تمثل الأسرة نمطاً حيويا من العاطفة والتفاهم فتعد أهم محطة يمر بها الفرد أو أول مدرسة يتلقى الفرد منها أهم المفاهيم والمبادئ، ومن هنا تكمن أهمية الأسرة والترابط فيها والتفاهم بين أفرادها فوجود الخلافات العائلية يؤثر سلباً على جميع الأفراد ويصل تأثير أسر كهذه الى مكونات المجتمع كما نعرف فإن بداية بناء مجتمع جيد يبدأ ببناء أسرة متماسكة.
إن تماسك الأسرة وتفاهم أفرادها ينعكس بشكل إيجابي على أبنائها بكل تأكيد فالتربية بأجواء داعمة محفزة يساعد جميع الأفراد على تخطي مشاكلهم بصورة عقلانية وأكثر حكمة وإن أهم أفراد الأسرة هما الأم وألاب فهما من يخلقان هذه الأجواء فضلا عن كونهما عماد هذه الأسرة والمثل الأعلى للأبناء لذا فإن وجود صحة إختيار وتوافق بينهم سيؤثر بشكل إيجابي على الأفراد بكل تأكيد، ولعل أهم العوامل التي يجب مراعاتها عند إختيار الشريك هي التدين كما أوصت بذلك التعاليم الإسلامية فحتى مع وجود المشاكل يمكن إيجاد الحلول الصحيحة وهذا ما يضمنه لنا إختيار الشريك حسب ضوابط أهل البيت(عليهم السلام). والتعاليم الإسلامية، ولكن بالرغم من هذا يمكن أن تحدث المشاكل والخلافات لعدة أسباب وقد تكون خارجة عن إرادة الأسرة كالمرض والفقر أو الإنفصال الذي يكون أحيانا أفضل للطرفين أو لربما لعدم قيام المجتمع بواجباته، أو عدم تفعيل قانون معين مع هذه المشاكل تتحول الاسرة من واحة خضراء كانت من المفترض أن تجمع الأفراد بالحب والتفاهم الى جو من التوتر والمشاكل والخلافات.
الحوار هو أساس الحلول
تعد لغة الحوار من أهم النقاط التي لابد من وجودها بين الأزواج فمن لايستطيع تملك نفسه عند الغضب وجعل الحوار هو أساس الحلول ستتحول جميع المواقف والخلافات العادية والصغيرة الى مشاكل كبيرة قد تؤدي أحيانا إلى تفكك الأسرة أو الشراكة بشكل عام.
حل المشكلات يكون من الأفضل حال حدوثها وعدم التهاون مع أي مشكلة قد تحدث مهما كانت صغيرة، فالصمت عنها يؤدي الى تراكمات بين الطرفين كالألغام في أي لحظة قد تدمر بناء الأسرة ومن المؤكد تؤثر سلباً على الأطفال حيث وجدت الأسرة لتكون الأمان الأول للطفل وتنشئته تنشئة تليق بآداب وتعاليم الإسلام وأهل البيت(ع).
إن السبب الرئيسي للمشاكل هو البعد عن الله وعدم محاسبة الفرد لنفسه فالدين الاسلامي هو دين السلام وإن شخص يتخلق بأخلاق الإسلام وأخلاق محمد وآل محمد عليهم أفضل الصلاة والسلام نادراً ما تحدث معه مشكلة تؤثر على كل أسرته ومجتمعه لأنه يعطي الأولوية لصلاح نفسه وبذلك صلاح أسرته، والبيوت إن لم تعمر بذكر الله فرص دخول المشاكل تكون كبيرة فهي تتاثر بشكل سريع وكبير إثر ضغوطات مهما كانت صغيرة وقد تكون لاشيء بالنسبة لشخص آخر لديه أساس جيد وصحيح في بناء الأسرة وتربية الأبناء.
الابتعاد عن الله يسبب حياة ضنكاً
إن الصراع بين هذه الصور قد يحدث ولكن ليس من الضروري أن يكون الأب أو الأم عصريان أو تقليديان جدا لدرجة تكون إيجابياتها سيئات، فضلا عن أن هناك مشاكل قد تحدث بين أفراد الأسرة بسبب تركيز أفرادها على أمور ظاهرية والأبتعاد عن الجوهر الحقيقي للفرد الذي يكمن في نفسه وعطائه وأخلاقه فالإهتمام بالمادة فقط كتقليد الغير في بعض الأمور المادية معتبراً ذلك من أمور السعادة وحتى مع الحصول عليها لاتتحقق السعادة الفعلية ويشعر الفرد بوجود نقص في داخله لأن في ذلك إبتعاد عن الله تعالى ومن أبتعد عن الله تكون حياته ضنكاً مهما بلغ درجات الترف.
لقد أدت سهولة التواصل عبر وسائط الأعلام الى تشجيع الفرد على إجراء مقارنة بين نفسه وثقافة أسرته وجميع ظروف حياته وبين تلك المعالم غير الواقعية التي أدت بدورها الى تباعد المسافة بين حياة الأهل وحياة الأبناء المعرضين لإحتمالية مقارنة أنفسهم بآخرين حتى زادت المسافة الإجتماعية بينهم، وليس من الخطأ ان نقارن أنفسنا بالآخرين لنطور ونحسن من أنفسنا لكن الخطأ الأخذ بكل ما يظهر على وسائل الإعلام فقد يكون غالباً إعلام مضلل تؤدي بصاحبها الى مشكلات نفسية كبيرة كالشعور بالنقص الدائم.
الإعلام يمثل السلطة الرابعة ولكن بسبب تأثيره الكبير على المتلقي أصبح السلطة الأولى فيجب مراعاة الإعلام الصحيح الهادف، ومهما كان الإعلام فمن لديه تنشئة صحيحة وأساس قويم يستطيع التفريق بين مايضر وينفع ومتابعة الأمور التي يستفيد منها لنفسه وحياته.
وختاماً، إن من أخطر المشاكل التي قد تتخلل الأسرة هي مشكلة اليتم، ربما بسبب وفاة رب الأسرة والأخطر منه وجوده لكن بشكل ظاهري فقط، فنلاحظ وجود الأب أو الأم أو كليهما لكن دوره محصور بشكل هيكلي فقط لاتوجد أي علاقة روحية أو معنوية وهذا ما يجعل الأبناء عرضة للتفكك والإبتعاد عن محيط الأسرة ما له دور سلبي كبير جداً في روابط الأسرة التي يُنشيء لديهم فراغا عاطفيا يؤثر على بناء نفسية جيدة وصحيحة لدى الطفل لمواجهة شتى أمور الحياة.