عضو المكتب السياسي في حركة أبناء البلد الفلسطينية لـ"الوفاق":

تغير المعادلات.. بين ثبات وتحدي للمقاومة ومحورها وتآكل قوة الردع الصهيونية

أظهر الإمام الخميني (قدس) بعد نجاح الثورة الإسلامية في إيران في العام 1979 إنّ هذه الثورة ليست لإيران وحدها، بل إنها ثورة من أجل حقوق الأمة الإسلامية ومن أجل حقوق المظلومين والمضطهدين في العالم.

2023-05-10

وفي سياق المواقف الإيرانية في ظلّ الثورة، من هذا الكيان، كانت عملية إغلاق السفارة “الإسرائيلية” في طهران وتسليم مبناها للفلسطينيين ليكون مقراً لسفارة فلسطين وكان أيضاً إطلاق يوم القدس العالمي الذي حُدّد موعده في يوم الجمعة الأخير من رمضان من كلّ عام وتكون فيه دعوة للمسلمين وللعالم أجمع للتوقف عند مأساة اغتصاب القدس والعمل على إنهائها.

في إطار هذا السياق، أجرت صحيفة الوفاق مقابلة مع عضو المكتب السياسي في حركة أبناء البلد في الداخل الفلسطيني السيد رجا إغبارية، وكان الحوار التالي:

بدايةً كيف تصدى الشعب الفلسطيني عبر التاريخ لتهويد مدينة القدس في ظل سطوة صهيونية وتأمر عربي؟

بالنسبة للشعب الفلسطيني، كانت القدس دائماً في محور الصراع مع الحركة الاستعمارية الصهيونية، لأن الحركة الصهيونية بأجنحتها الدينية كانت تضع القدس عنواناً لهجرة اليهود إلى فلسطين. ومن ذاكرة التاريخ نُسجل في مؤتمر بازل الصهيوني الذي قرروا فيه إقامة ما يسمى وطن قومي لليهود، كانت المفاضلة بين أوغندا وفلسطين، وكانت الأغلبية لصالح الجناح العلماني الاستعماري للصهيونية حيث صوتوا لصالح أوغندا.في هذه الجلسة، وبحسب الروايات الصهيونية، جلس الجناح المتدين على الأرض وبكى، وقالوا “إذا نسيناك اورشليم ننسى يميننا “! عندها تم تغيير القرار واتخذ القرار بالهجرة إلى فلسطين وإقامة ” إسرائيل “. منذ ذلك التاريخ وضعت الحركة الصهيونية بأغلبيتها العلمانية الدين اليهودي كأحد مسوغات “الحق التاريخي لليهود” على أرض فلسطين، وبدأت معركة الاستيطان فيها، حيث كانت القدس أهم أهداف هذه الحركة الاستعمارية.ومنذ ذلك التاريخ تصدى الشعب الفلسطيني لكل محاولات الصهاينة في الاستيطان بالقدس، حتى حرب عام 1967، أي عندما سقطت شرق القدس أيضاً بأيدي الصهاينة.

بعدها استمر الشعب الفلسطيني بالتمسك بعروبة القدس وإسلاميتها، ومسجدها الأقصى وكنيسة القيامة اللذين يمثلان درة التاج لفلسطين أرضاً وشعباً، مادياً وروحياً، بصفة القدس هي عاصمة فلسطين الأبدية.

لقد حصلت ثورة البراق الفلسطينية لمنع اليهود من السيطرة على المسجد الأقصى وحائط البراق في القرن الماضي وذلك منع استيطان اليهود، وها هو الشعب الفلسطيني يذود عن القدس والمسجد الأقصى بكل ما أوتي من قوة على مدار السنة، وبخاصةً في شهر رمضان المبارك.

لماذا أعلن الامام الخميني يوماً عالمياً للقدس؟ وما هي دلالات  وأبعاد هذا اليوم؟

لقد أخذت عملية الدفاع عن القدس والأقصى زخماً اضافياً كبيراً وأهمية قصوى، عندما اعتمد الإمام الخميني(قدس)، والثورة الإيرانية المباركة، يوم الجمعة العظيمة، الجمعة الأخيرة من شهر رمضان، كيوم القدس العالمي، الذي بدأ في إيران وانتشر في العالمين الإسلامي والعربي ومن ثم العالم أجمع في الاحتفال بهذا اليوم، نصرةً للقدس والأقصى وفوق كل ذلك نصرةً لفلسطين وشعبها الذي ما زال يرزح تحت نير الاحتلال الصهيوني البغيض، ويتعرض للقمع والإبادة، واستباحة الأقصى وكذلك كنيسة القيامة، الشواهد التاريخية على أهمية القدس روحانياً للعرب والمسلمين والمسيحيين والبشرية جمعاء

