توفير المحيط المناسب للطفل

تأثير أساليب التربية على النمو العقلي والجسمي للطفل

وعملية تربية الطفل وتثقيفه خلال السنوات الأولى تكون حاسمة بالنسبة لفرد وبالتالي للمجتمع. وهذه العملية لا تخلو من الصدام الحقيقي بين الأطفال والآباء.

2023-05-10

تشكل طرق تربية الطفل عاملا مهما في تعيين نوعية الشخصية من حيث تقبلها لمحيطها وارتباطها بمجتمع معين ودلالتها عليه. لذا فإن فهم طرق تربية الطفل يؤدي إلى فهم السلوك ودوافعه ويبعد الصدام مع الطفل.
إن التصرف والمواقف التي يتخذها الآباء ضمن العائلة تؤثر تأثيرا مباشرا في نمو الشخصية، وذلك لأنها ترتبط بحاجات الطفل الأساسية وتأمين استمراره بالوجود وتمتعه بالاطمئنان العاطفي والفسيولوجي من جهة، وتجهيزه وتحضيره للانخراط والاندماج في محيطه من جهة ثانية.
وعملية تربية الطفل وتثقيفه خلال السنوات الأولى تكون حاسمة بالنسبة لفرد وبالتالي للمجتمع. وهذه العملية لا تخلو من الصدام الحقيقي بين الأطفال والآباء.
هذا الصدام ناتج عن حقيقة أن لكل منهم جدول أعمال وبرنامج مختلف عن الآخر. فالطفل، كونه طفلا، لديه جدول أعمال محدد ومبرمج فهو يريد اكتشاف محيطه الجديد والبحث عن سبل التمتع بحياته واللعب واللهو،أما الآباء فيريدون من خلال جدول أعمالهم أن يستكين الطفل ويضبط نفسه ويهدأ بأي وسيلة كانت حتى لو اضطرهم ذلك إلى الصراخ والصدام أو الضرب أحيانا.
وغالبا ما تبدأ مشاكل الأطفال ومشاغباتهم مستمعي عند بلوغ الثانية، إذ يدفعهم حب الفضول إلى التعرض لأي شيء يصل إلى أيديهم. فهم يعبثون بأي شيء ويدمرونه سواء كان ثمينا أو رخيصا وقد يمزقون الأوراق الثمينة والمهمة ويسكبون الطعام على السجادة والفرش مما يثير غضب الوالدين ويدفعهما لمعاقبة الطفل إما بالضرب أو الصراخ أو اللوم والتوبيخ.
وتكون النتيجة أن يكف الطفل عن الأذى ويجهش بالبكاء ويظهر غضبه تجاه والدته أو والده ولكن لفترة قصيرة ينسى بعدها كل شيء ويعود إلى العبث من جديد… وإذا استمر هذا الأسلوب مع تقدم العمر فإن له عواقب خطيرة على الطفل حيث يفقد الإحساس بالأمن والاستقرار ويتولد داخله الإحساس بالعدوان والرغبة في الانتقام فتكتسب شخصية هذا الطفل العناد والأنانية وتغلب عليه في النهاية أعراض التوتر والقلق ويصبح بمنأى عن الأصحاب والرفاق والأتراب ويميل إلى الانطواء والعزلة مما يؤدي به إما إلى انحراف السلوك والجنوح والأجرام والعدوان أو إلى الاستكانة والاستسلام مما يؤثر سلب في نموه العقلي والنفسي فيفشل ويتخلف وتظهر عليه اضطرابات الشخصية في طفولته ومراحل عمره التالية.
وقبل أن نتحول إلى الصدام اليومي مع أطفالنا مستمعي ينبغي أن ننظر حولنا ونتفهم طبيعتهم ونحلق لهم الجو المناسب لإشباع حب الفضول لديهم ورغبتهم في اكتشاف محيطهم آخذين بعين الاعتبار:
تأمين شروط السلامة من حيث إبعاد جميع مصادر الخطر عن طريقهم، مثل منابع الحرارة والنار وأعواد الثقاب ومآخذ الكهرباء والأدوية والعقاقير الكيمائية، والسلالم وإبعادهم عن أماكن السقوط والخطر والحيوانات المؤذية وغيرها في المنزل كانت أم خارجه…
وإعطاء الطفل ما يشغله ويتلهى به لأنه إن لم يجد ما يشغله فإنه سيواجه نشاطه إلى الإزعاج والتخريب. ولا ننسى أن بقاء الطفل دون لهو أو حركة ولو لمدة خمس دقائق يشكل بالنسبة له ضيقا يشعره أن الدقائق الخمس هذه تعادل العمر كله…
إذن نعم للتوضيح والتفهيم لأنه الأسلوب الأمثل لردع الطفل وثنيه عن القيام بالمشاغبات الفطرية.
إن استخدام أسلوب تطويع المحيط لصالح الطفل يساعده على اكتشاف المحيط والتعايش معه وعلي تأمين وقضاء حاجاته.
ولكن كيف؟ كيف نتمكن من تطويع المحيط لصالح الطفل بحيث يسهل التعامل معه؟
ما هي الإجراءات والسبل التي تساعد على تحقيق ذلك؟
إن توفير المحيط المناسب للطفل الذي يؤمن حاجاته ومتطلباته تعد من أهم العوامل التي تساعد على تفادي الصدام مع الطفل وتجعلك تشعرين بالارتياح وتبعد عنك التوتر والانفعال من جهة، وتقطع الطريق على طفلك إلى إثارة المشاكل والإزعاج والمشاغبة من جهة ثانية مما ينعكس بجو إيجابي ملئه السعادة والهناء للجميع.