مساعد وزير الخارجية في شؤون الدبلوماسية الإقتصادية، في مقابلة مع صحيفة "ايران":

علاقات إستراتيجية لتأمين مصالحنا الإقتصادية

حقبة جديدة من بناء الثقة تشكّلت تدريجياً في ظل نهج الحكومة الثالثة عشرة لتقوية علاقاتها مع الدول الآسيوية

2023-05-13

حتى ما قبل عامين، كانت دائرة الدبلوماسية الاقتصادية تعتبر دائرة هامشية في وزارة الخارجية الإيرانية، ولم يكن المسؤول عنها بارزاً أو مرئياً في نظر الإعلام والرأي العام؛ لكن مهدي صفري، الذي لديه العديد من السجلات في مسيرته الدبلوماسية، غيّر هذه النظرة تجاه دائرة الدبلوماسية الاقتصادية بشكل ملموس.

على الرغم من أنه حاصل على درجة الدكتوراه في الكهرباء والاتصالات من جامعة “جورج واشنطن” في الولايات المتحدة وأمضى جميع دراساته في الغرب؛ لكنه كدبلوماسي، يدافع عن العلاقات مع الدول الجارة، ويعتبر الصين وروسيا شريكين موثوقين في تحقيق المصالح الوطنية للبلاد.

لا ينفي صفري تأثير العقوبات على تعاون إيران المالي والمصرفي مع الدول الأخرى؛ لكنه يرى أن الانتقادات الرئيسية موجّهة إلى أوجه القصور وعدم اهتمام الحكومات السابقة بالقدرات الاقتصادية المهملة لدول الجوار والمنطقة؛ وبالطبع يعتقد أنه لتعويض أوجه القصور، يجب اتخاذ تدابير فعالة لاستخدام هذه القدرات، وقد تم وضعها على جدول أعمال الحكومة الثالثة عشرة وأدت إلى نتائج مثمرة في المجال الاقتصادي، بما في ذلك زيادة غير مسبوقة في التبادل التجاري بعيداً عن النفط. كما أنه مسؤول عن متابعة شؤون الصين.

وخلال هذه المقابلة، شرح أبعاد الاتفاقية الشاملة بين إيران والصين. حاولنا في هذه المقابلة أن نشاركه في الانتقادات والشكوك حول السياسة الخارجية للحكومة الثالثة عشرة والحصول على إجابات. وفيما يلي نص مقابلة مهدي صفري مع صحيفة “إيران”:

 

من خلال تركيز سياستها الخارجية في المنطقة، تبنت الحكومة الثالثة عشرة دبلوماسية نشطة في آسيا، لاسيما فيما يتعلق بالقوى العظمى في هذا المجال، والتي تثير في مقدمة المناقشة مسألة الاقتراب من القوى العظمى في آسيا وخاصة الصين وروسيا.. ما هي الإحتياجات التي حظيت باهتمام خاص؟ وما هي الأهداف التي تسعى لتحقيقها في هذا الوضع؟ والسؤال الأهم ما هو الفرق بين نهج السيد رئيسي للشرق ونهج الحكومات السابقة؟

يخضع النهج التنفيذي للسياسة الخارجية لتغييرات بالتوازي مع تغيير الحكومات، وقد تجلى ذلك في تصميم سياسة البلاد تجاه دولتي الصين وروسيا. سلوك السياسة الخارجية في السنوات الماضية مرت بحركة متعرجة تجاه الصين وروسيا، ولم يتم بناء الثقة لتقوية العلاقات، خاصة أن الحكومة السابقة في السنوات الثماني الماضية تحركت بالكامل نحو الغرب الذي كان دائماً يطعنها في الصميم؛ لكن حقبة جديدة من بناء الثقة تشكلت تدريجياً في ظل نهج الحكومة الثالثة عشرة لتقوية علاقاتها مع الدول الآسيوية. إن التفاعل الذي حدث بهدف تأمين منافع اقتصادية بين إيران وهذه الدول قد أنشأ مستوى من العلاقة الاستراتيجية وأدى في النهاية إلى بناء الثقة.

