ماذا لو فاز قليجدار اوغلو؟

تشير التقديرات إلى فوز اردوغان مرة جديدة في السباق الرئاسي، نتيجة تجمع عدد من العوامل، أهمها الدعم الملحوظ لعدد من الدول الذي يحظى به.

2023-05-06

مارس أردوغان خلال العقدين الماضيين البراغماتية السياسية بشكل لافت، وأجاد المناورة في عدد من الساحات التي كانت تشهد صراعاً بين القوى الدولية، حتى لو أنه لم ينجح في تحقيق جلّ طموحاته التي تهدف إلى زيادة النفوذ التركي خارج الحدود. ونتيجة لذلك، كان توطيد العلاقات مع مختلف الدول، والانفتاح على بعضها الآخر، في صلب سياسته الخارجية التي زادت من عدد الرؤساء الراغبين ببقائه في منصبه، نتيجة تشابك المصالح.

بالمقابل، كانت التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي راكمتها الأزمات المتتالية وآخرها الزلال الذي ضرب جنوب البلاد، وما أفرزته الحرب على سوريا من تداعيات على الداخل التركي، وانهيار الليرة وغيرها، كفيلة بالتأثير على المزاج الشعبي بما قد يرجح كفّة قليجدار اوغلو.

بحسب استطلاع رأي أجرته مؤسسة متروبول، فمن المتوقع أن يشارك هذا العام حوالي 5 ملايين ناخب في الانتخابات، ويرجح هذا الاستطلاع أن يدعم الناخبون قليجدار أوغلو، ويأتي أردوغان في المرتبة الثانية، يليه إينجه وأوغان. وبلغت نسبة دعم قليجدار أوغلو 42.6٪ وأردوغان 41.1٪. وإذا انسحب إينجه من السباق الرئاسي، فمن المرجح أن يتحول عدد أكبر من الناخبين إلى قليجدار أوغلو بدلاً من أردوغان. ولكن في الانتخابات البرلمانية، يتقدم حزب العدالة في استطلاعات الرأي، بأغلبية الأصوات.

قد يكون من الصعب التنبؤ بالمسار الذي قد يسلكه أوغلو فيما لو وصل إلى سدة الرئاسة. وعلى الرغم من ان “تحالف الأمة” الذي يقوده قليجدار أوغلو، يعتبر تحالفاً متبايناً أيديولوجياً، لكنه متحدّ في رفضه لاردوغان، وهذا ما يتم توظيفه انتخابياً بشكل جيد في الحملات الإعلامية للمعارضة. فماذا لو خسر اردوغان في الانتخابات؟ هنا عرض لبعض الملفات التي قد تتأثر بحسب نتائج الانتخابات الرئاسية:

-كان أحد أهداف السياسة الخارجية الرئيسية لأردوغان هو توسيع النفوذ التركي في سوريا. إذا خسر السلطة، فقد يكون هناك تحول في هذه الاستراتيجية يمكن أن يؤثر على استقرار الشمال السوري مستقبلاً. خاصة وان إيجاد حل واقعي ومجدٍ لملف الأكراد يعتبر من الأولويات الشائكة التي يطمح قليجدار بالحظي به.

-تتمتع أنقرة بعلاقات جيدة مع عدد من دول الخليج الفارسي والتي انعكست في ازدياد وتيرة التبادل التجاري بين الجانبين، وهو ما قد يتأثر في حال خسر اردوغان، بحسب ما ذكر موقع by the east، الذي اعتبر ان علاقات متوترة ستؤدي لتداعيات اقتصادية محتملة في جميع أنحاء المنطقة.

-طبقاً لنتائج استطلاعات الرأي، فقد تكون النتائج المتقاربة سبباً لحدوث انقسامات عميقة على خلفية اتهامات بالتزوير، وهو ما قد تستفيد منه بعض الجهات الداخلية او الخارجية، لدفع البلاد إلى عدم الاستقرار الأمني والعنف.

-يرفع اوغلو شعار التعديلات الدستورية على السلطة التنفيذية، وهو ما يتعلق بالصلاحيات التي وسعها اردوغان للاستفادة منها سابقاً.

تجنّب اوغلو الغوص في عدد من الملفات خلال حملته الانتخابية، بما قد يؤثر على حظوظه، ومنها طبيعة علاقته المستقبلية بالولايات المتحدة. فمن المثير للاهتمام أن برنامج تحالف الأمة لم يأت على ذكر واشنطن. ويرجع ذلك على الأرجح إلى أن الأتراك لديهم منذ فترة طويلة وجهات نظر سلبية واضحة حول السياسة الخارجية الأمريكية.

وللمفارقة، ان قليجدار اوغلو نفسه، قد زار واشنطن مرتين في السنوات ال 10 الماضية. في كلتا الحالتين، كان يحاول جاهداً التقليل من شأن الزيارة او ترك تفاصيلها سرية. وهو الأمر الذي قد يترجم شكل العلاقة بين انقرة وواشنطن.

في حين، ان ملفات اللاجئين السوريين والعلاقات مع روسيا -خاصة بما يتعلق بمبيعات الأسلحة- والتعامل مع إيران وباكستان، إضافة للعلاقة مع كيان الاحتلال ودول الخليج، والالتزام مع حلف الناتو، هي أكثر المسائل حساسية التي ستواجه اوغلو أو قد تحدد مصيره السياسي.

تشير التقديرات إلى فوز اردوغان مرة جديدة في السباق الرئاسي، نتيجة تجمع عدد من العوامل، أهمها الدعم الملحوظ لعدد من الدول الذي يحظى به. إلا ان المنافسة الرئاسية بعيد الأحداث التي عصفت بتركيا والمنطقة، قد تنعكس مفاجآت لن تكون مستبعدة أيضاً.

المصدر: الخنادق/ مريم السبلاني