بمناسبة اليوم الوطني له

الخليج الفارسي… ميراث وطني ورمز للهوية الإيرانية

يُوصف الخليج الفارسي بأنه منهَض السلام والحضارة الايرانية وأحد أهم مناطق العالم الاستراتيجية حساسيةً ذات دور مصيري في التبادل الاقتصادي على صعيد الشرق الاوسط، لموقعه ومكانته الهامة، ما جعل ايران إحدى القوى العظمى في المنطقة.

2023-04-29

الوفاق/ وكالات

تمت تسمية يوم 30 نيسان في التقويم الرسمي الایراني باليوم الوطني للخليج الفارسي وذلك بمناسبة طرد المحتل البرتغالي من جزيرة هرمز وتحريره على يد القوات الايرانية عام 1622 ميلادي. ان اسم الخليج الفارسي الذي يعود تاريخه إلى أعماق التاريخ البشري هو رمز للهوية الإيرانية ومجد للمنطقة.

وقد قام المجلس الأعلى للثورة الثقافية عام 2006 بتسمية 30 نيسان /ابريل من كل سنة بـ(الذكرى السنوية لطرد البرتغاليين من مضيق هرمز) باليوم الوطني للخليج الفارسي نظراً الى استهداف بعض الدول الهوية الثقافية والتاريخية للشعب الايراني وبناء على توصية تقدم بها مجلس الثقافة العامة.

ويُوصف الخليج الفارسي بأنه منهَض السلام والحضارة الايرانية وأحد أهم مناطق العالم الاستراتيجية حساسيةً ذات دور مصيري في التبادل الاقتصادي على صعيد الشرق الاوسط، لموقعه ومكانته الهامة، ما جعل ايران إحدى القوى العظمى في المنطقة.

ويُعتبر الخليج الفارسي ضمن البحار الاربعة التي كان اليونانيون القدامى يعتقدون بأنها تنبع من أكبر محيط في العالم وكان الجميع آنذاك يسميه بخليج “فارس”.

ويتخذ الخليج الفارسي موقعاً هاماً بإعتباره ممراً نفطياً عالمياً ذا صلة وثيقة بالحضارة الايرانية وهو من الأسماء التي وردت منذ القدم في الوثائق والمراسلات والعقود بين الأقوام والشعوب الدانية والقاصية.

ويبدو ضرورياً للغاية صيانة تسمية الخليج الفارسي كخطوة وطنية نواجه بها نفوذ الأجانب ويجب أن يشارك في ذلك جميع الاجهزة والمؤسسات المعنية لصيانة هذه التسمية المتجذرة في المعتقدات والقناعات الوطنية والدينية والنفسية للايرانيين.

ووفق ما ورد في المستندات والوثائق التاريخية والجغرافية الوطنية منها والدولية فإن الخليج الفارسي هو تقاطع وممر مائي دولي وميراث يمتد الى 2500سنة، كان تحت اختيار ايران والحكومات التي تولت زمام أمورها.

الخليج الفارسي واسمه المثير للإعجاب هو الإرث الثمين للإيرانيين القدماء، وهو الإرث الذي تركه الإيرانيون ذوو التفكير الحر لأطفالهم ليكونوا مصدر فخر للأجيال القادمة وللإيرانيين ليتذكروا أن رموزهم الوطنية هي التي تزينت وتبركت بغطاء من المعتقدات الدينية والإلهية العميقة، وسيبقى دائماً في التاريخ وسيكون مصدر فخر للايرانيين.

عندما كتب التاريخ البشري ودُرست الجغرافيا بطريقة علمية على مستوى ومدى البحث والدراسة في العصور القديمة، كان اسم الخليج الفارسي أحد العناصر الأربعة المعروفة لليونانيين القدماء، واعتقدوا انه جاء من محيط ضخم، نشأت منه مساحة تعادل جميع مياه العالم، وتحدث أكثر بكثير مما تحدث داريوش الإمبراطور الأخميني لإيران عن بحر بارس في نقوشه، حتى غير الإيرانيين عرفوا هذا الامتداد المائي من قبل بأسم بارس.

كان الممر المائي للخليج الفارسي أو البحر الفارسي الكبير محط اهتمام جميع الدول منذ العصور القديمة اقتصادياً ولاحقاً نظراً لأهميته الجغرافية والسياسية، وتقريباً منذ وصول الآريين إلى الهضبة الإيرانية، وذلك من الألفية الثانية إلى الألفية الأولى قبل الميلاد، كان الخليج الفارسي وشواطئه يسكنه الإيرانيون، الذين استقروا تدريجياً في الهضبة الإيرانية وتسببوا في الارتباط الاقتصادي القيم المتزايد للخليج الفارسي بالعالم بأسره.