أعلن الإمام الخميني(قدس) يوماً عالمياً للقدس، ترجمة منه لعقيدة الثورة الإيرانية الحديثة التي خلعت الشاه العميل للصهيونية والامبريالية العالمية ورجلها في المنطقة العربية والشرق أوسطية، هذه العقيدة التي وضعت تحرير فلسطين وتحرير أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين في أولى مراتب مهامها الثورية والدينية وأولى أهداف الثورة الإسلامية التي حددت دولة الكيان الصهيوني ككيان غير شرعي ويجب استئصاله من جسد الأمة وتحرير فلسطين.

ومن الدلالات السياسية لهذه الثورة، إنها طردت الصهاينة من سفارة ” إسرائيل ” في طهران وحولتها كأول سفارة فلسطينية في العالم، لتقول للعالم أجمع، ما هي أهداف هذه الثورة الإيرانية على صعيد الأمة الإسلامية والعربية والعالم، بالنسبة للشعب الفلسطيني، وقد تمسكت إيران الثورة بهذه الأهداف حتى يومنا هذا، في مسار معاكس لكل ما يجري في العالم من انهيار للاتحاد السوفياتي وتراجع لكل قوى اليسار والثورات المناهضة للامبريالية في العالم، ولتضع إيران الثورة في مواجهة كل دول الاستعمار والاستكبار والصهيونية وعملائهم في المنطقة والعالم. وهي صامدة وتتقدم على هذا الصعيد، حتى أصبحت قوة إقليمية لا يمكن تجاوزها في المنطقة، وباعتراف أعدائها، رغم ما يلحقونه بها من ضربات وحصار اقتصادي قاتل، لا يمكن الصمود به، إلا دولة مثل إيران وروسيا والصين وحليفاتهم.

ما هي أهداف إعلان الإمام الخميني(قدس) ليوم القدس العالمي بعد فترة قصيرة جدا من انتصار الثورة الاسلامية، وهل تحققت هذه الأهداف؟

واضح أن أهداف الإمام الخميني(قدس) من إعلان يوم القدس العالمي، هو وضع القدس وما تمثله من القضية الفلسطينية على رأس جدول أعمال العالم، وبخاصة العالمين الإسلامي والعربي، أصحاب الشأن المباشر بهذا الموضوع.

لقد نجح  الإمام الخميني (قدس) والقيادة التي ورثت طريقه ولم تحد عنها، بطرح الموضوع وتعميمه عالمياً، بل أكثر من ذلك، تحويله إلى بؤرة صراع دائمة مع الاحتلال الصهيوني الذي يحتل فلسطين والقدس والمسجد الأقصى بشكل خاص.

إلا أن المهمة الرئيسية، أي تحرير فلسطين والأقصى لم تتحقق بعد، والصراع بين إيران والشعب الفلسطيني ومحور المقاومة والشعوب العربية والإسلامية من جهة، والصهيونية والامبريالية وعملائها بالمنطقة على أشده.لكن في هذا الصدد يمكن تسجيل موقف، مفاده أن إيران ومحورها مصممون عل نيل أهدافهم، لكن العدو شرس وخبيث وما زال قوياً، رغم مظاهر التفكك الداخلي التي تعتريه، المشوار طويل.

في يوم القدس، وبعد ثلاث سنوات من اغتيال الشهيد سليماني، ما هي إنجازات محور المقاومة في فلسطين ؟

من موقعي داخل ال48 لا أستطيع تقييم دور الشهيد سليماني بشأن القضية الفلسطينية ومحور المقاومة، لكن ما نقرأه ونسمعه، بعد استشهاده عن الأعمال المتفانية التي قام بها لصالح القضية الفلسطينية التي شكلت عنده بوصلة لمحور المقاومة، هو شيء عظيم، أسس لكل أشكال المقاومة ضد الاحتلال الصهيوني وتحركاته الكولونيالية في المنطقة، وكل الذين عرفوه يعلنون السير على دربه حتى تحقيق أهدافه التي ما تزال قيد التحقيق والفعل.

