أوضحت صحيفة “هآرتس” في تقرير مشترك أعده كل من جدعون ليفي وأليكس ليباك، أن “مخيم جنين للاجئين يوجد في أصعب أوقاته وأعنفها منذ الانتفاضة الثانية، فمقبرة المخيم تعج بقبور الشهداء”.
ونوهت إلى أن مشهد عائلات الشهداء وهم في زيارة لقبورهم ذويهم في العيد “يحبس الأنفاس”، موضحة أن مشهد “القبور الثلاثة المفتوحة، يضيف القوة لهذا الموقف الصعب”.
وقالت: “في الشارع خلف الزاوية، تلوح صور ضخمة للصحفية شيرين أبو عاقلة، وضعت صخرة في المكان الذي قتلت فيه برصاص جنود الجيش الإسرائيلي، هذه المقبرة التي توجد على مدخل المخيم تحكي قصص الشهداء، عندما ندخل إلى داخل المخيم نكتشف الصورة المدهشة للحياة”.
وأوضحت الصحيفة أن معدي التقرير، ليفي وليباك، دخلوا إلى المخيم خلسة ووصلوا إلى المقبرة لإلقاء “نظرة خاطفة من داخل السيارة، ونزلوا من السيارة لكنهم عادوا بسرعة للاختباء بها خلف النوافذ السوداء”، منوهة إلى أنهم “لم يشعروا في أي يوم بأنهم مهددون بهذا الشكل”.
وأضافا: “بعد بضع ثوان من اجتياز سيارتنا التي تحمل اللوحة الإسرائيلية لمدخل المخيم، انتشر في مجموعات “واتساب” و”فيسبوك” المحلية نبأ عن وجود إسرائيليين في المخيم”.
وأشارت “هآرتس” إلى أن “أزقة المخيم مزينة بصور الشهداء، أكثر مما كان في أيام الاقتحام الأكبر (عملية السور الواقي)، لا يوجد تقريبا أي طفل في المخيم ليس معه بندقية لعبة، شاهدنا أيضا طفلة تحمل بندقية، لكن الجديد حقا في الأشهر الأخيرة؛ الحواجز التي استهدفت وقف أي اقتحام للجيش الإسرائيلي”.
وتابعت: “في كل التقاء مع زقاق، وبالطبع على جميع مداخل المخيم باستثناء مدخل واحد، توجد حواجز من الحديد على جانبي الشوارع، في الساعة الحادية عشرة ليلا هناك من يأتون ويضعونها على عرض الزقاق، هذه الحواجز التي يرفعها الجيش أحيانا بواسطة الجرافات وأحيانا يقوم بتفجيرها، تعيق دخول القوات وتعطي الوقت للمسلحين في المخيم كي ينظموا أنفسهم”.
وأفادت بأن “كاميرات الحماية تظهر الآن في كل زاوية، هي إضافة جديدة لزينة المخيم الذي تحول إلى حصن، وفي حالة اقتحام قريب يشغل المراقبون على مداخل المخيم صافرة إنذار تسمع في كل المخيم، لا توجد ليلة واحدة هادئة هنا، أحيانا الجنود يقومون بإطلاق النار على مولدات الكهرباء وعندها تنقطع الكهرباء ويخيم الظلام طوال الليل في المخيم”.
وبينت أن “البيوت في المخيم بنيت على سفح جبل وعلى قمته بضعة بيوت جديدة أكبر نسبيا..، السفر السريع في أزقة المخيم يظهر صورة أصعب من السابق، شيء ما ثقيل ومهدد يحدث في هذا المخيم المكتظ والذي هو غير موجود في مخيمات اللاجئين الأخرى”.
وقالت الصحيفة: “مسلحون يمرون مثل الظل في الشوارع، سيارة تندر الكتيبة، تتجول مع شبكة تمويه عسكرية موضوعة على غرفة التحميل فيها، أحيانا تحتها تختفي الذخيرة وأحيانا مقاتلون وأحيانا حواجز تنشرها السيارة في المخيم حسب الحاجة. الكتيبة (كتيبة جنين) هي اتحاد لكل القوات المقاتلة في المخيم؛ فتح وحماس والجهاد الإسلامي، موحدة هنا في إطار الكتائب وتعمل معا، في الجنازات تتم مشاهدة مئات المسلحين، الأمر يكشف قوتهم وكمية السلاح الذي بحوزتهم”.
ولفتت إلى أن قوات المستعربين التابعة لجيش الاحتلال توجد في كل لحظة في المدينة، “لذا؛ فالشك في المخيم كبير جدا، وأهل المخيم والمناضلون، لا يعطون الثقة لأي مراسل إسرائيلي بعد أن خيبوا جميعهم أملهم عندما تبنوا الرواية الإسرائيلية عن ما يحدث في المخيم؛ هناك أيضا شك كبير في مراسلي وسائل الإعلام الأجنبية”، مضيفة أن “المسلحين والمطلوبين يختفون هنا أقل مما كان في السابق، الخوف في المخيم أقل من أي وقت سابق. ما سيحدث ليحدث؛ قال المسلحون. لذلك أيديهم على الزناد أخف من أي وقت سابق، لن يترددوا في إطلاق النار في أي اتجاه يشكون أنه يوجد فيه جنود، لأنه لم يعد هناك أي شيء يخسرونه، علما بأن تأييد الشعب الفلسطيني للمسلحين (المقاومين) أكبر من أي وقت سابق، والمخيم الآن يقف خلفهم كرجل واحد، لم يعد أي شيء يخسرونه”.
فأمام المستشفى الحكومي في المدينة على مدخل المخيم، ما زال هناك تمثال الحصان الذي وضعه الفنان الألماني توماس كلبر، والذي صنعه من قطع السيارات وسيارات الإسعاف التي دمرها جيش الاحتلال في عملية “السور الواقي” في 2002، الحصان الآن محاط بصور الشهداء، أحيانا بحسب “هآرتس” يبدو أن “الوقت في المخيم يرفض التقدم، وأحيانا يبدو أن الوقت لا يتوقف هنا ولو للحظة”.