الغرب الاستعماري يدعي ما ليس فيه

الغربيون يدّعون الانسانية كذبا وهذا ما شاهدناه بأم العين من خلال ضرب كل ما له علاقة بالحرية والديموقراطية وحقوق الإنسان من نهب وسرقة وقتل لشعوب العالم وما حصل منذ فترة وجيزة في فرنسا وكيف تم الاعتداء الوحشي على المتظاهرين

2023-05-08

الوفاق/ خاص

نسرين نجم

على مدى عقود طويلة قدمت البروباغندا الغربية صورة عن حضارتها وثقافتها على انها الجنة الموعودة، وبأن مجتمعاتها هي المجتمعات المثالية الفاضلة، وبدأت دولنا ومجتمعاتنا تتجه صوبها على اعتبار انها ستجد سر السعادة الابدية، ولكن في حقيقة الأمر ومن خلال تجارب ومشاهد واقعية ان كان من قبل مقيمين هناك او مواطني هذه الدول وحتى ما نتابعه ونراه على شاشات الاعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، اضف الى ذلك القراءات والمقالات والبيانات التي يصدرها البعض من المسؤولين هناك تظهر لنا بأن هذه الدول جميلة من الخارج لربما بطبيعتها الخلابة كالدمية ولكن لا روح فيها، خالية من منظومة التكافل والتعاون ومن القيم، يدعون الانسانية ولكن الزائفة منها، وهذا ما شاهدناه بأم العين من خلال ضرب كل ما له علاقة بالحرية والديموقراطية وحقوق الإنسان لن نتحدث عن ما فعلته من نهب وسرقة وقتل لشعوب العالم ولكن دعونا نذكر ما حصل من تظاهرات منذ فترة وجيزة في فرنسا وكيف تم الاعتداء الوحشي على المتظاهرين سيما السيدات منهم وسحلهن بالشوارع على ايدي الشرطة الفرنسية، وكذلك الامر في الولايات المتحدة الأمريكية نرى كيف يتم اطلاق النار من قبل الشرطة على المواطنين العزل، او ما يحصل في ولاياتها من اطلاق للرصاص بشكل جنوني من قبل تلامذة ومراهقين ان كان في المدارس او الجامعات او مراكز التسوق، فقد سجلت الولايات المتحدة اكثر من 200 جريمة على هذا النحو منذ بداية هذا العام حتى الان بنسبة اعلى بكثير من السنوات الماضية، وهذا يعود للتفلت وعدم الشعور بالامان وتوفر الاسلحة لاي شخص كان .

وبالمقابل وجدنا انه رغم كل المعاناة والضغوطات التي نعيشها في بلداننا العربية والإسلامية الا انه لا زلنا متمسكين بمنظومتنا الأخلاقية والإنسانية والقيمية وان أصابها بعض شظايا رصاص الغزو الثقافي والفكري الغربي الاستعماري الا ان الجوهر لا يزال يلمع بالانسانية والمعاملة الحسنة، لان منطلق تعاملنا بين بعضنا البعض هو بحت انساني يعود لقيمنا لعاداتنا لتقاليدنا والاهم يعود الى الرسالات السماوية المتسامحة…

بالطبع لا تزال قوى الاستكبار العالمي تعمل على تجميل صورتها امام شعوبنا ومجتمعاتنا وتصدر لنا ما ليس فيها من افكار تدعي انها هي من كونتها، وتعمل من خلالها على غسل الادمغة وتخدير العقول، وزعزعة الايمان والعيش في صراع مع الهوية، لتسهل بالتالي سيطرتها وهيمنتها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والعسكرية، فهذه الحرب اي الثقافية غير مكلفة واسهل بكثير من العسكرية، فكل ما تتطلبه هذه المعركة هو شاشة وصفحة على مواقع التواصل ومجموعة باحثين في العلوم النفسية والاجتماعية للبدء بتلفيق اخبار محبكة تغير اتجاهات الرأي العام، ونشر شائعات، وزرع افكار هجينة، واغراء الشباب بالمال مقابل التخلي عن قيمة دينية مقدسة كالحجاب وكما حصل منذ فترة في الجمهورية الاسلامية الايرانية عندما توجهت بعض المجموعات الارهابية المدسوسة على توزيع 5 دولارات لكل سيدة وفتاة تخلع لمدة ساعة حجابها في الامكنة العامة، وهذا ان دل على شيء يدل على الانحطاط الاخلاقي الفكري والتفاهة الثقافية المسيطرة عليهم، وهذا كله يدخل في إطار الحرب العقائدية، ولربما البعض لا يعي بأن هذه الجهات العميلة المنحطة تشتريك بحفنة من الدولارات وعندما ينتهي دورك تبيعك بحفنة قليلة من السنتات .

