كتب تاريخية:

الإنسان الكامل للشهيد مطهري

إنّ شخصية الإنسان تتجلى في صفاته الأخلاقية والنفسية، فإذا اعتدلت هذه الصفات كانت شخصية الإنسان متلائمة مع مظهره الإنساني، وأمّا إذا انحدرت وخرجت عن طور الإنسانية وأتسمت بصفات حيوان مفترس، لم يعد صاحب هذه الصفات إنساناً وإنما حيواناً مفترساً، أي إن شخصيته قد مُسخت وأصبحت في البطن والحقيقة بهيمة، وهذا هو الإنسان الناقص في قبال الإنسان الكامل

2023-05-03

الوفاق/ وكالات

إنّ كل موجود حينما يطوي في مسيرة تكامله الفطري طريق الكمال يكون في الحقيقة يسير في نفسه الضعيفة إلى نفسه القوية، وعلى هذا الأساس فإن انحراف أي موجود عن مسيرة تكامله الواقعي يكون إنحرافاً عن نفسه إلى غيره، وهذا الإنحراف يتحقق في مورد الإنسان أكثر من أي موجود أخر، لأنه حرٌ مختار، فكل ما يختاره لنفسه غاية، يكون قد جعله في الحقيقة في مكانة نفسه وشخصيته الواقعية، فإن كانت غاية منحرفة يكون مبدلاً غيره بنفسه، فاختيار الغايات والأهداف المنحرفة عامل في خطة الإنسان في نفسه وشخصيته الواقعية، وبالتالي يفقد هذه الشخصية الواقعية. إنّ شخصية الإنسان تتجلى في صفاته الأخلاقية والنفسية، فإذا اعتدلت هذه الصفات كانت شخصية الإنسان متلائمة مع مظهره الإنساني، وأمّا إذا انحدرت وخرجت عن طور الإنسانية وأتسمت بصفات حيوان مفترس، لم يعد صاحب هذه الصفات إنساناً وإنما حيواناً مفترساً، أي إن شخصيته قد مُسخت وأصبحت في البطن والحقيقة بهيمة، وهذا هو الإنسان الناقص في قبال الإنسان الكامل . لذلك تأتي أهمية دراسة الإنسان الكامل عند الشهيد مرتضى المطهري لكونه من أصحاب مدرسة الحكمة المتعالية التي اعتمدت على البيان العقلي والفلسفي (البرهاني)، وربط جوهر الدين بالحكمة الشرقية والإشراقية، مع العلم اللدني والباطني من الأسس المعرفية، ومن ثم فهو كان يرى روح الحكمة المتعالية في النور والعرفان الإلهي. فهناك عدة دراسات تناولت فلسفة ومنطق الفقه والدين عند المطهري، لكن لم تجد دراسة شاملة حول مفهوم الإنسان الكامل عند المطهري لذلك جاءت هذه الدراسة للبحث عن قدرة الإسلام على بناء الشخصية الإسلامية المكتملة، في نظرتها العامة إلى الكون وخالقه، والإنسان وغايته المثلى من الحياة، وعلى بناء المجتمع الإسلامي على أسس العدل الإلهي الذي يعني أن العلاقة بين الإنسان وأخيه هي علاقة الشراكة والتعاون، وأنّ التدرج في مراتب الوجود يتطلب نوعاً من الاختلاف بينها في النقص والكمال، والشدة والضعف، وتعني أيضاً أنّ السيادة والسلك في الأرض لله وحده، وأن الإنسان هو خليفته فيها، وحامل أمانته إليها، وهي تعني العمل على إيصال الموجودات إلى كمالها وغاياتها، بعد أن دفعها الله من العام إلى كل الوجود.

وهكذا مهما تغيّرت الظروف فإنّ الفكر الأصيل يبقى على أصالته، ومهما تبدّلت الأحوال فإنّ الكلام المحكم بالدليل يبقى على إحكامه، فالأصالة والإحكام أساس الثبات والدوام، ومن هنا نجد الإمام الخمينيّ الراحل (قدس) يوصي: “…الطبقة المفكّرة والطلّاب الجامعيّين ألّا يَدَعوا قراءة كتب الأستاذ العزيز (الشهيد مرتضى مطهّري)، ولا يجعلوها تُنسى جرّاء الدسائس المبغضة للإسلام،…فقد كان عالماً بالإسلام والقرآن الكريم والفنون والمعارف الإسلاميّة المختلفة، فريداً من نوعه… وإنّ كتاباته وكلماته كلّها بلا أيّ استثناء سهلةٌ ومربِّية”.

وكذلك نجد قائد الثورة الإسلاميّة سماحة السيّد عليّ الخامنئي( دام ظله) يصفه بأنّه: “المؤسّس الفكريّ لنظام الجمهوريّة الإسلاميّة،… وأنّ الخطّ الفكريّ للأستاذ مطهّري هو الخطّ الأساس للأفكار الإسلاميّة الأصيلة الّذي يقف في وجه الحركات المعادية…

إنّ الخطّ الّذي يستطيع أن يحفظ الثورة من الناحية الفكريّة هو خطّ الشهيد مطهريّ يعني خطّ الإسلام الأصيل غير الإلتقاطيّ…

وصيّتي أن لا تَدَعوا كلام هذا الشهيد الّذي هو كلام الساحة المعاصرة،… واجعلوا كتبه محور بحثكم وتبادل آرائكم وادرسوها ودرّسوها بشكل صحيح…”.

هذه المحاضرة منتقاة من كتاب “الإنسان الكامل” للشهيد مرتضى المطهّري .