مؤسسة "إيران" لها إصدرات كثيرة في هذا المجال

الكتب المترجمة العربية والفارسية.. جسر للتقارب والإثراء الثقافي

تختزن المذكّرات مسيرة المقاومة الفلسطينيّة من الذاكرة والتجارب السياسية والنضالية.

2023-05-16

موناسادات خواسته

أحد أهم المجالات الثقافية التي تحظى بأهمية كبيرة ولها جمهورها، هو مجال الأدب والكتاب، كلما نتحدث ونكتب عنه، قليل، بما أن الكتاب في الحقيقة عالم لا نهاية له، بل بحر لجيّ عميق، كلما نخوضه لا نصل إلى نهايته وكلما نطرق باباً، تفتح لنا أبواب أخرى، وفي شهر الربيع تُقام معارض كتب دولية كثيرة، تتزامن فيه ربيع الأيام وربيع الأفكار وتدخل في النفوس والقلوب البهجة والسرور.

ذكرنا في تقاريرنا السابقة خلال الأيام الماضية الأجواء التي تسود حالياً معرض طهران الدولي للكتاب بمختلف أقسامه الرائعة التي عندما يدخل الإنسان إليها يود أن لا يخرج منها، بما أنه يشتمل على نشاطات ثقافية كثيرة وتنوع كثير من إقامة البرامج حول موضوع الكتاب وإقامة برامج ومسرحيات تتعلق بالكتاب للأطفال والناشئين، ونرى حتى حضور ناشط وواسع للمؤسسات الثقافية، من العتبات المقدسة إلى المتاحف ومنها متحف العبرة في طهران، فالجميع يُقدّم لنا باقة زاهية من المعلومات، تفوح منها رائحة المسك في الفضاء، فنوصيكم أن لا تفوتكم هذه الفرصة القيّمة لتقتطفوا من بستان الكتاب ما تريدون.

أما اليوم نتطرق إلى الكتب التي قامت مؤسسة “إيران” الثقافية التي تقوم بإصدار صحيفة “إيران” بالفارسية و “الوفاق” بالعربية، و “إيران ديلي” بالإنجليزية، و “ايران الرياضية” التي تختص بالقضايا الرياضية، وصحيفة “إيران سبيد” للمكفوفين، ومجلة “دانشمند” حول المواضيع العلمية، فإضافة إلى إصداراتها الكثيرة والملفات التي تنشرها بين فترة واخرى، نرى نشاطاً واسعا لها في قسم “النشر”، حيث أن هناك كثيرا من الكتب باللغات الأجنبية يتم ترجمتها إلى الفارسية ونشرها الى جانب التأليفات الفارسية الأخرى، وفي هذا المقال نذكر لكم بعض الكتب القيّمة المترجمة من العربية إلى الفارسية.

من جمر إلى جمر

كتاب “من جمر إلى جمر.. صفحات من ذكريات منير شفيق”، ترجمة حسين جابري أنصاري، وتدوين وتحرير نافذ أبو حسنة، وقد فاز الكتاب بـ “جائزة فلسطين العالمية للآداب” (2022).

تختزن المذكّرات مسيرة المقاومة الفلسطينيّة من الذاكرة والتجارب السياسية والنضالية، ما يمكن أن يشكّل مخزوناً معرفياً ومعلوماتياً قد يمثل رافداً مهماً للهوية الوطنية الفلسطينية، على الرغم من قسوة تلك التجارب والخيبات التي تعرّضت لها، والثغرات التي وقعت بها في بعض محطاتها.

تقدّم صفحات هذا الكتاب مذكرات عَلَم من أعلام المقاومة الفلسطينية الذي عايش القضية منذ نكبة 1948 حتى اليوم، واكب منير شفيق هذه القضية منذ طفولته قبيل النكبة والتحق في مسيرتها مبكراً فعايش المحطات التاريخية الكبرى التي مرت بها هذه القضية، والتحولات العربية والإقليمية والدولية التي أثّرت فيها، وتعامل معها وفق مقاربات فكرية وأيديولوجية وتنظيمية مختلفة، بل متناقضة أحياناً، لكنه كان يتحكم في تلك المقاربات، فجعل الأيديولوجيا في خدمة القضية الوطنية لا القضية لوطنية في خدمة الأيديولوجيا كما فعل  الكثير.

