الشهيد مصطفى علي أمهز..

“دماء” اسم اختصر حياته

انتظر الشهيد بفارغ الصبر أن يبلغ عمر حلمه الأوحد وهو المقاومة،ذلك الحلم الذي اختصر كل حياته

2022-11-14

المولد والنشأة

ولد الشهيد في مدينة الهرمل في العام 1974، والّتي عاش فيها روح الثورة الخمينية إلى أقصاها، انتظر الفتى الكشفي بفارغ الصبر أن يبلغ عمر حلمه الأوحد وهو المقاومة، ذلك الحلم الذي اختصر كل حياته، فحتى بعد زواجه وإنجابه طفلين، لم يبعده ذلك عن ساحات الجهاد. وكان الزوج المحب والمساعد، إذ كان يساعد زوجته الموظفة في المدرسة في مختلف الأنشطة الفنية والثقافية المختلفة، وهو الذي عُرف بقلمه المرهف وفكره الخلاق، أمّا ولداه فكان يشاركهما أغلب الأنشطة، وينفّذ معهما مناورات تناسب عمريهما.‏

بداية المقاومة الانتماء للهيئة الصحية

‏ كان في الثامنة عشرة من عمره حينما التحق بصفوف المسعفين في الهيئة الصحية الإسلامية، ليكون مسعفاً حربياً بعد أن اختار خط المقاومة وهو لا يزالُ فتياً يخطو أولى خطواته في الحياة.‏ فحمل البندقية بيدٍ وحقيبة الإسعاف بيدٍ أخرى. وقد اختزل عمله واسمه الجهادي حياته، فلم يعرفه أحد إلّا باسم “دماء”. ومن لا يعرفه من المجاهدين؟ ومن ذاك الّذي لم يلتق به في معسكرات التدريب؟ إنّه الرجل المسعف في كلّ المواقف.

 الجهوزية التامة‏ في حرب تموز

لم تسع الشهيد الفرحة وهو يتوجه جنوباً ليشارك في المواجهات مع العدو الصهيوني، ومن الطيبة إلى بيت ياحون، إلى بنت جبيل حيث أسعف الشهيد القائد محمد قانصوه “ساجد الدوير” ولازمه لفترة. كان يسعفُ الجرحى، ويخفف عن المجاهدين، ويهيئ لهم الطعام ممّا تيسّر. بعد عودته من الحرب، عاش فترة الحسرة التي ظهرت جلياً على تقاسيم وجهه، فهو بدأ يعدُّ رفاقه من الشهداء الذين ارتقوا فيها، ولكن ما كان يخفف من حزنه أمله في استجابة الله (عزوجل) لدعائه.‏

الشهادة

اعتصم بعض الشباب في منظقة الضاحية الجنوبية لمدينة بيروت احتجاجاً على قطع التيار الكهربائي المتواصل. كان الاحتجاجُ صاخباً وغاضباً، ولكن أحداً لم يحمل بيده سلاحاً. وصل الجيشُ اللبناني ليفرق المتظاهرين، وصل الشهيد ليساعد الإخوة في التحدث مع المتظاهرين وفكّ الاعتصام. وبينما كانت الأمور تسير باتجاه التهدئة، سُمع صوت رصاص من جهة مجهولة، استشهد على أثره أحد المجاهدين، ولكم كان الشهيد يكره الغدر الجبان والرصاص الأعمى، ولكَم كان يخافُ على الناس منه، فما إن يُنادى على الجهاز للتوجه إلى مكان، حتى يشق الطريق بسيارة الإسعاف وهو يلهج بالدعاء أن لا يُهرق دم أبرياء.‏ بعد استشهاد الشهيد المظلوم وأثناء إسعاف الجرحى أُطلق الرصاص على الحاج “دماء” الذي وافته المنية على حين غرّة منه، في مكانٍ لم يخطر بباله، فرجلُ الإسعاف الحربي كان يسعف جرحى الرصاص الأعمى. وأمام عدسات الكاميرا، ارتقى ليرتفع إلى السماء بتاريخ 27 /1/2008‏ ذاك الذي كانتْ كفاه أرضاً تحتضنُ الجراح.