 اليوم وبعد أربع عقود، ما كان دور يوم القدس العالمي في إبقاء القضية الفلسطينية حية في الوجدان العربي والإسلامي؟

يوم القدس الذي بدأ مقتصراً على ايران وحلفائها، أصبح اليوم، يوماً عالمياً، زُرع في وجدان العرب والمسلمين والعالم، والفلسطينيين بشكلٍ خاص، وقد أضاف قيمة ثورية وتمسك بالأهداف العظمى لتحرير القدس وفلسطين.يوم يتصاعد فيه وعي القضية وأهدافها وحتمية تحقيقها والانتصار المطلق للقدس وفي القدس وعلى كل أرضها من البحر الى النهر.وهذا الأمر يحتاج إلى عمل أكثر مما هو حاصل حتى الآن، رغم التقدم الحاصل على مدار الساعة بهذا الشأن.

لماذا يتوجس الصهاينة خيفة من إحياء يوم القدس، و كيف تصدى الاسرائيليون لهذا اليوم عبر إضعافه والتقليل من أهميته وإلباسه لباس الطائفية؟ وكيف وحد يوم هذا اليوم  أبناء الأمة الاسلامية بأطيافها ومذاهبها المختلفة حول القضية الفلسطينية ؟

بالطبع، فإّن الصهاينة يتوجسون من هذا اليوم وأي يوم نضالي آخر، سواء لبس وجهاً دينياً أو وطنياً، فما بالكم بيوم القدس الذي تقف خلفه إيران وقد تعمم على كل المسلمين والعالم، ليقفوا صفاً واحداً من أجل نصرة القدس والمسجد الأقصى، الأمر الذي يحجم دور الاستباحات اليهودية التوراتية المتطرفة حيال المسجد الأقصى والذي تترجم هذا العام، وفي السنوات الثلاث الأخيرة تحديداً، ليشمل معركة سيف القدس التي وحدت ساحات نضال الشعب الفلسطيني ضد الاحتلال، بما في ذلك 2 مليون فلسطيني داخل ال48، يقومون مع أبناء شعبهم في القدس والضفة بكل أشكال الصمود والرباط في الأقصى ودعم القدس اقتصادياً، بل يشاركون في حماية الأقصى، بأجسادهم ودمائهم واعتقالهم، وبكل ما ملكوا  من قوة.

لم تنجح دولة الكيان بتقزيم هذا اليوم وجعله للطائفة شيعية مثلاً، فها هو الشعب الفلسطيني السني يحيي هذا اليوم في معظم أماكن تواجده، كذلك الأمة العربية والإسلامية برمتها، بل وقوى الخير والثورة في العالم أجمع.

ما هو يوم القدس اليهودي الذي  استحدثه الصهاينة  مواجهةً ليوم القدس العالمي؟

لا يوجد يوم القدس عند اليهود، بل “يوم اورشليم ” الذي يتوافق مع تاريخ احتلال شرقي القدس عام 1967، اليوم الذي يرفعون به ” الأعلام الإسرائيلية ” ويطوفون به حول أسوار القدس القديمة، ويحاولون من حينٍ لآخر الوصول إلى الحرم الشريف دون نجاح، بسبب تصدي أهل القدس وال48 ومن تمكن من أهل الضفة الغربية من الوصول إلى مدينة القدس.

ما يزال يومهم هذا محط رفض وعدم اعتراف فلسطيني وعربي وإسلامي وعالمي – شعبي لكنه يحظى بدعم رسمي حكومي ودعم أمريكي وغربي مساند لدولة الكيان.

معركة سيف القدس كانت مفصلية وأفشلت تلك المسيرة عام 2021، إلا أن دولة الكيان عادت وفرضته عام 2022، ولا ندري ماذا سيحصل هذا العام في ظل حكومة بن غفير – نتنياهو، أتوقع ان يكون يوماً ساخناً بين الاحتلال وأصحاب الأرض والبيت.

كيف واجه إحياء يوم القدس طروحات العدو الاسرائيلي وربيبته أمريكا مثل صفقة القرن وغيرها؟

يوم القدس وأيام القدس النضالية الأخرى التي تواجه الاحتلال برمته، بما في ذلك صفقة القرن التي لم يتمخض عنها عملياً سوى نقل السفارة الأمريكية إلى غربي القدس المحتلة منذ عام 48، وإغلاق قنصليتهم في شرقي القدس، هو يوم رمزي ومعلمي في تاريخ نضال أهل القدس والشعب الفلسطيني، يعنون كل المقاومات ضد الاحتلال واستباحة الأماكن المقدسة، وهو بوصلة للمستقبل.