منذ بداية تواجدهم في أرضهم المقدسة، أدرك الإيرانيون القيم الفريدة للبحر الفارسي وحاولوا ترسيخ سيادتهم البحرية على هذه الأرض، فقام كورش بإنشاء أكبر قاعدة بحرية في البحرين وبالتالي أنشأوا قوة بحرية إيرانية في الخليج الفارسي.

في عام 539 قبل الميلاد، بعد غزو بابل، اعتبر كورش أن إنشاء البحرية والتجارة ضروريان للحكومة الأخمينية الوليدة، ولأول مرة جعل جزيرة البحرين قاعدة بحرية مهمة لإيران في مياه الخليج الفارسي.

كما كان له سكن خاص بالقرب من بوشهر اليوم، وبعد ذلك بنى الأخمينيون مدينة تسمى «ته أوكه» في نفس المكان، وتشير ألواح تخت جمشيد أيضاً إلى الوفود التي زارت هذه المنطقة في زمن داريوش.

كان الإيرانيون أيضاً أول دولة تفتح أبواب التجارة العالمية في منطقة الخليج الفارسي عبر مياه الخليج (الفارسي)، بحيث حفر داريوش قناة دريوش (قناة السويس) من أجل إقامة اتصالات بين البحر الأحمر وبحر الروم (الابيض المتوسط) وبعد ذلك كانت سواحل الخليج الفارسي والبحرين يحكمها دائماً الأمراء الأخمينيون الذين حكموا في فارس وكرمان.

في عهد الأشكانيين، سيطر الإيرانيون أيضاً على الخليج الفارسي وجزائره. ويشير المؤرخ الإيراني محمد بن جرير الطبري في كتابه إلى العرب الذين عانوا من المجاعة في عهد أسرة الأشكانيين في البادية والحجاز، خلال الفترة الأشكانية، كان العرب يعتبرون أقرب الطرق للنجاة تمر عبر إيران وجاؤوا من الحجاز إلى البحرين التي كانت جزءا من اراضي ايران.

كان سكان الخليج الفارسي القدامى أول من تعلم طريقة الملاحة واخترعوا السفن وربطوا الشرق بالغرب، وسارت سفن الفرس أولاً بطول نهر السند إلى شواطئ الهند المحيط وبحر عمان والخليج الفارسي وداروا حول شبه الجزيرة العربية ووصلوا إلى نهاية البحر الأحمر الحالي.

تم تسمية الخليج الفارسي منذ آلاف السنين من قبل الدول التي تعاملت مع الإيرانيين، بما في ذلك الإغريق والرومان. كان يطلق عليه البحر الفارسي، كما أطلق عليه العرب اسم «الخليج الفارسي» أو «البحر الفارسي» لعدة قرون.

من خلال البحث في جميع نصوص جغرافية العالم القديم، من خرائط هكاتايوس وبطلميوس، إلى أعمال الجغرافيين والمسافرين المسيحيين والمسلمين، يشكل الخليج الفارسي أو البحر الفارسي فرع كبير من المحيط الهندي، ويمتد من جنوب إيران بموازاة البحر الأحمر، إلى قلب العالم القديم.

وفقاً للوثائق الموجودة، تم استخدام الخليج الفارسي تجارياً وعسكرياً من قبل دول العالم القديم منذ الألفية الثامنة قبل الميلاد، وفي نقوش داريوش الأخميني في مصر من عام 515 إلى 518 قبل الميلاد، والذي تم الحصول عليها أثناء حفر قناة السويس، ورد اسم البحر الفارسي في عبارة «Drayeh Tepe Hecha Parsa Ayti Hani» والتي تعني البحر الذي ينطلق من بلاد فارس.

وجاء في كتاب حدود العالم، باعتباره أقدم كتاب جغرافيا باللغة الفارسية، والذي كتب منذ حوالي ألف عام، أن الخليج الفارسي يمتد من حدود بارس، إلى حدود السند. يمكن القول أن البحر الفاصل بين الهضبة الإيرانية وشبه الجزيرة العربية قد أطلق عليه اسم «البحر الفارسي» أو «الخليج الفارسي» منذ بداية كتابة التاريخ البشري، ولم يطلق عليه أي اسم آخر في أي من الفترات التاريخية. .

يُطلق على الممر المائي الذي يفصل إيران عن شبه الجزيرة العربية اسم «الخليج الفارسي» وفقاً لجميع الوثائق التاريخية / الجغرافية، والخرائط الموجودة من اليونان القديمة إلى الفترة المعاصرة، وكذلك بيانات الأمم المتحدة، وحتى في الكتابات العربية والخرائط التي تم نشرها قبل ستينيات القرن الماضي، تم استخدام عنوان «الخليج الفارسي أو البحر الفارسي».