الشهيد أحمد قصير

فاتح عهد الشهادة

مثلت هذه العملية التي أعلنها حزب الله يوماً تكريمياً لشهدائه، تحولاً تاريخياً في العمل المقاوم ضد الاحتلال الإسرائيلي

2022-11-09

سنواتٌ مرّت على إذلال أحمد أعتى جيوش العالم، دون أن يذكر إسمه بين الشهداء، والذي بقي مجهولاً حتى 19 أيلول 1985، مع وضوح تفاصيل العملية الاستشهادية وأهدافها وتداعياتها، تلك التي جعلت وزير الدفاع الإسرائيلي والمشرف على الحرب آنذاك أرييل شارون، يقف على أنقاض مبنى الحاكم باكياً تبددَ مشروعه في احتلال البلاد.

المولد والنشأة

ولد الشهيد أحمد قصير في بلدة دير قانون النهر، في العام 1963، وتميّز في طفولته بسرعة الاستيعاب، وبوعيٍ سبق عمره. عُرف الشهيد بثقافته وحبه للمطالعة، وبالتزامه منذ بداية سن تكليفه. وإتصف بحسن خلقه وطيب معشره، وإحسانه إلى الفقراء وشجاعةً قلّ نظيرها. وكان يُحرّض الناس دائماً على قتال العدو، ويدعوهم إلى تمزيق التصاريح التي كانوا يحصلون عليها من مقر الحاكم العسكري في مدينة صور لعبور الحواجز، لأنها كانت تشكّل بالنسبة إليه، اعترافاً رسمياً بالعدو.

الجهاد والشهادة

خاض الشهيد عمليات جهادية عدة ضد العدو الإسرائيلي، بسريةٍ وكتمان شديدين، وساهم في نقل السلاح استعداداً للمواجهة العسكرية مع قوات الإحتلال. وفي 11/11/1982، إنطلق الشهيد بسيارة من طراز بيجو بيضاء اللون كانت مفخخة بكميات كبيرة من المتفجرات، متوجهاً نحو مقر الحاكم العسكري في صور، الذي كان يعتبر من أهم المراكز الإسرائيلية في منطقة الجنوب.وحين وصل إليه، اقتحم المبنى كالبرق الخاطف، مفجراً نفسه في عملية جريئة ونوعية كانت فاتحة العمليات الاستشهادية، فخلال دقائق، تحول مبنى العدو المحصن بأكثر العتاد والجنود تجهيزاً، إلى أنقاض قضى تحتها عشرات بل مئات العسكريين الإسرائيليين، في مقدمهم رئيس جهاز الاستخبارات الإسرائيلية، والحاكم العسكري الإسرائيلي. وفيّما اعترف العدو بمئتي إصابة في صفوفه، أكدت المقاومة سقوط ما لا يقل عن خمسمئة إصابة بين قتيل وجريح.

يوم شهيد حزب الله

بعد زوال خطر الاحتلال عن أهل أحمد ومنطقته بعد الانسحاب الاسرائيلي منها، أعلن الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله إسمه معلناً بأنها :” أول عملية استشهادية من هذا النوع في تاريخ الصراع مع العدو الصهيوني، تفاجىء العدو بهذا النوع الجديد من العمليات الذي لا يمكن استيراده لا من الولايات المتحدة ولا من الاتحاد السوفياتي، هذا النوع لا يمكن أن يصنع إلاّ من قيم وشرف هذه الأمّة “.وقد زار سماحته على رأس وفد منزل الشهيد في بلدته، وهناك، توجّه السيد الى أهل الشهيد بالقول: “إنّ إبنكم هزّ الكيان وأحدث معادلة جديدة في الصراع مع العدو، وتضحيتكم أنتم لا نظير لها”.

مثلت هذه العملية التي أعلنها حزب الله يوماً تكريمياً لشهدائه، تحولاً تاريخياً في العمل المقاوم ضد الاحتلال الإسرائيلي، عبر إرساء النهج الجديد الذي رسخ عند الشباب المقاوم والبيئة الحاضنة المقاوِمة والوطنية، في لبنان وخارجه، والذي لم يستطع كيان الاحتلال إلى اليوم أن يجد له حلاً، ولا زال طيف أحمد قصير يلاحقه.