وقد وصل هذا الغزو نحو المناهج التربوية في بعض الدول العربية لتغيرها وفق ما يتناسب مع سياستها في غسل العقول، وهي سياسة تعتمدها الادارة الاميركية الخبيثة وحلفاؤها.. ولا ننسى بالطبع الهجمات الفكرية والثقافية من خلال الوسائل الاعلامية، والتي هي وسيلة فعالة لتحقيق ما يريدونه لانه لا يخلو بيت من وجود تلفاز، فاستثمروا هذه الوسيلة بطريقة مدمرة للاخلاق ساعين لتجريد الامة من هويتها، تماما كما حصل في شهر رمضان المبارك من خلال عرض مسلسلات لا تمت لقيم الشهر الفضيل بصلة بل على العكس، وايضا من خلال بث ونشر برامج ومسلسلات تعمل على زرع الاحباط عند الشباب وانهم غير قادرين على التغيير والتطور، والسعي لتحويل الشباب من انتاجيين الى استهلاكيين لافكارها، لسلعها، لمبادئها، لقيمها، بأسلوب استلابي نفسي شيطاني يجعلهم يخضعون لها بطريقة لاارادية.

وايضا لا يمكن ان نغفل عن دور المنظمات الدولية ومنظمات المجتمع المدني او ما يسمى بالـ NGos اذرع الإدارة الأمريكية الخبيثة من خلال تقديم “الخدمات الاجتماعية” كوسيلة لإمرار ما يراد امراره تماما كما يحصل في لبنان، حيث أن هذه الاذرع تعمل على شن حرب وجودية على هذا البلد الصغير المقاوم الذي مرغ انف العدو الصهيوني ونتيجة لهذا تسعى لتوطين النازحين السوريين فيه ليصبح لبنان من دون لبنانيين.

اذن الغزو والاستعمار الثقافي خطير جدا لانه يتعلق بأعمق اعماقنا عقائديا وحضاريا وفكريا، ويتطلب سبلا للمواجهة ولعدم الاستسلام:

اولا: وكما يقول الشهيد الدكتور مرتضى مطهري: «نحن لسنا بحاجة لافكار الآخرين المنسوخة والبالية»، اي يجب اظهار وبلورة الطاقات البشرية والكفاءات الموجودة في دولنا والتي تعتبر اهم ثروة، فعندما يتم وضع خطط تنموية اقتصادية يستثمر فيها بشكل صحيح هذه المقدرات العلمية والمهنية عندها سيولد الابداع والابتكار ونصل الى «الاكتفاء الذاتي» تماما كما وصلت اليه ايران.

ثانيا: المواجهة الاعلامية وتقديم قادتنا كقدوة لهؤلاء الشباب والاجيال الصاعدة، اضف الى ذلك بث برامج تعزز الطموح والثقة بالذات، وتقضي على الانحطاط الفكري وتدفعهم الى ان يحولوا الضعف الى قوة، الى جانب ذلك التركيز على كشف زيف ادعاءات قوى الاستكبار العالمي، ووضع برامج وتقارير تظهر حقيقة ما تعيشه هذه المجتمعات التي تتغنى بالديمقراطية والحرية والعدالة وهي ابعد ما يكون عنهم.

ثالثا: المقاومة الافتراضية اي على مواقع التواصل الاجتماعي عبر نشر فيديوهات وتعميم صفحات واستثمار اختصاصين في العلوم الاجتماعية والنفسية والتربوية للوقوف في وجه غسل الادمغة وهندسة العقول، فلنجعل كلماتنا كالرصاص في عقول ووجدان من يتربص بنا شرا وفتنة.

وهنا نذكر ما قاله الشهيد مطهري: «إنّ مثاليّة أوروبا لم تظهر على صورة عامل حيّ في حياتها على الإطلاق، وكانت النتيجة وجود الأنا الضائعة التي بدأت تبحث عن ذاتها في الديمقراطيات المتعارضة مع بعضها البعض، التي كانت تستثمر الدراوشة لمصلحة الأقوياء. اقتنعوا بما نقول من أنّ أوروبا اليوم هي أكبر مانع في طريق تقدّم الأخلاق.

رابعا: والاهم تعزيز المفاهيم العقائدية وازالة اي التباس او محاولة تشويه لها تماما كما يفعل أعداء الانسانية بموضوع الحجاب والهجوم الشرس عليه، وهذا يتم عبر خطاب ديني توعوي منطقي عقلاني من صلب الاسلام المحمدي الاصيل، وهذا ما يتبعه في كل مناسبة سماحة الامام السيد القائد علي الخامنئي دام ظله الشريف لذا نشاهد التفاف الشباب حوله.

لذلك دائما نشدد على ان التغيير يبدأ من الفرد بحد ذاته، فهل يقبل بأن يكون اسيراً لارادة الاستكبار تسوقه كما تريد هي دون اي اعتبار لانسانيته، ولكرامته، ولحقوقه، ولحريته.؟!..

وننهي هذه المقالة مع ما قاله الامام الخميني(قدس): «أهم عامل في بلوغ الاكتفاء الذاتي والبناء هو تنمية مراكز العلم والبحث وتركيزها وتوفير الإمكانات والتشجيع بكل جوانبه للمخترعين والمكتشفين والقوى الملتزمة والمتخصصة ممن لديهم الجرأة على مكافحة الجهل، وممن حرروا أنفسهم من قيد النظرة الأحادية نحو الغرب والشرق، وأظهروا قدرتهم على إقامة البلد على قدميه».