 

ما هي المكونات والضرورات المحددة التي أثرت على هذا النهج؟

احتلت بعض الدول الكبرى في آسيا المركز الأول على المسرح العالمي في العديد من مجالات القوة، وخاصة الاقتصادية. على عكس أمريكا، التي يتم دعم دولارها من قبل الصناعة، فان الأوراق النقدية الصينية مدعومة باحتياطيات الذهب للبنك المركزي. لذلك، بالإضافة إلى التجارة، هذا البلد هو القوة الاقتصادية الأولى؛ لكن بعض الناس لا يريدون قبول هذه الحقيقة. شهدت الهند أيضاً نمواً كبيراً في المجال الاقتصادي، والتي، إلى جانب روسيا كقوة عسكرية متفوقة، تم منحها الأولوية لتعاون إيران الشامل مع هذه البلدان. لذلك فان أولويتنا هي التعاون مع جيراننا وبالطبع مع روسيا والصين والهند.

 

ما هي أولوية التعاون هذه -في ظروف العقوبات الاقتصادية والنفطية في مجال التبادلات النفطية- التي جلبتها للبلاد؟ تشير الإحصاءات إلى أن الصين كانت الزبون الرئيسي للنفط الإيراني خلال العام الماضي، ما مدى قرب هذه الإحصائيات من الواقع؟

نحن لا نبيع نفطنا للصين فقط. نحن نبيع نفطنا إلى دول مختلفة بأرقام جيدة. عندما تولت حكومة السيد رئيسي المسؤولية، كان حجم مبيعات النفط تتراوح بين 500 إلى 600 ألف برميل؛ لكن الأرقام أصبحت ممتازة اليوم.

 

كيف نحصل على المال من مبيعات النفط؟ من خلال “المقايضة”؟

كلا، لم تتم عمليات المقابضة أبداً بالنسبة لقطاع النفط.

 

حتى فيما يتعلق بالصين؟

لتلقي أموال النفط من الصين، نتبع مسارات لا يمكننا الحديث عنها؛ لكن أموال بيع النفط للصين متاحة لنا. لا أستطيع القول بأننا نبيع كل نفطنا للصين، فالصين واحدة من عملائنا.

 

أدت المشاكل الناجمة عن العقوبات إلى صعوبة التعاملات المصرفية الإيرانية مع البنوك الأجنبية. إذا لم تكن هناك “مقايضة” بالنسبة لأموال النفط، فما هو الحل البديل؟

لدينا طرق مختلفة لتلقي الأموال لا يمكننا البوح بها؛ لكن أموالنا متوفرة، هذا يعني أن الأموال المتأتية من بيع النفط لا يتم حظرها ويمكننا استخدام هذه الأموال.

 

إذن كيف يمكننا الوصول إلى هذه الأموال؟

بناء على سياسات البنك المركزي الإيراني، لدينا الآن تسجيلات طلب البضائع في البلاد حتى نتمكن بسهولة من شراء البضائع من الصين بـ”اليوان” وإحضارها إلى إيران. في السابق، عندما كان الشاري يطلب البضائع من الصين، يقوم بتسجيل طلب الدفع بـ”الدرهم”، في حين كان بإمكاننا بسهولة شراء البضائع بـ “اليوان”. خلال رحلة السيد رئيسي إلى الصين، تم إجراء مفاوضات مفصلة بشأن تبادل العديد من السلع، بما في ذلك قطع غيار السيارات، التي تخضع للحظر العالمي، ويتم الآن تنفيذ هذا العمل.

ويجري اتخاذ إجراءات مماثلة فيما يتعلق بالبلدان الأفريقية. نحن الآن نأخذ الأموال إلى أفريقيا ونستورد القطن بالجودة المطلوبة من هناك، بينما كنا في السابق نرسل الأموال لإحدى البلدان الأفريقية، ثم نشتري القطن من بلد أفريقي ثالث، وبذلك تصبح عملية الدفع معقدة للغاية، لذلك وجدنا حلاً من خلال التعامل بنفس الأسلوب مع الصين. واليوم أصبح لدينا تعاوناً اقتصادياً مع معظم الدول في مختلف المجالات بطرق مختلفة.