عشرة أعوام مع حافظ الأسد

كتاب “عشرة أعوام مع حافظ الأسد” كتاب مثير يجمع بين رواية المذكّرات وتوثيق المادَّة التاريخية لمرحلةٍ شديدة الحساسيّة في الحياة العربية المعاصرة، وهي مرحلة محادثات السلام العربية الإسرائيلية في العقد الأخير من القرن الماضي.

الدكتورة بثينة شعبان مؤلفة الكتاب، هي مستشارة ومترجمة رئيسية للرئيس الراحل حافظ الأسد، تزودنا بوثائق ووقائع من المصدر الأساسي عن العلاقات الأمريكية السوريّة في الحقبة التي شهدت تلك المحادثات، وتقدّم وثائق تنشر للمرَّة الأولى تساعد حتماً على مزيدٍ من تعميق فهم أسباب الصراع المستمرّ في الشرق الأوسط.

مركز دراسات الوحدة العربية يقدِّم هذا الكتاب إلى القارئ العربي، وهو يثير نقاشاً سياسياً وتاريخياً مهماً، كونه يقدم الرواية الأولى عن محادثات السلام التي تكتبها شخصية سورية من الداخل، ولقد تم ترجمة الكتاب إلى الفارسية على يد “رامين حسين آباديان”.

حافة الهاوية

كتاب “حافة الهاوية.. (وثيقة وطن)” مباحثات حافظ الأسد وهنري كيسنجر، والكتاب من تأليف الدكتورة بثينة شعبان، وإصدار دار نشر “بيسان”.

لا يقتصر الكتاب على كيسنجر وسياسته فحسب، بل يمتد ليبحث في سياسة حافظ الأسد وفكره وتراثه أيضاً.

إن هذا الكتاب إضافة هامة إلى الأعمال التاريخية حول سورية والسياسة الخارجية في عهد حافظ الأسد، تُقدم خلاله الدكتورة بثينة شعبان الرواية الدقيقة الموثقة للصراع العربي الصهيوني.

تقول شعبان في مقدّمة الكتاب: “بعد نشر كتابي “عشرة أعوام مع حافظ الأسد” عام 2015، وبعد أن نفدت 6 طبعات منه في أقل ّ من عام واحد، متجاوزاً في ذلك كل الأرقام القياسية السابقة لمبيعات كتب مركز دراسات الوحدة العربية، أحد أهم دور النشر في لبنان والعالم العربي، أدركت حينذاك كم يتوق القرّاء عموماً، والقارئ العربي خصوصاً، إلى معرفة الأحداث المهمّة التي صنعت تاريخ منطقتنا. لذلك قررت البحث في في موضوعات أخرى في التاريخ العربي والسوري المعاصر معتمدة على التعمّق في المصادر الأساسية للمعلومات، كما حضر الإجتماعات والبرقيات الدبلوماسية بغية إعطاء القرّاء روايات تاريخية دقيقة ومبنية على الحقائق تساعد على الوصول إلى تفهم صحيح للأحداث والقادة والشخصيات التاريخية”.

إن كتاب “حافة الهاوية” بتقديمه -أول مرّة- رواية دقيقة موثقة عن أحداث الحقبة التاريخية التي أعقبت حرب تشرين التحريرية عام 1973، بردم فجوة هامة في كتابة تاريخ الشرق الأوسط، ولقد تم ترجمة الكتاب على يد “رامين حسين آباديان”.

الرواية المفقودة

كتاب “الرواية المفقودة” عبارة عن مذكرات نائب الرئيس، وزير الخارجية السورية السابق، فاروق الشرع، والتي تتوقف عند وفاة حافظ الأسد، من تأليف فاروق الشرع وترجمه إلى الفارسية الدكتور حسين جابري أنصاري.

وإذا شئنا الدقة، فالكتاب يروي جانباً من مذكرات الشرع، وقسماً غير مستفيض من شهادته على مراحل مفصلية من تاريخ سورية وحزب البعث وصراعات السلطة وعلاقته بالأنظمة العربية والإقليمية والدولية، إذ يعترف المؤلف بأن “حياتي السياسية مهما وصفت بعدم فاعليتها السلطوية، كانت طويلة ومتحركة إلى درجة كافية لم تضطرني إلى اختلاق أحداث لم تقع أو تسجيل ادعاءات لم تحدث”.

