خلال أكثر من عقد من الحرب ضد سوريا وشعبها، شنت “إسرائيل” مئات الضربات الجوية على الأراضي السورية، واستهدفت بشكل أساسي القوات المدعومة من الجمهورية الإسلاميّة ومقاتلي المقاومة اللبنانيّة وكذلك مواقع الجيش السوري، وعقب النقلة السياسة التي شهدتها سوريا، أشار وزير الدفاع واسناد القوات المسلحة الايرانية العميد محمد رضا آشتياني، الذي زار سوريا ضمن الوفد المرافق لرئيس الجمهورية آية الله رئيسي، مع وزير الدفاع السوري العماد علي عباس، إلى أنّ وزارة الدفاع إلى جانب القطاعات الاقتصادية والمدنية الأخرى، لديها الاستعدادات اللازمة لإطلاق وبناء وتجهيز القوات المسلحة السورية بأحدث الاسلحة الدفاعية، حيث بذلت جمهورية إيران الإسلامية جهودًا مكثفة ومكلفة ومتكاملة لدعم سوريا خلال العقد الأخير.
تشير المعلومات إلى أنّ أجهزة الأمن والاستخبارات الإيرانية تقدم المشورة والمساعدة للجيش السوري من أجل الحفاظ على وحدة الأراضي السورية، وقد تطورت هذه الجهود إلى مهمات أكبر تطلبتها الظروف، وعكس ذلك رغبة إيران في مساعدة ودعم القوة العسكرية السورية منذ اشتداد الحرب على البلاد، ولهذا أوضح العميد أشتياني أن دعم القوات المسلحة ووزارة الدفاع الإيرانية لسوريا في الحرب الشاملة ضد تنظيم داعش وكذلك جهود الدبلوماسية الدفاعية لطهران في اجتماع موسكو الرباعي بهدف خلق الأمن والاستقرار الدائمين، قائلاً: “الآن هو عهد إعادة الإعمار والازدهار لسوريا في مختلف المجالات، وان وزارة الدفاع واسناد القوات المسلحة الايرانية، إلى جانب القطاعات الاقتصادية والمدنية الأخرى، لديها الاستعدادات اللازمة لإطلاق وبناء وتجهيز القوات المسلحة السورية بأحدث الأسلحة الدفاعية”، حسب وسائل إعلام إيرانيّة.
وفي الوقت الذي تقدم فيه إيران الإمدادات العسكرية الأساسية لسوريا، اعتبر وزير الدفاع الإيرانيّ أنّ الاعتماد على القدرات الداخلية في أي بلد هو أحد أهم مكونات القوة فيها، مؤكّداً أن وزارة دفاع في بلاده باعتمادها هذا النهج في مختلف المجالات البرية والبحرية والجوية والفضائية والإلكترونية وغيرها حققت قدرات إنتاجية، وتمكنت من إبراز دورها العملياتي في مجال العمل ومحاربة الإرهاب ودعم الشعوب المظلومة، بعيدًا عن التبعية وتأثير العقوبات في الصناعة الدفاعية، وركّز المسؤول الإيرانيّ البارز على أهميّة التعاون بين إيران وسوريا، مجدداً رغبة إيران في التعاون مع سوريا في مجال بناء المصانع وإنشاء خطوط إنتاج للمنتجات الدفاعية الاستراتيجية من أجل خلق البنى التحتية الدفاعية ومتعددة الأطراف وتعزيز البنية التسليحية للجمهورية العربية السورية بهدف زيادة أمن الشعب السوري.
من ناحية أُخرى، بيّن وزير الدفاع السوري العماد علي عباس، أنّ أمن واستقرار سوريا تحقق بدعم من اشقائها وأصدقائها الحقيقيين وفي مقدمتهم طهران، مشيراً إلى أنّ تقوية البنية الدفاعية لسورية ستجعلها بصفتها إحدى حلقات محور المقاومة اكثر استعدادا لمحاربة الإرهاب، وثمن عباس دعم وزارة الدفاع الايرانية لبلاده في مجال الدبلوماسية الدفاعية، مضيفاً: “لن يدخر الأعداء جهداً في الإضرار بالعلاقات الأخوية والودية بين دمشق وطهران، لكن العلاقات بينهما تتسع وتتعمق يومًا بعد يوم من أجل تعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة”.
ولا يخفى على أحد أن دور إيران في سوريا كان حاسمًا ومؤثراً ليس فقط لمسار الحرب ضد سوريا التي استمرت مدّة طويلة، ولكن أيضًا للتطورات طويلة المدى في المنطقة، لأسباب ليس أقلها علاقات إيران مع اللاعبين الرئيسيين، بما في ذلك روسيا وتركيا ودول الخليج، وإن التحالف بين سوريا والقيادة الإيرانية تطور بشكل كبير منذ اندلاع الحرب في سوريا في آذار / مارس 2011 ، وكانت إيران أحد الداعمين الرئيسيين لسوريا وحافظت على تأثير كبير على تطور الصراع.
وما لا شك فيه، أنّ الرسالة الإيرانيّة لسوريا تأتي في توقيت مهم جداً بالتزامن مع عودة سوريا إلى الجامعة العربية، واللافت أنّ طهران ترغب بعلاقات متجذرة أكثر فأكثر مع دمشق، وهذه التصريحات كانت ذات دلالات كبيرة لأن إيران لها دور كبير في الملف السوريّ بأكمله، ويبدو أنّ الرسالة العسكريّة من إيران جاءت لتعزز الإجراءات اللازمة لعودة سوريا كقوة في المنطقة، وتؤكّد بعض التحليلات أنّ أهمية تلك الدعوة تأتي في سياق مواجهة التدخلات العسكريّة على الساحة السوريّة وخاصة من قبل قوات العدو الصهيونيّ، وتعزيز التعاون بين طهران ودمشق ومحاربة التدخل الإسرائيليّ الذي وصل إلى حد لا يحتمل، وحماية الأمن القومي لسوريا، وبالتالي نعود لنشاهد سوريا تحتل موقعها السياسيّ الطبيعيّ بما يؤهلها لأن يكون لها دور مباشر في حل الأزمات بدل الغرق بها.