الكاتب الفلسطيني حسن لافي لـ"لوفاق":

أعلنها محور المقاومة.. المساس بالقدس خطٌ أحمر

إن مناصرة القدس وفلسطين أمر يحتاج إلى مزيد من الخطط والعمل الجاد والاستراتيجيات الفاعلة التي من شأنها الإسهام في الحفاظ عليها وعلى المسجد الأقصى المبارك وجميع المقدسات فيها. وتبقى القدس هي بوصلة الجميع رغم الاختلافات بين المسلمين والتباينات بين التيارات العربية و الإسلامية في العالم  أجمع، إلاّ أن كل الشعوب العربية و الإسلامية تلتقي على قضية القدس وتدرك تمامًا أنه ينبغي العمل من أجل تحريرها وانقاذها.

2023-05-10

في إطار التعرف على مكانة القدس أبرز هذه التطورات والتحولات التي تعيشها المدينة في هذه الأيام، أجرت صحيفة الوفاق مقابلة مع الكاتب الفلسطيني المختص بالشأن الإسرائيلي حسن لافي وكان الحوار التالي:

بدايةً كيف تصدى الشعب الفلسطيني عبر التاريخ  لتهويد مدينة القدس في ظل سطوة صهيونية وتأمر عربي؟

على مدار التاريخ الفلسطيني  والصراع الفلسطيني الإسرائيلي دائماً الشعب الفلسطيني يكون صداً منيعاً لكل محاولات التهويد الإسرائيلية لمدينة القدس بل هو المصد الأول ورأس الحربة في مواجهة المشروع التهويدي لمدينة القدس، وبالتالي بدءاً من ثورة البراق عام 1920 وحتى يومنا هذا الشعب الفلسطيني دائماً يجعل القدس في أول أولوياته النضالية والجهادية ويرفض كل الأساليب يتشبث بهذه الأرض وكل ما له علافة بالقدس وما تحمله  من معاني دينية وقومية ورمزية ،وبالتالي على مدار تاريخ الصراع الاسرائيلي الفلسطيني كانت القدس عاصمة ومركز لهذا الصراع  وعندما تأتي الأمور نحو القدس كل الحسابات  الفلسطينية تختلف عن بقية القضايا الأخرى، وبالتالي شكل الشعب الفلسطيني حماية حقيقية حتى الآن، فإسرائيل بعد أكثر من 75 عام من احتلالها لفلسطين لم تسطع حسم قضية القدس وذلك بسبب المقاومة الشرسة التي خاضها ويخوضها الشعب الفلسطيني حول هوية وحضارة المدينة المقدسة، القدس عاصمة فلسطين الأبدية.

لماذا أعلن الامام الخميني يوماً عالمياً للقدس؟ وما هي دلالات  وأبعاد هذا اليوم؟

الإمام الخميني (قدس) كان يستشرف حقيقة وطبيعة الصراع ما بين مشروع الباطل المشروع الغربي وما بين المشروع الإسلامي وهو يدرك أن إسرائيل ما هي إلا غدة سرطانية ورأس حربة لهذا المشروع، وبالتالي أساس المشروع هو من هو الذي يحدد هوية القدس وبالتالي هو يرى برؤية العارف بالله  أن القدس هي ستكون المحك الحقيقي لكل الصراع وهي ستكون بمثابة الميزان في هذا الصراع ، لذلك هو عندما أعلن يوم القدس قي الجمعة الأخيرة  من شهر رمضان  حاول ونجح بذلك بربط الأمة الإسلامية بقضية القدس وبقضية فلسطين كونها قضية مركزية للأمة الإسلامية بشكل كبير، وبالتالي حصن القضية الفلسطينية من أي تدخلات سياسية براغماتية وجعلها قضية المسلمين وليست قضية الفلسطينيين هذا من جانب، من جانب آخر ربطها بالعقيدة الإسلامية وفي أقدس أيام الشهور وهو الجمعة الأخيرة من شهر رمضان وبالتالي جعل القدس هي عنوان لكل المسلمين وهذه هي دلالة يوم القدس الذي أطلق نداءه الأول الإمام الخميني (قدس).