 

ألا يُعتبر هذا نوع من “المقايضة”؟

تؤدي هذه الطريقة نوعاً ما إلى القضاء على التبادلات النقدية والمالية. لقد حاولنا توفير الفرص للدبلوماسيين للتعرف بشكل صحيح على جميع القدرات التجارية للبلاد في مجالات النفط والبتروكيماويات والعلوم و… إلخ. يعني التعرف على البضائع التي يمكنهم استيرادها من بعض البلدان والسلع التي يمكن تصديرها. بينما في السابق اعتدنا على شراء البضائع من دولة لا تشتري أي سلع منا، وكان علينا إرسال الأموال الناجمة عن صادراتنا إلى بلد آخر ننوي إستيراد البضائع منه، وهذه العملية كانت تتم بصعوبة شديدة؛ لكن في ظل الظروف الجديدة واستناداً إلى الحلول والإمكانيات التي حصلنا عليها من خلال تحديد قدرة الدول، وجدنا دولاً يمكننا بيع بضائعنا إليها وشراء البضائع التي نحتاجها، وبهذه الطريقة تم حل مشكلة التحويل المالي، أي أننا اتخذنا طريقاً مختصراً.

 

هل يشمل هذا الحل جميع السلع؟

كلا، هذه الطريقة لا تشمل جميع البضائع؛ ولكن يمكن القيام بها لسلع مهمة وضرورية، ولكن قد لا يكون من الممكن القيام بها في بعض المناطق على سبيل المثال. يمكن استخدام هذه الطريقة لحوالي 90٪ من الاحتياجات ونحاول التأكد من أن هذه النسبة يمكن إنجازها بالكامل.

 

بالإضافة إلى هذه الطريقة، إلى أي مدى يمكن التخلي عن “الدولار” والقيام بمعاملات مالية بالعملات الوطنية؟

يمكننا التفكير مع أي دولة ترغب في التخلي عن الدولار في تعاملاتها. على سبيل المثال، اقترحنا نحن وروسيا نظاماً مالياً مشتركاً وتوصلنا تقريباً إلى اتفاق جيد لاستخدام مزيج من هذين الإقتراحين وإجراء معاملاتنا النقدية بهذه الطريقة. يمكن توسيع نظام التسوية الثنائية الجديد ليشمل عملات الشركاء التجاريين الرئيسيين الآخرين، بما في ذلك الليرة التركية والروبية الهندية والدرهم الإماراتي.

 

لقد أكدتم في مناسبات عديدة أننا لا نلتف على العقوبات، بل نجد الحلول لمشاكل البلد. فما هي هذه الحلول البديلة؟

نعم، إلى جانب مبيعات النفط، حاولنا تطوير مبيعات المنتجات غير النفطية، ولهذا الغرض كان الجيران هم أفضل الأهداف. صحيح أن الصين هي الشريك الأول غير النفطي الآن؛ لكن الشريك الثاني العراق، والشريك الثالث تركيا، والرابع الهند. بالطبع، فان العلاقات مع روسيا تطورت؛ لكن ليس بمستوى الهند. هذه الإحصائيات غير رسمية. على سبيل المثال، ربما لدينا أكثر من 7 مليارات في التجارة مع باكستان؛ لكن الرقم المذكور في الإحصائيات الرسمية هو ملياري دولار على الأكثر.

من ناحية أخرى، ركزنا على الموارد الخاصة، وخاصة السلع الأساسية والزراعة. حتى الآن، كان تصدير منتجاتنا الزراعية مقصوراً على عدد قليل من البلدان، وكان أحد الأشياء التي فعلناها في هذا المجال هو التنويع في مجال الاستيراد. حتى الآن، كنا نشتري سلعاً مثل الأرز والقمح والشعير والذرة والسلع الأساسية أو معدات النفط من بلد يحتكر مثل هذه السلع وكان بإمكان مثل هذه البلدان فرض شروطها علينا. لذلك قمنا بالاستيراد من عدة مصادر، أي بدلاً من الشراء من بلد معين، نشتري من عدة دول بنفس الجودة. عندما تصبح المصادر متعددة، فان الأسعار تصبح أرخص وبذلك فان هناك توفيراً في العملات الأجنبية للبلد.

