم الناس، فقال(ص): “إنّه ليستغفر للعالِم مَنْ في السموات ومن في الأرض، حتى الحيتان في البحر”. وهذا نوع من التكافل العلمي، الذي يعني أن يعلّم العالم الجاهل، وعلى الجاهل أن يتعلّم من العالم.
ج- التكافل العبادي:
في الإسلام شعائر وعبادات يجب أن يقوم بها المجتمع ويحافظ عليها، كصلاة الجنازة، فإنّ المسلم إذا مات وجب على المجتمع تكفينه والصلاة عليه ودفنه، فإنْ لم يقم بذلك أحد أثم المجتمع، وهو ما يسمى فرض الكفاية في العبادات.
د- التكافل المعيشي:
يُقصد به إلزام المجتمع بكفالة ورعاية أحوال الفقراء والمرضى والمحتاجين، والاهتمام بمعيشتهم من طعام وكساء ومسكن وحاجات اجتماعية، لا يستغني عنها أيّ إنسان في حياته.