وشرح قائد الثورة الإسلامية، خلال استقباله صباح السبت، مسؤولي وزارة الخارجية وسفراء الجمهورية الإسلامية الإيرانية، معايير ومؤشرات السياسة الخارجية الناجحة، معتبراً “العزة” بأنها تعني تجنب دبلوماسية الاستجداء، و”الحكمة” تعني التعاملات والأنشطة الحكيمة والمدروسة، و”المصلحة” بمعنى المرونة لتجاوز العقبات الصعبة ومواصلة المسار الأساسي في دبلوماسية البلاد.
* المراقبة المستمرة للتطورات
ودعا سماحته مسؤولي الجهاز الدبلوماسي في البلاد إلى المراقبة المستمرة للتطورات والأحداث المؤثرة في النظام الدولي من أجل الوصول الى المكانة اللائقة بإيران العزيزة في النظام العالم المستقبلي. واعتبر إن السياسة الخارجية الجيدة والنظام الدبلوماسي الفعال ركيزة أساسية للإدارة الناجحة للبلاد، موضحاً 6 قواعد إلزامية في السياسة الخارجية، وقال: الامتثال لهذه المؤشرات هو علامة على سياسة خارجية ناجحة؛ وإذا لم يتم مراعاة هذه القواعد، أو في نظرية السياسة الخارجية أو لدينا مشاكل في أداء وعمل الدبلوماسية.
وأوضح قائد الثورة إن قدرة الإقناع على شرح منطق مقاربات البلاد حيال القضايا المختلفة هي أول قاعدة لسياسة خارجية ناجحة. واعتبر سماحته إن “التواجد الفعال والموجه في مختلف الظواهر والأحداث والتيارات السياسية والاقتصادية في العالم”، و”إزالة وتقليل السياسات والقرارات المهددة ضد إيران”، و”إضعاف المراكز الخطرة”، و”تعزيز الحكومات والجماعات المتحالفة مع إيران وتطويرها وتوسعة العمق الاستراتيجي للبلاد”، “والقدرة على التعرف على الطبقات المخفية في القرارات والإجراءات الإقليمية والعالمية”، بأنه خمسة مبادئ أخرى في اتخاذ سياسة خارجية ناجحة ومشرفة.
* معنى المبادئ الرئيسية الثلاثة
كما أوضح سماحة آية الله الخامنئي معنى المبادئ الرئيسية الثلاثة “العزة والحكمة والمصلحة” في مجال السياسة الخارجية، قائلاً: “العزة”، تنفي “دبلوماسية الاستجداء، قولاً ومضموناً” وتجنب الإلتفات إلى أقوال وقرارات مسؤولي الدول الأخرى.
واعتبر قائد الثورة إن عدم الاعتماد على المبادئ في السياسة الخارجية يتعارض مع العزة ويثير التردد، وقال: في جميع القضايا العالمية نتصرف بعزة ونعتمد على المبادئ في أقوالنا وأفعالنا ونواجه تصرفات الآخرين.
وأشار قائد الثورة الى المعنى الحقيقي لـ”الحكمة” على أنه سلوك وكلام “حكيم ومدروس ومحسوب”، وقال: كل خطوة في السياسة الخارجية يجب أن تكون منطقية ومدروسة، وقد أضرت القرارات والأفعال المتهورة وغير الخاضعة للمساءلة البلاد في بعض الأحيان. واعتبر إن عدم الثقة بالأطراف الأخرى يعد مفهوماً آخر لـ”الحكمة”، وقال: طبعاً كل كلمة في عالم السياسة يجب عدم اعتبارها كذبة، لأن هناك كلمات صادقة ومقبولة؛ ولكن لا ينبغي الوثوق بكل الكلمات.
وبيّن قائد الثورة إن “المصلحة” بمعنى المرونة في الحالات الضرورية لتجاوز العقبات الصعبة والعسيرة ومواصلة المسار. وتابع قائلاً: الحفاظ على المبادئ لا يتعارض مع المصلحة؛ بالطبع قبل بضع سنوات عندما تم اقتراح مفهوم “المرونة البطولية”، أسيء فهم الأجانب والبعض في داخل البلاد، لأن المصلحة تعني إيجاد طريقة للتغلب على العقبات الصعبة ومواصلة الطريق للوصول الى الهدف.
وأكد سماحته على أهمية المبادرات الشخصية الجيدة والمناسبة والمدروسة جيداً لاسيما في تعاملات السفراء، وأشار الى موضوع “نوعية وكمية الموارد البشرية في وزارة الخارجية وتوظيف عناصر كفوءة وموثوقة”.
* إستقطاب العناصر الشابة
وعبّر آية الله الخامنئي عن ارتياحه لخطة وزارة الخارجية لاستقطاب العناصر الشابة، وأكد على الاهتمام بحافز وإيمان وإرادة الكوادر بوزارة الخارجية. ووصف قائد الثورة، رؤساء البعثات الدبلوماسية الايرانية في الخارج بأنهم يمثلون الشعب وسلوكهم يعكس هوية وطبيعة الشعب الايراني، وقال: يجب أن يكون الدبلوماسي الإيراني رمزاً للإيمان والمحبة لإيران العزيزة والغيرة والعزيمة والإرادة والنشاط والعمل الدؤوب، وأن يكون كلامهم وسلوكهم محترماً للشعب الإيراني.