كما قمنا بزيادة مصادر الواردات من البلدان التي ستكون أرخص في النقل والشحن أو أقل عرضة للعقوبات. بالطبع، كانت هذه تجربة جديدة. لذلك واجهتنا مشاكل في مجال النقل في بحر قزوين، والتي يتم حلها مع وصول سفن جديدة. بهذه الطريقة، زاد دخل البلاد في هذا المجال.

إذا قارنت الإحصائيات الجديدة بإحصائيات العام الماضي، ستجد أنه على سبيل المثال، استوردنا حوالي 12 مليار دولار من السلع الزراعية عام 2021؛ لكن هذا المبلغ بلغ حوالي 17 مليار دولار عام 2022. لذلك لقد حدث نمو كبير. كما نتطلع إلى أفريقيا في المستقبل القريب لتعزيز التبادل التجاري. لقد ارتكبت بلادنا العديد من الأخطاء والتجاهل في هذا المجال ولم تنتبه للأرقام العالية التي تتبادلها دول أخرى مثل تركيا والصين وروسيا مع الدول الأفريقية.

 

ما مدى معرفتك بإسهام العقوبات في المشاكل التي تسببت بها للبلاد في مجال العلاقات التجارية والمصرفية مع الدول الأخرى، بما في ذلك الصين؟

عندما نكون تحت العقوبات، يجب ألا نقف في الظل وننتظر حل المشكلة. لقد ذهبنا للمواجهة وبدأنا العمل ووجدنا حلاً لكل مشكلة. أنا أسالك سؤالاً: كم عدد خطابات الاعتماد التي تم فتحها عند رفع العقوبات؟ وللإجابة على ذلك لابد من الإشارة الى أن هذه المدة كانت أربع سنوات وهي ليست بالمدة القصيرة.

لا أحد يعارض تسوية قضية خطة العمل الشاملة المشتركة؛ لكن عندما يتراجع الطرف الآخر عن إلتزاماته، لا يمكن التوقف بدون حراك. بدلاً من ذلك، ينبغي ايجاد الحلول الخاصة بنا؛ على سبيل المثال، عضويتنا في منظمة شنغهاي تعتبر إنتصاراً كبيراً للجمهورية الإسلامية الإيرانية.

 

أخبرنا عن منظمة “شنغهاي”، ما هي الآثار الملموسة لإنجازات عضويتها على اقتصاد البلاد؟ يعتقد البعض أن العقوبات وعدم الانضمام إلى مجموعة العمل المالي FATF قد حالا دون تحقيق الحكومة لأهدافها الاقتصادية في إطار هذه المنظمة الإقليمية؟

لا يمكنني الحديث بشفافية في الوقت الحالي عن موضوع مجموعة العمل المالي FATF؛ لكن لابد من التنويه الى أن هناك العديد من الأعمال الجارية بما في ذلك مع بعض الدول الأوروبية؛ لكن لا يمكننا مناقشة تفاصيلها لأن الأمريكيين سيتدخلون وسيضعون العقبات أمام ذلك. لماذا لم يتم حل قضية خطة العمل المشتركة، لأن الأمريكيين لا يرغبون أنهم يقولون بأنهم متحمسون؛ لكنهم لا يتقدمون بخطوة واحدة في سبيل تحقيق ذلك!

ولكن فيما يتعلق بالآثار الاقتصادية للتدابير المتخذة في المجال الاقتصادي، يجب أن أشير إلى أن اتجاه الصادرات في البلاد في الفترة الأخيرة كان مرضياً والمزارعون راضون عن الصادرات. نجحت العديد من الصناعات في التجارة الخارجية، كما تحسنت قدرات التصدير. هدفنا هذا العام هو الوصول إلى 110 مليارات دولار. يجب علينا جذب رأس المال. ومن بين القضايا الموجودة أنه يتعين على الوزارات زيادة سرعة المفاوضات التجارية المتعلقة بالتصدير والاستيراد. يجب إزالة البيروقراطية ويجب أن يكون الاستثمار في البلاد أكثر تشجيعاً.