ولكن الكتاب المكون من تسعة عشر فصلاً ومقدمة، موزعة على 448 صفحة، هو الرواية السورية الأهم، إن لم نقل الوحيدة، عن جهود عملية التسوية، وتحديداً المفاوضات السورية الإسرائيلية، بدءاً من التحضير لمؤتمر مدريد الذي عقد في 30 تشرين الأول/أكتوبر 1991 وانتهاء بقمة جنيف بين الرئيس السوري الراحل، حافظ الأسد، والرئيس الأميركي الأسبق، بيل كلينتون، في 26 آذار/مارس 2000، مروراً بقصة وديعة رابين، وكيف حاول الإسرائيليون التنصل منها، واتهام الشرع شخصيّاً بإفشال عملية السلام.

بوح في المتاح

كتاب “بوح في المتاح” يتطرق إلى ذكريات وتأملات المفكر والمؤرخ الفلسطيني “إلياس شوفاني” حول فلسطين والصهيونية وإسرائيل، وتجربة المقاومة الفلسطينية في مواجهة الإحتلال الصهيوني، وقد تم إجراء الحوار مصطفى الولي، وعبده الأسدي، وترجمه إلى الفارسية الدكتور حسين جابري أنصاري.

روى هذا المفكر الفلسطيني قصة حياته المتشابكة مع قضيتي فلسطين وإسرائيل، وتناول فيها القضايا الأساسية المتعلقة بفلسطين، من الاحتلال ومخطط الصهيونية ومشروع إقامة إسرائيل واستمرارها للمقاومة الشعبية والحركات المعاصرة للنهضة الفلسطينية، ومستقبل هذه المواجهة.

الحرب السورية بالوثائق السرية

كتاب “الأسد بين الرحيل والتدمير الممنهج.. الحرب السورية بالوثائق السرية” من تأليف “سامي كليب” ولقد تم ترجمته إلى الفارسية على يد نور عامري ومحمد رزيجي.

يختصر هذا الكتاب أبرز الأسباب الداخلية والخارجية للحرب في سوريا وعليها، إنطلاقاً من وصول الدكتور بشار الأسد إلى سدة الرئاسة مروراً باجتياح العراق وصولاً إلى الحرب السورية – هو محاولة تشريح بالوثائق والمحاضر السرية والمراجع الموثوقة، للأسباب الداخلية والإقليمية والدولية لواحدة من  أسوأ حروب القرن- قد نفهم أكثر عبر هذه الوثائق التي تنشر للمرة الأولى الأسباب الحقيقية لما أصاب هذا البلد العريق والمحوري من تدمير ممنهج خدم الصهاينة قبل غيرها، وأظهر أبشع صور الصراع الدولي والإقليمي لرسم معالم خرائط جديدة بدماء السوريين.

أطفال وأقدار

كتاب “مذكرات أنيس النقاش؛ أطفال وأقدار” من إصدارات بيسان للنشر والتوزيع، ولقد تم ترجمته على يد “بتول خدابخش” زوجة أنيس النقاش.

هذا الكتاب ليس سيرة ذاتية بل ذكريات، ذلك لأن سيرة أنيس نقاش أشمل وأبعد مدى وأكثرإحاطة وأعمق من ذلك بالتأكيد.

هنا، في مذكّراته الحارّة ثمة محطات مرّ بها بسرعة، ومحطات أغفلها متعمداً وعَبَر من ثقوبها بلطف ومهارة، وهناك وقائع فصّلها تفصيلاً دقيقاً وجميلاً،  وهذا هو الفارق بين السيرة والذكريات.

وأنيس النقاش هو، في الجوهر، خلاصة جيل عربي تطلع بقوة إلى الوحدة وتحرير فلسطين والخلاص من الإستعمار وتأسيس دول عصرية وحرة وديمقراطية، وتجربة أنيس النقاش في هذا الميدان، على رونقها الآسر وخيباتها المرّة، مابرحت كالرحيق الباقي من تلك الآمال الزاهية. ربما تنكمش تلك الأحلام وتنحسر، أو تنكسر، لكن رحيقها يظل فوّاحاً.

وهناك كتب عربية كثيرة يتم ترجمتها إلى الفارسية فالمسيرة متواصلة، وهذا يؤدي إلى الإثرإء الثقافي للجميع.

 

 

 

 

 

 

المصدر: الوفاق/ خاص