في ظل المرحلة الجديدة من نضال الشعب الفلسطيني، ما هي أهمية يوم القدس العالم هذه السنة وما هو شعار يوم القدس لهذا العام؟

شعار يوم القدس لهذا العام هو ” الضفة درع القدس ” ، وهو شعار يعبر عن أحداث العام المنصرم برمته، حيث شكلت المقاومة المسلحة في الضفة الغربية، مخيم جنين ونابلس تحديداً والمجموعات التي تشكلت لمقاومة الاحتلال بالسلاح، التي تمكنت من إلحاق الخسائر به بشكلٍ يقلق الاحتلال وجيشه، كما عبرت عنه الأوساط الصهيونية نفسها، إضافةً إلى الأعمال الفردية لمقاومين مجهولين لأجهزة المخابرات الصهيونية، جعل يوم القدس يأتي على أرضية مقاومة جدية للاحتلال، تقول ” إسرائيل “، إن إيران تقف خلف كل هذه الأعمال وتمولها…واذا ما اعتبرنا هذه المعلومات المنبثقة عن أجهزة الكيان المخابراتية صحيحة، فإن إيران بيوم القدس وترجمته على الأرض تقلق وترعب الاحتلال، وربما تتعرض لضربات في أماكن أخرى بسبب هذه السياسة وترجمتها على أرض الواقع الفلسطيني.فإيران غير متراجعة، بل نشهد إصراراً على مواجهتها “لإسرائيل” وأمريكا وحلفائهم على كل الجبهات، المترابطة أصلاً، الأمر الذي نشهده مؤخراً من تطور مصالحات سياسية على مستوى المنطقة، وهذا ما يخيف ” إسرائيل” ويقض مضجعها.

كيف أخرج إعلان الإمام الخميني(قدس) يوم القدس العالمي من  كونها مسألة فلسطينة عربية وحتى إسلامية وإعطائها بعدا ًعالميا ًكنموذج للصراع بين الحق والباطل؟

لقد تطرقت إلى هذا السؤال في السابق، لكنني أكرر وأؤكد، ان موقف الثورة الإيرانية المبكر من القضية الفلسطينية برمتها، الذي تعنون بيوم القدس وتبديل سفارة “إسرائيل ” التي كانت أيام الشاه، بأول سفارة فلسطينية في العالم، قد أوضح الأهداف الإيرانية في السياسية العالمية، بشأن القضية الفلسطينية، بصفتها قضية العالم أجمع وليس قضية العرب والمسلمين فقط.فالأمم المتحدة لم تطبق أي قرار اتخذته بشأنها.وقد قال الإمام الخميني (قدس) عملياً للعالم أجمع، إن إعادة حقوق الشعب الفلسطيني هي من أولويات الأهداف الإيرانية، بكل ما تحمله هذه الأهداف من أبعاد دولية، وخطورة على دولة الاحتلال وعلى المصالح الأمريكية والغربية في المنطقة.فالقضية الفلسطينية هي قضية حقوق شرعية سواء على المستوى الدولي أو على مستوى الحقوق الشرعية الطبيعية للشعب الفلسطيني والأمتين العربية والإسلامية، أي ما تخلى عنه الكثيرين من الفلسطينيين والعرب والمسلمين ودول العالم، تمسكت به إيران وأعادته إلى جدول أعمال العالم، رغم المد والجزر الذي يعتري هذا المسار.

هنا بودي الإشارة إلى أممية يوم القدس، تحرير فلسطين، من منظار أممي ويساري، حيث تتسم الثورة الإيرانية بأنها إسلامية وهي في الأصل شيعية، والعالم ليس على شاكلتها ! فكيف استطاعت أن تخترق قوميات أخرى وديانات أخرى وحتى مذاهب علمانية كثيرة حول مشروعها، العالمي ! إنها معادلة جميع الشعوب والقوى التي تنحاز للقضية الفلسطينية، رغم تخلي الدول الرسمية عنها بشكل فعلي، منذ اختفاء الاتحاد السوفياتي، واعتراف منظمة التحرير الفلسطينية “بإسرائيل “، وتخليها عن 78 من أرض وطن الشعب الفلسطيني، وسقوط “دول السلام” في المنطقة ودول التطبيع العربي المذل…الذين تخلوا جميعهم عن القضية المركزية للعرب والمسلمين تحديداً، لتأتي الثورة الإيرانية وتعيد الأمر إلى نصابه المشروع، ولتزيل التراب عن الحقيقة التي تم إخفائها عبر دول الاستعمار العالمي وعملائه العرب والمسلمين، ولتنتصب أمام كل هذا المعسكر، لتقول لهم القضية الفلسطينية وعاصمتها القدس هي أولوية عربية وإسلامية وعالمية.