 

لنتحدّث عن الاتفاقية الشاملة بين إيران والصين. بالإضافة إلى منصبك في دائرة الدبلوماسية الاقتصادية، فأنت مسؤول أيضاً عن متابعة تنفيذ هذه الاتفاقية. لماذا أحدثت هذه الإتفاقية ضجة كبيرة؟

الاتفاقية التي تبلغ مدتها 25 عاماً لها إطار عمل منذ توقيعها وتنفيذها. ولقد قام البعض بالكشف عن نصوصها. وزعم المتذمرون أن إيران، على سبيل المثال، أعطت جزيرتي كيش وقشم للصينيين بهذا الاتفاق، وهذا غير صحيح.

 

يبدو أن سرّية بنود هذه الاتفاقية أججت مثل هذه الشائعات.

العقود بين الدول تصنّف سرّية دائماً.

 

إلى أي مدى حققت رحلة السيد رئيسي إلى بكين أهداف البلاد في إطار هذه الاتفاقية الشاملة؟

كانت إنجازات هذه الرحلة في قطاع الطاقة والاستثمار رائعة للغاية. فقط في مجال الصناعة والتعدين والتجارة، تم توقيع 19 وثيقة وعقد واتفاقية، بإستثناء 20 وثيقة رئيسية، بعضها عقود والبعض الآخر اتفاقيات. بالإضافة إلى ذلك، توصل الجانبان إلى اتفاقيات جيدة في مجال التعاون السياحي والمصرفي والمالي، تم تحقيقها جميعها في إطار الاتفاقية الشاملة. في الماضي، كنت حاضراً في عدة رحلات قام بها بعض المسؤولين، ويمكنني أن أقول إن رحلة السيد رئيسي إلى الصين كانت ناجحة جداً.

 

بالنسبة لروسيا، تحاول إيران الوصول إلى اتفاق مماثل للاتفاقية مع الصين، فإلى أي مرحلة وصلت هذه الاتفاقية؟

على وشك التوقيع.

 

هل هناك وقت محدد لذلك؟

من المحتمل أن يتم التوقيع عليه في الشهر أو الشهرين المقبلين. إنها اتفاقية شاملة تشمل التعاون في جميع المجالات. لقد أبرمنا بالفعل عقوداً مع الروس ونحن الآن نكملها. كانت مدة الاتفاقيات السابقة 15 سنة؛ لكنها الآن 20 سنة.

 

بالنظر إلى إندلاع الحرب في أوكرانيا والعقوبات المفروضة على روسيا، إلى أي مدى يمكن لهذا البلد أن يكون له فوائد اقتصادية في العلاقات الثنائية مع بلدنا؟

روسيا في حالة حرب وتم حظرها؛ لكن أولاً قامت بتعزيز عملتها الوطنية “الروبل” باتخاذ تدابير سياسية، وثانياً إنها دولة تصدر 12 مليون برميل من النفط يومياً ولديها غاز. كما أن لديها إمكانات في مجال الطيران والممرات. يتمتع البلدان بقدرة جيدة وتعاون جيد خاصة للاستثمار في الطاقة والبنية التحتية ومحطات الطاقة، وكذلك شراء السلع الأساسية والسلع غير النفطية ومواد البناء وحتى الزراعية مثل الحمضيات والمحاصيل الصيفية و… إلخ. نأمل أن يزداد حجم تجارتنا وصادراتنا إلى هذا البلد بشكل كبير هذا العام.

 

مع العقوبات على روسيا، هل تغيرت قدرتنا على التصدير؟

تم خلق بيئة جيدة لنا من حيث الصادرات. واليوم إذا لم تكن لدينا القدرة على التصدير الى روسيا، على سبيل المثال، يمكننا تصدير ما يبلغ 5 مليارات دولار من مواد البناء إلى روسيا، وبالنسبة لتصدير الخدمات الهندسية أيضاً، كما يمكننا تصدير قطع غيار الى روسيا بمبلغ يصل الى 5 مليارات دولار؛ لكن المشكلة ليست مع هذا البلد، وإنما بسبب قيودنا الخاصة نوقع عقداً بقيمة 700 مليون دولار فقط! حيث قمنا بتصدير 500 جرار وبعض السيارات وقطع غيارها فقط حتى الآن.