إن هذا الإعلان وفي هذا التوقيق يعتبر دلالة بأن الثورة الإسلامية تحمل القضية الفلسطينية فهي القضية المركزية مشروعها مشروع إسلامي يريد إزالة كل الظلم الواقع على الأمة ومواجهة المشروع الغربي بقيادة أميركا الشيطان الأكبر وإسرائيل رأس الحربة، وبالتالي هو جعل القدس وتحرير فلسطين من أول أولويات الثورة في إيران وكأنه يقول أن الذين خرجوا من قم وطهران وانقلبوا على نظام الشاه العميل للأمريكان والشريك الإسرائيلي, هم أيضاً سيكونون الجيل الذي سيؤسس  للنصر والتحرير في مدينة القدس وكل أراضي فلسطينية وبالتأكيد أنا أعتقد أن خطت الثورة الإسلامية كبيرة وواسعة نحو تحقيق هذه الأهداف بشكل كبير وما نشاهده اليوم من وحدة للساحات وتنسيق بين كافة الساحات  وتأسيس محور إسمه محور المقاومة عنوانه محور القدس.

في يوم القدس، وبعد ثلاث سنوات من اغتيال الشهيد سليماني، ما هي انجازات محور المقاومة في فلسطين؟ 

اغتيال الشهيد سليماني بالتأكيد كانت ضربة موجعة لكل إنسان محب لفلسطين، لكل إنسان محب لمحور المقاومة، ولكن أنا أعتقد أن المهمة الرئيسية استطاع القائد سليماني تنفيذها قبل أن يلقى وجه الله  وهو تشكيل محور المقاومة وليس فقط تدعيم أركانه وجبهاته بل التنسيق بين  كل هذه الجبهات حتى وصل الآن إلى ما يسمى محور المقاومة ومحور القدس وبدأنا ننظر إلى نظرية دوائر النار التي تكلم عنها الإسرائيلي والتي أسسها القائد سليماني بمسمى محور المقاومة ووحدة الساحات التي تتكرس الآن داخلياً وخارجياً على مساحة محور المقاومة وبشكلٍ كبير هذا كله بفضل الله أولاً ومن ثم بفضل جهود القائد قاسم سليماني.

في ظل المرحلة الجديدة من نضال الشعب الفلسطيني…ما هي أهمية يوم القدس العالم هذه السنة وما هي أهم المضامين التي يحملها هذه السنة   في ظلّ التطوّرات المتسارعة التي تشهدها الساحة الفلسطينيّة، وفي خضمّ التصدي لمشاريع الكيان الصهيونيّ في محاولةٍ مستمرّة منه لطمس القضية الفلسطينية وتغييبها عن الوعيين العربي والعالميّ؟

أمام طوفان التطبيع الحادث منذ اتفاقيات التطبيع واتفاقات التسوية ما بين الدول العربية أو بعض الدول العربية وإسرائيل يأتي يوم القدس كعنوان حقيقي ليقول أن هذا هو أصل الصراع وأن كل ما يحدث ما هو إلا ذرٌ للرماد في العيون وأنه ستبقى القدس حاضرة ، وبالتالي أنا أعتقد أن يوم القدس جعل القدس دوماً حاضرة في الميدان الإسلامي والعربي في كل لحظة في الأوقات التي يكون فيها القلب أكثر نضارةً واقتراباً من الله  تظهر القدس وكأنه نوع  من أنواع برمجة الوجدان الفلسطيني والعربي والإسلامي بأنّ القدس حاضرةً  في الجمعة الأخيرة من شهر رمضان كل عام وهذا من أهم نتائج يوم القدس.

اللعب على الوتر المذهبي والطائفي هذه خديعة كبيرة جداً وهذه كما قال الدكتور الشهيد فتحي الشقاقي السنة والشيعة ضجة مفتعلة المستقيد الأول والأخير من وراء ذلك هو أعداء الأمة والمشروع الأميركي والصهيوني في العالم وفي المنطقة، وبالتالي هناك دائماً الدعاية المضادة سواء من الإسرائيلي ومن الأمريكي  وحتى من حلفائهم في المنطقة لتبرير هذا الدور لأنه أساس الصراع الفلسطيني الإسرائيلي هو متمحور حول القدس هو هذا يوم القدس العالمي هو إعادة بناء وجداني للأمة من جديد نحو أن القدس أهم ثابت من ثوابت الصراع ، وبالتالي هم لا يريدون ذلك أن تقول الأمة أن القدس هي نقطة لا يمكن القفز عنها كما يريد البفض من دعاة التطبيع والهرولة نحو الإسرائيلي.