وفي جانب آخر من كلمته، تطرق آية الله الخامنئي الى حدود إيران الطويلة مع دول عديدة وأحياناً مهمة ومؤثرة، واعتبر سياسة الحكومة الحالية للعلاقات مع دول الجوار بأنها مهمة وصحيحة للغاية، وأضاف: الأيادي الأجنبية تعمل للوقيعة وايجاد المشاكل بين إيران والدول المجاورة، وينبغي عدم المساح بتحقيق أهداف الأجانب.
* التواصل مع الدول الإسلامية
واعتبر سماحته سياسة التواصل مع الدول الإسلامية، حتى لو كانت بعيدة، وكذلك سياسة التواصل مع الدول التي لها نفس الاتجاه بأنها مهمة، وقال: في الوقت الحاضر، فان تعاون وتقارب بعض الدول الكبرى والمهمة في العالم مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية حيال بعض التيارات والخطوط الأساسية للسياسة الدولية، تعد ظاهرة غير مسبوقة، وعلينا تقدير هذه الفرصة وتعزيز علاقاتنا مع تلك الدول.
وأشار قائد الثورة الى موضوع اجتماع السفراء بشأن التحول في النظام العالمي الحالي وتكرار هذه القضية في الأدب العالمي، وقال: إن التحول في النظام العالمي هو عملية طويلة الأمد مع العديد من التقلبات والمتأثرة بأحداث غير متوقعة ومحتملة، والبلدان المختلفة لديهم آراء وتوجهات مختلفة ومتضاربة حيال ذلك.
وشدد سماحته على أنه من الضروري متابعة وتقييم التطورات العالمية ومعرفة الجانب الدقيق وخلف الكواليس للأحداث، وقال: بناء على هذه الملاحظة والتقييم ينبغي إستخلاص إقتراحات عملية وفي هذا المجال يؤدي السفراء ورؤساء البعثات الدبلوماسية دوراً مهماً خاصة في البلدان المؤثرة.
* أهمية السياسة الخارجية
وفي الختام، أكد آية الله الخامنئي مرة أخرى على أهمية السياسة الخارجية ودورها المهم في إدارة البلاد وتعزيزها، وأضاف: على الرغم من الاهتمام بالعوامل الاقتصادية والثقافية في تحليل الوضع الحالي للبلاد، فانه غالباً ما يتم إهمال عامل السياسة الخارجية في المناقشات، في حين أن السياسة الخارجية الجيدة والناجحة ستعمل بالتأكيد على تحسين وضع البلاد، ومن ناحية أخرى فان الاضطرابات والمشاكل في السياسة الخارجية ستسبب مشاكل في الوضع العام للبلاد، حيث هناك العديد من الأمثلة في هذا الشأن.
* برامج وزارة الخارجية لإحداث التحول
وفي مستهل اللقاء، قدم وزير الخارجية تقريراً عن إجراءات وبرامج وأولويات جهاز السياسة الخارجية في الحكومة الايرانية الحالية لإحداث التحول.
واعتبر حسين أمير عبداللهيان، الانسحاب من السياسة الأحادية المتعلقة بالاتفاق النووي بهدف خلق توازن في السياسة الخارجية، وإعطاء الأولوية للدبلوماسية الاقتصادية، والتركيز على تنمية الصادرات غير النفطية وإمكانيات الترانزيت الفريدة في البلاد، والنظر على وجه التحديد إلى آسيا مع الأولوية للدول المجاورة والدول الإسلامية، ودعم محور المقاومة، والنشاط الدؤوب من خلال المشاركة في التحالفات الإقليمية المفيدة مثل الاتحاد الاقتصادي الأوراسي، ومنظمة شنغهاي وبريكس، وفي الوقت نفسه تعزيز استراتيجية “تحييد الحظر” والتفاوض على “رفع الحظر” من بين أهم استراتيجيات وزارة الخارجية الايرانية.
ولفت وزير الخارجية إلى 11 زيارة خارجية لرئيس الجمهورية و14 زيارة لرؤساء دول أخرى إلى إيران خلال العشرين شهراً الماضية، وتوقيع مذكرات تفاهم شاملة وطويلة الأجل مع دول مثل الصين وروسيا وتركيا، واعتبرها من بين الإجراءات المتخذة لزيادة تعاملات الجمهورية الإسلامية الإيرانية وزيادة المبادلات التجارية للبلاد.
وأشار أمير عبداللهيان إلى وجود أكثر من 5 ملايين إيراني في الخارج، مؤكداً على اهتمام الحكومة الايرانية بتقديم الخدمات لهذه الفئة من المواطنين، واعتبرها أحد مهام وزارة الخارجية.