هذا النهج الثوري الإيراني الذي جمع كل ثوار العالم حوله، بغض النظر عن الدين والقومية.إنها ثورة الحق للشعوب في التحرر والسيادة على أرضها، حيث لم يبقى إلا الشعب الفلسطيني مهدوراً حقه هذا، لذلك كله، تحول  يوم القدس بأهدافه المعلنة إلى يوم عالمي، يجمع حوله كل عشاق الحرية والثورة ودعم الحق الفلسطيني المهدور.

في ظل الصراع على هوية الكيان والانقسام بين الليبراليين والمتدينين وكلام رئيس الدولة عن خطر تدمير الكيان من الداخل، ما هو مصير الكيان المؤقت؟

لا أرى خطراً مباشراً يهدد اختفاء هذا الكيان بسبب ما يجري فيه من صراع داخلي، بين ” إسرائيل الأولى  الاشكنازية ” وبين ” إسرائيل الثانية  – الخليط الاشكنازي شرقي، ديني – يميني متطرف “.لكن هذا الصراع والشرخ الذي أحدثه هذا الصراع، لن يندمل على المستوى الشعبي وستنعكس أثاره مستقبلاً مع كل إشكالية متجددة حول ماهية وجوهر هذا الكيان.لقد تحولت مقولة نحن وهم بين الشقين المتصارعين إلى القاعدة التي يقف عليها هذا الكيان.فالاشكناز الذين أقاموا الدولة على شاكلتهم وشاكلة الاستعمار الغربي الذي أنتجهم، وكونهم يشكلون الدولة العميقة سياسياً وقضائياً واقتصادياً وعسكرياً وثقافياً، يعلنون أنهم لن يسلموا الدولة التي بنوها للآخرين…وهذا أخطر ما في الموضوع.

إنّ السقف السياسي في الحكومة والمعارضة يستخدمون العدو المشترك والهوليكوست والتدخل الأمريكي وكافة عوامل البقاء، كي يرأبوا التصدعات التي حصلت في جمهورهم الكولونيايلي ، ويقولون لهم أنه لا يوجد لهم مكان آخر ودولة أخرى ليقيمون بها مما يجعل مسألة الانهيار الداخلي، بدون عوامل خارجية شيء بعيد المنال حالياً.هذا الكيان هو كيان وظيفي في المنطقة، وأمريكا وأوروبا لن تسمح بزواله بهذه الطريقة، ويقومون بالضغط الشديد على نتنياهو كي يتراجع عن مشروعه في الانقلاب الدستوري الذي سيؤدي إلى انقلاب في الحكم، كما يقول المعارضون والشارع والجيش.

لذلك، ما حصل من شرخ هو صحيح ويتعمق، لكن يجب عدم البناء عليه وحده، للحديث عن زوال هذا الكيان.

بعد معركة سيف القدس التي أكلت أن القدس هي محور الصراع وبداية معركة التحرير، برأيكم متى سنحتفل بيوم القدس في مدينة القدس؟

أود ان أنوه ان من يسعى لتحويل الصراع الوطني ضد الاحتلال لصراع ديني بين الإسلام واليهودية، هم اليهود أنفسهم، وذلك من أجل كسب شرعية دينية لاهوتية على أرض فلسطين، مع أن هذه البدعة عارية عن الصحة، فعلماء الآثار حتى من اليهود، أكدوا انه لا يوجد أي أثر لمدينة داوود او الهيكل في مدينة القدس وقطعاً ليس بالمسجد الأقصى.إلا ان اليهود وخاصة المتدينين يسعون منذ تأسيس الحركة الصهيونية إلباس مشروعهم الاستعماري لباساً دينياً، كي يبعدوا أنفسهم عن الكارثة التي ارتكبوها بحق الشعب الفلسطيني وطرده عن أرضه، بحجة أنها ارض الميعاد وارض بلا شعب، وهم شعب بلا أرض…

علينا أن نكون حذرين وألا نقع في مطب الحرب الدينية، مع أنهم أيضاً في هذا الجانب سيحاربون مليار ونصف مسلم، لا يتحركون حالياً، رغم كل ما يقدمه الشعب الفلسطيني في الدفاع عن القدس، أي فلسطين.

إنها معركة وطنية بامتياز ضد الاستعمار الصهيوني، معركة  الحسم والوصول إلى النهايات المنتظرة، التي ترى بمنظار سياسي مادي، عالمي، الذي تحكمه موازين القوى الدولية الحالية، بعيدة المنال.لكن مسار “يوم القدس” يسير بدالة تصاعدية واعدة، الأمر الذي يجب تعزيزه وتقويته حتى تحرير القدس والاحتفاء بها كعاصمة مستقلة أبدية لدولة فلسطين العربية الحرة.

 

المصدر: الوفاق/ خاص/ عبير شمص

الاخبار ذات الصلة