في ظل الصراع على هوية الكيان والانقسام بين الليبراليين والمتدينين وكلام رئيس الدولة عن خطر تدمير الكيان من الداخل ، ما هو مصير الكيان المؤقت؟

في هذا العام يوم القدس يحمل دلالات كبيرة على ضوء التطورات الأمنية والعسكرية التي شهدتها المنطقة أولاً بدأنا نشاهد أن الكيان الإسرائيلي بدأ يتمزق من الداخل وهناك إشكاليات بنيوية داخل

المجتمع الإسرائيلي وبدأت قوة الرع الإسرائيلية البنية الأساسية للقوة العسكرية الإسرائيلية تتراجع، ثانياً شاهدنا متغيرات جديدة في هذا العام والمتغير الأول هو الضفة الغربية الذي حمل شعار يوم القدس “الضفة درع القدس”، وبالفعل الضفة الغربية تحولت إلى ساحة مواجهة حقيقية داخل الخاصرة الرخوة للأمن الإسرائيلي وهذا متغير لم يكن حادثاً منذ خمسة عشر عاماً وبدأ يحدث اليوم، والمتغير الجديد الآخر أن محور المقاومة يكرس معادلة أن المساس بالقدس خطاً أحمر وهذا دلالة الصواريخ التي خرجت من كل من لبنان ومن سوريا والتهديدات الفعلية والجدية التي خرجت من أنصار الله في اليمن وقوى المقاومة في العراق والجمهورية الإسلامية التي أخرجت أهم مناورة بحرية بعنوان دعم الشعب الفلسطيني ونصرةً للقدس هذه معادلة جديدة مختلفة عما كان في السابق يكرسها محور المقاومة في يوم القدس العالمي في هذا العام ،وبالتالي الشعار الذي رفعه الإمام الخميني (قدس) بأن يوم القدس هو فعلياً اليوم يطبق كاستراتجية تطبيق  عبر استراتجية وحدة الساحات التي دفع كبار قادة الجهاد والمقاومة دمائهم رخيصة من أجل تثبيت هذه المعادلة بدءاً من القائد قاسم سليماني إلى بهاء أبو العطا إلى أبو مهدي المهندس إلى خالد منصور إلى غيرهم من القادة الفلسطينيين والعرب والمسلمين في هذه المعادلة، وبالتالي نحن اليوم نشهد حقيقةً احتفالاً مغايراً في يوم القدس الذي تتجلى فيه ليس فقط الخطابات بل الفعل المقاوم الحقيقي الذي حمى القدس وأجبر الاحتلال الإسرائيلي أن يمتنع عن اقتحام المسجد الأقصى في الفشر الأواخر من شهر رمضان.

بعد معركة سيف القدس التي أكلت أن القدس هي محور الصراع وبداية معركة التحرير، برأيكم متى سنحتفل بيوم القدس في مدينة القدس؟

أعتقد أن مصير الكيان المؤقت زائل لا محالة هذه سنة إلهية وسنة تريخية وما نشهده اليوم من تمزق حقيقي وخلافات بنيوية غير قابلة للجسر ما هي إلا الانكسارة الأهم في منحنى تصاعدي للهبوط والانكسار لهذا المشروع الصهيوني والانقسامات التي تحدث حتى داخل المشروع الصهيو أمريكي ما بين الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل على وجهات النظر وتضارب المصالح بمعنى أخر نحن نشاهد هناك انكسارة للكيان المؤقت، وبالتالي أنا أعتقد أنه الحتمية التاريخية والحتمية القرآنية تقول أن هذا الكيان زائل لا محالة لأنه يتعارض مع كل نواميس الكون ونواميس الكرة البشرية.

هذا اليوم سيأتي عاجلاً أم أجلاً ولكن المتغيرات التي تحدث الآن سواء داخل الكيان أو حتى خارجه عبر تعاظم قوة محور المقاومة والتهديدات ستعجل من اقتراب هذا اليوم الذي ستحتفل به الأمة الإسلامية بالكامل يوم القدس وترفع فيه رايات الإسلام وصورة الإمام الخميني (قدس) الذي أطلق النداء الأول لهذا اليوم في باحات المسجد الأقصى وفي أزقة وشوارع مدينة القدس.

 

المصدر: الوفاق/ خاص/ عبير شمص

الاخبار ذات الصلة