موسوعة الكاتب عبد الوهاب المسيري...

الصهيونية وخيوط العنكبوت

عنوان هذا الكتاب مقتبس من مقولة أمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله التي يصف فيها "إسرائيل" بأنها "أوهن من بيت العنكبوت

2022-11-14

لعّل أحد أسباب هزيمة 1967 هو عدم معرفتنا بمؤامرات “إسرائيل” والصهيونية، وهنا تأتي أهمية ما فعله الباحث المصري الراحل الدكتور عبد الوهاب المسيري بإصدار أول موسوعة موجزة عن اليهود والصهيونية وأعقبها بعد ذلك بموسوعة مطولة تحدث فيها بصراحة وموضوعية عن اليهودية في مختلف المجالات، وقد اعتبرت أحد أكبر الأعمال الموسوعية في القرن العشرين.

ففي حرب تشرين الأول / أكتوبر 1973 تم التعرف على “إسرائيل” كما هي لا كما نحب. فشاهدنا لأول مرة في التاريخ طوابير الأسرى الإسرائيليين الذين أسرتهم القوات المصرية، فالمعرفة بأي عدو أهم أسلحة الفوز عليه.

عنوان كتاب “الصهيونية وخيوط العنكبوت” للدكتور عبد الوهاب المسيري الصادر عن دار الفكر المعاصر في بيروت، مقتبس من مقولة أمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله التي يصف فيها “إسرائيل” بأنها “أوهن من بيت العنكبوت” التي أطلقها بعد انتصار عام  2000 في مدينة بنت جبيل الجنوبية غداة انسحاب قوات الاحتلال الإسرائيلي من لبنان، وهي المقولة التي أقر بصوابها رئيس أركان جيش العدو الإسرائيلي السابق موشيه يعلون معتبراً بان قدرة المجتمع الإسرائيلي على الصمود محدودة للغاية.

والكتاب هو دراسة ديموغرافية – اجتماعية – ثقافية عن واقع الصهيونية واليهود في فلسطين المحتلة، وبمسار الصراع العربي الصهيوني. ويمكن القول إن هذه الدراسة هي محاولة لاستخدام النماذج التي طورها المؤلف في موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية: نموذج تفسيري جديد لتفسير الأحداث والوقائع التي يتعرض لها الكتاب بالتحليل والمعلومات التي ترد فيه.

يكشف الباحث خرافة  فكرة “الشعب اليهودي الواحد” بقيام المجتمع الإسرائيلي على مجموعتين متنافرتين هما اليهود الغربيون (الأشكيناز) واليهود الشرقيون (السفارديم) ومجموعات هامشية من يهود الهند ويهود داغستان وجورجيا والعبرانيين السود والفلاشا. كما يوضح بأنّ الأمور تغيرت بعد عشرين سنة من تأسيس الدولة، فتراجع الدافع العقائدي ونموذج “عضو الكيبوتس” فالصهاينة الأوائل كانوا يحملون البارودة بيد والمعول باليد الأخرى، وظهر اليوم النموذج الإستهلاكي واستغلال المناصب لتحسين الوضع، وانتشار العنف الداخلي، وارتفاع نسبة الفقر.

يشير المسيري إلى كثرة المتاحف في “إسرائيل” التي تبلغ 1500 متحف، وهي آثار تعكس حب تضخيم الذات وغياب الجذور وكثرة الجماعات غير المتجانسة التي تحمل تراثها العاطفي. ويبيّن أن الإبادة التي وقعت لليهود على يد النازيين هي إبادة للعناصر غير المجدية أو غير النافعة في الحياة، فحال اليهود عند الإبادة كانوا يُؤخذون إلى معسكرات ويحبسون فيها ويميز بين الشخص الصالح منهم للحياة والعنصر غير النافع.

ويدحض خرافة “بروتوكولات حكماء صهيون” الساذجة التي طبعتها الشرطة السياسية الروسية للنيل من الحركات الثورية والليبرالية والتي روّجتها الصهيونية وأسباب شيوعها في العالم العربي ماراً بظواهر مثل النازيين الجدد بين الإسرائيليين أنفسهم.

ويتناول الفصل الأخير من الكتاب موضوع نهاية “إسرائيل” إذ يتوقف المسيري عند أحد أكبر المتخصصين في الاستراتيجية العسكرية اليهودية مارتين فان كريفلد الذي يرى أنّ ظاهرة رفض الخدمة في جيش الاحتلال الإسرائيلي دليل على أن الجيش في حالة تفكك، ويعتبر أن ذلك  أفضل تطور للصهيونية لأنه قد يضطرهم إلى الخروج من الأرض المحتلة.