بيئة الاستثمار في مجال النفط والغاز هي نفسها. نحن نقلل من شأن تكنولوجيا الروس. تم إنتاج سلسلة من المضخات الموجودة في الآبار من قبل الغربيين والروس، يختلف نوع بنائها عن بعضها البعض. المضخات الغربية الصنع، والتي تكلف مليون ونصف المليون يورو، يجب إزالتها بعد 6 أشهر من الاستخدام؛ لكن الروس يصنعون مضخات مماثلة؛ بالطبع، معظمها يصدّر إلى أمريكا. ميزته أنه يخرج من البئر بعد عامين، ويبلغ سعره 200 ألف يورو. واليوم أطلق الروس مصنعاً لخط إنتاج هذه المضخات في إيران، لذا فهذه التكنولوجيا كافية لنا. كانوا يقولون إن التكنولوجيا الغربية يجب أن تكون أمريكية؛ لكننا نقول إن الصين لديها أيضاً تكنولوجيا ويمكنها حل مشكلتنا. أنا لا أقول إن الروس يمكنهم بناء مصفاة حديثة لنا؛ لكن يمكنهم توفير الكثير من الأجزاء الضرورية وقطع الغيار.

 

من أهم القضايا التي تم أخذها في الاعتبار في الحكومة الثالثة عشرة في عملية تحقيق أهداف الدبلوماسية الاقتصادية، الانضمام إلى الممرات الدولية، والتي تحظى إيران أيضاً بمكانة جيدة جداً في هذا المجال، وفي هذا المجال هناك ممران “شمال – جنوب” و”شرق – غرب” حيث يتم الاهتمام والمتابعة بشأنهما؛ لكن ممر “شمال – جنوب” لم يعمل بكامل طاقته بعد، لماذا؟

يعتبر عبور البضائع قدرة إستثنائية للبلاد، والتي للأسف لم تحظ بالاهتمام الكافي لسنوات عديدة. يوفر الممر الدولي بين الشمال والجنوب إمكانية عبور البضائع بالسكك الحديد من الهند ودول الخليج الفارسي إلى جمهورية أذربيجان وروسيا وشرق وشمال أوروبا. عندما كنت سفيراً في روسيا، تم توقيع إتفاقية هذا الممر بين إيران وروسيا والهند ثم أضيفت عمان؛ لكن هذا الاتفاق لم يتم الاهتمام به في الحكومات السابقة وكان لديهم بعض الشروط بشأنه. إذا تم إنجاز هذا الممر بالكامل، فسيكون مسار التنقل أقصر بـ17 يوماً. ممر “شمال – جنوب” ليس فقط باتجاه روسيا، وإنما يصل إلى القوقاز – البحر الأسود ثم أوروبا، وبعد فترة سيمكن إنشاء إتصال تجاري على طول هذا الطريق عبر محطات تشابهار – باكستان – أذربيجان – أرمينيا – جورجيا – البحر الأسود وكتلة أوروبا الشرقية.

 

إلى أي مرحلة وصلت عملية تنفيذ مشروع سكة حديد شلمجة – البصرة؟ لأنه على الرغم من أن المنافسين يحاولون الاستحواذ على المزيد من الأسواق من خلال تفعيل الممرات الموازية في دول رابطة الدول المستقلة وتركيا، إلا أنه من الممكن الحيلولة دون خسارة الأسواق المهمة في هذه الدول من خلال حل المشكلة من خلال بناء خط شلمجة – البصرة، خاصة وأن إيران أصبحت سوقاً للصين.

في العام الماضي، توصلنا إلى تفاهم حول إنشاء خط سكة حديد شلمجة – البصرة، وعلى الرغم من بعض المعارضة من الجانب الآخر. لحسن الحظ، وقعنا هذا المشروع منذ شهر، وتم تحديد المهمة على أساس حصة كل بلد من بناء الخط الحديدي. علينا أن نبني الجسور وعليهم أيضاً أن يستحوذوا على الأراضي. كما طلبوا أن يكون هناك خطاً للركاب ووافقنا عليه.

 

المصدر: الوفاق/ خاص